صفحة الكاتب : زاهر حسين العبدالله

قوة في عمق الألم
زاهر حسين العبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال تعالى {ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤)} الروم .

مقدمة :

المتأمل في واقع الحياة اليوم يجد نفسه أمام طوفان من المعارف والعلوم والتطور بالمقابل طوفان من الشهوات والملذات والرغبات ومشاريع التفاهة وانتشار الفساد الأخلاقي والقيمي، وفوق كل ذلك الحروب والصراعات التي تسفك فيها الدماء وتشرد فيها الإيماء والأطفال والكبار والصغار. فصار الإنسان في بحر متلاطم بين مختلف مصاعب الحياة. فيشعر الإنسان بغربة شديدة وبألم شديد لا يعرف أين مصيره وإلى ما ينتهي أمره وكيف يتعامل مع هذا الواقع المرير من جهة ويستفيد منه من جهة فالعاقل الحكيم من يخلق من عمق الألم الأمل وقوة التفوق، إذا أدرك إمكاناته وقدراته واستفادته من كل الإمكانات المتاحة في تطوير ذاته لخدمة دينه ووطنه ومجتمعه. وهنا سنقف على أبرز نقاط القوة التي يولدها الألم والحرمان الضعف والمرض والغربة والشهوات والرغبات على شكل نقاط

 

١-الألم والضعف والحرمان والضيق أمور إذا علم الإنسان كيف يستغلها بشكل جيد خرج منها قوياً من عدة نواح فأن إيمانه يزداد وعلمه يكثر وفكره ينضج وصلابته في المواقف تقوى. إن الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا دار بلاء وامتحان فالمغرور من غرته والشقي من فتنته. نجد ذلك في قوله تعالى

{أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢)} العنكبوت.

فمتى علم الإنسان هذه الحقيقة كان مدركاً لمن حوله قارئا ذكيا لما يدور حوله وبالتالي تكون عنده ملكة التصرف الحكيم الذي يملك أدوات الإصلاح في المرحلة التي يعيشها .

٢- لا يمكن أن يذوق الإنسان طعم السعادة ما لم يذق طعم الحزن . ولا يمكن أن يذوق طعم الراحة إذا لم يذق طع التعب والكد و الهم والغم. ولا يمكن أن يذوق الإنسان طعم الصحة إذا لم يذق ألم السقم في بدنه وهكذا فكل نعمه لا تدرك ولا يشعر الإنسان بأهميتها ما لم يُختبر بحرمانها منه فأعظم نعم الله سبحانه وكلها عظيمة ولكن ما يلامسها الإنسان الفطري هي الصحة والأمان والرزق .

 

٣-الألم يفتح آفاق إيمانية لمن يحسن الاستفادة منها . فهي فرصة لمراجعة النفس ومحاسبتها وإعادة حساباتها والإستيقاظ من الغفلة والتفكير في تغير الواقع الذي يعيشه ولكن كل ذلك مرهون بذات الإنسان نفسه كما قال تعالى { ..إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ ..(١١)}الرعد .

 

٤- الوصول إلى الدرجات العلا في الدين والدنيا إذا حول الإنسان الألم إلى التكامل المعرفي الديني والأخلاقي والقيمي والفكري فإذا رأى الفساد من حوله وادرك فساده كان ادعى له أن يجتنبه ويدعو الناس لتركه وليس السكوت عنه. ثم وضع البرامج البديلة لتغييره وقد أشارت بعض الروايات لذلك كما في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [ من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان] وروي عن سيد الموحدين علي عليه السلام [إذا رأى أحدكم المنكر ولم يستطع أن ينكره بيده ولسانه وأنكره بقلبه، وعلم الله صدق ذلك منه، فقد أنكره]

ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ١٩٥٠.

 

٥- من أدرك عمق الألم أدرك قوة الله سبحانه وتعالى وقاهريته وهيمنته على كل خلقه. فهو الذي قهر عباده بالموت الفناء وهو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض إذا أدرك ذلك بكل جوارحه وجوانحه وكل صور التجلي والتخلي يجد نفسه يزداد حباً لله وخشية منه وإيماناً به فتتوازن شخصيته ويرجح عقله ويزداد صلابة في إيمانه وثباتاً في موقفه. والحمد الله لله رب العالمين .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زاهر حسين العبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/11/06



كتابة تعليق لموضوع : قوة في عمق الألم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net