المهدي ( المعتقد والمستند ) / ٢
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

[ وليست هي بالفكرة المستحدثة عند الشيعة دفع اليها انتشار الظلم والجور ، فحلموا بظهور من يطهر الأرض من رجس الظلم ، كما يريد أن يصورها بعض المغالطين غير المنصفين ] عقائدة الامامية ص٧٥
قد رسمَ الظلمُ والجور الكثير من ملامح القضية المهدوية ، ولهذا سيكون أهم اعمالها هو القضاء على هذا الظلم واستبداله بالعدل والقسط بنصّ أحاديث هذه القضية .. الغَيبة وتمادي فترة الانتظار وما يستلزمان من طول عمر الإمام وتأخّر النصر وصعوبة ووعورة طريق وأحداث الظهور المقدّس .. كلها عبارة عن إجراءات وتفصيلات استثنائية داخل ملف عقيدة المهدي سببها عامل الظلم .. هذا نقرّ به ، وأما أن يكون أصل نشوء الفكرة عن هذا العامل وأنها عبارة عن فكرة تعويضية يحلم بها الشيعة من أجل أن يصبّروا بها أنفسهم في تحمّل ما أصابهم من ظلم وحيف .. فهذا أقل ما يقال عنه أنه تسطيح للعقول وكلام ساذج لا أصل له ولا مُستند وإنما محض تخرّصات تفوّه بها البعض وطبّل لها آخرون .
وحصول مثل هذه الدعاوى والإتهامات هو فرع عدم التسليم بالنصوص الشرعية المتواترة لهذه العقيدة المهمة في الإسلام .. الأمر الذي أعطى مجالاً للفرضيات والتندرات بعيداً عن اجواء الدين ..! فابن خلدون مثلاً وبعد أن ضعّف سند روايات المهدي ( الفاطمي بحسب تسميته الخاصة ) وأنكرها .. ذهب الى حصر وقوعها وبالتالي استبعاد ذلك وفقاً لنظريته الاجتماعية الخاصة بقيام الدول ، وهي العصبية ، حيث يقول : " وقد قررنا ذلك من قبل بالبراهين القطعية التي أريناك هناك . وعصبية الفاطميين بل وقريش أجمع قد تلاشت من جميع الأفاق ، ووجد أمم آخرون قد استعلت عصبيتهم على عصبية قريش ، إلا ما بقي بالحجاز في مكة وينبع بالمدينة من الطالبيين من بني حسن وبني حسين وبني جعفر ، منتشرون في تلك البلاد وغالبون عليها ، وهم عصائب بدوية متفرقون في مواطنهم وإمارتهم وآرائهم يبلغون آلافاً من الكثرة . فإن صح ظهور هذا المهدي فلا وجه لظهور دعوته إلا بأن يكون منهم ، ويؤلف الله بين قلوبهم في اتباعه حتى تتم له شوكة وعصبية وافية بإظهار كلمته وحمل الناس عليها . وأما على غير هذا الوجه ، مثل أن يدعو فاطمي منهم إلى مثل هذا الأمر في أفق من الأفاق ثمن غير عصبية ولا شوكة إلا مجرد نسبة في أهل البيت ، فلا يتم ذلك ، ولا يمكن ، لما أسلفناه من البراهين الصحيحة " .
بهذا المنطق وهذا الاستدلال يتجرأ ابن خلدون على نسف عقيدة متجذّرة في الثقافة الإسلامية ووجدان المسلمين ، وهذا التاريخ البشري أمامه مملوء بدول وثورات قامت على غير العصبية الأسرية أو القبلية ، بعضها فردية وأخرى قامت بها جماعات صغيرة وثالثة شعوب اجتمعت على فكرة أو مبدء معين .. الخ .
الدولة المهدوية ليست حكماً قبلياً ، ولا حتى ثورة شيعية ، هي خلافة إسلامية تقوم على أسس هذا الدين ، هي واجب إسلامي ملقى على عاتقنا ويتوقف عليه تنفيذ الوعد الالهي بظهور الإسلام على الدين كله ( هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ ) التوبة ٣٣ .
في الكافي عن محمَّدُ بن يعقُوب : عن علِيِّ بن محمَّد ، عنْ بعضِ أَصحابنا ، عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عنْ أَبي الْحسن الماضي ( عَلَيْهِ السَّلاَمُ ) ، قلتُ : هوَ الَّذِي أَرسلَ رسولَهُ بِالْهُدىٰ ودِينِ الحق ؟ قَالَ : « هو الَّذِي أَمَرَ رسولَهُ بالولايةِ لوصيِّهِ ، والولايةُ هيَ دينُ الحق » . قلت : لِيُظهرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ؟ قَال : « يُظْهِرَهُ على جَمِيعِ الأديان عندَ قيام القَائم (علَيه السَّلاَمُ ) » . يتبع
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat