صفحة الكاتب : زاهر حسين العبدالله

حوارية ( 120) إمام الحوار الصادق عليه السلام
زاهر حسين العبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 👆السائل : نحن في زمن الحوارات الفكرية والثقافية والدينية فهل هناك ضابطة نتكئ عليها في حواراتنا نستفيدها من حياة الإمام الصادق عليه السلام؟

 

✋الجواب : بسمه تعالى

نعم وأجمل صورة للحوار هي قول الله تعالى

{ادْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}النحل.

هذه الآية الكريمة نقف معها وقوف المسؤولية أمام من نحاوره إذا أردنا أن نكون متبعين مسلّمين لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام 

وهنا نحلل ماذا تريد منا الآية إذا صرنا في مقام الدعوة إلى الله تعالى 

1- أن نكون على قدر كاف ٍ من العلم والتقوى والورع لنكون مؤهلين لأن نكون دعاة إلى الله سبحانه وعماد هذا هو الصلاح في القول والعمل 

2- تؤكد الآية الكريمة على أن يكون الحوار مبنياً على الحكمة وهو وضع الشيء في موضعه ولا يتم ذلك إلا بمعرفة الصالح من الفاسد والتمييز بينهما بشكل دقيق بل أبعد من ذلك الصالح والأصلح والفاسد والأكثر فساداً فيعرف الأسلوب الأمثل للتعامل مع من يحاوره الذي يعطي طابعاً للطرف الآخر أن هذا الإسلام يحمل قيماً ومبادئ منعكسة على متبعيه فيظهر بصورة مشرقة من التوازن النفسي والعصبي والسكينة والهدوء والصمت حتى تنتهي حجة الآخر واختيار أفضل العبارات وأوجزها وأبلغها حجة على الآخر. 

3- ثم تؤكد الآية الكريمة ( الموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) 

ليكن الحوار مبنياً على النصيحة الصادقة والرحمة والشفقة وعدم الانتصار للذات والغلبة بل البحث من أجل الوصول للحقيقة وعدم تقوية الحجة بإسقاط الآخرين بل لما يملك من قوة في الدليل وأبلغ في البيان. 

وقد جسد ذلك مولانا الصادق عليه السلام في كل حواراته مع من يختلف معهم حتى شهدوا وأذعنوا له الكل حتى الملاحدة 

ونذكر هنا شاهداً جميلاً جدا يشهد فيه أبو العوجاء الملحد لأحد تلامذة الصادق عليه السلام الذي أغلظ له في الكلام بكلمات تكتب بماء الذهب وكأنه يجسد الآية الكريمة في شخصية الإمام الصادق عليه السلام 

حيث كان مصداقاً جلياً، لقوله تعالى: {وجادلهم بالتي هي أحسن}، وعرف عنه هذا الأمر، فلم يكن (ع) يستخدم العنف اللفظي مع أحد من الناس ولا سيما محاوريه، ولا يتمكن أحد من استدراجه ليقع في فخ الانفعال والغضب، وهذا ما شهد به أحد كبار الملاحدة، ففي إحدى حوارات تلميذ الإمام (ع) المفضل بن عمر مع ابن أبي العوجاء نجد أنّ المفضل يقسو على ابن أبي العوجاء ويُغلظ له في القول مستخدماً عبارات من قبيل: "يا عدو الله ، ألحدت في دين الله وأنكرت الباري جل قدسه.."

💡وهنا الشاهد 

 فيجيبه ابن أبي العوجاء قائلاً: "يا هذا إن كنت من أهل الكلام كلمناك، فإن ثبتت لك حجة تبعناك، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك، وإن كنت من أصحاب جعفر الصادق فما هكذا يخاطبنا ولا بمثل دليلك يجادلنا، ولقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت، فما أفحش في خطابنا ولا تعدى في جوابنا، وإنّه للحليم الرزين العاقل الرصين، لا يعتريه خرق ولا طيش ولا نزق ويسمع كلامنا ويصغي إلينا ويستغرق حجتنا حتى إذا استفرغنا ما عندنا وظننا أنا قد قطعناه أدحض حجتنا بكلام يسير وخطاب قصير يلزمنا به الحجة ولا نستطيع لجوابه رداً، فإن كنت من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه" (بحار الأنوار ج3 ص58).

 

☝️هذا الكلام من الملحد يلخص لنا شخصية الإمام الصادق عليه السلام فأبرز أهم الخصال في الحوار

1- أنه لايفحش في قول

2- حليم رزين عاقل رصين

3- مستمع جيد لحجة مخالفيه فلا يقطعه حتى ينتهي من بيان حجته حتى يظن من يحاوره أنه قد غلبه. 

4- فإذا نطق تكلم بكلمات قصيرة عميقة في نفوس من يختلف معه غزيرة في دلالاتها  بالغة في حجتها قاطعة في بيانها فلا يكون بعدها تعليق بل إذعان وتصديق وإيمان وأنه الصادق عليه السلام حتى يقال في حقه

ذرية بعضها من بعض فالله أعلم حيث يجعل رسالته فهو من بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه. 

 

💡الخلاصة :

علينا أن نقتدي بهذا الإمام العظيم الذي تسالم أهل المشرق والمغرب من مختلف التيارات الديانات والمذاهب على علمه وتقواه وصدقه. كما ذكر غير واحد من علمائنا حيث

هكذا هم أهل البيت(ع) كالشمس ترسل نورها لكل الناس، المؤمن منهم والكافر، البر والفاجر، أو كالمطر الذي يروي ظمأ البلاد وعطش العباد دون تمييز بين غني أو فقير، ولقد كنت تجد في طلاب الإمام الصادق(ع) - الذين قيل أنهم بلغوا ما يزيد على أربعة آلاف شخص - الفقيه والمتكلم والمفسِّر والأديب والمؤرخ.

والحمد لله رب العالمين.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زاهر حسين العبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/04/23



كتابة تعليق لموضوع : حوارية ( 120) إمام الحوار الصادق عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net