صفحة الكاتب : زاهر حسين العبدالله

حوارية (١٠٩) في الإسلام، لماذا يحب الله أن يرى مخلوقاته متذللين له؟
زاهر حسين العبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ✋الجواب بسمه تعالى

مقدمة: 

الذلة في اللغة هي : نقيض العزِّ، وأصل هذه المادة يدلُّ على الخُضوع، والاستكانة، واللِّين .وهذا ما يخص الناس بعضهم لبعض وهنا وقع الإشكال عند السائل بين أن تكون الذلة لله وبين أن تكون الذلة لمخلوق مثله .فهناك بون شاسع بل لا مقارنة بين الذلتين. فذلة العبد لعبد مثله اهانة وذلة العبد لربه رفعة ومكانة ومنزلة لا ينلها إلا المتقين. 

لأن الله سبحانه وتعالى غني مطلق فلا تنفعه طاعة عبده ولا تضره معصية عبده. بل هو يحب خلقه ويرحمهم فهو الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى. لذا هو يربيهم ويؤدبهم ويعلمهم على احترام النعمة كي لا تزول منهم وإذا شكروها بالتذلل والمسكنة أدام عليهم نعمه. فإن الله سبحانه وتعالى أرأف على عباده من الأم على وليدها. فالتذلل علامة من علامات الحب لله سبحانه كما قال تعالى { وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ (٧)}إبراهيم. فمن أحب ربه وذاب في عظيم ملكه وهام بجميل صنعه ،وجد لذة وحلاوة  خاصة لا يعرف هذه اللذة إلا إذا وقف في محراب العشق الإلهي صافاً قدميه بين يدي خالقه يرتل أجزاءً من القرآن الكريم يحزن به نفسه وتسفح دموعه من عظيم كرم الله عليه وجرأته على خالقه بالذنوب والمعاصي ولذا ورد في الدعاء (إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلا، ومن ذا الذي  آنس بقربك، فابتغى عنك حولا) وكذلك ( إلهي أنت كما أحب فاجعلني كما تحب إلهي أنت نعم الرب فاجعلني نعم العبد) وود ( إلهي عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك) وورد ( الهي هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنير ابصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق ابصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك، الهي واجعلني ممن ناديته فأجابك ولاحظته فصعق لجلالك، فناجيته سرا وعمل لك جهرا) (١)

 فأهل البيت عليهم السلام علمونا كنوزاً من الدعاء والمناجاة والتذلل والخضوع بسبب حبهم وتعلق قلوبهم بالله سبحانه. فذكرو لنا أحاديث تعزز روح المحبة لله سبحانه كما ورد في الرواية 

فيما أوحى الله تعالى إلى داود (عليه السلام) -: يا داود أبلغ أهل أرضي أني حبيب من أحبني، وجليس من جالسني، ومؤنس لمن أنس بذكري، وصاحب لمن صاحبني، ومختار لمن اختارني، ومطيع لمن أطاعني، ما أحبني أحد أعلم ذلك يقينا من قلبه إلا قبلته لنفسي، [وأحببته حبا] لا يتقدمه أحد من خلقي، من طلبني بالحق وجدني، ومن طلب غيري لم يجدني. فارفضوا - يا أهل الأرض - ما أنتم عليه من غرورها، وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي ومؤانستي، وأنسوا بي أؤانسكم، وأسارع إلى محبتكم.  (٢)

فإذا نجح العبد في محبة الله سبحانه وتعلق قلبه الواله به سبحانه وفقه لأمور عجيبة يستر قلبه ورحه لها . ومن سُلب التوفيق حذره وخوفه من عقوبته لا لحاجة منه سبحانه إلى ذلك ولكن شفقة على عبده كي لا يقع في يبغضه الله سبحانه من الأفعال والأقوال بسبب ما كسبت يداه . كما ورد في الرواية عن 

الصادق عليه السلام 

(إذا أحب الله تعالى عبداً ألهمه الطاعة، وألزمه القناعة، وفقهه في الدين، وقواه باليقين، فاكتفى بالكفاف، واكتسى بالعفاف، وإذا أبغض الله عبداً حبب إليه المال، وبسط له الآمال، وألهمه دنياه، ووكله إلى هواه، فركب العناد، وبسط الفساد، وظلم العباد. ) (٣) 

 

نكتفي بهذا القدر نسأل من الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن أحبه من الله سبحانه وليس ممن أبغضه فنخسر الدنيا والآخرة والحمد لله رب العالمين. 

المصادر

(1)         إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس - ج٣.

(2)         ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٥٠٨. 

(3)         ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٥٠٨.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زاهر حسين العبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/12/09



كتابة تعليق لموضوع : حوارية (١٠٩) في الإسلام، لماذا يحب الله أن يرى مخلوقاته متذللين له؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net