اشارات قرآنية من كتاب الامام الباقر عليه السلام للشيخ القرشي (ح 4)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

وعن وجوب طاعة الامام يقول الشيخ باقر شريف القرشي في كتابه حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل:: وطاعة الامام واجب ديني اعلنه القرآن الكريم قال تعالى: "أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 159) وتظافرت الاخبار بذلك، روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (ذروة الأمر وسنامه، ومفتاحه، وباب الأشياء، ورضا الرحمن تبارك وتعالى، الطاعة للإمام بعد معرفته. ان الله تبارك وتعالى يقول: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً" (النساء 80)). ان في طاعة أئمة الهدى عليه السلام نظاما للدين واقامة للعدل لأنهم لا يأمرون إلا بالحق وبه يحكمون. وعن عظمة الامامة: ان للإمام كرامة عند الله ومنزلة لا يبلغها أي أحد من عباد، وقد تحدث عنها الامام أبو جعفر عليه السلام، قال عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفي: (ان الله اتخذ ابراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا، واتخذه نبيا قبل ان يتخذه رسولا، واتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، واتخذه خليلا قبل ان يتخذه اماما، فلما جمع له هذه الاشياء وقبض يده قال له: يا ابراهيم "إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً" (البقرة 124) فمن عظمها في عين ابراهيم قال: يا رب ومن ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين). ومعنى هذا الحديث ان الامامة ارقى منزلة عند الله لا يصل إليها الأنبياء والمرسلون، وقد خص الله بها خليله ابراهيم، وجعلها من مكملات ذاتياته المشرقة، وخص الله بها الأئمة الطاهرين من أهل البيت الذين هم سدنة الوحي، وأبواب الهداية والرحمة لهذه الأمة.
وعن الاشادة بالأئمة يقول الشيخ القرشي: واشاد الامام أبو جعفر عليه السلام في كثير من أحاديثه بالأئمة الطيبين وتحدث عن سمو منزلتهم، وكان من بين أحاديثه ما يلي: 1 ـ قال عليه السلام: (نحن ولاة أمر الله، وخزان علم الله، وورثة وحي الله، وحملة كتاب الله، طاعتنا فريضة، وحبنا إيمان، وبغضنا كفر، محبنا في الجنة، ومبغضنا فى النار). 2 ـ قال عليه السلام: (نحن جنب الله تعالى، نحن صفوة الله، نحن امناء الله، نحن مستودع مواريث الأنبياء، نحن حجج الله، نحن حبل الله المتين، نحن صراط الله المستقيم، قال الله تعالى: "وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ" (الانعام 153) نحن رحمة الله للمؤمنين، بنا يفتح الله وبنا يختم الله، من تمسك بنا نجا، ومن تخلف عنا غوى، نحن القادة الغر المحجلون ... من عرفنا، وعرف حقنا، وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا) 3 ـ قال عليه السلام: (نحن خزنة علم الله، ونحن ولاة أمر الله، بنا فتح الاسلام وبنا يختمه ومنا تعلموا، فو الله الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما علم الله في احد إلا فينا وما يدرك ما عند الله إلا بنا) 4 ـ قال عليه السلام: (نحن أهل بيت الرحمة، وشجرة النبوة، ومعدن الحكمة وموضع الملائكة، ومهبط الوحي) 5 ـ قال عليه السلام: (والله إنا لخزان الله في سمائه وأرضه لا على ذهب ولا على فضة إلا على علمه) 6 ـ قال عليه السلام: (نحن خزان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله، ونحن الحجة البالغة على من دون السماء، ومن فوق الأرض).
