يوناداب احد أنبياء بني إسر ائيل بُعث فيهم قبل غزو نبوخذ نصر إلى سوريا وضواحيها. أوصاهم نبيّهم ومن أجل سلامتهم بوصايا كثيرة كان أهمها أنهُ أوصاهم : (لا تبنوا بيتا، ولا تزرعوا زرعا، ولا تغرسوا كرما، بل اسكنوا في الخيام كل أيامكم، لكي تحيوا أياما كثيرة على وجه الأرض . فسمعنا لصوت يوناداب بن ركاب أبينا في كل ما أوصانا به، أن لا نبني بيوتا لسكنانا، وأن لا يكون لنا كرم ولا حقل ولا زرع. فسكنا في الخيام).(1) فاتخذوا مهنة البداوة ينامون في الخيام مشتتين في الصحارى وعلى رؤوس الجبال: (التابوت وإسر ا ئيل ويهو ذا ساكنون في الخيام نازلون على وجه الصحراء).(2)
ولكن بني إسر ا ئيل خالفوا الوصية وحنوا إلى حياة الدعة والبطالة والرفاه ، فدخلوا أحد المدن القريبة ، فسلط الله عليهم نبوخذ نصر فغزاهم وهدم المدينة وسبى من عثر عليه منهم وأخذهم اسرى إلى بابل وشتتهم بين إيران والعراق . وأما من تبقى منهم فقد هربوا وعاشوا في الكهوف والمغاور والخيام. ( وعمل بنو إسر ا ئيل الشر في عيني الرب، فبنوا لأنفسهم الكهوف التي في الجبال والمغاير والحصون. وإذا زرع الإسر ا ئيليون صعد عليهم المديانيون والعمالقة وبنو المشرق ويتلفون غلة الأرض ولا يتركون لإ سر ا ئيل قوت الحياة، ولا غنما ولا بقرا ولا حميرا، فذل بنو إسر ا ئيل جدا).(3) وهكذا كتب الله عليهم الذلة طيلة حياتهم وهذا مصداق قوله تعالى : (ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا... ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا).(4) فكتب الله عليهم أن يعيشوا في الشتا ت كل أيام حياتهم إن أرادوا أن يبقوا أحياء فعاشوا مشتتين على رؤوس الجبال كما يقول : (رأيت كل إسر ا ئيل مشتتين على الجبال كخراف لا راعي لها).(5) وهذا الشتا ت بقى قائما على بني إسر ا ئيل إلى ما قبل سبعين عاما حيث نسوا وصية أنبيائهم فنزلوا إلى فلسطين بمساعدة الدول الاستعمارية فجمعوهم من الشتا ت وأسسوا لهم دولة ، ولكن على ما يبدو فإن دورة الزمان ستدور عليهم مرة أخرى فتكون القاضية.لأن من أهم علامات فنائهم هو تركهم لحياة الشتا ت حيث خالفوا وصية نبيهم الذي أوصاهم بها قائلا: (لا تبنوا بيتا اسكنوا في الخيام كل أيامكم).(6)
وأما قوله تعالى لليهو د : (لتفسدن في الأرض مرتين). فقد كانت المرّة الأولى عندما بطش بهم نبوخذ نصر وأجلاهم (وهو الجلاء الكبير الأول). وهذا باعترافهم كما تذكر التو راة (لأجل الخطايا التي خطئتم أمام الله يسوقكم نبوخذ نصر ملك بابل في الجلاء. هكذا يصنع بهم. إلى الجلاء إلى السبي يذهبون).(7)
وقيل أن الجلاء الأول كان على يد مو سى عندما أجلى بني إسر ا ئيل من مصر وأنقذهم من بطش فرعون بأمر الله لكي يعطيهم فرصة لعمل الصالحات ونبذ الغدر والجريمة وقد أشار القرآن إلى ذلك بقوله تعالى : (ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار).(😎
ولكن من خلال آيات القرآن الكريم فإن اليهو د أفسدوا في الأرض مرتين وبقي الإفساد الثالث الذي فيه نهايتهم : (وقضينا إلى بني إسر ا ئيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين).(9) فقد أفسدوا و تعرضوا للجلا ء مرتين والثالثة ستكون القاضية كما يقول تعالى (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا). (10)
و (الجلا ء الكبير الثالث) وهو وعد الآخرة ووبدأ بالترغيب والترهيب لهم، عندما قامت أوربا بإجلائهم منها ومن كافة أنحاء العالم نحو فلسطين لتأسيس مملكة الشر والجريمة من عام 1933 وحتى اليوم ، وستكون نهايتهم في هذا المكان وإن طال الزمان وهذا من الحتم وذلك لقوله تعالى (وقضينا).(11)
(وقضينا إلي بني إسر ا ئيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكره عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا *إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مره وليتبروا ما علوا تتبيرا).(12)
المصادر :
1- سفر إرميا35: 7ــ 10.
2- سفرصموئيل الثاني 11 :11.
3- سفر القضاة 6 : 4.
4- آل عمران آية : 112.و: سورة الأحزاب آية : 61.
5- سفر الملوك الأول 22 : 17.
6- سفر إرميا35: 7ــ 10.
7- سفر باروخ6: 1.و: سفر حزقيال 12: 11.
8- سورة الحشر آية : 3.
9- سورة الإسراء 4.
10- الإسراء آية : 6.
11- في قاموس المعاني (وقضى بمعنى: حكم، وكتب، وفرض، وألزم).
12- سورة الإسراء آية : 6.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat