ثلاثة أبواب كشفت التعذيب الرهيب ..رواية القضبان لاتصنع سجنا .. شهادة على وحشية العهد البائد. ..
عبد الحميد الكناني
عبد الحميد الكناني
رافقنا الروائي جبار ال مهودر في فصل اخر من روايته المثيرة ، والتي ضجت بصور العذاب الذي لاقاه المعتقلين في سجون الطاغية ، جراء التعذيب المتنوع والبشع الذي استخدم معهم وبمختلف الوسائل والطرق ، أن كانت مباشرة أو غير مباشرة . . فضلا عن التعذيب النفسي ومسخ الشخصية ، والاتهامات التي تنال من اعتبارهم كاصحاب منزلة اجتماعية مميزة ، اوذوي اختصاص مهم ، أو من الصفوة الثقافية ، في دوائر الأمن المتعددة ، وذات التخصصات المختلفة في التعذيب وامتهان الشخصية والتعسف بها ..
ودخل بنا الروائي من ثلاثة جوانب بروايته هذه إلى حالة الانسان العراقي المستلبة حقوقه ، وأبرزها حقه بالراي ..
إذ واجهت بعض الأحزاب والحركات السياسية في تلك الحقبة المجنونة ، وهي بداية تولي الطاغية الحكم بعد أن تخلص من كبار قيادات حزب البعث العربية والعراقية ، وابقى بعض الأسماء بجواره لذر الرماد في العيون من جانب ،، ولأنهم بالأساس انتهازيون ووصوليون ، وأصحاب غايات مستثنات من الكرامة والشرف والموقف المحترم .. ونزر قليل لمراعاة الداخل من بعض الأسماء القيادية العقائدية والتي لاتشكل خطرا عليه ،، وهي تخدمه إعلاميا ، وهم كثر ولكنهم وجدوا أنفسهم في دوامة رعب وطاحونة موت ، فقبلوا بالبقاء واجهات له لضمان حياتهم بعدم التآمر أو الخروج عن الطاعة ،، وهذا نوع من التخادم السياسي ، لكن بدون اتفاق ، يسير وفق خدمة كل واحد للآخر ، والى ماذا يرمي ،، وان أقصي الكثير منهم بمرور السنين ،، وهذا ليس ذكاء الدكتاتور ؟ . ، وانما استجابة لاملاءات ونصائح من جهات مختلفة " اجنبية وعربية " واعتبارات عشائرية !!! ..
لقد واجهت أبرز الأحزاب والحركات السياسية التي شكلت ثقلا سياسيا في البلاد مثل الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة ، ومنظمة العمل الإسلامي ، والإخوان المسلمين ، وحركة القوميين العرب ، والحزب الناصري العراقي . علاوة عن الحزبين الكرديين الاتحاد الديمقراطي ، والكردستاني الديمقراطي ..
واجهت أعتى حالات الغدر والتصفية ، من خلال أجهزة قمعية عدة أعطيت صلاحيات خاصة تولى مسؤوليتها احقر عناصر ذلك العهد وبإشراف رئيس السلطة الذي حرص على تدريب عناصر تلك الأجهزة على يد استخبارات ومخابرات بعض الدول الغربية ، منها المانيا وجيكوسلوفاكيا ورومانياوامريكا ، والاتحاد السوفييتي المنحل ..
كذلك اتبع سياسة طائفية تمخضت عن تهجير آلاف العوائل العراقية بمسوغ التبعية ، وسلبهم أموالهم ، واعتقل الشباب والرجال منها وزجهم بالسجون ثم قتلهم ، وسفر العوا ئل ورماها على الحدود ، مكونة من النساء والأطفال وكبار السن فقط ..
كانت سياسة فصل عنصري واضحة ،، وتعصب قومي احمق ، وإجراءات شوفينية مؤطرة بالحقد والقسوة ..
وهذا يعد الباب الثاني الذي دخلت منه الرواية ، وأجاد به الروائي ، بجمال السرد وقوة الدليل ، وبراعة ودقة التوصيف ، كما في حال المعتقلين أيضا ،، ما جعل القارىء ينتفض غضبا على العهد البائد وما استخدم وعمل مع الإنسان افضل المخلوقات التي كرمها الله سبحانه ..
ويبكي لما لاقاه اولئك الأبرياء من تنكيل وعدم احترام بحقهم !!!..
ودخل أيضا من الباب الثالث ، وهو باب الحرب مع إيران ، وكيف كان يعامل العناصر العراقية من وضعت علامات استفهام على عوائلهم لوجود معارض ، أو موقف سلبي ضد العهد من قبل أحد ابنائها الوطنيين ،، حيث ينقل الابن الملتحق بالجيش كخدمة إلزامية أو احتياط ينقل من وحدة إلى أخرى ، أو من معسكر الى اخر ،مع اضبارته المزينة بجملة " من عائلة معادية للحزب والثورة " !!! ..
فيقوم أمر تلك الوحدة بإرساله للخطوط الأمامية ليستشهد ويخلص منه ،، وغالبا مايكون الأمراء وضباط الاستخبارات من المحافظات التي تحابي الحكم ، وتتفانى بالدفاع عنه . .
مع أنه عراقي ويحب وطنه ويبذل الغالي والنفيس من أجله !!..
كما في الحوار الذي جرى بين حسن وأبيه ، حين اعترض ابو محمود على التحاق ابنه حس مقاتلا بالجبهة ،، فأجابه حسن ( معاداة النظام ، غير الدفاع عن الوطن ، إذا يتهدد أو يتعرض للعدوان من أية جهة أو دولة كانت ) ..
لقد وفق الكاتب الاخ ال مهودر باعطاءنا صورة عن حالات التعذيب وامتهان كرامة الإنسان العراقي ،، وبشاعة النظام البائد ، باجراءاته القمعية الرهيبة ، ووسائله الفتاكة والتدميرية التي استخدمت ضد المواطن العراقي ،، ابتداء من الأجهزة الإجرامية المتنوعة ،، وإلى التعامل مع المواطن بكل الادوات المحطمة لشخصيته وجسده الواهن اصلا ..
ولنا عودة لفصول الرواية الأخرى أن شاء الله. ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat