جواز الوقف (ج) وتطبيقاتها من آيات سورة الانعام (ح 4)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

تكملة للحلقات المنشورة قبل أشهر تحت هذ العنوان.
أحيانا توجد علامة (لا) في الآية التي توجد فيها علامة (ج) كما قال الله عز وجل في سورة الانعام "قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ (لا: النهي عن التوقف) قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ" (الانعام 56).
جاء في دار السيدة رقية للقرآن الكريم اعداد عبد الرسول عبائي عن سلسلة دروس في الوقف والابتداء (الدرس الثالث عشر): حكم الوقف على ﴿نَعَمْ ﴾: أمّا ﴿نَعَمْ﴾ فهي حرف جواب يجاب بها عن كلام قبلها ويختلف معناها باختلاف ما قبلها، فإن كان ما قبلها جملة خبرية مثبتة كانت أم منفيّة فهي حرف يدلّ على تصديق المخبر بكسر الباء، فإذا قيل: قام محمد أو قيل: لم يقم محمد فتصديقه فيها ﴿نَعَمْ﴾. وإن كان ما قبلها جملة إنشائية سواء كانت أمرية أم نهييّة أم تحضيضيّة فهي حرف يفيد وعد الطالب مطلوبه، فإذا قيل افعل كذا أو لا تفعلْ أو هلاّ تفعلُ فقولك: ﴿نَعَمْ﴾ وعدٌ للطالب بإجابة مرغوبه فكأنك قلت: سأفعل أو لن أفعل فكلمة ﴿نَعَمْ﴾ نابت مناب الجملة التي دلّت على تحقيق المطلوب من فعل أو ترك. وإن كان ما قبلها استفهاماً فهي حرف يدل على الإعلام أي إعلام من يستخبر ويستفهم عن أمرٍ ما، فالمتكلم بها يُعلِمُ مخاطبه بجواب استفهامه ولم تستعمل ﴿نَعَمْ﴾ في القرآن الكريم إلاّ بهذا المعنى. وفي أربعة مواضع: الأول: قوله تعالى: "فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ" (الأعراف 44). قال الزركشي والمختار هو الوقف على ﴿نَعَمْ﴾ في هذه الآية، لأنّ ما بعدها ليس متعلقاً بها ولا بما قبلها إذ ليس هو قول أهل النار "قَالُواْ نَعَمْ" من قولهم. وقول الزركشي (لأنّ ما بعدها ليس متعلقاً بها ولا بما قبلها » المراد نفي التّعلّق اللفظي فقط، وأمّا التعلق المعنوي فمتحقق قطعاً لأن الآيات بعد ذلك لا تزال تتحدث عن أهل الجنة وأهل النار فيكون الوقف على ﴿نَعَمْ﴾ في هذه الآية كافياً. الثاني: قوله تعالى: "قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ" (الأعراف 114). لا يجوز الوقف فيها على ﴿نَعَمْ﴾، لأنّ جملة "وإنّكم لمن المقربين" معطوفة على الجملة المحذوفة التي قامت ﴿نَعَمْ﴾ مقامها في الجواب، وأصل الكلام «إنّ لكم لأجراً وإنّكم لمن المقرّبين»، فحذفت جملة «إنّ لكم لأجراً» ونابَتْ ﴿نَعَمْ﴾ عنها في الجواب، وكلتا الجملتَيْن مقول القول ولا يفصل بعض المقول عن بعض. الثالث: قوله تعالى: "قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إذا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ"(الشعراء 42). يقال فيها ما قيل في الآية الثانية. الرابع: قوله تعالى: "قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ" (الصافات 18). لا يسوغ الوقف فيها على ﴿نَعَمْ﴾، لأنّ جملة "وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ" في محل نصب على أنها حال من الفاعل الذي حذف مع فعله وقامت ﴿نَعَمْ﴾ مقامه والأصل قل لهم تبعثون والحال أنّكم أذلاءُ صاغرون، من هذا يتبيّن أنّ «المختار ألاّ يوقف على ﴿نَعَمْ﴾ في هذه المواضع الثلاثة لتعلق ما بعدها بما قبله لاتصاله بالقول) وإنّما يوقف على الموضع الأول فقط. عن مواقع جواز الوقف في سورة الانعام قال الله جل جلاله "وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا (ج: جواز الوقف) لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ (ج: جواز الوقف) وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (الانعام 115)، و "وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (ج: جواز الوقف) إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ" (الانعام 116)، و "وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ (ج: جواز الوقف) إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ" (الانعام 120)، و "أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا (ج: جواز الوقف) كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الانعام 122).
الالتزام بمواضع الوقف ليس واجباً الا اذا اختل المعنى بشكل لا لبس فيه. قال الله تبارك وتعالى في سورة الانعام "وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا (ج: جواز الوقف) وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" (الانعام 132)، و "وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ (ج: جواز الوقف) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ" (الانعام 133)، و "وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ (ج: جواز الوقف) سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ" (الانعام 138)، و "قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ (ج: جواز الوقف) قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ" (الانعام 140).
ويصنف الوقف الى الوقف اللازم فيجب الوقف، او الوقف التام فيكون الافضل هو الوقف، او الوقف الجائز فيخير القارئ بالوقف أو عدمه، او الوقف الحسن فيكون الافضل هو الوصل، او منع الوقف لضياع المعنى او تغيره او نقصه. قال الله تعالى في سورة الانعام حيث يتوضح موقع الوقف الجائز "وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا (ج: جواز الوقف) كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ (ج: جواز الوقف) إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (الانعام 142)، و "قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ (ج: جواز الوقف) فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (الانعام 145)، و "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ (ج: جواز الوقف) إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" (الانعام 159)، و "قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا (ج: جواز الوقف) وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (الانعام 161)، و "قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ (ج: جواز الوقف) وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا (ج: جواز الوقف) وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (ج: جواز الوقف) ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" (الانعام 164)، و "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ (ج: جواز الوقف) إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ" (الانعام 165).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat