ممارسة السياسة ، أم التخبط والفوضى السياسية !؟
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مير ئاكره يي

[ قراءة للمشروع السياسي في إقليم كوردستان ]
الدكتور ؛ كامران مَنْتَكْ
ترجمة ؛ مير عقراوي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية
[ يفتخر رئيس الاقليم بأنه قد حاز على منصبه بأصوات الناس ، في حين إن سكرتير مكتبه السياسي هدّد المُصّوِّتين لرئيسه وأرعبهم بوجود ( 30000 ) ألف بارزاني على إستعداد لتفجير أنفسهم ! .
أما الطالباني فقد قضى جل عمره في قتل الكورد ، لكنه غير مستعد للتوقيع على إعدام الأنفاليين والأعداء الألداء للكورد . وذلك بسبب إعتقاده بحقوق الانسان ، ولأنه ضد الإعدام أيضا ! .
يعلن رئيس الاقليم عن مشروعه للاصلاح وتصديه للفساد ، في حين انه عاجز من العلاج للفساد المستشري بالقرب من غرفته . أما الطالباني فقد حارب الحكومة العراقية لأعوام تحت راية القضية الكوردية ، لكنه مهموم بربط قضية شعبه كلها بكرسي ( رئاسة الجمهورية ) العراقية ! .
هذا يعمل من أجل العراق ، وذاك الآخر يرى نفسه ملاك الخلاص للوطنية . هذا يعتقد إن الدولة الكوردية هي مجرد حلم شاعري ، وذاك الآخر يستغل هذا الحلم لخداع الرأي العام في كوردستان ، ولأجل التشويش على أنظار الناس كي لايعوا بالمسائل السياسية . أحدهم يساند المالكي ويراه الملاك المنقذ لكوردستان ، أما الآخر فيرى تعزيز مصير كوردستان من خلال الأنفاليين السنة ! .
هل إن الذي يجري في كوردستان من التناقض العجيب هو حقا ممارسة سياسية ، أم إنه إستغلال للشعارات السياسية للمصالح الخاصة !؟ وهل إن الذين يرون أنفسهم سياسيين يمكن تصنيفهم حقا في مربع السياسيين !؟ وهل كانت لهم قراءة صائبة للأحداث ، أو فهم مستنير لكبرى المتغيرات في المنطقة ، أم أن لهم دورا آخر غير الذي يراه الناس ، إذ ليس مهما أبدا عندهم أن يفهمه الناس ! ؟
إننا اذا نأخذ بالحسبان حقبة العشرين عاما الأخيرة في كوردستان نستنتج ؛ إن الذي تم نعته بالسياسة في كوردستان ليس له علاقة بها من بعيد أو قريب . إن العمل السياسي قبل كل شيء ينبغي أن يكون اللاعب فيه صاحب إرادته ، وأن لايكون فاشلا ، لأن إدارة مشروع لصياغة الأحداث السياسية لايمكن أن يقوم به أناس لايملكون أنفسهم . ذلك أن خسارة الإرادة تعني التبعية ! .
وفي السياسة ؛ إن التبعية بالمستوى الموجود في كوردستان تجعل من اللاعبين أدواة بيد قوى أخرى . على هذا فإنهم سيكونوا حريصين على مصالح تلكم القوى وبقاء أنفسهم لاحريصون على المصالح القومية التي رفعوا شعاراتها . بالحقيقة إن الذي يجري في كوردستان لايسمى سياسة ، بل إنه أدواة سياسية ، وعليه فإن هذه الأدواة عادة ماتحافظ على مصالحها الذاتية ، مع مصالح عدد من الجماعات والأفراد ، وبالتالي فإن المصالح الستراتيجية سوف تكون هي الضحية ! .
إن الإقتتال الأخوي كان بغير إرادة الكورد ، وإن الديمقراطي والإتحاد هم الذين تسبَّبُوا بإندلاعه بالوكالة عن أعداء كوردستان ، بحيث كان له بالغ الأضرار على المصالح القومية . بالمقابل نرى إن عددا من تجار الحروب قد أصبحوا أثرياء ، حيث بالدرجة الأولى الحزبان الرئيسيان في كوردستان . هنا واضح جدا إن هاتان القوتان قد أصبحتا أداتين بيد القوى الإقليمية ؛ ايران وتركيا بالدرجة الأولى . وعليه فإن الذي حدث كان سياسة بالنسبة لتركيا وايران ، لأنهم تمكنوا من فهم الأوضاع والمتغيرات الهامة للمنطقة والعالم ، ولأجل ذلك فإنهم حاولوا إيجاد العوائق أمام تطور القضية الكوردية بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي الذي فتح باب أمل لها . وفي هذا إنهم كانوا موفقين بفعل أدواتهم التي حققت لهم سياستهم هذه حيث الاتحاد والديمقراطي . وبهذا فإنهم بسهولة ، ولأجل مصالحهم الذاتية والعائلية عملوا على تحقيق سياسة هذه الدول المعادية للكورد إذن ، إن تكن هذه الأحداث جميعها سياسة بالنسبة لهذه الدول ، فإنها من ناحية أخرى كانت عمالة وخيانة للقوى الكوردية ، لأن إستقدام تركيا وايران والعراق من قِبَلِ هذين الحزبين لايمكن أن توضع في خانة السياسة ، بل تنطبق عليها العبارة الأخيرة . لذا من الغباء الرهيب اللامحدود أن نعتبر أن إستقدام أعداء الكورد هي سياسة بالنسبة لهذين الحزبين .
وحول السياسيين ؛ إن الذين يصبحون أدواة لتنفيذ سياسات أناس آخرين الذين هم ليسوا بأصدقاء ولاحلفاء وحسب ، بل ألد الأعداء لشعبك ، لايمكن وضع هؤلاء الأشخاص في دائرة السياسة . ولايمكن كذلك إعتبار هؤلاء الأشخاص الذين نهبوا كوردستان ومزقوها في هذه الحقبة بالسياسيين . بالحقيقة إن هؤلاء هم تجار حرب ، وإن غايتهم الوحيدة هي الثراء وإكتناز الأموال . وهذه الحالة هي واضحة جدا اليوم في الأشخاص السياسيين كما المدّعى ، حتى الناس العاديين باتوا يعلمون ذلك ! .
على هذا بإعتقادي إن مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية ، في جنوب كوردستان بدلا أن تصبح المرحلة لأجل الوطن يمكن وصفها بمرحلة السمسرة وتجار الحروب ، حيث تمت التضحية بعشرات الآلاف من الشباب الكورد عن طريق هؤلاء السماسرة على طاولة المخططات للدول المحتلة لكوردستان ! .
إن المجتمع الكوردي في طوال هذه الحقبة ، بسبب تعقيدات قضيته لم يتمكن من إنجاب سياسي متمكِّن ، وذلك بالشكل الذي لم يستطع من التدخّل بالسياسة بغية لايكون بمقدوره إنتاج سياسي كفؤ لمزاولة السياسة ، وبهذا فإنه لم يتمكن من التقدم الى الأمام ولو بخطوة . هذا هو عنوان القضية لهذا المركز المنغلق الذي آبتلي به إقليم كوردستان في أكبر فرصة تاريخية له خلال حقبة العشرين عاما الماضية ! .
إن عدم وجود الشخصية السياسية والتورُّط في التبعية الإقليمية كان العامل الرئيسي في التقسيم الجغرافي – السياسي لإقليم كوردستان . وليس بمقدور الكورد التقدم الى الأمام مالم تطوى هذه الصفحة . إن قضيتي المالكي والسنة التي شطرت الاجتماع السياسي في إقليم كوردستان لاترتبط بالمصالح القومية الكوردية بالقدر الذي يتعلّق بتحقيق السياسة الإقليمية . إن البارزاني والطالباني ليس بمقدورهما إدّعاء الوطنية والكوردايتية ، لأن كلا منهما قد أصبح أداة بيد جهة ، وإن هذه الجهات لاترى مصالحها في تقدم القضية الكوردية ! .
![]() اختيار خاطئ |