تقرير أمريكي: استقرار العراق “على المحك” مع تصاعد الحرب في غزة

حذر تقرير أمريكي من أن استقرار العراق وحالة الهدوء النسبي التي عاشها منذ أكثر من عام مهددة بسبب تداعيات تصاعد الحرب في غزة والمخاوف من اتساع رقعة المواجهة، مشيراً إلى صعوبة دور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في تحقيق التوازن في العلاقات مع كل من الولايات المتحدة والفصائل العراقية المسلحة.

واعتبر معهد “المجلس الأطلسي” الأمريكي، أن العوامل الجيوسياسية والمحلية تتلاقى في العراق الذي يواجه تحدي تحقيق التوازن العالي المخاطر، بتحمل عواقب علاقته مع الولايات المتحدة وبين الاستقرار الإقليمي، محذرا من ان العراق على مفترق طرق في قلب الشرق الأوسط في ظل الديناميكيات المعقدة للصراع بين إسرائيل وحركة حماس.

عداء تاريخي بين العراق و”إسرائيل”
وبعدما أشار التقرير الأمريكي الذي ترجمه موقع شفق نيوز، الى ان العراق يحاول أن يبحر عبر العلاقات المعقدة ما بين ميليشياته الشيعية وبين الولايات المتحدة، ذكر بأن العراق هو الدولة العربية الوحيدة التي رفضت التوقيع على اتفاقية هدنة مع اسرائيل منذ الحرب العربية الإسرائيلية في العام 1948، وهو ما يعني ان العراق تقنيا، في حالة حرب مع اسرائيل، وهو بمثابة عداء تاريخي يؤثر بشكل كبير على موقفه في الحرب الجارية حاليا.

ولفت التقرير الى ان العراق يرفض الاعتراف باسرائيل كدولة، واصدر بالاضافة الى ذلك، قوانين تجرم اي علاقات مع هذه الدولة، مشيرا الى ان هذا العداء الطويل يشكل الخلفية التي تتم من خلالها صياغة موقف العراق الحالي بشأن الحرب بين حماس واسرائيل.

موقف العراق من القضية الفلسطينية
وتحدث التقرير عن موقف العراق منذ هجوم 7 اكتوبر/تشرين الاول الماضي، حيث ان الموقف الرسمي للحكومة يتمحور حول الجهود الدبلوماسية لانهاء الصراع، والدعوة الى اقامة دولة فلسطينية، وفتح ممرات إنسانية لسكان غزة،

كما ذكر التقرير ببيان الحكومة العراقية في اليوم الاول للحرب حيث اكدت على التزامها بالقضية الفلسطينية، ومحملة اسرائيل مسؤولية عواقب الهجوم باعتبار انه “نتيجة طبيعية للقمع الممنهج الذي يتعرض له الفلسطينيون منذ زمن طويل على يد سلطة الاحتلال الصهيونية”.

وبالاضافة الى ذلك، فان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قام بخطوات دبلوماسية مهمة من خلال إجراء مكالمات هاتفية مع الزعماء العرب والاقليميين، وتلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس الامريكي جو بايدن في 16 تشرين الاول/اكتوبر، وهو ما يعكس ادراك واشنطن لتأثير الصراع في غزة على المنطقة بأكملها وعلى دور العراق.

تهديدات الفصائل العراقية
واشار التقرير الى التوترات بين الولايات المتحدة والعديد من الجماعات العراقية المسلحة والمتحالفة مع ايران، والمنخرطة في صلب العملية السياسية، والتي شارك العديد منها في هجمات على المصالح الامركية في العراق وسوريا خلال الاعوام ال7 الماضية، مما يؤثر على استقرار العراق.

وقال التقرير انه منذ تولي السوداني رئاسة الحكومة تراجعت هذه التوترات بشكل ملحوظ، لاسباب من بينها اصطفاف غالبية هذه الجماعات مع تحالف السوداني لتشكيل حكومة، مما كان يتطلب هدنة مؤقتة مع الولايات المتحدة.

الا ان التقرير قال ان الصراع في غزة يفاقم من تعقيد علاقة العراق مع الولايات المتحدة، خصوصا ان الجماعات المسلحة استأنفت الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على المصالح الأمريكية في العراق.

مضيفا انه من المتوقع ان يتفاقم هذا التهديد طالما تواصلت حرب اسرائيل وحماس، في حين ان العديد من قادة الفصائل العراقية بما في ذلك شخصيات بارزة مثل هادي العامري وجماعات مثل كتائب حزب الله، اصدروا بيانات تشيد بهجوم حماس وهددوا المصالح الأمريكية في العراق في حال تدخلت واشنطن لصالح اسرائيل.

والى جانب هؤلاء، قال التقرير ان رجل الدين المؤثر السيد مقتدى الصدر دعا الحكومة الى إنهاء المهمة الامريكية في العراق رسميا وإغلاق السفارة، الا انه رفض اللجوء الى العنف ضد الدبلوماسيين الامريكيين، كما حذر من انه يبحث في اتخاذ إجراءات اخرى في حال لم تستجب الحكومة العراقية لمطالبه.

وبرغم ان التقرير اعتبر ان هذه المواقف مرتبطة جزئياً بالتنافس الداخلي، ما بين المعسكرات الموالية لإيران وبين كتلة الصدر، الا انه اكد ان القضية الفلسطينية تظل موضوعا حساسا وشعبيا، وتحظى بدعم معظم الشخصيات السياسية.

أهمية العلاقات العراقية الأمريكية
واعتبر التقرير ان من الامثلة التي تسلط الضوء على اهمية العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق، ان واشنطن تظل شريكا حاسما للعراق في الحرب ضد تنظيم داعش، كما ان الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير على علاقاته مع الولايات المتحدة، اذ يعتمد البنك المركزي العراقي على سياسات الاحتياطي الفيدرالي الامريكي من اجل ان يستحصل على احتياطه من العملات الاجنبية البالغ 100 مليار دولار.

كما ذكر التقرير بوجود عنصر آخر يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار وهو المتعلق بكيفية منح واشنطن العراق، اعفاءات محددة من العقوبات من اجل قطاع الكهرباء وسمحت له بالقيام بعلاقات تجارية مع طهران، على الرغم من العقوبات الامريكية على ايران.

استقرار العراق على المحك
وفي اطار كل ذلك، قال التقرير ان زيارة وزير الخارجية الامريكي انطوني بلينكن الى بغداد في 5 تشرين الثاني/نوفمبر تعكس اهمية كبيرة لان العراق تأثر وسيظل متأثرا بحرب غزة.

مشيرا الى ان العراق يعتبر الدولة الوحيدة في المنطقة التي تستضيف الالاف من الجنود الامريكيين والجماعات المسلحة المعارضة للولايات المتحدة والموالية لايران تاريخيا، وهو ما يؤكد على صورة دور العراق الاستثنائي وغير المستقر في المشهد الجيوسياسي الاوسع.

السوداني في “مأزق صعب”
وبعدما ذكر التقرير ان السوداني يواجه مأزقا صعبا، اوضح انه يتحتم عليه تحقيق توازن دقيق بين مصالح الولايات المتحدة والجماعات المسلحة التي تعمل كشركاء داخل حكومته بينما تحظى بنفوذ سياسي كبير عليها.

مضيفا ان تقاعس السوداني عن تلبية مطالب مختلف الاطراف الفاعلة داخل العراق، لا يعد خيارا.

ورأى التقرير ان تقاعسا كهذا قد يؤدي الى اقالته من منصبه، مما سيخلق عدم استقرار سياسي وامني في البلد ويفاقم من تعقيد الوضع الهش، وهو ما يشكل خطرا على العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق والشرق الاوسط الاوسع، حيث يصبح من الصعب على السوداني ان ينجح في تحقيق التوازن بين مطالب الميليشيات التي تتمتع بالتأثير، مع الحفاظ في الوقت نفسه على العلاقة مع الولايات المتحدة.

ولفت التقرير الى ان السوداني يدرك قيمة العلاقات مع الولايات المتحدة ولهذا فانه عبر عن دعمه لاستمرار وجود القوات الامريكية في العراق.

لكن التقرير ختم بالقول انه مع تصاعد الحرب في غزة، فان السوداني قد يفقد السيطرة ويتعرض لضغوط هائلة من داخل ائتلافه ومن منافسيه مثل الصدر، مضيفا انه في ظل هذه البيئة الحافلة بالمخاطر، فان الحل الدبلوماسي السلمي يبقى هو الاسلوب الاكثر حكمة لتجنب المزيد من الاضطرابات وتمدد الصراع الى المنطقة الاوسع.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/11/10



كتابة تعليق لموضوع : تقرير أمريكي: استقرار العراق “على المحك” مع تصاعد الحرب في غزة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net