سعى سماحة السيد أحمد الصافي في مشروعه كتاب المصابيح لتفسير مضمون الصحيفة السجادية، وتوصيلها للمتلقي الشمولي وكأنه خطاب داخل خطاب، يهدف إلى أداء وظيفة المضمون عبر مرونة التفسير لتحقيق التواصل الأنفع والأكثر فائدة، من خلال توضيح الدلالات النصية، بدأ هذا الجزء بمحاورة جرت بين موسى كليم الله وبين الله سبحانه وتعالى
وموسى عليه السلام هو نبي من أنبياء أولي العزم وله منزلته الرفيعة عند الله تعالى، وعندما يتحدث الائمة عليهم السلام لنا عن موسى سلام الله عليه لا يحدث ضمن أحاديث قضاء الفراغ، ولكن شفقة منهم علينا من تلك الأهوال العظيمة يوم القيامة، ومن رحمتهم ورأفتهم أننا نستطيع أن ندفع تلك الأهوال بأعمال قد تبدو بسيطة، ومثل هذه المعاني المضمونية تظهر لنا قيمة التواصل من خلال بنية النص
وانتاج أي فكرة عند المتلقي هي من مكونات النص نفسه، غاية النص البحثي بناء قدرة تجذر المكون النصي للمعصوم في الوعي الثقافي والفكري، يرى سماحة السيد الصافي أن الخلاص من تلك الأهوال تحتاج إلى منعة تصد النفس عن لفحات جهنم، وهذه المنعة تقوى بصلة الرحم ومساعدة الناس والخشية من الله تعالى
والدمعة التي تخرج في لحظات الدعاء لها القابلية على أن تطفي نار جهنم والاستقطاب اهتمام المتلقي جزء لنا النص البحثي إلى مقاطع وكل مقطع له عنان دال على مضمون الجزء، ونتيجة تؤدي كل تلك المقاطع والأجزاء إلى مكون موضوعي تحت عنوان (الاتكال على الله تعالى) أن وراثة علم الإمام المعصوم من الأنبياء والصحيفة السجادية تقودنا إلى تلك الرحاب الالهية الواسعة والفيض الإلهي
إذا استطاع الإنسان أن يحلل دوافع المعصية بينه وبين الله تعالى، سيشعر بالحاجة الحقيقية إلى الله تعالى، ولا يمكن أن نفكر ولو للحظة أننا في غنى عن الله تعالى، الأسس الجمالية في أي خطاب بحثي هو تحليل مضمون بعض الشواهد الفكرية التي قد تشكل إثارة في ذهنية المتلقي الشمولي
عندما نريد أن نتقي حرارة الشمس علينا أن نستظل تحت سقف، الإمام عليه السلام يقول (وقني من المعاصي) أي اجعل لي واقية من المعاصي، التركيز على هذه المضامين الفاعلة من أجل تكوين رؤية تنسجم مع قيم الموعظة على وفق التصور المؤثر والبحث في فضاء النص
المؤمن عزيز على الله تعالى والله تعالى يريد ما فيه صالحه، والإنسان عاجز عن إدراك مصلحته فأما نجده يهم بمعصية أو يأتي بفعل يجر إلى معاصي، والله يتدارك حينها العبد من المعصية بخلق أعطاب وأن كان مؤقتا في سبيل أن لا يجسر على المعصية، والحال تشبه من يصفع طفلا ليبعده عن النار أو الكهرباء، الصفعة هي الحاجز بأن لا يصل الطفل إلى النار، يعد فعل الاقتناع جوهر العملية التواصلية الفاعلة، وتحقيق الإقناع مرهون بكفاءة الباحث وقدراته، فلا تواصل من دون تأثير ولا تأثير من دون إقناع الصورة التشخيصية التي قدمها سماحة السيد الصافي بعدها صورة مصغرة ترى عبرها صورتنا عند المعصية
المعصية في حقيقتها هي النار التي يريد الله تعالى أن يقينا منها ليجعل المرض أو عطب بعض الأعضاء في سبيل ألا تصل إلى النار وقد يرى الإنسان أن هذا النوع هو نوع من الظلم، ولكن في حقيقة الأمر أن ليس هناك ظلم، إنما هناك وقاية من النار، أرى دور سماحة السيد الصافي كتابه المصابيح دور ناثر العطر، والتركيز على جوهر المضمون يضفي فضاء أكثر سعة للمتلقي الشمولي وأعمق لمفهوم متلقيه كونه يمثل بنية المعاصرة الصياغة بالمفهوم العام، إعطاء التصور القادر على فهم المعنى
يشتغل النص البحثي تحت عنوان آخر، (حسن الظن بالله تعالى) قد يظن البعض أن مثل هذه العناوين سهلة الفهم بما يتعلق في الأمر الظاهر، لكننا نجد ضرورة الوعي في التعامل مع النص الفاعل، الإمام علي عليه السلام يطلب من الله تعالى أن يقيه من المعصية، ليبحث في جوهر الفكرة المعروضة
يرى سماحة السيد الصافي علينا أن نفهم أننا أوكلنا أمورنا إلى الله تعالى، يتصرف فينا كما يشاء والله تعالى، لا يريد لنا إلا المصلحة، هذا حسن ظن الإنسان بالله تعالى
وسبحانه عند حسن ظن عبده المؤمن، إن من أبلغ موارد الطاعة أن يحسن الإنسان الظن بالله تعالى، كل ما يفعله الله للعبد هو في مصلحة العبد، وعليه أن يرضى
نجد أن النص البحثي اعتمد على الأثر الفكري، الرؤية الحقيقية التي تشكل مفهوم الفكرة، لبناء العلاقة بين النص والمتلقي، فالله سبحانه وتعالى يحمينا إذا اقتربنا إلى دخول النار، وظيفة النص البحثي وظيفة فاعلة فهو يقرأ دلالية النص المعصوم بآلية الأداء يشخص التصور المعين ضمن عملية القراءة في عنوان فرعي آخر
(استعمال العبد في الطاعة) نجد أن المرجعية المعرفية تمثل لبنة أساسية لأنها تدون لنا مجموعة المفاهيم، العلاقات السلوكية والنفسية وسائر قيم المرتكز، والمفردات التي تشكلت منها الخلفية المعرفية للنص فهو المحرض لتبني وجهة نظر محدد لإنتاج رؤية
الامام عليه السلام يقول (وقني من المعاصي واستعملني للطاعة)، سماحة السيد الصافي يركز في قراءته على بلاغة التعبير، الإنسان يرغب أن يعيش في الدنيا عنصرا نافعا، يطلب من الله تعالى الوقاية من المعصية، يعمل على تغطية مساحة واسعة لمفاهيم فكرية تشكل الهوية المعرفية للنص مع ارتباطات الواقع الاجتماعي للكاتب استعمال الطاعة عند الإمام عليه السلام لها مفاصلها الكثيرة، إرشاد الإنسان في مساعدة مريض، قضاء حاجة محتاج، أن تكسو عريانا، فمن لطف الله أن جعل الحسنة بعشرة أضعافا، وفي فقرة أخرى تحت عنوان (التوبة جلاء المعاصي) التوبة ومفاهيمه المعرفية والرواية التي تمثل مفهوم التوبة يقربها إلى المتلقي عبر المفهوم (وطهرني بالتوبة)
استوقفت سماحة السيد الصافي روعة التعبير، لا يمكن إزالة لقذارة بقذارة أخرى القذارات تزال بالماء، أما إذا تلوثت النفوس تتطهر بالتوبة، لا بد أن يتوب الإنسان ويعمل على إجراء تقابل مفاهيمي بينما يحمله الدعاء وما يذكره الله سبحانه تعالى تلاقي يتمحور حول مفهوم الجملة وجذرهما القرآني (وطهرني بالتوبة) القرآن الكريم (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) جمع الدعاء مع الآية يظهر أن الله تعالى يحب العبد التائب وفي قوله عليه السلام (وأيدني بالعصمة واستصلحني بالعافية) إيصال المعنى الشمولي لمفردتي (قني ـ ايدني) قني من المعاصي وأيدني بالعصمة، يتفاضل الناس بالتقرب من الله وبالتقوى.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat