قراءة في الواقع العربي الراهن 
محمد كريم الكلابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لا يخفى على المطلعين بأن العالم قبل طوفان الاقصى كان محكوما بالاستبداد الدولي (الأمريكي) المطلق دون أن تبدو في الافق بوادر تغيير في الواقع هذا لكن جاء السابع من اكتوبر 2023ليغير هذا الواقع فكانت هذه العملية إيذانا بفرز الساحات ،إذ توحدت ساحة الغرب مع اسرائيل بالمطلق بمساندة فعالة من بعض الحكومات العربية وأظهروا الوجه القبيح جدا للغرب وأعلنوا تأييدهم العلني والواضح لحملات الابادة الجماعية التي يقوم بها سلاح الجو الاسرائيلي ضد ابناء غزة المدنيين ،وأظهر محور المقاومة توحده أيضا لكن هذا المحور عملياته كانت ضمن قواعد الاشتباك المعروفة لكن بصورة أعنف وفي واقع الامر ان هذا المحور لم يرغب بتوجيه الانظار عن غزة ونصرها وصمودها لكن كان دوره فعالا في تعطيل قطعات فعالة من الجيش الاسرائيلي لانشغاله بالعمليات في جنوب لبنان والضغط اجتماعيا واقتصاديا على الحكومة الاسرائيلية جراء نزوح المستوطنين إلى الداخل الاسرائيلي فيما تسببت اليمن في تعطيل الملاحة القادمة من والى اسرائيل عبر البحر الاحمر ،لم يستطع الجيش الاسرائيلي بما يملك من قوة نارية هائلة أن يستطيع أن يحقق أهدافه في القضاء على حماس ومنظمة الجهاد الاسلامي ولم يستطع أن يرغم ابناء غزة على الهجرة من ديارهم .
كانت هذه العملية مفاجأة ليس للاسرائليين فحسب ولا حتى للعالم بل مفاجأة للشعب الفلسطيني نفسه لأن قيادة عملية طوفان الاقصى اتخذت أقصى حالات السرية حتى إنها لم تسند رفيقتها في المقاومة (الجهاد الاسلامية) حتى اوحت الى المراقبين بانها ليس في وارد الصدام مع اسرائيل  بعد الان  كما إنها لم تعلم باقي محور المقاومة (إيران ،وحزب الله اللبناني) إلا بعد القيام بالعملية .إن طوفان الاقصى أظهرت للعالم إن الشعوب مهما كانت سياسة التجويع الممنهجة والقتل اليومي لا يمكن لها أن تستكين لا سيما إذا توفرت لديها القيادة المخلصة والتي تعيش بين ظهرانيها .إن المقاومة الفلسطينية في غزة لم تتصرف بعنوان المقاومة كما تصرفت منظمة التحرير الفلسطينية والتي كان همها جمع الاموال وتكوين الامبراطوريات المالية على حساب الشعب الفلسطيني وتصرفت في حياتها اليومية كما يتصرف رؤساء الدول أو كالملوك وليس كثوار فشتان بين هذه وتلك .الأمر الأهم لم تدخل المقاومة الفلسطينية في غزة على خط المناكفات بين الانظمة العربية والتقاطعات وبالتالي يدخلونها هي في خانة هذه التقاطعات فتخسر القضية الفلسطينية العديد من اوراقها المهمة وهذا ماكانت تمارسه منظمة التحرير الفلسطينية ،كما أن سلاحها لم يكن أجيرا في يوم من الايام لأي طرف عربي كما حدث مع جبهة التحرير العربية التابعة لبعث العراق أو الصاعقة التابعة لبعث سوريا أو جماعة أبو نضال بل هي أجيرة لدى شعبها ولقضيته .وللحديث بقية.
 

الموضوع السابق معارضة صدام وزمرته البعثية فخر في الدنيا وذخر في الآخرة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat