صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

اشارات قرآنية من كتاب الامام الباقر عليه السلام للشيخ القرشي (ح 3)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كل مجموعة من حلقات هذه السلسلة تنشر في أحد المواقع.

جاء في کتاب حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل للشيخ باقر شريف القرشي: ويستمر الشيخ القرشي مستعرضا تفسير الامام الباقر: 6 ـ قوله تعالى: "تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها" (القمر 4) قال عليه السلام: (تنزل الملائكة والكتبة الى سماء الدنيا فيكتبون ما يكون في السنة من أمور ما يصيب العباد، والأمر عنده موقوف له فيه على المشيئة فيقدم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب). 7 ـ قوله تعالى: "فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ" (الشعراء 94) المراد من الآية أن الغاوين والقوى الكافرة يجمعون ويطرح بعضهم على بعض في النار قال الامام أبو جعفر عليه السلام (انها نزلت في قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ثم خالفوه الى غيره). 8 ـ قوله تعالى: "وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (البقرة 57) قال عليه السلام: في تفسيره للآية انه تعالى اعظم واعز واجل وأمنع من أن يظلم، ولكنه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته حيث يقول: "إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا" (المائدة 55) يعني الأئمة منا، ثم قال: في موضع آخر "وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (البقرة 57). 9 ـ قوله تعالى: "فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" (الانبياء 7). روى محمد بن مسلم قال: قلت: للإمام أبي جعفر إن من عندنا يزعمون أن المعنيين بالآية هم اليهود والنصارى؟ قال: إذا يدعونكم إلى دينهم، ثم اشار عليه السلام الى صدره فقال: نحن أهل الذكر ونحن المسئولون. 10 ـ قوله تعالى: "هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ" (الزمر 9) قال عليه السلام: (نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولو الالباب). 11 ـ قوله تعالى: "بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" (العنكبوت 49) فسر الامام أبو جعفر "الذين اوتوا العلم" بأئمة أهل البيت عليه السلام. وروى أبو بصير أن الامام أبا جعفر قرأ هذه الآية وأومأ بيده الى صدره. 12 ـ قوله تعالى: "يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ" (الاسراء 17) روى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية قال المسلمون: يا رسول الله ألست امام الناس كلهم أجمعين؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلّم: (أنا رسول الله الى الناس أجمعين، ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي يقومون في الناس فيكذبون، ويظلهم أئمة الكفر والضلال واشياعهم، فمن والاهم واتبعهم، وصدقهم فهو مني ومعي، وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني، ولا معي، وانا منه بريء).
ويستطرد الشيخ باقر شريف القرشي عن تفسير الامام الباقر قائلا: 13 ـ قوله تعالى: "ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ" (فاطر 32). وسأل سالم الامام أبا جعفر عن هذه الآية فقال عليه السلام: السابق بالخيرات الامام، والمقتصد العارف للإمام، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الامام وروى زياد بن المنذر عنه عليه السلام انه قال: اما الظالم لنفسه فمن عمل صالحا وآخر سيئا، واما المقتصد فهو المتعبد المجتهد واما السابق بالخيرات فعلي والحسن والحسين ومن قتل من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلّم شهيدا. 14 ـ قوله تعالى: "إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ" (الحجر 75) قال عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم المتوسم، وأنا من بعده والأئمة من ذريتي المتوسمون. 15 ـ قوله تعالى: "وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً" (الجن 16) قال عليه السلام: يعني لو استقاموا على ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام والاوصياء من ولده، وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لأسقيناهم ماء غدقا يعني اشربنا قلوبهم الايمان، والطريقة: هي الايمان بولاية علي والاوصياء. 16 ـ قوله تعالى: "قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ" (الرعد 43) سأل بريد بن معاوية الامام أبا جعفر عليه السلام عن المعنيين بقوله تعالى: ( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ )؟ فقال عليه السلام: ايانا عنى، وعلي اولنا، وافضلنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلّم. 17 ـ قوله تعالى: "فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً" (النساء 54) سأل بريد العجلي الامام أبا جعفر عليه السلام عن هذه الآية؟ فقال عليه السلام: جعل في آل ابراهيم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرونه في آل ابراهيم، وينكرونه في آل محمد صلى الله عليه وآله وسلّم؟ قال بريد: وما المراد "وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً" (النساء 54) قال: الملك العظيم ان جعل فيهم أئمة من اطاعهم اطاع الله ومن عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم. 18 ـ قوله تعالى: "وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي" (الحجر 29) سئل عليه السلام عن الروح فقال: هي القدرة. 19 ـ قوله تعالى: "لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ" (يوسف 24) قال عليه السلام: لجابر الجعفي ما يقول فقهاء العراق في هذه الآية؟ قال جابر: رأى يعقوب عاضا على ابهامه، فقال عليه السلام:، حدثني أبي عن جدي علي ابن أبي طالب ان البرهان الذي رآه انها حين همت به، وهمّ بها أي طمع فيها، فقامت الى صنم مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض خشية أن يراها أو استحياء منه، فقال لها يوسف: ما هذا؟ فقالت: الهي استحي منه أن يراني على هذه الصورة، فقال يوسف: تستحي من صنم لا ينفع ولا يضر، ولا يبصر، أفلا استحي أنا من الهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت، ثم قال: والله لا تنالين مني أبدا، فهو البرهان. هذه بعض الآيات التي فسرها الامام ابو جعفر عليه السلام وبها ينتهي بنا الحديث عن تفسيره للقرآن الكريم.
وعن عجز العقول عن ادراك حقيقة الله يقول الشيخ باقر شريف القرشي في كتابه حياة الإمام محمّد الباقر عليه السلام دراسة وتحليل: والشيء الذي لا جدال فيه ان الانسان بجميع ما يملك من طاقات فكرية فانه عاجز عن معرفة حقيقة الله، لأن العقول في جميع تصوراتها محدودة يقول الشافعي: (ان للعقل حدا ينتهي إليه كما ان للبصر حدا ينتهي إليه). ان جميع الاشياء التي يتوصل إليها حس الانسان لا بد ان توجد في مكان ويجري عليها الزمان، ولا يستطيع العقل ان يتخيل موجودات لا مكان لها أو اشياء لا يجري عليها الزمان، وذات الله تعالى يعجز العقل أن يدرك واقعها لأنه لا يجري عليها الزمان ولا المكان فانه تعالى هو الذي خلقهما، وبالاضافة الى ذلك فان في السكون أمورا كثيرة قد عجز العقل عن الاحاطة بكنهها، والتي منها الحقيقة الغيبية فان العقل لم يهتد الى معرفتها. ان ذات الله تعالى لا تدركها أوهام القلوب على مدى ما تحمل من سعة الخيال فضلا عن ادراكها بالعين الباصرة فان كلا منهما محدود بحسب الزمان والمكان، وقد أدلى بذلك الامام أبو جعفر عليه السلام حيث سئل عن قوله تعالى: "لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ، وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ" (الانعام 103) فقال عليه السلام: (أوهام القلوب ادق من ابصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك، وأوهام القلوب لا تدركه فكيف ابصار العيون؟) ان البصر ينقلب خاسئا وهو حسير في تصوره لذات الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة، يقول ابن أبي الحديد: فيك يا اعجوبة الكون * غدا الفكر عليلا كلما أقدم فكري * فيك شبرا فرّ ميلا أنت حيرت ذوي * اللب وبلبلت العقولا. إنه ليس هناك شيء ابعد من ادراك ذات الله تعالى فانها تمتنع على العقول وتعجز من ان تلم بأي جانب من جوانبها، وقد سأل عبد الرحمن ابن أبي النجران الامام أبا جعفر عن الله تعالى فقال: إني اتوهم شيئا، فقال عليه السلام له: (نعم غير معقول ولا محدود، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه، ولا يشبهه شيء، ولا تدركه الأوهام، وهو خلاف ما يعقل، وخلاف ما يتصور، إنما يتوهم شيء، غير معقول ولا محدود).
وعن الحاجة الى الامام يقول الشيخ القرشي: الامامة ضرورة من ضروريات الحياة الاسلامية، لا تستقيم شئون المجتمع من دونها وقد اجمع المسلمون على لزومها وضرورتها، وقد سأل جابر بن يزيد الجعفي الامام عليه السلام عن الحاجة الى النبي والامام، فقال عليه السلام: (لبقاء العالم على صلاحه، وذلك ان الله عز وجل يرفع العذاب عن هل الأرض اذا كان فيها نبي أو امام، قال الله عز وجل: "وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ" (الانفال 33) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: (النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الارض، فاذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون) يعني بأهل بيته الأئمة الذين قرن الله عز وجل طاعتهم بطاعته، فقال: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" (النساء 59) وهم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون، ولا يعصون، وهم المؤيدون الموفقون المسددون بهم يرزق الله عباده، وبهم تعمر بلاده، وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم تخرج بركات الأرض، وبهم يمهل أهل المعاصي، ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب، ولا تفارقهم روح القدس، ولا يفارقونه، لا يفارقون القرآن، ولا يفارقهم صلوات الله عليهم اجمعين). وحفل حديث الامام عليه السلام بضرورة الامامة لأنها تنشد صلاح العالم وتقيم اعوجاج الدين، كما اشاد بالأئمة الطاهرين من أهل البيت عليه السلام وانهم أمان لأهل الارض، وبهم يستدفع البلاء، وينزل الغيث وتخرج بركات الارض.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/01/16



كتابة تعليق لموضوع : اشارات قرآنية من كتاب الامام الباقر عليه السلام للشيخ القرشي (ح 3)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net