صفحة الكاتب : عبد العزيز ال زايد

لماذا نغفل عن السجود؟!
عبد العزيز ال زايد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

استنكف أحد زعماء قريش الدخول في الإسلام، وكان من اعتراضاته أنّه يأبى أن يُمَرغ أنفه الشامخ في التراب ويرفع عجيزته للأعلى في وضع السجود، إنّه الاستعلاء والأنفة، إنّه الاستكبار والزهو، صحيح أنّ الخضوع لغير الله مذلة، إلا أنّ العز كلّ العز، في التذلل إليه لنيل رضاه، وإنّ أقرب القُرْب منه في لحظات السجود، فهل تذوقنا لذة سجدة؟، هل شممنا عرف خضوع؟، طرد عدو الله إبليس من الجنّة بسبب رفض السجود، بينما المسلم يستسلم ويطيع لخالقه في عدة سجدات متواليات في كلّ يوم وليلة، فهل أدركنا هذا القرب؟، واستشعرنا هذه النعمة التي نرتع فيها؟، هل جربنا طلب الحاجات منه تبارك اسمه في وضع السجود؟

في زمن الماديات من المهم أن نشير إلى ضرورة تحقيق سجدة القرب، قبل أن تبلغ الروح التراق، لعل سجدة إخلاص واحدة تنفع يوم لا ينفع شيء، هل تأملنا آية من سورة القلم، يقول فيها تبارك اسمه: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ)، إنّها حسرة إيما حسرة، لن يتمكن البعض من تأدية سجدة واحدة في ذلك اليوم العظيم، فلما لا نجرب اليوم ونتقرب؟!

كثيرون يشتكون ويتبرمون أنّ دعاءهم لا يستجاب، والسؤال الصريح: هل كان عرض الطلب وإيراد المطلب في أُكْنَة السجود؟، أم كان الاستنكاف ديدن وعدوى متوارثة من إبليس؟، ثم لماذا لا نستحضر أحقية الخالق لهذا الخضوع؟، لا على سبيل خوف ولا لنيل رجاء، إنما من أجل الاستحقاق والمحبة. ورد أنّ أبي فراس ربيعة بن كعب الأسلمي (خادم النبي) سأل النبي مرافقته في الجنّة، فقال له النبي: "فأعني على نفسك بكثرة السجود"، هل تأملنا سر هذا الأثر، وكنوز ما نطوى عليه الخبر؟، لا يغفل اللبيب الأريب عن إدراك الجوهر من فحوى ما يحمله المصدر، فلو قيل لذي لب كذبًا وزورًا أنّ هذا الزر يُفتَح لك به كنوز إرم ذات العماد، لجرب الحصيف العاقل ضغط الزر رغم علمه بتواطئ الرواة على الكذب، كيف إذا كان المعتقد أنّ القائل هو الصادق الأمين، الذي لا ينطق عن الهوى، ألا يحمل ما قاله على صدق المدعى في الإشارة لأهمية السجود؛ لبلوغ المقام المحمود، في تسنم الوسيلة ذات الدرجة العالية الرفيعة في جنّة الفردوس؟، ألا يستحق منا الأمر ضرب القداح بالتجريب؟، كيف وقد ورد: "أقربُ ما يَكونُ العبدُ من ربِّهِ، وَهوَ ساجدٌ، فأَكْثروا الدُّعاءَ".

في الختام نقول إنّ لكل عبادة شائبة، منها شائبة الرياء والفِخَار، فلماذا لا نجرب اكتناه "سجدة السر"؟، في ليلة سوداء بظلمة دهماء، بعيدًا عن لحظ العيون، ليكن السجود سجود قلب، سجود قرب، سجود إخلاص، ألم يرد في الأثر أنّ النبي يسجد في يوم القيامة من أجل الشفاعة، فيأتيه الخطاب: "يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع"، فيقول: "يا رب أمتي، أمتي"، ألا يقودنا التأمل لبلوغ مكانة السجدة؟، هناك من العباد من عشقه السجود، حتى ظهرت على محياهم الثكنات الغر في الجباة، فإلى كل من طلب بلوغ الفتح، أي فتح، تأمل آخر آية من سورة الفتح، حيث يقول تبارك اسمه فيها: "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ"، ألا يقودنا ذلك لتجربة هذا السر الأعظم؟، فلماذا

نغفل عن السجود؟!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد العزيز ال زايد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/12/08



كتابة تعليق لموضوع : لماذا نغفل عن السجود؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net