علاقتها بجدها المصطفى من كتاب زينب الكبرى للشيخ النقدي (ح 6)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

وعن اسم فضة يقول الشيخ جعفر النقدي في كتابه زينب الكبرى: فضة هي جارية الزهراء عليهاالسّلام اشتراها لها أمير المؤمنين عليه السّلام، قيل انها كانت من بنات الملوك ملك الهند، كما قال البرسي او ملك الحبشة كما قال غيره، كانت عندها ذخيرة من الاكسير صنعت النحاس ذهبا فأرته لامير المؤمنين عليه السّلام فأراها عليه السّلام كنوز الارض، ثم قال يا فضة انا ما خلقنا لهذا، و في البحار عن ابي القاسم القشيري في كتابه قال بعضهم انقطعت عن الطريق في البادية عن القافلة فوجدت امرأة فقلت لها من أنت فقالت "وَ قُلْ سَلاََمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ" (الزخرف 89) فسلمت عليها و قلت ما تصنعين هاهنا قالت "من يهدي اللّه فلا مضل له" (الاعراف 178) فقلت أمن الجن أنت أم من الانس قالت "يََا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ" (الاعراف 31) فقلت من اين اقبلت فقالت "يُنََادَوْنَ مِنْ مَكََانٍ بَعِيدٍ" (فصلت 44) قلت أين تقصدين قالت "وَ لِلََّهِ عَلَى اَلنََّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ" (ال عمران 97) فقلت متى انقطعت عن القافلة قالت "وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلسَّمََاوََاتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ مََا بَيْنَهُمََا فِي سِتَّةِ أَيََّامٍ" (ق 38) فقلت أتشتهين طعاما فقالت "وَ مََا جَعَلْنََاهُمْ جَسَداً لاََ يَأْكُلُونَ اَلطَّعََامَ" (الانبياء 8) فاطعمتها ثم قلت هر ولي و استعجلي قالت "لاََ يُكَلِّفُ اَللََّهُ نَفْساً إِلاََّ وُسْعَهََا" (البقرة 286) فقلت أردفك فقالت "لَوْ كََانَ فِيهِمََا آلِهَةٌ إِلاَّ اَللََّهُ لَفَسَدَتََا" (الانبياء 22) فنزلت فأركبتها فقالت "سُبْحََانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنََا هََذََا" (الزخرف 13) فلما أدركنا القافلة قلت ألك أحد فيها قالت "يََا دََاوُدُ إِنََّا جَعَلْنََاكَ خَلِيفَةً فِي اَلْأَرْضِ" (ص 26) ، "وَ مََا مُحَمَّدٌ إِلاََّ رَسُولٌ" (ال عمران 144) ، "يََا يَحْيىََ خُذِ اَلْكِتََابَ" (مريم 12) ، "يََا مُوسىََ إِنِّي أَنَا اَللََّهُ" (طه 11) فصحت بهذه الاسماء فاذا انا باربعة شباب متوجهين نحوها فقلت من هؤلاء منك قالت "اَلْمََالُ وَ اَلْبَنُونَ زِينَةُ اَلْحَيََاةِ اَلدُّنْيََا" (الكهف 46) فلما أتوها قالت "يََا أَبَتِ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اِسْتَأْجَرْتَ اَلْقَوِيُّ اَلْأَمِينُ" (القصص 26) فكافوني باشياء فقالت "وَ اَللََّهُ يُضََاعِفُ لِمَنْ يَشََاءُ" (البقرة 261) فزادوا علي فسألتهم عنها فقالوا هذه امنا فضة جارية الزهراء عليها السّلام ما تكلمت منذ عشرين سنة الا بالقرآن.
يقول الشيخ جعفر النقدي في كتابه: ما رواه ارباب المقاتل و غيرهم أن شاميا تعرض فاطمة بنت امير المؤمنين عليها السلام فدعت عليه زينب عليهاالسّلام بقولها قطع اللّه لسانك و اعمى عينيك و ايبس يديك فأجاب اللّه دعاءها في ذلك الرجل فقالت الحمد للّه الذي عجل لك العقوبة في الدنيا قبل الآخرة و من ذلك انها حين وقفت على اخيها الحسين عليه السّلام في مصرعه كشف عن بصرها فرأت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم واقفا في المعركة و قد قبض على كريمته الشريفة و دموعه تجري على خديه فنادت يا جداه يا رسول اللّه هذا حسينك بالعراء (الخ) هكذا نقل بعض المتبحرين و لهذا الخبر مؤيدات (منها) ما في البحار عن الصادق عليه السّلام ان الحسين عليه السلام لما قتل اتاهم آت و هم في العسكر فصرخ فزبر فقال لهم و كيف لا اصرخ و رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قائم ينظر الى الارض مرة و ينظر الى حزبكم مرة و انا اخاف ان يدعو اللّه على اهل الارض فأهلك فيهم، فقال بعضهم لبعض هذا انسان مجنون فقال التوابون تاللّه ما صنعنا بانفسنا قتلنا لابن سمية سيد شباب اهل الجنة فخرجوا على عبيد اللّه بن زياد فكان من امرهم ما كان، قلت جعلت فداك من هذا الصارخ، قال ما نراه إلا جبرئيل أما أنه لو أذن له فيهم لصاح صيحة نخطف منها ارواحهم من ابدانهم الى النار و لكن أمهل لهم ليزدادوا إثما و لهم عذاب اليم (و منها) خبر الطرماح المنقول عن ابي مخنف في المقتل، و نقله السيد الجزائري في الانوار النعمانية و الرضي القزويني في بيت الاحزان، و حاصله ان الطرماح بعد ما جرح و وقع في القتلى رأى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم عند جسد الحسين عليه السّلام و هو ينادي يا ولدي قتلوك أتراهم ما عرفوك و من شرب الماء منعوك ما أجرأهم على اللّه، الخبر.
