مفهوم الأرض المقدسة في القرآن الكريم (ح 4)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً" (الاسراء 104) المراد بالأرض التي أمروا أن يسكنوها هي الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم بشهادة قوله "ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُم" (المائدة 21)، وغير ذلك كما أن المراد بالأرض في الآية السابقة مطلق الأرض أو أرض مصر بشهادة السياق. وقوله "فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ" (الاسراء 104) أي وعد الكرة الآخرة أو الحياة الآخرة والمراد به على ما ذكره المفسرون يوم القيامة، وقوله "جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً" (الاسراء 104) أي مجموعا ملفوفا بعضكم ببعض. والمعنى : وقلنا من بعد غرق فرعون لبني إسرائيل اسكنوا الأرض المقدسة وكان فرعون يريد أن يستفزهم من الأرض فإذا كان يوم القيامة جئنا بكم ملتفين مجتمعين للحساب وفصل القضاء. وليس ببعيد أن يكون المراد بوعد الآخرة ما ذكره الله سبحانه في أول السورة فيما قضى إلى بني إسرائيل بقوله : "فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً" (الاسراء 7) وإن لم يذكره جمهور المفسرين فينعطف بذلك ذيل الكلام في السورة إلى صدره، ويكون المراد أنا أمرناهم بعد غرق فرعون أن اسكنوا الأرض المقدسة التي كان يمنعكم منها فرعون والبثوا فيها حتى إذا جاء وعد الآخرة التي يلتف بكم فيها البلاء بالقتل والأسر والجلاء جمعناكم منها وجئنا بكم لفيفا، وذلك إسارتهم وإجلاؤهم إلى بابل.
جاء في الموسوعة الحرة ويكبيديا عن الأراضي المقدسة: أو الديار المقدسة هو مصطلح مستخدم في الديانتين المسيحية واليهودية للإشارة إلى الأماكن المقدسة في فلسطين وخاصًة القدس وبيت لحم والناصرة، ولكن أيضًا كثيرًا ما يستخدم تاريخيًا اسم كنعان للإشارة إلى الشام ككل. في الإسلام، مصطلح الأراضي المقدسة لا يشير بالضرورة إلى الشام، وإنما إلى الحجاز الذي يضم المدينتين المقدستين مكة والمدينة. المصطلح تقليديًا، هو مرادف لكل من أرض إسرائيل التوراتية وفلسطين التاريخية. ويشير المصطلح عادةً إلى إقليم مطابق تقريبًا لدولة إسرائيل الحديثة والأراضي الفلسطينية وغرب الأردن وأجزاء من جنوب لبنان وجنوب غرب سوريا. تعتبر هذه المناطق مقدسة لكل من اليهود والمسيحيين والمسلمين. جزء من أهمية الأرض ينبع من الأهمية الدينية للقدس، فهي أقدس مدينة في الديانة اليهودية، وهي المنطقة التاريخية لرسالة يسوع، وموقع الإسراء والمعراج في الدين الإسلامي. كانت قداسة الأرض بالنسبة لأتباع الديانة المسيحية جزءًا من دوافع الحملات الصليبية المعلنة، حيث سعى المسيحيون الأوروبيون إلى استعادة الأرض المقدسة من المسلمين، والذين كانوا قد احتلوها من الإمبراطورية البيزنطية المسيحية. ولطالما كانت العديد من المواقع في الأراضي المقدسة وجهات حج لأتباع الديانات الإبراهيمية، بما في ذلك اليهود والمسيحيون والمسلمون والبهائيون. يزور الحجاج الأرض المقدسة للمس ورؤية المظاهر المادية لإيمانهم، وتأكيد معتقداتهم في السياق المقدس مع الإثارة الجماعية، والإتصال الشخصي بالأرض المقدسة. يذكر مصطلح الأرض المقدسة في القرآن في مقطع فيه يعلن موسى يعلن لبنو إسرائيل "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ" (المائدة 21)، ويشير القرآن أيضاً إلى هذه الأرض بأنها (مُباركة). القدس هي ثالث أقدس الأماكن عند المسلمين بعد مكة والمدينة المنورة، وكانت تمثّل قبلة الصلاة الإسلامية طيلة ما يُقارب من سنة، قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة في مكة. وقد أصبحت القدس مدينة ذات أهميّة دينية عند المسلمين بعد أن أسرى الملاك جبريل بالنبي محمد إليها، وفق المعتقد الإسلامي، قرابة سنة 620 حيث عرج من الصخرة المقدسة إلى السموات العلى حيث قابل جميع الأنبياء والرسل الذين سبقوه وتلقّى من الله تعاليم الصلاة وكيفية أدائها. تنص سورة الإسراء أن محمدًا أُسري به من المسجد الحرام إلى "المسجد الأقصى": "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (الاسراء 1) وقد أجمع المفسرون على أن المقصود بالمسجد الأقصى مدينة القدس ذاتها، وسُميت الأقصى لبعد المسافة بينها وبين المسجد الحرام، إذ لم يكن حين إذن فيها المسجد الأقصى الحالي. يقع اليوم معلمين إسلاميين في الموقع الذي عرج منه محمد إلى السماء، وهما قبة الصخرة التي تحوي الصخرة المقدسة، والمسجد الأقصى الذي بُني خلال العهد الأموي. ومما يجعل من القدس مدينة مهمة في الإسلام أيضًا، أن عددًا كبيرًا من الأنبياء والصالحين الذين يتشارك المسلمون وأهل الكتاب عمومًا بالإيمان بهم، مع اختلاف النظرة إليهم، حيث يعتبر المسلمون واليهود أن عدد منهم أنبياء أو رسل بينما ينظر المسيحيون إليهم بصفتهم قديسين، قطنوا المدينة عبر التاريخ أو عبروها، ومنهم داود وسليمان وزكريا ويحيى والمسيح عيسى بن مريم، وكذلك لذكر المدينة في القرآن بأنها وما حولها أراض مباركة شكّلت قبلة للأنبياء ومهبطًا للملائكة والوحي وأن الناس يُحشرون فيها يوم القيامة.
جاء في موقع الألوكة عن ورقات حول الأرض المقدسة: ما خصائص بيت المقدس والأرض المقدسة؟ للكاتب رضوان سعداوي: الأرض المقدسة والأقصى مهاجر الأنبياء ومقرهم: قال تعالى: "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ" (المائدة 21). قال جل ذكره: "وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ" (الانبياء 71). قال عز من قائل: "وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ" (الانبياء 81). قال الملك الحق المبين: "وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ" (سبأ 18). المسجد الأقصى ذُكر بأنه مبارك، مصداقًا لقوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (الاسراء 1). فضل الصلاة في المسجد الأقصى، مسجد بيت المقدس: الصلاة في المسجد الأقصى تعدل 500 صلاة فيما سواه من المساجد، غير المسجد النبوي، والمسجد الحرام. عن أبي الدرداء؛ قال عليه الصلاة والسلام: (فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة). وعن أبي الدرداء وجابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي هذا ألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة). أنه مسرى النبي العدنان عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: قال تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى" (الاسراء 1). عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتيت البراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء، قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت، إلى آخر الحديث).
جاء في موقع الدكتور منصور العبادي عن فلسطين هي الأرض المقدسة والمباركة: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها: ودخل بني إسرائيل الأرض المقدسة بقيادة يوشع بن نون بعد هزيمة الجبارين في معركة وقعت في مدينة أريحا التي تقع غرب نهر الأردن وشرقي القدس وذلك في عام 1130 قبل الميلاد على أغلب الأقوال. وأسكن يوشع بن نون تسعة أسباط ونصف سبط في مناطق مختلفة من فلسطين وسبطين ونصف سبط في مادبا والسلط وإربد شرقي الأردن "مَشَارِقَ الْأَرْضِ" كما جاء في قوله تعالى "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ" (الأعراف 137). وبعد موت يوشع بن نون عليه السلام تم دفنه في مدينة السلط وقد بنى الخلفاء العثمانيون مسجدا على هذا المقام والذي تم تجديده. وكان يحكم كل سبط من اليهود رجل منهم يسمى قاضيا ولذلك سميت تلك الفترة بعهد القضاة والتي امتدت لمائة عام تقريبا. وخلال هذه الفترة لم يكن لليهود ملكا حقيقيا على فلسطين فقد سلط الله عليهم الأمم التي من حولهم وهم العمونيون والأدوميون والعمالقة والفلسطينيون والآراميون وذلك بسبب عودتهم للكفر وعبادة الأصنام بعد موت يوشع بن نون عليه السلام. إن سماح الله سبحانه وتعالى لليهود بدخول الأرض المقدسة ليس بسبب صلاحهم رغم وجود الأنبياء فيهم بل لأمر قد قدره الله سبحانه وتعالى كما جاء ذلك في سفر التثنية الإصحاح التاسع ما نصه (1 اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ، أَنْتَ الْيَوْمَ عَابِرٌ الأُرْدُنَّ لِكَيْ تَدْخُلَ وَتَمْتَلِكَ شُعُوبًا أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْكَ، وَمُدُنًا عَظِيمَةً وَمُحَصَّنَةً إِلَى السَّمَاءِ. 2قَوْمًا عِظَامًا وَطِوَالاً، بَنِي عَنَاقَ الَّذِينَ عَرَفْتَهُمْ وَسَمِعْتَ: مَنْ يَقِفُ فِي وَجْهِ بَنِي عَنَاقَ؟ 3فَاعْلَمِ الْيَوْمَ أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ الْعَابِرُ أَمَامَكَ نَارًا آكِلَةً. هُوَ يُبِيدُهُمْ وَيُذِلُّهُمْ أَمَامَكَ، فَتَطْرُدُهُمْ وَتُهْلِكُهُمْ سَرِيعًا كَمَا كَلَّمَكَ الرَّبُّ. 4لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ حِينَ يَنْفِيهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ قَائِلاً: لأَجْلِ بِرِّي أَدْخَلَنِي الرَّبُّ لأَمْتَلِكَ هذِهِ الأَرْضَ. وَلأَجْلِ إِثْمِ هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِكَ. 5لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ وَعَدَالَةِ قَلْبِكَ تَدْخُلُ لِتَمْتَلِكَ أَرْضَهُمْ، بَلْ لأَجْلِ إِثْمِ أُولئِكَ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَلِكَيْ يَفِيَ بِالْكَلاَمِ الَّذِي أَقْسَمَ الرَّبُّ عَلَيْهِ لآبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. 6فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هذِهِ الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ لِتَمْتَلِكَهَا، لأَنَّكَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat