صفحة الكاتب : محمد جواد الميالي

حبل المشنقة أم حبل الأمل! 
محمد جواد الميالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ليست من المبالغة القول بأن زمن طاغية البعث، كان يعبر عن أعماق الجحيم السياسي، فقد عاش العراق واحدة من أكثر الفترات، المؤلمة والمأساوية في تاريخه.. 
كانت الأوضاع السياسية والاجتماعية، مليئة بالقهر والقمع والتعذيب، وعانى الشعب فيها بشكل عام، لكن للشيعة حصة الأسد من هذه المعاناة، و يأتي الكورد من بعدهم، فعاشوا دوامة من الاضطهاد والظلم، على يد صدام ونظام البعث البائد.
كان حكمهم ينتقل بالشيعة العراقيين، من حربٍ إلى أخرى.. بدئها مع إيران التي استمرت لثمانية أعوام، فكانت واحدة من أكثر الحروب دموية وتدميراً في التاريخ الحديث، ومن المؤسف أن الشيعة كانوا الهدف الأساسي لنظام صدام حسين في هذه الحرب، تم إجبار العراق على دخول هذه الحرب، واستُخدم الشيعة كأداة في محرقة بلا رحمة، كما تعرضوا لأبشع أشكال القتل والتعذيب، وطالت كل من يتخلف عن الذهاب للقتال، وتم قمع صوتهم، وتجويعهم وتشريدهم، بهدف التخلص منهم، وتثبيت دعائم السلطة الدكتاتورية.
بعدها جاءت حرب الكويت عام 1990، فترك النظام الشيعة في عرض الصحراء، تحت مرمى نيران الطيران الأمريكي، ثم تعرضوا لإبادة جماعية، وأرتكبت جرائم ضد الإنسانية بحقهم، فلم يهتم نظام صدام حسين بحياة الشيعة، بل رأى فيهم عدواً يجب القضاء عليه!
ثم عندما وقعت انتفاضة عراقية عام ١٩٩١، شملت المدن الشيعية والكوردية، لتعبر عن رفض الموت البطيئ الذي يعانون منه، وبعد الضوء الأخضر من أمريكا، ودخول الطيران الحربي والمدفعية ضد الشعب الاعزل، قتلوا وابيدوا بكل قسوة، وليساهم هذا بإنهاءها مبكراً، فدخلت قوات صدام حسين المدن بكل وحشية وعنف، فتم قتل المدنيين وتعذيبهم وتهجيرهم، ولم يكن هناك مكان آمن للشيعة والكورد في بلدهم الأم، فسجون البعث البشعة كانت تحتضن آلاف السجناء الشيعة، وكانت أدوات التعذيب المروعة تستخدم بلا رحمة ضدهم، فتم قطع أطرافهم وتعذيبهم بأبشع الوسائل.
كان الهدف الأساسي لنظام البعث المجرم هو القضاء على الشيعة لأنهم شيعة.. لا اكثر.. 
تعرضوا للاضطهاد الديني والطائفي، وتم استهدافهم بسبب معتقدهم الديني، فكانت أبسط حقوقهم الأساسية، مهددة وتم التلاعب بحياتهم وحرياتهم الشخصية.
لم يتوقف البعث عند هذا الحد، فقد مر الشعب بفترة المجاعة والحصار، وعانى المجتمع الشيعي العراقي بشكل كبير، جراء سياسات الطاغية صدام، عندما فرض حصار اقتصادي، وعقوبات قاسية على العراق، مما أدى إلى نقص حاد في الموارد الضرورية والسلع الأساسية، فتضرر الشيعة بشكل خاص من هذه الأوضاع، وتفاقمت معاناتهم وتدهورت ظروف حياتهم، وعانوا من نقص في الغذاء والدواء والخدمات الصحية، وعاشوا في فقر مدقع، ومعاناة لا يمكن وصفها.
كل هذه الآلام التي عاشتها أمهات الجنوب، رسمت الحزن على خارطة وجههن.. فبعد فقدن أبناءهن في مقابر البعث الجماعية لحزب البعث المجرم، عندما كانت هناك أمهات ينتظرن أبناءهن بلا أمل، ورؤيتهم يعودون أحياء كان أمراً مستحيلاً، لم تعرف تلك الأمهات سوى معنى الألم والحزن والبكاء، ولم يكن لهن سوى أنين النعي كأنيس على أمل رؤية سقوط هذا النظام، فكان تاريخ ٩/٤/٢٠٠٦ هو اسعد يوم بتاريخ الشيعة، حيث رسم حبل المشنقة على رقبة الطاغية صدام، أجمل لوحات الأمل بحياة جديدة.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الميالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/04/13



كتابة تعليق لموضوع : حبل المشنقة أم حبل الأمل! 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net