وعن صبرها و تحملها المشاق و تسليمها لأمر اللّه يقول الشيخ جعفر النقدي رحمه الله: الصبر الممدوح حبس النفس على تحمل المشاق تسليما لامر اللّه تعالى كحبسها عن الجزع و الهلع عند المصاب و فقد الاحبة و حبسها عن الشهوات نزولا على حكم الشريعة و حبسها على مشقة الطاعة تزلفا الى المبدأ الاعلى، و هو من افضل الاعمال و من اشرف الخصال الانسانية، و انما يكون من قوة الايمان و الثبات على المبدأ الحق، كما ان الجزع و الهلع و التكاسل عن العبادات تنبعث عن ضؤلة الايمان، و ضعف اليقين، و قد مدح اللّه تعالى الصابرين في كتابه الكريم فقال عز و جل "وَ بَشِّرِ اَلْمُخْبِتِينَ `اَلَّذِينَ إِذََا ذُكِرَ اَللََّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ اَلصََّابِرِينَ عَلىََ مََا أَصََابَهُمْ وَ اَلْمُقِيمِي اَلصَّلاََةِ وَ مِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ" (الحج 35) و قال تعالى "وَ اَلَّذِينَ صَبَرُوا اِبْتِغََاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَ أَقََامُوا اَلصَّلاََةَ وَ أَنْفَقُوا مِمََّا رَزَقْنََاهُمْ سِرًّا وَ عَلاََنِيَةً وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ اَلسَّيِّئَةَ أُولََئِكَ لَهُمْ عُقْبَى اَلدََّارِ" (الرعد 22) و قال تعالى "وَ اَلصََّابِرِينَ فِي اَلْبَأْسََاءِ وَ اَلضَّرََّاءِ وَ حِينَ اَلْبَأْسِ أُولََئِكَ اَلَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولََئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ" (البقرة 177) و الآيات كثيرة في الصبر و الاحاديث اكثر، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم الايمان شطران شطر صبر و شطر شكر، و قال صلى الله عليه وآله وسلم جائني جبرئيل عليه السلام فقال يا رسول اللّه ان اللّه ارسلني اليك بهدية لم يعطها احدا قبلك فقلت ما هى قال الصبر، قلت فما تفسير الصبر، قال يصبر في الضرآء كما يصبر في السرآء، و في الفاقة كما يصبر في الغنى، و في البلاء كما يصبر في العافية، فلا يشكو حاله عند المخلوق بما يصيبه، و قال صلى الله عليه وآله وسلم ما من مسلم يصاب بمصيبة و ان قدم عهدها فاحدث لها استرجاعا (اي يقول "إِنََّا لِلََّهِ وَ إِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ" (البقرة 156)) الا احدث اللّه له مثل اجره يوم اصيب بها، و لما كان الصبر بهذه المثابة عند اللّه كان الاقربون الى اللّه اكثر صبرا من غيرهم كالانبياء و اوصيائهم ثم الامثل الامثل و هذه الصديقة الطاهرة قد رأت من المصائب و النوائب ما لو نزلت على الجبال الراسيات لانفسخت و اندكت جوانبها، لكنها في كل ذلك كانت تصبر الصبر الجميل كما هو معلوم لكل من درس حياتها و اول مصيبة دهمتها هو فقدها جدها النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ما لاقى اهلها بعده من المكاره، ثم فقدها أمها الكريمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بعد مرض شديد و كدر من العيش و الاعتكاف في بيت الاحزان، ثم فقدها اخاها المجتبى مسموما تنظر اليه و هو بتقيأ كبده في الطست قطعة قطعة و بعد موته ترشق جنازته بالسهام ثم رؤيتها اخاها الحسين عليه السلام تتقاذف به البلاد حتى نزل كربلاء و هناك دهمتها الكوارث العظام من قتله عليه السلام و قتل بقية إخوتها و أولادهم و أولاد عمومتها و خواص الامة من شيعة ابيها عطاشى ثم المحن التي لاقتها من هجوم اعداء اللّه على رحلها و ما فعلوه، من سلب و سبي و نهب و اهانة و ضرب لكرائم النبوة و ودائع الرسالة، و تكفلها حال النساء و الاطفال في ذلة الاسر، ثم سيرها معهم من بلد الى بلد و من منزل الى منزل و من مجلس الى مجلس، و غير ذلك من الززايا التي يعجز عنها البيان و يكل اللسان، و هى مع ذلك كله صابرة محتسبة و مفوضة امرها الى اللّه تعالى قائمة بوظائف شاقة من مداراة العيال و مراقبة الصغار و اليتامى من اولاد اخوتها و اهل بيتها رابطة الجأش بايمانها الثابت و عقيدتها الراسخة حتى كانت تسلي إمام زمانها زين العابدين عليه السّلام، أماما كان يظهر منها بعض الاحيان من البكاء و غيره فذلك ايضا كان لطلب الثواب او الرحمة التي اودعها اللّه عز و جل في المؤمنين، اما طلب الثواب فلعلمها بما اعده اللّه عز و جل للبكائين على الحسين عليه السلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat