صفحة الكاتب : مسلم عباس

حرية التخويف
مسلم عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ارتدى الملياردير الأميركي إيلون ماسك سترة واقية من الرصاص، لم يكن وزيراً لدفاع الولايات المتحدة، ولم يرتديها لأنه جندي أميركي، إنه في زيارة إلى مستوطنات غلاف غزة للاطلاع على حجم الخراب الذي احدثته الهجمات الفلسطينية ضد المضطهدين الإسرائيليين، فقد ارتكبت حركة حماس والفصائل الفلسطينية مجازر مروعة لذبح الأطفال والنساء... لكن مهلاً هذا غير صحيح في أغلبه، وعليك الاستماع إلى الرواية المضادة لتعرف الحقيقة.

ما هي الرواية المضادة؟ ومن يتبناها؟ وأين تنشر؟ من الذي سمح بنشرها؟ بل علينا أن نسأل هل ما زالت بعض الدول لا تقبل بحرية الرأي والتعبير ونشر الاخبار؟

الرواية المضادة هي الرواية الفلسطينية للأحداث، وهي بسيطة وخالية من التعقيد، بعض الفلسطينيين الذي يتمتعون بترف شحن هواتفهم بالطاقة الكهربائية يقومون بتصوير مقاطع فيديو قصيرة وحقيقية للمذابح الإسرائيلية بحق أطفال ونساء الشعب الفلسطيني، وينشرونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ليس في جميع مواقع التواصل الاجتماعي لأن شركة فيس بوك وأخواتها تقيد المحتوى الفلسطيني حماية لمشاعر الاسرائيليين، ما ينشر للفلسطينيين تجده في موقع أكس فقط، والذي يملكه الملياردير الأميركي إيلون ماسك وهو ما أثار حفيظة جهات عدة، لا سيما وأن ماسك أبدى استعداده لتوفير خدمة الاتصالات لمنظمات الإغاثة المعترف بها دولياً في قطاع غزة المحاصرة إسرائيلياً وذلك بعد مطالبات له بتوفير الانترنت الفضائي عبر شركة ستارلنك للاتصالات.

أثارت حالة الحرية الممنوحة للمحتوى الفلسطيني على موقع أكس المسؤولين الإسرائيليين، ومعهم الأوروبيين والأميركييين، وانتظروا ماسك ليقع في خطأ بسيط ليتم تضخيمه وتوجيه ضربة قاضية ضده، ولأن الرجل غريب الأطوار فقد رد على منشور عبر منصة إكس يشير إلى نظرية مؤامرة تؤكد وجود خطة سرية لليهود لإحضار مهاجرين غير نظاميين إلى الولايات المتحدة لإضعاف هيمنة الغالبية البيضاء بالقول "لقد قلت الحقيقة الفعلية".

لم يكن تعليقاً بل قنبلة وكأن الجميع كان مستعداً للحرب ضد ماسك، إذ طلبت المفوضية الأوروبية من أجهزتها تعليق حملاتها الإعلانية على منصة التواصل الاجتماعي إكس، في الوقت الذي بدأت فيه شركات كبرى مقاطعة المنصة بسبب ما اعتبرته خطابا معاديا للسامية.

وفتحت المفوضية الأوروبية تحقيقا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي يستهدف هذه الشبكة الاجتماعية بتهمة نشرها "معلومات خاطئة" و"محتوى عنيفا وله طابع إرهابي" و"خطاب كراهية" في إشارة إلى المحتوى الفلسطيني الذي يكشف جزءاً بسيطاً من المجازر الإسرائيلية ضد أطفال ونساء غزة.

شركة "آي بي إم" الأميركية العملاقة للكمبيوتر علقت إعلاناتها على منصة إكس، بعد أن ثبت أن إعلانات الشركة موضوعة بجوار محتوى اعتبرته "معاديا للسامية"، وفي الغالب يكون هذا المحتوى فلسطينياً.

الضغوطات ضد ماسك لم تكن وليدة حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة، بل سبقتها لقاءات وتنبيها وتحذيرات، أبرزها لقاء رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مع ماسك في كاليفورنيا في 18 سبتمبر/أيلول الماضي وحثه على تحقيق "التوازن بين حماية حرية التعبير ومحاربة خطاب الكراهية" بعد أسابيع من الجدل بشأن مزاعم محتوى معادٍ للسامية على منصة إكس.

مشكلة ماسك أنه حاول خلق منصة مختلفة عن تويتر التي اشتراها وتورط بها، ومن بين محاولاته أن تكون المنصة مفتوحة للجميع، ساحة للأخبار والآراء يتبارى فيها الخصوم، ويفوز الأقوى حجة وليس الأقوى على فرض روايته بالقوة والعنف، لكنه في النهاية وجد نفسه معرضاً للانهيار، وقد يخسر كل ما يملك بسبب اجتماع الشركات الكبرى ومعها الدول الغربية للإطاحة به.

المثير للسخرية أن كل الدول الغربية الراعية للحرية وحقوق نشر المعلومات تتحالف فيما بينها، وتمنع نشر الإعلانات على منصة ذنبها الوحيد محاولتها السماح بحرية الرأي والتعبير.

لا توجد حرية تعبير، إنما هي حرية التخويف، وهو ما تمارسه إسرائيل وحلفائها ضد المحتوى الفلسطيني الذي يفضح حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مسلم عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/12/18



كتابة تعليق لموضوع : حرية التخويف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net