صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

رسائلٌ شعبيةٌ فلسطينيةٌ صارمةٌ إلى العدو عَلَّه يَعِي ويفهمُ
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

رغم الحملات العسكرية الإسرائيلية المسعورة والمتواصلة عليهم، التي بدأت بالسور الواقي ولم تنته بكاسر الأمواج، واستمرت بعمليات الاقتحام والاجتياح والقتل والاغتيال والاعتقال، والمصادرة والحرق والتخريب والنسف والتدمير، وحملات الترويع والترهيب والتهديد والوعيد التي يطلقها السياسيون المتطرفون، ويمارسها اليمينيون المتشددون، وينفذها المستوطنون المجرمون، وترعاها الحكومة ويحميها الجيش، ويسكت عنها المجتمع الدولي وتشجع عليها دولٌ عظمى وتؤيدها الولايات المتحدة الأمريكية.

ينجح الفلسطينيون دائماً في القدس والضفة الغربية كما في غزة وعموم فلسطين وعلى حدودها الشمالية والجنوبية، في استهداف العدو ومباغته، والنيل منه ومواجهته، بجدارةٍ منقطعةٍ النظير، وجرأةٍ تحير وتربكُ، وتطورٍ في الوسائل والأدوات لافتٍ يثير الانتباه، وتفوقٍ صادمٍ يعطل المخططات، وينفذون ضده أقوى العمليات العسكرية وأكثرها دقةً وصعوبةً، وأعقدها تخطيطاً وتنفيذاً، ويصلون إلى أبعد المناطق ويطالون مختلف الأهداف، رغم التحصينات والإجراءات، ووسائل الحماية وأجهزة التنبؤ المبكر، وعمليات التنسيق والرصد والاستطلاع، والتنصت والتصوير والمراقبة من الجو والأرض، وعمليات التجسس بالمناطيد والطائرات المسيرة وأجهزة التنصت على الهواتف، وبرامج المتابعة على وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الانترنت.

تلك هي الرسائل الشعبية الفلسطينية الحرة للعدو الإسرائيلي، التي قد تكون مختلفة كلياً عن الرسائل الرسمية المقيدة التي تصله بترددٍ وعلى استحياء، وبخجلٍ أو خوفٍ، وتجبن عن رفع الصوت في وجهه أو التلويح ضده بالعصا، بل تداريه أحياناً وتجبن، أو تخنس وتسكت، وتصمت أو تهمس، مخافة غضبه والولايات المتحدة الأمريكية، ومراعاةً للظروف وخضوعاً للواقع.

ولكنها قد تهبط وتسقط، وترتكس وتنحط، فتثور له وتغضب، وتدين وتستنكر، وتتفهم مخاوفه وتبرر عدوانه، وتستجيب له وتنفذ مطالبه، وتنشغل عنه أو تعمل معه، وتغمض عيونها عن جرائمه وتساعده، فتلاحق المقاومين وتعتقلهم، وتضيق عليهم وتحاصرهم، أو تدل عليهم وتساعد في الوصول إليهم، وهو الأمر الذي يكشف سوأتها ويفضح عورتها ويشوه صورتها، ويظهرها أمام شعبها وأمتها بصورة المتآمرة على الحقوق الوطنية، والمتعاونة مع العدو ضد شعبها.

إلا أن الرسائل الشعبية الفلسطينية التي يصدرها عامة الفلسطينيين وغالبيتهم، رسائلٌ واضحةٌ وصريحة، وصارمة وحازمة، ودقيقة ومباشرة، وقوية وجريئة، وشجاعة وصادمة، ومتعددة الأشكال ومختلفة العناوين، يصرون فيها على حقوقهم، ويتمسكون فيها بأرضهم، ولا يتخلون عن وطنهم، ولا يفرطون بمقدساتهم، ولا يقبلون تدنيسها والإساءة إليها، ولا يترددون في سبيل الدفاع عن حياض وطنهم وحرمة مقدساتهم، أو التضحية في سبيله بحياتهم وأرواحهم، ويرون أن وطنهم جزءٌ من عقيدتهم وآية من كتاب ربهم، لا يجوز التفريط فيه أو التقصير في الدفاع عنه.

أغلب الرسائل الشعبية الفلسطينية التي تصل إلى العدو، ينفذها شبانٌ يافعون ومقاومون شجعان، وثائرون غاضبون، وغيرهم من الشيب والولدان، والرجال والنساء، رسائلٌ ممهورة بالدم ومذيلة بالشهادة أو موسومة بالاعتقال، وهي رسائلٌ محددة الهدف ومعروفة الهوية، وموجهة إلى العدو الإسرائيلي مباشرةً، مفادها أن الفلسطينيين رغم ما يواجهون ويلاقون، مصرون على مواصلة مقاومتهم، وتعزيز نضالهم، وتطوير عملياتهم، وتحدي كل الإجراءات التي يحاول العدو فرضها عليهم، لتحجيم مقاومتهم، ونزع سلاحهم، وتفكيك مجموعاتهم، وتجفيف منابعهم، تمهيداً للقضاء عليهم وإحباطهم، وكي وعيهم وقتل الأمل في قلوبهم.

يدرك الفلسطينيون أنهم يقاومون عدواً شرساً عنيداً واحتلالاً بغيظاً، مدججاً بالقوة ومحصناً بالحلفاء، وأنه يصارع من أجل البقاء ويقاوم ليحصن الوجود، لكنهم يصرون على مقاومته، والثبات في وجهه رغم عدوانه، ويثقون أنهم سينتصرون عليه وسيخرجونه من أرضهم، وسيطردونه من ديارهم، وما عملياتهم التي يقومون بها ويواظبون عليها، إلا رسائل له صارمة وعنيدة، عله يفهم ويعي، ويدرك أن هذه الأرض ليست له، وأن هذه البلاد ليست لمستوطنيه، وأنهم ليسوا إلا غزاةً مستعمرين، وغرباء وافدين، وأنهم شاءوا أم أبوا، وطال الزمن أو قصر، فإنهم سيخرجون وسيرحلون، ولكن بعد أن تسوء وجوههم، وينتقم الفلسطينيون منهم.

تلك هي سنة الشعوب ومسيرة الأمم التي يعيها الفلسطينيون ويؤمن بها المقاومون، وصفحات التاريخ على ذلك تشهد، فما من شعبٍ أحتلت أرضه إلا بالتضحية والفداء تحررت، وما من عدوٍ أو غازٍ مهما بغا وطغا وعلا واعتدى، إلا هزم واندحر، وطرد أو رحل، وهو ما يريد الفلسطينيون إثباته برسائلهم والتأكيد عليه بمقاومتهم، وليس أجرأ منهم جناناً وأصدق لهجةً وأقوى حجةً وأوضح بياناً.

لكن العدو الذي يراهن على القوة، ويتبجح بالغطرسة، ويتمادى بالظلم والعدوان، لا يدرك هذه السنة ولا يعيها، ولا يفهم التاريخ ولا يريد أن يدرس حقبه، ولا أن يتعلم من تجارب الشعوب أو يتعظ من مصائر الاستعمار، ورغم ذلك فإن غيه لن يطول، واستعلاءه لن  يدوم، وكيانه سيتفكك ووجوده سيزول، ومصيره محتوم وخاتمه قريبة، وسيجد نفسه أمام إصرار الفلسطينيين خاضعاً، وفي مواجهة ثباتهم صاغراً، فهذا الشعب لا ينكس رأسه، ولا يحني قامته، ولا تهون عزيمته ولا تلين عريكته، ولا يعرف اليأس إليه طريقاً، ولا القنوط إليه سبيلاً. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/06/30



كتابة تعليق لموضوع : رسائلٌ شعبيةٌ فلسطينيةٌ صارمةٌ إلى العدو عَلَّه يَعِي ويفهمُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net