وعن علم الأئمة يقول الشيخ باقر شريف القرشي: وآمنت الشيعة منذ فجر تأريخها حتى يوم الناس هذا بأن أئمة أهل البيت عليهم السلام قد وهبهم الله العلم والحكمة وفصل الخطاب، كما وهب انبياءه ورسله، "ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ" (الجمعة 4). وقد اجمع المؤرخون والرواة على أن الأئمة عليه السلام كانوا يملكون طاقات هائلة من العلم لم يملكها أي أحد من الناس، وانهم قد فاقوا بمواهبهم وعبقرياتهم جميع العلماء الذين عاصروهم وجيرهم، وليس فى هذا الايمان، ولا في هذه الدعوى أية مؤاخذة بعد ما توفرت الأدلة على ذلك، ألم يذع سيد العترة وزعيمها الامام أمير المؤمنين عليه السلام من على منبر الكوفة قوله: (سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني عن طرق السماء فاني اعلم بها من طرق الأرض) ومعنى ذلك أن علومه ومعارفه قد تجاوزت شئون هذا الكوكب الذي يعيش عليه الانسان الى شئون الفضاء والمجرات وسائر الكواكب، وانه قد احاط علما بأسرار الكون، ودقائق الطبيعة. ألم يقل هذا العملاق العظيم: (لو ثنيت لي الوسادة لأفتيت أهل الانجيل بانجيلهم، وأهل الزبور بزبورهم، وأهل الفرقان بفرقانهم) وهذا يدل بوضوح على احاطته التامة بشئون جميع الشرائع والأديان، ووقوفه على ما في تلك الكتب السماوية من احكام. ألم يكن علي صاحب نهج البلاغة الذي هو أثرى كتاب عالمي عرفته الانسانية بعد القرآن الكريم. هذا هو زعيم العترة الطاهرة باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ووصيه الذي فاق جميع علماء الدنيا في مواهبه وعلومه، وعلى هذا الطراز من سعة العلم الذي لا يحد سائر الأئمة الطاهرين عليهم السلام فهذا الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام حينما نصبه المأمون ولي عهده، فاوعز الى جميع علماء الدنيا بالحضور الى خراسان لامتحان الامام واختباره ريثما يظهر عليه العجز فيتخذ ذلك وسيلة الى هدم مذهب التشيع وابطال ما ذهبت إليه الشيعة من أن الامام افضل اهل عصره، واعلم اهل زمانه، ولما اجتمع العلماء في خراسان أجزل لهم المأمون بالعطاء وندبهم الى مهمته، وكان المدون لمسائلهم علي بن عيسى، يقول وقد سئل الامام عن اربعة وعشرين الف مسألة، وقد دونتها، وتناولت علوما مختلفة من علم الفلك والنجوم والطب والفيزياء، والفلسفة وعلم الكلام وغيرها، وقد اجاب الامام عنها، وما التقى به وفد من العلماء، وخرج إلا وهو يقول بامامة الرضا، وعقب علي بن عيسى كلامه بقوله: (ومن قال ان الله خلق افضل من علي بن موسى فلا تصدقه).
ويستطرد الشيخ القرشي عن علم الأئمة في كتابه حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل قائلا: على أي حال فان علم الأئمة عليهم السلام كعلم الأنبياء من دون أن يكون اي فرق بينهما وقد عرض لذلك الامام أبو جعفر عليه السلام فقد قال لبعض شيعته: ما تقول الشيعة في علي وموسى وعيسى؟ جعلت فداك عن أي الحالات تسألني؟ اسألك عن العلم هو والله اعلم منهما. أليس يقولون: ان لعلي ما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من العلم؟ ـ ولكن لا يقدمون على أولي العزم من الرسل أحدا. فخاصمهم بكتاب الله. في أي موضع منه. يقول تعالى لموسى: "وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ" (الاعراف 145) وقال لعيسى: "وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ" (الزخرف 63) بينما قال لمحمد صلى الله عليه وآله وسلّم: "وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ" (النحل 89) كما قال في نفس الآية "وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ" (النحل 89). وقد تظافرت الاخبار ان علم الأئمة مستمد من علم جدهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم فقد ورّث صلى الله عليه وآله وسلّم علومه الى وصيه وباب مدينة علمه الامام أمير المؤمنين عليه السلام وقد ورثها من بعده الأئمة الطاهرون من ابنائه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat