صفحة الكاتب : د . راجي العوادي

السيدة خديجة المرأة التي رزق النبي (ص) حبها واحزن قلبه موتها 
د . راجي العوادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

1-    نسبها 
هذه السيّدة العظيمة خديجة الكبرى رضوان الله عليها , وُلدت في مكّة المكرّمة  في السنة الثامنة والستين قبل الهجرة 
, يلتقي نسبها بنسب الرسول الأعظم {صلى }عند جدّها الثالث من أبيها، وعند جدّها الثامن من أمّها , فهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصّي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر, والدتها فاطمة بنت زائدة بن أصمّ بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر ، كانت سيّدة جليلة مشهود لها بالفضل والبر وقد اجميع المؤرخون على أنّها كانت من أجمل بنات الحجاز , سئل عبد الله المحض والد ذي النفس الزكية: من أين لأسنان الإمام الصادق {ع} هذا الجمال والنصاعة والتألق بحيث أنّها تجذب كل من رآها؟ فأجاب قائلاً: لا علم لي ، ولكن أعلم بأنّ خديجة {ع}، كانت كذلك ، وأنّ الزهراء {ع} ورثت عن أمّها ذلك الجمال والتألّق , يصفها ابن هشام في السيرة النبوية بقوله : خديجة صاحبة النسب الكريم ، والشرف الرفيع، والثروة والمال ، وأحرص نساء قريش على صون الأمانة والتمسّك بالأصول الأخلاقية والعفة والكرامة الإنسانية، فهي التي تربّعت على قمة الشرف والمجد , اما الذهبي فقال عنها : حكيمة قريش ، عظيمة القدر، ذات دين ومروءة وعزّة ، وإحدى النساء اللائي تربّعن على قمة الكمال.
2 - شهرتها
اشتهرت السيّدة خديجة {ع} بالجمال والكمال والثروة والشرف الرفيع والعلم والحلم وصلابة في اتّخاذ القرار، ودقة في الرأي ، وسدادة الراي ، ورجاحة العقل , وصواب الفكر، ومن الطبيعي أنّ من تجتمع لها صفات الكمال والفضل يتسابق الرجال إلى خطبتها والزواج بها ، وهذا ما كان مع السيّدة خديجة حيث سارع رؤوس بني هاشم وأقطابها ، لا بل وصل الأمر إلى ملوك اليمن وأشراف الطائف ، الذين سعوا عبر إغداق الأموال والهدايا للفوز بقلبها ، والتربّع على قمّة الشرف والمجد ، لكنّها امتنعت عنهم جميعاً ، ووقع اختيارها على أمين قريش ومؤتمنها لكي يفوز بقلبها , وتشرح السيّدة خديجة {ع}: سبب هذا الاختيار بالقول: «يا بن عمّ إنّي رغبت فيك لقرابتك منّي وشرفك من قومك وأمانتك عندهم وصدق حديثك وحسن خلقك» [سيرة ابن هشام ج1، ص 201][ كشف الغمة ج2، ص132] لذا غضبن عليها نساء قريش وهجرنها، وقلن لها: خطبك أشراف قريش وأمراؤهم فلم تتزوّجي أحداً منهم، وتزوّجت محمّداً يتيم أبي طالب فقيراً لا مال له , اما الرد على من يدعي انها متزوجة قبل زواجها بالنبي (صلى) فنقول : لا يعقل ان تتزوج خديجة مع ماكان لها من الشخصية والمقام المرموق والاموال الطائلة برجلين خاملين لم يكونا حتي من اوسط الناس كالمخزومي والتميمي ,  كيف ترضي خديجة ان تتزوج بهما واحداً بعد واحد وهي التي خطبها الاشراف وامتنعت من الزواج بهم ولم تجدهم اكفاء لها؟! اي كيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة، يتزوّجها أعرابي من خارج قبيلتها، وتمتنع من سادات قريش وأشرافها على ما وصفناه؟!  ثم لماذا لم يهجرنها نساء قريش حينما تزوجت بهذين الرجلين ؟! مع أن هذه النساء هجرن خديجة حين ما تزوجت محمد (صلى ) والذي كان ينتمي الي اشرف بيت من قريش كان له المكانة العالية في المجتمع.
اشتهرت هذه المراة المؤمنة بالقاب كثيرة تعكس عظيم نبلها وشديد قدسها، منها: الطاهرة وكانت تكنى بها في الجاهلية لشدة عفافها [فتح الباري:7/134][وسير اعلام النبلاء ج2،ص111، نهاية الادب،ج18،ص171]الصدّيقة، المباركة ، أمّ المؤمنين ، الراضية، المرضية , ام الصعاليك , كوثر الخلق , ام الزهراء , ينبوع الكوثر , وكانوا يسموها في الجاهلية سيدة قريش لمكانتها المرموقة...انظر[تاريخ الخميس، ج1 ص265، المواهب اللدنية - للقسطلاني ج1،ص99]
3 - كرمها
كانت السيدة خديجة ثرية جدا, فمن النوق كانت تمتلك 8000 منها(بحارالانوار: ج 16، ص 22) ولشجاعتها النفسية وكرمها ، وهبت ثروتها للنبي محمد(ص) وكانت تشعر بأن الهداية التي حباها الله اياها من خلال النبي(صلى) تفوق كل اموال الدنيا وكنوزها , ففي احدى المرات زارت السيدة حليمة السعدية النبي محمد (صلى) فاستقبلتها خديجة في بيتها افضل استقبال وكرمتها بناقة و40 شاة لتعود هذه السيدة الى اهلها مسرورة وحاملة كل الخير, بنفس الوقت ادخلت الى قلب النبي السرور ( نساء اهل البیت فی ضوء القرآن و الحدیث- احمدخلیل جمعة ص 32) وفي اثناء حصار المسلمين تبرعت خديجة باموال لهم , فما كان من ورقة بن نوفل ال ان جاء المسجد الحرام واقترب من الكعبة المشرفة حتى صار بين زمزم ومقام ابراهيم الخليل ثم رفع صوته عاليا مخاطبا الناس وقال: "يامعشر العرب، ان خديجة بنت خويلد تُشهدكم على انها تقدم كل ما لديها من ثروات وغلمان ووصائف واملاك، وحشم ومواشي وهدايا، كلها تُقدمها لمحمد، وان محمدا قد قبلها منها. وان هذه الهبة نابعة من محبة خديجة وارتباطها الوثيق بمحمد، فها هي اليوم تُشهدكم بذلك فأشهدوا لها (بحار الانوار، ج16، ص75-77) وكان حكيم بن حزام ، ابن اخيها يوفر الخبز والتمر ويضعه في حمل الجمال ليرسله ليلا الى شعب ابي طالب ليصل الى المسلمين المحاصرين , وكان النبي (صلى) يقول : ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة (الامالي للشيخ الطوسي، ص468، حلية الابرار للسيد هاشم البحراني ج1، ص140، بحار الانوار للعلامة المجلسيج19، ص63) وكذلك قوله « ايدتنى على دين الله واعانتنى عليه بمالها ».( سفينة البحارج1، ص381) فقد كانت ملاذا للفقراء والمعوزين قبل بزوغ فجر الاسلام، وكانت تمد المحتاجين وابناء السبيل بأموالها (عمر رضا کحالة، اعلام النساء ج 1 ص 326)
4- زواجها من النبي (صلى)
المتفق عليه ان النبي (صلى) تزوج بعمر 25 سنة [التاريخ الصغير للبخاري: ج1، ص43] لكن المختلف به عمر خديجة عند اقترانها به,  بعضهم قال ( 25 سنة ) [ دلائل النبوة للبيهقي : ج2، ص71 وحدائق الأنوار: ج1، ص155)] [او 25- 28 سنة كما صرّح  به ابن عبّاس (تاريخ الخميس للديار بكري 264:1، والسيرة الحلبيّة للحلبي 140:1، وبحار الأنوار 12:16، 19، والبداية والنهاية لابن كثير 295:2، والصحيح مِن سيرة النبيّ 126:1ـ 127، وجلال مظهر في محمّد - رسول الله سيرته وأثره في الحضارة ] واخارون قالوا فوق ( 40 سنة ) [طبقات ابن سعد (8/11وانساب الأشراف للبلاذري: ص98] وقالوا اول زوج لها بالنبي (ص) وكانت بكرا [ك أبو القاسم الكوفي (الاستغاثة في بدع الثلاثة ج1، ص68) و1|70 وبحار الانوار ج22، وتبصرة العوام ص245، والانوار النعمانية ج1، ص81 , ومناقب آل ابي طالب، لابن شهر آشوب،ج1 ص 159 والمرتضى في الشافي وأبو جعفر في التلخيص و( قاموس الرجال 431:10 ) للتستريّ  و ( الإصابة في تمييز الصحابة 611:3ـ 612 ) لابن حجر العسقلاني و( نسب قريش 22 ) لمصعب الزبيري و ( السيرة الحلبيّة 140:1) للحلبي الشافعي و( أُسد الغابة في معرفة الصحابة 12:5ـ 13، 71 ) لابن الأثير الجَزَري وجعفر العامليّ ( الصحيح من سيرة النبيّ صلّى الله عليه وآله ـ دراسة وتحليل / ج 1 ص 123)] بمعنى انه الزوج الوحيد لها , في حين قال اخرون أن خديجة كانت قد تزوجت قبل زواجها من النبي مرتين عتيق بن عائذ بن عبد الله المخزومي ، وأبو هالة التميمي بن زرارة بن النباش [تاريخ الطبري/ج2 ص411 والسيرة النبوية /ج4 ص293] فيكون النبي هو الزوج الثالث لها... وحيث الحقيقية تحتاج الى تبيان , فاختلاف المؤرخين في ذكر اسماء الزوج الاول والثاني للسيدة خديجة خاصة وانها لم تكن من النساء (غير المعروفات) كي تبقى اسماء ازواجها محل اختلاف او نسيان , كما ان الحالة المادية والمكانة الاجتماعي للسيدة خديجة لم يسمحا لها بأن تتزوج من افراد نكرة وغير معروفين , ويبقى اختلاف المؤرخين في ذكر عمر السيدة خديجة حين الزواج حتى مع النبي الاعظم (صلى) هو لب المشكلة , فان الرواية التي تنص على زواجها بسن اكثر من 40 سنة غير صحيحة ولم تثبت ويدحضها الدكتور سعد بن تركي الخثلان رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية والأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، والدكتور حسن الترابي"، في بحثه بمؤتمر التفسير التوحيدي الثاني الذي أقامته مجموعة آلاء الثقافية , فالخثلان قال زواجها في عمر 28 سنة وهذا يتفق ما ورد في مستدرك الحاكم (3/182) والترابي رجح انها في سن 30 سنة , اما الاحتمال المرجح ان النبي (صلى) تزوجها في سن 25 سنة , لذا من المستبعد عادة أن يتزوج مَن هو في الخامسة والعشرين من عمره أول امرأة في حياته وهي في سن الأربعين، كما أن من المستبعد عادة أن تتزوج المرأة وهي في الأربعين , فتنجب ستة أولاد بعد هذا العمر، لذا القرائن ترجح  القول الأول ، أي إنها كانت في الخامسة والعشرين أو الثامنة والعشرين وليس اكثر من الاربعين ....امر مستحيل لو كانت قد تزوجها في سن الاربعين ؟! كيف عاشت مع النبي اكثر من 25سنة ؟! وكيف انجبت له ؟! مع انه لَا اِخْتِلَاف فِيهِ بَيْن أَهْل الْعِلْم بِالْأَخْبَارِ انه لم يتزوج عليها طيلة حياتها معه [مسلم في صحيحه (2426) وفتح الباري" (7/ 137والبداية والنهاية" (3/159لابن كثير و البخاري: 6434] 
وهي افضل نساءه واقربهن الى قلبه بما فيهن عائشة (قال أبن القيم عن شيخه - بدائع الفوائد ج: 3 ص: 684 (سئل النبي عن خديجة وعائشة ايهما أفضل فأجاب بأن سبق خديجة وتأثيرها في أول الإسلام ونصرها وقيامها في الدين لم تشركها فيه عائشة ولا غيرها من امهات المؤمنين) وكان زواجها من النبي الاكرم (صلى) في التاسع من شوال وفي العام الثامن والعشرين قبل الهجرة النبوية (خمسة عشرعاما قبل البعثة النبوية [السيرة الحلبية ج1 ص 213] فكانت اول امراة فازت  بلقب ام المؤمنين [جمهرة انساب الاشراف، ص120،اسد الغابة، ج6، ص 78] وكانت ايضا الاولى من صلت خلف النبي وعلي (صلى)
5 - على اي شريعة تزوجها النبي (صلى)
اما القضية المثيرة للجدل ، هي طريقة الزواج نفسها ، فعلى أي شريعة تزوج النبي (ص) السيدة خديجة رضي الله عنها ؟! ولماذا لم يتزوج عليها ؟! وعلى أي معتقد وأية ملة ، خاصة أن الحدث كان قبل الدعوة المحمدية ! هل أكان زواجا على الطريقة الوثنية الجاهلية؟! مستبعد بل مستحيل حيث الرسول لم يركع لصنم وكان على ملة ابراهيم (ع)! أم كان زواجا حسب العقيدة اليهودية ، وهنا الجواب مستحيل ايضا، لأن أبن عم خديجة مسيحي بدرجة راهب ! وبالرغم من عدم وجود مصادر عن معتقد خديجة الديني ، بقي امامنا اكثر من احتمال ان الزواج على دين المسيحية وهذا يدعمه ان النبي (صلى) لم يتزوج عليها طيلة حياتها , كما ان هناك احتمال اخر هو زواجها على الملة الابراهمية التي يدين بها النبي (صلى) وهو الأحتمال الأرجح قال بن هشام « أول سيّدة في الإسلام: لقد كانت السيّدة خديجة {ع} على دين أبيها إبراهيم {ع}، وذلك قبل أن يُبعث الرسول الكريم {صلى} وكانوا يُعرفون بالحنفاء ، فقد روي انها كانت تذهب الى بيت الله الحرام، وتطوف حول الكعبة، وتستمد العون من رب ابراهيم الخليل (ع) ليبارك لها في تجارتها واموالها وهذا كان قبل البعثة [نساء اهل البيت في ضوء القرآن والسنة، احمد خليل جمعة، ص 15] وقد آمنت في اليوم الأول من بعثة المصطفى ، كما جاء في الحديث الشريف: أوّل من آمن بالنبي {ص}، من الرجال علي {ع} ومن النساء خديجة {ع} 
لقد خطبها ابو طالب لابن اخيه النبي محمد (صلى) من ابيها وعمها عمرو بن أسد [السيرة الحلبية ج1 ص 213] فقال خويلد في مراسيم الخطبة: يا معشر العرب، لم تظلّ السماء ولم تقلّ الأرض رجلاً أفضل من محمد، فاشهدوا أنّي أنكحته ابنتي وأنّي لأفخر بهذا الارتباط المقدّس« بعد ذلك أرسلت السيّدة خديجة {ع} إلى أبي طالب أموالاً وأغناماً وقوارير العطور وأنواع اللباس ليعدّ لوليمة العرس. ولم يأل أبو طالب {ع} جهداً في التحضير لأعظم مأدبة، حيث أطعم أهالي مكة وأطرافها لثلاثة أيام متتالية , وكانت أول وليمة يعدّها الرسول الأعظم {صلى}...البعض يعترض على هذا الكلام بقوله : في تلك الحقبة لا يوجد توثيق للعقود , نقول ان ( أن الزواج إذا توفرت فيه شروط الصحة وانتفت عنه الموانع ، كان زواجا شرعيا صحيحا حتى إذا لم يوثق , قضية عدم زواج النبي ص عليها بينا في اسطر سابقة احتمال احد اسبابها , ولكن لا نتفق مع الراي الذي يقول ان حب النبي (صلى) لها كان وراء ذلك , فهذا يتناقض مع قول المؤرخين بان النبي ص كان يحب عائشة فلماذا تزوج عليها؟! 
5- الحب المتبادل بينها وبين النبي محمد (صلى) 
لا يشك بحب النبي (صلى) لخديجة رضوان الله عليها, فهو القائل فيها أحببتها من أعماق فؤادي , أحبّ من يحبّ خديجة , لم يرزقني الله زوجة أفضل من خديجة أبداً , إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا [رواه مسلم: 6431] عن طريق عائشة , {ما اغتممت بغم أيام حياة أبي طالب وخديجة } وكان الرسول (صلى) عندما يذكر خديجة -رضي الله عنها- يكثر من ذكرها، تقول عائشة "كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟" فكان يرد عليها بقوله:  إنها كانت وكانت...  يعدد صفاتها: كانت فاضلة، كانت عاقلة، كانت وفية، إنها رعتني، إنها دافعت عني، إنها أنفقت علي من مالها،  ولا شك أن كثرة ذكر الرجل للمرأة يدل على كثرة المحبة 
، ولذلك كان (صلى) يكثر من ذكر خديجة، لكثرة محبته لها، يمدحها، ويثني عليها، ويذكر أياديها البيضاء، وسالف أيامه الجميلة، مع تلك الزوجة الوفية ومما كافأ به النبي (صلى) خديجة -رضي الله عنها- في الدنيا أنه لم يتزوج عليها في حياتها، ولذلك تقول عائشة "لم يتزوج النبي (صلى) على خديجة، حتى ماتت" [رواه البخاري: 6434] فمن عظم قدرها عنده، ومزيد فضلها: أنها أغنته عن غيرها، فما عاد يحتاج إلى أن يتزوج عليها امرأة أخرى واختصت بقدر لم يشترك فيه غيرها مرتين؛ لأنه عاش بعد أن تزوجها ثمانية وثلاثين عاماً، انفردت خديجة -رضي الله عنها- بخمسٍ وعشرين عاماً منها، يعني ثلثي المدة، ومع طول المدة التي قضاها معها؛ صان قلبها من الغيرة، ومن نكد الضرائر؛ لأن الضرة تسمى: ضرة؛ لأنها تضر بصاحبتها وهي الزوجة الأخرى، وذلك بما يكون بينهما من النكد، والحسد، والتنافس، والخصومات , فخديجة استأثرت بثلثي الحياة الزوجية للنبي (صلى) وأغنته عن غيرها من النساء، وواسته بمالها، ودافعت عنه، وحمته، وثبتته وصبرته .
يذكر ان هالة اخت خديجة زارته (صلى) , وكان راقداً فاستيقظ مرتاعاً؛ لأنه بعد هذه السنين الطويلة، تذكر فجأة صوت زوجته الأولى، لشبه صوتها بصوت أختها، فتذكر خديجة -رضي الله عنها- فارتاع وقام من القيلولة، فزعاً متغيراً؛ من السرور الذي حصل له لهذه المفاجأة السارة، ومن أحب شيئاً أحب ما يشبهه، وما يتعلق به.
وهذه قاعدة معروفة في نفوس الناس: الذي يحب شيئاً يحب كل شيء يشبهه، بل ربما إذا أحب شخصاً أحب كل من اسمه نفس اسم هذا الشخص، وهكذا وإذا ذكر اسم شخص مشابه للشخص الذي يحبه، رجف قلبه، وتسارعت دقاته؛ مما سمع. 
رغم ان عائشة لم تجتمع مع خديجة بل تزوجت بعد وفاتها بسنين , لكنها كانت تغار منها بسبب ثناء واهتمام النبي (صلى) بذكراها وسوف ننقل لكم روايات من الصححاح مروية على لسان عائشة
-عن عائشة قالت: "ما غرت على امرأة للنبي -صلى الله عليه وسلم- ما غرت على خديجة، هلكت قبل أن يتزوجني، لما كنت أسمعه يذكرها، وأمره الله أن يبشرها ببيت من قصب، وإن كان ليذبح الشاة، فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن"[رواه البخاري: 3816، ومسلم: 6430]
-وعنها ايضا قالت ما غرت علي امرأة ما غرت علي خديجة لما كنت اسمع رسول الله يذكرها وان كان ليذبح الشاة فيديها الي خلائلها (ينابيع المودة / 170)
فعائشة كان عندها غيرة عظيمة، تغار من خديجة، بل تغار من ذكرى خديجة مع أنها لم تجتمع وإياها في مكان واحد، ولم تشترك وإياها في زوج في نفس الوقت، ومع ذلك غارت منها، لكثرة ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- إياها، ولذلك قالت في السبب: "من كثرة ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إياها
كان الرسول يقول لأزواجه: "لا تظنن بان مكانتكن ارقى من مكانتها، فقد آمنت حين كفرتم. وهي ام ابنائي"( سيره ابن هشام، ج 1، ص 199)
وقد بلغت هذه المرأة العظيمة من المكانة في قلب رسول الله ما دفع نساءه بأن يغارن منها حتى بعد وفاتها {ع} ذكر ابن الجوزي عن عائشة: كان رسول الله {صلى }لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن عليها الثناء , فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزاً قد أخلف الله لك خيراً منها؟ قالت: فغضب حتى اهتزّ مقدم شعره من الغضب، ثم قال: لا والله ما أخلف الله لي خيراً منها، لقد آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله عز وجل أولادها إذ حرمني أولاد الناس. قالت: فقلت بيني وبين نفسي لا أذكرها بسوء أبداً {صفة الصفوة: ج2 ص4والذهبي في سير أعلام النبلاء: ج2ص112} [سيره ابن هشام، ج 1، ص 199] بالمقابل هي كانت تبادل الرسول (صلى) الحب , هذه السيدة الجليلة ماتركت لحظة في حياتها الا وابرزت رحمتها وشفقتها وحنانها لزوجها الرسول الاكرم وبمختلف السبل، حتى انها ذات يوم انشدت اشعارا جسدت فيها ما يُكنّه قلبها من حب للنبي الكريم، حيث قالت: فلو اننى امسیت فى كل نعمة و دامت لى الدنیا وملك الاكاسرة.......فما سویت عندى جناح بعوضة اذا لم تكن عینى لعینك ناظرة [مستدرك سفينة البحار ج5، ص44] وقد كانت تبعث بغلمانها ليرفعوا الأشواك التي يضعها أبو لهب وزوجته أمّ جميل في طريق النبي (صلى) « وذات مرّة صعدت إلى جبل النور قاطعة مسالكه الوعرة وحاملة صرّة طعام تريد إيصالها إلى النبي الكريم {صلى}،في غار حراء , وفي إحدى الحملات الوحشية لقريش انتشرت إشاعة اغتيال النبي الكريم (صلى) فهامت السيّدة خديجة على وجهها في الوديان والصحاري المحيطة بمكة بحثاً عن حبيبها، وكانت الدموع تنهمر على خديها، فما كان من جبريل إلا أن نزل على الرسول الأكرم وقال له: لقد ضجّت ملائكة السماء لبكاء خديجة عليها السلام، أُدعُها إليك وأبلغها سلامي وقل لها بأنّ ربّها يقرؤها السلام ويبشّرها بقصر في الجنة، لا صخب فيه ولا نصب.
6 – احاديث نبوية في فضل خديجة
- عن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ [رواه البخاري: 3432، ومسلم : 6424]
- الرسول(ص) كان يقول لها: " ياخديجة ان الله عز وجل ليباهي بك كرام ملائكته كل يوم عدة مرات( عوالم العلوم،ج11، ص41)
- يروي ان الرسول الاكرم لها عن جبرئيل حيث يقول: قال جبرئيل: هذه خديجة فأقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها بيتا في الجنة"( صحيح البخاري، طبعة دار القلم ج5، ص112)
- عن عائشة  قالت: "استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة -رضي الله عنها- على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعرف استئذان خديجة، فارتاع -فزع- لذلك، فقال: اللهم هالة  قالت: فغرت، فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيراً منها؟" [رواه البخاري: 3821، ومسلم  643]
- بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- خديجة ببيت في الجنة؟ قال: نعم، ببيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب" [رواه البخاري: 3819]
- أخرج النسائي بإسناد صحيح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً:  أفضل نساء أهل الجنة؛ خديجة -رضي الله عنها- بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم- ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون  [رواه النسائي: 8297، وأحمد: 2903، وقال محققو المسند: "إسناده صحيح" وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1135]
- وفي رواية:  آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء  [رواه أحمد: 24908]
- تقول عائشة -رضي الله عنها-: "فأغضبته يوماً، فقلت: خديجة؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم : إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا  [رواه مسلم: 6431]
- قال(ص): "حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد(ص) وآسية بنت مزاحم ( كشف الغمة ج2، ص71)
7 - مكانة خديجة عند الله وجبريل
 كان لخديجة من المكانة العالية عن الله وعند الملك جبرائيل اذ انه اقرأها {السلام سلام الله عليها}، ففي حديث أبو سعيد الخدري أن رسول الله {صلى} قال: إن جبرائيل {ع}،قال لي: ليلة أسري بي وحين رجعت، فقلت: يا جبرائيل هل لك من حاجة؟ قال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام. وحدثنا عن ذلك أنها قالت: حين لقيها النبي {صلى} فقال لها الذي قال جبرائيل فقالت: إن الله هو السلام ومنه السلام واليه السلام وعلى جبرائيل السلام. {تفسير العياشي: ج2 ص279} وعن الكنجي عن أبي زرعة قال: سمعت أبا هريرة يقول: أتى جبرائيل النبي {صلى}، فقال: يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك ، معها إناء فيه أدام أو طعام أو شراب , فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة رواه البخاري: 3820 و{كفاية الطالب: ص357} فعلى ضوء جواب السيدة خديجة لردها سلام الله تعالى وملكه المقرب تلتمس تفقهها في الدين كما يعكس ادبها ؛ لأنها لم تقل: "وعليه السلام" لما قال لها: "الله يقرأ عليك السلام"؛ لأن الله هو السلام، فكيف تقول: وعليه السلام وهو السلام؟ ولذلك قالت: "إن الله هو السلام، ومنه السلام" والسلام على جبريل، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته ,  هذا التفقه فات على الكثير من الصحابة فكانوا يقولون في التشهد السلام على الله من عباده فنهاهم  النبي صلى وقال ان الله هو السلام كيف تقولون السلام على الله؟! والله هو السلام [رواه البخاري835] وهي اول امراة صلت بعد النبي (صلى) وعلي هي السيدة خديجة [الكامل في التاريخ ج2، ص50-51،سيرة ابن هشام ج1، ص261] وهي أول سيّدة تأكل من فاكهة الجنّة حيث ناولها الرسول الأعظم {صلى} بيده الشريفة عنقوداً من عنب الجنّة , وهي الزوجة الوحيدة من بين أزواج النبي الكريم {صلى} التي أنسلها واستمرّ نسلها الطاهر حتى يومنا هذا , فالنبي الاعظم يخاطب ابنته الأثيرة على قلبه الزهراء البتول (ع) يا ابنتي ، إنّ الله تعالى جعل خديجة وعاء لنور الإمامة.
كان النبي (صلى) يشاورالسيدة خديجة في كل اموره الحياتية , كأنها بمثابة الوزير الصادق معه ، والرفيق الساعي له، تخفف عنه ، وتواسيه ، وتسعى في قضاء حوائجه , نعم آزرها على أمره فخفف الله بذلك علىيه , وكانت حصنه الداخلي، وركنه الشديد 
6  - هل كان للسيدة خديجة (ع) بنات غير الزهراء؟!
رزقت السيّدة خديجة {ع} من الرسول الأكرم {صلى } ولدين هما «القاسم وعبد الله} وبنت واحدة هي الصديقة فاطمة الزهراء (ع) فاختطف الموت ولديها وهما صغيران وأبقى على بضعته كوثر الخلق ووالدة أئمة النور والهدى الأحد عشر، سيدة النساء الزهراء البتول {ع}...اما من يدعي ان للنبي ص بنات هن زينب ورقيه من زوجته السيدة خديجة فنقول اصل الحكاية يتلخص بما يلي: لقد روي أنّه كانت لخديجة أُخت اسمها هالة ، تزوّجها رجل مخزومي ، فولدت له بنتاً اسمها هالة، ثمّ خلف عليها , أي على هالة الأُولى رجل تميمي يُقال له: أبو هند ، فأولدها ولداً اسمه هند , وكان لهذا التميمي امرأة أُخرى قد ولدت له زينب ورقية ، فماتت ، ومات التميمي ، فلحق ولده هند بقومه ، وبقيت هالة أُخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الأُخرى، فضمّتهم خديجة إليها، هالة بنت خويلد وكانت اشهر اخوات السيدة خديجة (س) وقد التحقت بالرسول الاكرم (ص) بعد هجرته.وبعد أن تزوّجت بالنبيّ(صلى) ماتت هالة ، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والنبيّ(صلى ) وكان العرب يزعمون: أنّ الربيبة بنت ، ولأجل ذلك نُسبتا إليه (صلى) مع أنّهما ابنتا أبي هند زوج أُختها , انظر كتابي الأنوار والبدع وراجع : الاستغاثة : ج1ص68 و69 ورسالة مطبوعة طبعة حجرية مع كتاب مكارم الأخلاق ص6 وراجع : مناقب آل أبي طالب : ج1 ص159و162 ، والبحار ، وقاموس الرجال وراجع كتاب بنات النبي أم ربائبه / لجعفر العاملي ص107 اما من يقول ان النبي (صلى)  لديه اكثر من بنت مستدلا من القران الكريم ((َ أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا - الأحزاب 59 )) وعلى هذا الاساس وحسب رأي هذا الفريق بأن هناك أكثر من بنت لرسول الله (صلى) فلو لم يكن لديه إلا بنت واحدة فكيف يخاطبه القرآن بالجمع، نقول: هنا يتحدث القران عن واقع لا عن أشياء فرضية , يتحدث عن العناوين العامة ، ولا يدخل في التفاصيل , ففي لغة العرب جائز مخطابة المفرد بصيغة الجمع , وهذا ما اعتدنا ان نستخدمه في حياتنا اليومية كما لو مررت على شخص واحد وقلت له السلام عليكم وليس السلام عليك 
ونحن نجيب على هذا التساءل ايضا من القران الكريم لتكون الحجة ابلغ واتم , اليس اية الولاية التي يستدل بها لامير المؤمنين علي (ع) جاءت بصيغة الجمع؟! فقال الله تعالى: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ- المائدة 55 ولم يقل الذي آمن وأقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع مع أنه لا يقصد سوى فرد واحد بعينه , هو الامام علي (ع) وكذلك اية المباهلة ((فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ- آل عمران 61 )) و{ونساءنا} جاءت بصيغة الجمع، مع أن المقصود هو خصوص الزهراء (ع) وهي فرد واحد , وكذلك اية التطهير ((ِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا - الأحزاب 33)) ويقصد الخمسة أصحاب الكساء، دون كل من عداهم من أهل بيته (صلى ) إذ لا شك في عدم دخول العباس وأبنائه وعقيل وجعفر , نعم إن هؤلاء جميعاً غير داخلين في مضمون الآية فضلاً عن نسائه صلى...علاوة على هذا وخلاصة لهذا الامر فلدينا مصادر معتبرة من الكتب المعتبرة عند اهل السنة تؤكد بالقطع اليقيني ان جميع من ولد لرسول  الله (صلى) هم من بعد البعثة النبوية انظر البدء والتاريخ: ج 5 ص 16 وج4 ص 139، ونسب قريش: ص21، والمواهب اللدنية: ج1 ص 196، تاريخ الخميس: ج1 ص 272، ومجمع الزوائد: ج 9 ص 217، وذخائر العقبى ص 152، والبداية والنهاية ج12 ص 294، والإستيعاب ج 4 ص 281 وج4 ص 139، والروض الأنف: ج1 ص 214 و 215، السيرة الحلبية: ج 3 ص 308 
فكيف يصح ان زينب ورقية تزوجتا في الجاهلية بأبناء أبي لهب ثم طلقوهن، ثم لما بعث رسول الله (صلى) تزوجت إحداهن من عثمان، وهاجرت معه في السنة الخامسة إلى الحبشة والنبي الاعظم تزوج السيدة خديجة قبل الهجرة بخمس سنين الأوائل: ج1 ص 161وقيل: قبلها بثلاث سنين راجع: سيرة مغلطاي: ص 12 ومجمع الزوائد: ج9 ص 219 , فلو كانت للنبي (صلى) بنات لذكرن في جملة النساء اللواتي هاجرن مع الامام علي (ع) بوصية من رسول الله (صلى) فقد ذكرت الفواطم، وأم أيمن، وجماعة من ضعفاء المؤمنين انظر السيرة الحلبية: ج2 ص 53 ومما يؤكد ان ليس للنبي صلى ببنات الا فاطمة (ع ) ولا صهر الا علي (ع ) هو ما جاء في صحيح البخاري ج3 ص 68: أن رجلاً حاول أن يسجل إدانة لعثمان ولعلي على حد سواء، فتصدى لابن عمر يحرضه على الخروج كما خرج غيره ، فرفض , فطلب منه أن يخرج ليصلح بين طائفتين من المؤمنين اقتتلوا, فيقاتل التي تبغي, وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، فرفض , فقال له: فما قولك في علي وعثمان؟!
قال: أما عثمان فكان الله قد عفا عنه، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه.
أما علي، فابن عم رسول الله (ص) وختنه، وأشار بيده، فقال: وهذا بيته حيث ترون , فنلاحظ: أن دفاع ابن عمر عن عثمان، قد اقتصر على أنه حين فر يوم أحد قد عفا الله عنه، لكن الخارجين عليه لم يعفوا عنه، بل قتلوه , ولم يذكر أنه صهر رسول الله، أو نحو ذلك , أما بالنسبة لأمير المؤمنين عليه السلام فقد وصفه بأنه ابن عم رسول الله، وصهره وكون بيته ضمن بيوت رسول الله (صلى) فلو كان عثمان صهرا لرسول الله (صلى) لكان على ابن عمر أن يستدل به أيضاً، كما استدل به بالنسبة لأمير المؤمنين (ع) لأنه بصدد الإستدلال بكل ما يساعد على دفع التهمة عن عثمان.. فلا معنى لترك الإستدلال القوي الدال على ثقة رسول الله به، والتمسك بدليل ضعيف .
8 - مرض السيدة خديجة ووفاتها
لمّا اشتدّ مرض السيّدة خديجة قالت: يا رسول الله‏ اسمع وصاياي 
أوّلاً : إنّي قاصرة في حقّك فاعفني يا رسول الله. قال‏(صلى) «حاشا وكلاّ، ما رأيت منك تقصيراً، فقد بلغتِ بجهدك، وتعبت في داري غاية التعب، ولقد بذلت أموالكِ وصرفت في سبيل الله مالَكِ».
ثانياً: أوصيك بهذه وأشارت إلى فاطمة ـ فإنّها يتيمة غريبة من بعدي، فلا يؤذينها أحدٌ من نساء قريش ولا يلطمنّ خدّها ولا يصيحنّ في وجهها ولا يرينّها مكروهاً , فما كان من أسماء بنت عميس إلا أن تعهّدت لها بأن تكون أمّاً لها ليلة زفافها
ثالثاً: إنّي خائفة من القبر، أُريد منك رداءك الذي تلبسه حين ‏نزول الوحي تكفّنني فيه فقام النبي(صلى) وسلّم الرّداء إليها، فسرّت به سروراً عظيماً، فلمّا توفّيت خديجة أخذ رسول الله‏ (صلى) في تجهيزها وغسّلها وحنّطها، فلمّا أراد أن يكفّنها هبطَ الأمين جبرائيل وقال: «يا رسول الله، إنّ الله يقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمّد إنّ كفن خديجة من عندنا، فإنّها بذلت مالها في سبيلنا». فجاء جبرائيل بكفنٍ، وقال: «يا رسول الله، هذا كفن خديجة، وهو من أكفان الجنّة أهداه الله إليها» فكفّنها رسول الله ‏(صلى) بردائه الشريف أوّلاً، وبما جاء به جبرائيل ثانياً، فكان لها كفنان: كفنٌ من الله، وكفنٌ من رسوله , وقامت أمّ أيمن وأم الفضل {زوجة العباس} بغسل جسد السيّدة خديجة {ع} ثم ألقتا عليها نظرة الوداع الأخيرة , وتوفيت السيدة خديجة في 11 شهر رمضان سنة عشر للبعثة النبوية [فتح الباري: 7/134] وعبد الحميد محمود طهماز (1996) السيدة خديجة أم المؤمنين (الطبعة الثانية) سوريا : دار القلم، صفحة 95-96] وكانت لحظة وفاتها بعيد اداء فريضة الصبح (السيرة النبوية، ج2، ص 132) ودفنت في مقبرة الحَجُون في مكّة المكرّمة، ونزل رسول الله {صلى } في حفرتها, وكان الرسول {صلى} بشرها بمكانها في الجنة فأنه لما حضرتها الوفاة دخل عليها النبي {صلى } فقال لها : تكرهين ما أرى منك وقد جعل الله من الكره خيراً, ثم قام النبي محمد(ص) وغسلها بنفسه وحنطها ولفّها بالكفن الذي، اتى به الامين جبرائيل من قبل الله لخديجة وصلى عليها. ثم شيعها مع جمهور المسلمين الى مثواها الاخير في مقبرة الحجون، حيث قبرها اليوم. ولما وصل الرسول الاكرم الى محل دفنها، كانت دموعه تسيل على وجهه الشريف، ثم نزل الى قبرها وافترش ترابه واستلقى فيه( سيرة اعلام النبلاء، ج2، ص11، كشف الغمة، ج2، ص511) ودعا لخديجة، ثم قام وانزلها بيده الى لحدها( تاريخ الطبري ج4، ص593) ثم غطاه بالآجر وأهال عليه التراب، ووضع عليه آجرة كبرى علامة على قبرها الشريف.
وعند دفنها نزل الرسول {صلى} في حفرتها وأدخلها القبر بيده الشريفة , ولم تكن شرعت الصلاة على الجنائز , فكانت وفاتها مصيبة عظيمة على قلب الرسول {صلى} فأم المؤمنين (خديجة) رضوان الله عليها , شخصية أحزنت بفراقها النبي (صلى)... نقول السيدة(خديجة بنت خويلد ) هي المراة التي أجهش بفراقها النبي محمد (صلى ) بالبكاء في أيام كانت عصيبة عليه حيث سبقها عمه أبو طالب (صلوات الله عليه)بل كان كلما تذكرى بكى (البحار، ج 1، ص 380) 
لقد كرمها النبي (صلى) بعد وفاتها فعند فتح مكة نصب الراية عند قبر السيدة خديجة ، ليشعر الناس جميعاً أن لهذه الزوجة المخلصة دوراً كبيراً في نجاح الدعوة ، فإن لم يتح لها أن تكحِّل عينيها بهذه النتائج الباهرة الرائعة للدعوة ، فلا أقل من أن يشعر الناس أن لها فضلاً كبيراً.
مظلومية السيدة خديجة 
الظليمة التاريخية لخديجة(ع)اول امراة اسلمت واول من صلت وعاشت مع النبي صلى 25 وبذلت اموالها في الاسلام , ولم يوثق لها حديث نبوي
19} ــــ « أوّل مؤمنة بالولاية: كان الإمام علي {عليها السلام}، منذ سنينه الستّ في بيت النبي وتحت ناظري السيّدة خديجة {عليها السلام}: ورعايتها، لذلك كان لها حقّ في رقبته هو حقّ الأمومة. وعندما شرح الرسول الكريم {صلى الله عليه واله}، لزوجه مفهوم الولاية وموقعها السامي، وطلب إليها أن تؤمن بولاية أمير المؤمنين علي {عليها السلام}، استجابت فوراً حيث قالت بصراحة ووضوح: آمنت بولاية علي وبايعته {31}.»{19}.
20} ــــ « كانت السيدة خديجة {عليها السلام}: تفيض بالحنان والعطف على الإمام علي {عليها السلام}، لدرجة أنّها قالت فيه: إنّه أخي، وأخو النبي، أعزّ الناس إليه، وقرّة عين خديجة الكبرى {عليها السلام}، {32}. وفي رواية عن عائشة قالت: «أغضبتُه يوماً فقال:(صلى الله عليه وآله): إنّي رُزِقتُ حُبّها»(9). {33}.» 
ما تفسير سورة الأبتر ؟ لماذا يخص النبي (ص) بالحب والعطف دون بناته... الايعتبر ذلك تفرقه؟ 
3- هل يقبل النبي (ص) ان يزوج بناته لكفرة و هل هو كان ملزماً بذلك على الرغم من سيرتهم والشك في نسلهم؟
ليس عدم وجود دليل او روايه دليل على ان الموجود صحيح
مناقشة لتفنيد شبهة مصاهرة النبي (صلى) قبل البعثة لكافرين يعبدان الأصنام
 أحدهما عتبة والآخر عُتَيْبة أولاد ابي لهب ثم طلقاهما قبل الدخول بهما وهاتان البنتان رقية وام كلثوم هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان فيما بعد , وهنا لابد من التسائل
1 – متى تزوج النبي (صلى) بخديجة وكم كان عمرها ؟!
2 – متى ولدت البنتان ومتى تزوجتا ؟ سواء في المرة الأولى او المرة الثانية 
3 – هل كانت السيدة خديجة عذراء ؟ ام كانت متزوجة سابقا  
يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة باختصار 
المشهور في كتب السير أن النبي (صلى) تزوج خديجة (ع) وكان عمرها أربعين سنة وتوفيت وهي في سن خمس وستين سنة (ابن سعد , في الطبقات) وهذا الذي لا نقره , واختلفوا في فترة زواجها فقالوا قبل البعثة بعشر سنين او بخمس سنين او بثلاث سنين , ولكن اذا كان هذا الإجماع من الفقهاء والمؤرخين على أن الرسول تزوج خديجة وهي في سن الأربعين وهو في سن الخامسة والعشرين فإن هذا يعني أن خديجة أنجبت زينب في سن30 ورقية في سن 33 وام كلثوم بعدهما من عمر النبي (صلى) وامهما على أبواب الخمسين ، حيث الإنجاب وقع في العشر سنوات الأولى من الزواج وهو مشكل يضعنا بين أمرين , إما أن نرفض هذه الروايات الخاصة بعمر السيدة خديجة , او نرفض الروايات الخاصة بتحديد مواليد بنات النبي(صلى) إلا أن المأزق يكمن في كون المؤرخين والفقهاء يقرون ويسلمون بهذه الروايات المتقاطعة والغير منسجمة .
-  حسب قولهم ولدت السيدة خديجة زينب والنبي (صلى) في سن الثلاثين أي قبل البعثة بعشر سنين وماتت في السنة الثامنة من الهجرة وولدت رقية والنبي في سن الثلاثة والثلاثون أي في السنة السابعة قبل البعثة وبعضهم قال بعد البعثة بسنتين وماتت في السنة الثانية للهجرة , أما أختهما ام كلثوم فلم يشر الى تاريخ ولادتها وإنما ذكر زواجها من عثمان في السنة الثالثة للهجرة وماتت في السنة التاسعة للهجرة .
نقول لقد ولدت زينب في سن الثلاثين من عمر النبي (صلى) وكان عمرها عشر سنوات عند المبعث حسب الروايات التي ذكرناها فمتى تزوجت أبي العاص وولدت له عليا الذي مات صغيرا وإمامة التي تزوجها الأمام علي (ع) بعد وفاة الزهراء ؟ فهل يعقل انها تزوجت وأنجبت في هذه السن؟ ثم أين تركت زينب ابنتها الوحيدة عندما هاجرت ؟ فلم يذكر احد أنها كانت معها هل تركتها عند الكفار ؟ التفسير الوحيد لهذا الموقف هو أن أمامه كانت كبيرة السن كما ان زواجها فيما بعد من علي (ع) يتناقض مع تاريخ ولادتها .
أما مسالة ولادة السيدة رقية فبعد مراجعة المصادر التاريخية وجدنا تارة يقال أنها ولدت بعد البعثة بسنتين وتارة أنها ولدت قبل البعثة بسبع سنين وإن أبعد تقدير كان ولادتها قبل البعثة بسبع سنوات ، وهنا  لكي نتيقن من حقيقة الخبر سنفترض أنها ولدت قبل البعثة بسبع سنين لنترك إمكانية أن يكون الكلام صحيحاً فلو قلنا أنها ولدت بعد البعثة سيكون عثمان تزوجها بعمر سنتين أو سنة ونصف!!! فلو قلنا أنها ولدت قبل البعثة بسبع سنين ستكون قد تزوجت من أبن أبي لهب في عمر ٥ سنوات و أختها في عمر ٤ سنوات  أما إذا أخذنا الروايات الأخرى عن ولادتهما بعد البعثة ... ستكون هنا المفاجأة الكبرى أنهما تزوجا بولدي أبي لهب قبل أن تولدا بثلاث سنوات وتزوجت رقية من عثمان بعمر سنتين وتذكر الروايات أن رقية هاجرت مع عثمان إلى الحبشة وأنجبت ولداً مات في سن السادسة أي بعد العودة من الحبشة , بينما ماتت رقية في السنة الثانية للهجرة بالمدينة فإذا كان ميلادها قبل البعثة بسبع سنوات ووفاتها في السنة الثانية ، فإن هذا يعني أنها توفيت وعمرها تسعة عشر عاماً على أساس أن الرسول (صلى) مكث عشر سنوات في مكة وعاصرته هي في المدينة لمدة سنتين.  
وإذا ما استثنينا الست سنوات عمر الولد الذي أنجبته من عثمان يصبح عمرها حين تزوجته وهاجرت معه ثلاثة عشر عاماً وإذا ما أخذنا بالرواية التي تقول إن الرسول مكث في مكة ثلاثة عشر عاماً فإننا سوف نضيف إلى عمرها ثلاث سنين فيصبح عمرها حين تزوجت عثمان ستة عشر عاماً وهذا يتناقض بالطبع مع الروايات السابقة إذ يؤكد أن تزوجت عثمان في السنة السادسة أو التاسعة من البعث (جعفر ألعاملي , بنات النبي (صلى) أم ربائبه) أما أم كلثوم ، فقال الرواة قد تزوجت عتيبة شقيق عتبة بن أبي لهب وطلقها بعد بعثة الرسول (صلى) في نفس الوقت الذي طلق فيه شقيقه رقية، وتزوج بها عثمان بعد وفاة رقية في السنة الثالثة للهجرة ولم تنجب لعثمان وتوفيت في السنة التاسعة من الهجرة (ابن كثير, البداية والنهاية) 
وإذا كان المؤرخون يؤكدون أن أم كلثوم ولدت بعد رقية , لماذا  لم يحددوا ميلادها ؟ وعليه فان زينب ورقية وام كلثوم التي هن مدار البحث والمولودات قبل البعثة النبوية فأنهن ليس من صلب النبي (صلى) ولم يلدن من رحم السيدة خديجة وان هذا التعارض بين هذه الروايات وتهافتها يجعلها ساقطة في الاعتبار .
فإذا كانت رقية قد ولدت بعد المبعث فكيف يصح أن يقال: إنها تزوجت في الجاهلية بابن أبي لهب، فلما جاء الإسلام أسلمت، فطلقها زوجها، فتزوجها عثمان، وحملت منه ، وأسقطت علقة في السفينة ، وهي مهجرة إلى الحبشة ، بعد البعثة بخمس سنوات فقط؟! وكذلك الحال بالنسبة لأم كلثوم ، فإنها إذا كانت قد ولدت بعد المبعث، فكيف تكون قد تزوجت في الجاهلية ، ثم لما أسلمت بعد المبعث طلقها زوجها قبل الهجرة إلى الحبشة؟! هذه تناقضات تجعل الباحث في حيرة 
- لم نرى نصا صريحا يشير الى وقت زواج بنات النبي (صلى) قبل البعثة النبوية الى ابني ابو لهب وأبو العاص وإنما يقتصر الآمر على ذكر عبارة قبل البعثة او في الجاهلية كما في النصوص التالية :
1 - زينب بنت محمد (توفيت 8 هـ)‏
‏كبرى بنات الرسول، تزوجها أبو العاص بن الربيع، أسلمت وهاجرت مع أبيها وبقي زوجها على دينه بمكة حتى أسر ببدر فطالبه الرسول بفراقها ففارقها، فلما أسلم أبو العاص ردها النبي صلى الله عليه وسلم إليه
‏2 - رقية بنت محمد (توفيت 2 هـ)
‏بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة، تزوجت في الجاهلية عتبة بن أبي لهب، ولما ظهر الإسلام ونزلت "تبت يدا أبي لهب وتب" (سورة المسد آية 1) أمره أبوه أن يطلقها، تزوجت عثمان بن عفان وهاجرت معه إلى الحبشة ثم عادت إلى المدينة وفيها توفيت
‏3 - أم كلثوم بنت محمد (توفيت 9 هـ)‏
‏بنت رسول الله من زوجته خديجة، تزوجها عتيبة بن أبي لهب في الجاهلية وأمره أبوه بفراقها عند نزول "تبت يدا أبي لهب وتب" (سورة المسد آية 1) ففارقها زوجها، هاجرت إلى المدينة ثم تزوجها عثمان بن عفان بعد وفاة أختها رقية
-  ذكرت الروايات أن السيدة خديجة تزوجت رجلين قبل النبي (صلى ) الأول من قبيلة تميم العربية والآخر مخزومي قرشي , لكن الروايات اختلفت اختلافاً كبيراً في اسميهما , وأيهما تزوجها أولاً , وعدد أولادها منهم , وأسمائهم
فقال ابن شهاب : رجلين , الأول "تزوجت خديجة رضي الله عنها قبل النبي عتيق بن عائذ ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم " فولدت له " حارثة " ثم خلف عليها بعده " أبو هالة التميمي وهو بني أسيد بن عمير  فولدت له رجلاً .
وقال ابن " إسحاق " :تزوجت وهي بكر عتيق بن عائذ ثم هلك عنها فتزوجها أبو هالة مالك بن النباش بن زرارة أحد بني عمر بن تميم حليف بني عبد الدار فولدت له رجلا وامرأة ثم هلك عنها فتزوجها رسول الله (5)
ونحن نقول ان النبي (صلى) تزوج السيدة خديجة باكرا وهي لها من العمر الخامسة والعشرون عاما بعد ان وقفنا على عدة مصادر تاريخية معتبرة تقول بهذا (ابو نعيم الاصبهاني , دلائل النبوة ج1 ص)  
نستنتج من هذا السرد التاريخي ما يلي :
  1- أن زينب ورقية وأم كلثوم والمولودات بعد البعثة النبوية هن بنات النبي (صلى) من رحم السيدة خديجة ولم يكتب لهن الحياة  وتوفين بعمر الأشهر وهذا ما يشهد به جمع كبير من علماء المسلمين (جعفر ألعاملي , بنات النبي (صلى) أم ربائبه) 
2-    بطلان جميع الروايات التاريخية التي تحدثت عن مصاهرة النبي (صلى) قبل الإسلام 
3-    بطلان جميع الروايات التاريخية والأحاديث الدينية التي نصت على زواج عثمان بن عفان باي بنت تنتسب صلبا للنبي (صلى) فهي منطقيا سالبة بانتفاء الموضوع , ولم يحظى بلقب المصاهرة مع النبي الا علي بن ابي طالب (ع) بالزواج من ابنته الوحيدة فاطمة الزهراء (ع) 
من يكون الزوجان المزعومان للسيدة خديجة رضوان الله تعالى عليها ؟
من يكون عتيق المخزومي ومن يكون أبو هالة التميمي، اللذان رأت بعض كتب السيرة أنهما تزوجا السيدة خديجة رضوان الله تعالى عليها قبل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
تضاربت كتب الأنساب تضاربا كبيرا، واختلفت اختلافا شديدا – يصل إلى حد التناقض – في أسماء وأنساب هذان الرجلان. هل الاسم الحقيقي لأبي هالة هو النباش بن زرارة، أو هند، أو مالك ؟ .... هل هو صحابي أدرك الرسول عليه وآله الصلاة والسلام أو مات قبل البعثة ؟ .... هل تزوجته السيدة خديجة قبل عتيقا أم تزوجت عتيقا قبله ؟ .... هل هند الذي ولدته السيدة خديجة هو ابن أبي هالة أم ابن عتيق؟ .... هل هو ذكر أم أنثى (بما أن اسم هند يطلق على الذكور والإناث) ؟ .... إن كان هند ذكرا هل أسلم أم مات كافرا؟ .... هل هو الذي قتل مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في حرب الجمل، أم مات بالطاعون في البصرة؟ .... متى كانت تواريخ تلك الزيجتان ؟ .... لماذا لا نسمع لهؤلاء الرجال ذكرا في كتب السيرة؟ ...تساؤلات عديدة تبقى مبهمة، لم تقدر كتب الأنساب على الإجابة عنها بدقة وبموضوعية. بل تروي بعضها (كتب الأنساب) أنه كان للسيدة خديجة أخت اسمها هالة تزوجها رجل مخزومي، فولدت له بنتا اسمها هالة، ثم خلف على هالة (الأولى) رجل تميمي يقال له أبو هند، فأنجب منها ولدا اسمه هند.
هل من المنطقي أن تتزوج شريفة قومها – وقومها من أعرق قبائل العرب جاها وشرفا – من رجلين مجهولي السيرة، مغموري النسب ؟ زعمت بعض كتب الأنساب  أن أول شهيد في الإسلام كان ابن السيدة خديجة، واسمه الحارث ابن أبي هالة، استشهد أول البعثة المباركة حين جهر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بالدعوة. لكن هذه المزاعم لا تصمد إذا قارناها بما هو مروي عن الرسول عليه وآله الصلاة والسلام أن أول شهيد في الإسلام سمية والدة عمار وزوجة ياسر؛ فعن ابن عباس أنه أثر عنه قوله : " قتل أبو عمار وأم عمار وهما أول قتيلين قتلا من المسلمين ".
ولفظة " قتيل " و " شهيد " تطلق على الشخص ذكرا كان أو أنثى.
أم المؤمنين السيدة خديجة الكبرى رضوان الله عليها مظلومة في تاريخ المسلمين، فمن غير الدقيق أن ننسب لها زوجين مشركين تزوجا بها قبل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ودنسا رحمها .... بل من غير المنصف أن نحط من قدرها، وهي الرفيعة الشأن التي اختارها تعالى طاهرة مطهرة لتكون موضع نطفة الطاهر المطهر عليه وآله الصلاة والسلام، ومحل حمل سيدة نساء العالمين.
 اذا كانت السيدة خديجة رضوان الله تعالى عليها تزوجت الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وعمرها أربعين (كما تدعي بعض المصادر)، وعاشت معه خمسة عشر عاما قبل البعثة وعشرا بعدها، وإذا كان المؤرخون نسبوا إلى السيدة خديجة ستة أبناء هم القاسم، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، هذا يعني أن إنجاب هؤلاء الأطفال الستة تم بعد سن الأربعين من عمرها الشريف.
وإذا كانت فاطمة الزهراء عليها السلام – أصغر الأولاد – قد ولدت في السنة الخامسة من البعثة، فهذا يعني أن السيدة خديجة رضوان الله تعالى عليها كانت وقتها في الستين من عمرها.
والسؤال الذي يطرح نفسه : هل من الممكن بيولوجيا وطبيا أن تنجب امرأة بعد سن الأربعين ستة أطفال متعاقبين
إذا كانت بعثة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في الأربعين من عمره الشريف، وإذا كان تزوج السيدة خديجة رضوان الله تعالى عليها وعمره خمسا وعشرين سنة (كما تقول بعض المصادر) يعني أنها بقيت مع الرسول خمسة عشرة سنة قبل البعثة.
من جهة أخرى، تجمع المصادر أنها عليها السلام قدمت في سبيل الدعوة التضحيات الجسام، وتحملت عذاب قريش، واضطهادها لها وللمؤمنين، ومقاطعتها، وحصارها لهم، وتوفيت في العاشر من شهر رمضان سنة عشرة للبعثة (قبل الهجرة بثلاث سنوات) بعد خروجها مع المؤمنين من شعب أبي طالب بأيام قليلة.
بمعنى أن أم المؤمنين خديجة رضوان الله تعالى عليها بقيت مع الرسول عليه وآله الصلاة والسلام : 15 + 10 = 25 سنة.
فإذا تزوجها صلى الله عليه وآله وعمرها أربعين سنة، يعني أنها توفيت وعمرها خمسا وستين سنة (65). يصعب – حسب رأيي – على امرأة تجاوزت العقد السادس من عمرها أن تتحمل كل ذلك الاضطهاد، والعذاب، والحصار .... فللأبدان حدود .... بذلك تكون الرواية التي ترجح العشرينات من عمرها المبارك (وتحديدا خمس وعشرون) هو عمر الزواج – أي الخمسينات من عمرها هو عمر الوفاة – أكثر رجوحا عندي
* بن كثير في " البداية والنهاية " إلى زواج الرسول صلى الله عليه وآله من السيدة خديجة رضوان الله تعالى عليها فيقول : " قال البيهقي عن الحاكم : قرأت بخط أبي بكر بن أبي خيثمة : حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري، قال : أكبر ولده عليه الصلاة والسلام القاسم، ثم زينب، ثم عبد الله، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية. وكان أول من مات من ولده القاسم مات بمكة، ثم عبد الله، وبلغت خديجة خمسا وستين سنة، ويقال خمسين. وهو أصح " ؛ وإن كان لي تعليق على أولاده صلى الله عليه وآله إلا أني أسجل قول مصعب بن عبد الله الزبيري أن السيدة خديجة عليها السلام " بلغت الخمسين وهو الأصح ". فإذا كان الأصح عنده أنها بلغت الخمسين من عمرها الشريف عند موتها، يعني أنه صلى الله عليه وآله تزوجها وعمرها خمس وعشرين سنة.
* بن كثير أيضا في " البداية والنهاية " : " وهكذا نقل البيهقي عن الحاكم أنه كان عمر رسول الله صلى الله عليه وآله حين تزوج خديجة عليها السلام خمسا وعشرين سنة، وكان عمرها إذ ذاك خمسا وثلاثين – وقيل خمسا وعشرين سنة –
ظلم التاريخ لأم المؤمنين السيدة خديجة الكبرى رضوان الله عليها :
 قليل هم الذين ذهبوا إلى أن سنها الشريف كان أربعين سنة يوم تزوجها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله (وربما يكون الراوي واحدا) وقد نقلت كثير من كتب السيرة هذه الرواية دون تحقيق ولا تدقيق حتى تواترت إخباريا. فلماذا نترك رواة كثيرون كالحاكم، والبيهقي، والبلاذري، والزبيري، وابن أبي خيثمة .... وغيرهم كثير، ونتمسك بخبر آحاد تواتره السابقون دون تمحيص، والتقطه اللاحقون دون تدقيق.
كتب السيرة ووضعية الرسول صلى الله عليه وآله قبل الزواج


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . راجي العوادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/03/01



كتابة تعليق لموضوع : السيدة خديجة المرأة التي رزق النبي (ص) حبها واحزن قلبه موتها 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net