صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

كركوك والتعاطي الطبيعي بين أهلها
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كركوك من اجل من هم فيه يفترض أن يكون التعاطي معها وطبيعتها تعاطياً فريداً من نوعه متحلياً بالحكمة والتأني وذلك في سبيل قطع دابر الفتنة والمهدد بالتشظي التي تعشعش اليوم في بقعة مستعدة لها بسبب بعض السياسات الخاطئة التي تعتمد على التهديد والوعيد من أي جهة كانت لكي تتحول بين عشية وضحاها إلى نقطة متعثرة امام اي تقدم في العراق ولا تقبل القسمة على اثنين مرة أخرى في المنطقة. ان المشاهد والملموس في مختلف أجزاء المحافظة المتصارع عليها سياسياً وأمنياً واقتصادياً يلاحظ أن أي اختلاف بين سكان أحياء المدينة المتنوعة عرقيا غير موجود وهذا السمة يتحلى بها كل ابناء العراق إلا الأنفس المريضة ويمكن لك ان تلمسه في الأحياء ذات الأغلبية السكانية الكردية المطلقة، ومرورا بالمناطق التي تسكنها القوميات التركمانية والكردية المختلطة وحتى الجنوب والجنوب الشرقي وكذلك التي يسكنها من اخوتهم العرب وتطابق الرؤى في مختلف المناطق بصرياً وسكانياً وثقافياً واقتصادياً وخدمياً فيما بينها.

وعليه يتعين أخذ حقيقة ملموسة بعين الاعتبار ألا وهي وحدة الاطياف الساكنة فيها من الكورد والعرب والتركمان 'أن نسبة الكورد حسب احصاء عام 1957 هو نحو 48 في المئة من مجموع السكان في ذلك الوقت) فإنهم أقلية في موازاة الأقلية العربية (28 في المئة) والتركمانية (21 في المئة)، فضلا عن وجود أقليات أقل عددا.في حين سجلت الإحصاءات التالية التي جرت في عامي 1977 و1997، تزايد الأقلية العربية إلى 45 في المئة و72 في المئة على التوالي، بموجب سياسات “التعريب” التي اتبعتها الحكومات السابقة. وهو ما تحوّل، بمرور الوقت، إلى حقيقة ديمغرافية تصعب إزاحتها'.

واليوم على هذه القوى وأن تساهم بقوة لتقف أمام حالة عدم الاستقرار التي يريدها البعض والعمل على حل مشكلة كركوك و تبذل قصارى الجهود في سبيل الحفاظ على التناسق المجتمعي متماسكاً وقوياً وأن يكون في تماسكه وقوته كل الخير له ولبقية أبناء المدينة والصالح العام عموماً.. ولاشك في أن محاولات تهميش البعض للاخر في ظل سياسة الطمس المتواصلة كلها لا تعطي أملا إلا بالفشل في المحصلة النهائية و خلفت وبالتأكيد أضراراً لحقتها بالمدينة ومكوناتها مما تسببت تدريجياً بتراجع مخيف في مستويات النمو والازدهار، إن الاختلاف في الهوية السكانية أمر طبيعي وهو لا يُرقى الى هدر الدماء من اي جانب ويجب ان يضفي عليه طابع المحبة والجلوس على مائدة الحوار الاخوي بدعم من الدولة اذا ما ارادة حقن الدماء وتكون للدولة الإشراف المباشر في إدارة المحافظة والابتعاد عن الأحادي في الادارة وهو أمراً مشروعاً وذلك لشدة خطورته و حساسيته الانفراد بالسلطة والتي قد تجعل من هذه الرقعة الجغرافية برميلاً من الديناميت ليس بينه وبين الانفجار سوى من يشعل كبريتها .

المشكلة الأساسية في التكوينية التي تجمعها كركوك هي من فكت منها هذه المدينة ولعل العامل الخارجي كان ومازال له الدور الاكبر والتصريحات الغير موفقة الاخيرة والخطيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان والدخول على خط الاحتجاجات التي وقعت اخيراً في مدينة كركوك العراقية مرسلا إشارات تهديد بالتدخل في حال تم تسليم المحافظة الغنية بالنفط إلى الأكراد وفق اتفاق بين أربيل والحكومة الاتحادية في بغداد،وقال الرئيس التركي إن “كركوك هي موطن التركمان، ومنطقة تعيش فيها الثقافات المختلفة بسلام لمئات السنين، ولن نسمح بزعزعة أمنها وتهديد وحدة أراضيها و لن نسمح بأي ضرر يصيب وحدة واستقرار هذه المنطقة الجغرافية. والرسالة وبلا شك لن تبقى تركية على الحياد تجاه الصراع القائم حاليا في كركوك بين الأكراد، والتي تريد الاستفادة من اتفاقات سابقة ولعلها تجعل هذه الهلوسات اوراق ضغط على الكورد لتسهيل تقاسم عائدات النفط، والمياه وهي ليست في صالحها

ومنذ العهد الملكي هي الخطابين القومي والطائفي اللذان قد تسببا في اختلال نسيجها المجتمعي وسلمها الأهلي على مدار الأعوام والسنين الماضية ويخطئ من يتصور من البعض ان قضية هذه المحافظة تعتبر حديثة بل منذ تشكيل او حكومة عراقية والمحافظة قلقلة في ظل الحكومات المتعقبة ومضطربة وادارات الحكومات بائسة في وصول الأوضاع المهدد نحو الانحذر في اي لحظة منه ومن وقوعه باستمرار، وعلى المكونات الاجتماعية فيه أن يضعوا تقدم المدينة وازدهارها وفي المقابل وضع ارتفاع نسبة البطالة والفقر نصب أعينهم والا سوف يكون المستقبل أشد وبالاً في ظل الاحتقان المذهبي والقومي المتناميَيَّن بفعل السياسة ودسائسها!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/09/17



كتابة تعليق لموضوع : كركوك والتعاطي الطبيعي بين أهلها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net