حوارية (٩٤) آية الولاية بين التبليغ والوعيد للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.
زاهر حسين العبدالله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زاهر حسين العبدالله

يقول الله سبحانه وتعالى ( ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين ﴾ [المائدة: 67].
هذه الآية نزلت كما ذكر المسرون تامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغ الولاية لأمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام على المؤمنين.
والسؤال هنا في قوله وان لم تفعل فما بلغت رسالة وهذا الخطاب يفهم من ظاهره التهديد للنبي أن لم يبلغ الولاية فكانه لم يبلغ الرسالة التي جاهد في سبيلها نيف وعشرين سنة فهل النبي كان مترددا في التبليغ أو رافظا له حتى يأتيه الخطاب بالتهديد والوعيد؟ واين خوف كان يخشاه النبي من الناس حتى يتردد في التبليغ حتى حصل على ضمان الحماية من الناس؟
الجواب :
سؤال لافت وجميل
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي العزيز
الجواب بسمه تعالى
إن للقرآن الكريم عدة خطابات فإذا كان الخطاب متعلق بالنبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحده خاطبه ربه بألطف العبارات وإذا هناك من يشترك معه في الخطاب وهم الناس خاطبه بما يناسب إقبال وإعراض الناس عليه
فهنا الآية المباركة في معرض أُناس عندهم استعداد الرفض والمعارضة بلغ أشده فكان الخطاب بالتهديد والوعيد هو ما يناسب تلك القلوب المهزوزة والمتزلزلة وإقامة الحجة على تلك القلوب الغادرة والمتلونة والخائنة لعهد الله ورسوله (ص) إذ من المستحيل عقلاً ونقلاً ان التهديد والوعيد مجرداً يكون ذاتاً لسيد الخلق قاطبة ومن هو رحمة للعالمين
ولو عدنا لتفسير هذه الآية عند أهل البيت عليهم السلام
نجد أن الإمام الباقر عليه السلام يصف قلوب من كان مع النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم بما أشرنا سابقاً إذ يقول
أَمَرَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ رَسُولَهُ بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ (علیه السلام) وَ أَنْزَلَ عَلَیْهِ إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَ فَرَضَ وَلَایَةَ أُولِی الْأَمْرِ فَلَمْ یَدْرُوا مَا هِیَ فَأَمَرَ اللَّهُ مُحَمَّداً (صلی الله علیه و آله) أَنْ یُفَسِّرَ لَهُمُ الْوَلَایَةَ کَمَا فَسَّرَ لَهُمُ الصَّلَاةَ وَ الزَّکَاةَ وَ الصَّوْمَ وَ الْحَجَّ فَلَمَّا أَتَاهُ ذَلِکَ مِنَ اللَّـهِ ضَاقَ بِذَلِکَ صَدْرُ رَسُولِ اللَّـهِ (صلی الله علیه و آله) وَ تَخَوَّفَ أَنْ یَرْتَدُّوا عَنْ دِینِهِمْ وَ أَنْ یُکَذِّبُوهُ فَضَاقَ صَدْرُهُ وَ رَاجَعَ رَبَّهُ عَزَّوَجَلَّ فَأَوْحَی اللَّهُ عَزَّوَجَلَّ إِلَیْهِ یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ فَصَدَعَ بِأَمْرِ اللَّـهِ تَعَالَی ذِکْرُهُ فَقَامَ بِوَلَایَةِ عَلِیٍّ (علیه السلام) یَوْمَ غَدِیرِخُمٍّ فَنَادَی الصَّلَاةَ جَامِعَةً وَ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ یُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِب.
م:الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٢٨٩.
نفهم من الرواية ان الباقر عليه السلام يشير أن خطاب التهديد هنا لايناسب حضرة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله بل التهديد هو لمن لم يقبل ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ويشير إلى حفظ نبيه الكريم منهم مهما كانت معارضتهم الشديدة المكنون في صدورهم وهذا النوع من الخطاب له نظائر في القرآن في الخطاب الواحد يحمل جهتين مثل نبي الله يوسف عليه وزوجة العزيز حيث قال تعالى (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَ اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ)
هذا والله اعلم وبالله التوفيق واسف على الإطالة.
السائل :
أحسنت
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat