فساد مديرية عقاري الديوانية.
احمد الحسناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال رسول الله (ص) : (طوبى للغرباء، قيل : ومن الغرباء؟ قال (ص) : قومٌ يُصلحون حينَ يفسد الناس).
في عقيدتي ــ انطلاقا من تجربة مرّة مريرة مؤلمة في جميع دوائر الدولة ومؤسساتها، فإن الفساد اتخذ أبعاد لربما لا يُمكن معالجتها إلا بتضحيات جسيمة تقوم بها سلطة جسورة لا تلتفت ورائها ولا تضع يدها على قلبها بل تخوض صراعا شجاعا من أجل إعادة هيبة الدولة وبسط سلطة القانون، والضرب بيد من حديد على يد الفاسدين ، وهذه السلطة تتوفر لأي مسؤول عبر وسائل عديدة على رأسها القرآن الكريم الذي امر بمعالجة الفساد بما يلي (إنما جزاء الذين يُحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يُقتلوا أو يُصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا وفي الأخرة عذاب عظيم).() سورة المائدة آية : 33. فهذه الخيارات كلها بيد المسؤول النزيه الشريف الصادق في نواياه في قلع أس الفساد . يضاف إلى ذلك وقوف المرجعية بكل أجهزتها ومؤسساتها الدينية خلف الرئيس المصلح وهي التي أعطته الضوء الأخضر للضرب بيد من حديد على الفساد، ثم استغلت المرجعية فرصة الإرهاب لتؤسس جيشا عقائديا مستقلا عن المؤسسات الفاسدة (الحشد الشعبي) وضعته تحت تصرف رئيس الوزراء والسلطة التنفيذية . ولكن تيار المحاصصات والتوافقات هيّمن مرة أخرى على كل مفاصل الدولة ومهّد الطريق لفساد أعنف وأقوى.
ما أريد قوله ومن تجربة شخصية أن ما يجري في دائرة التسجيل العقاري في الديوانية هو ظاهرة عامة تشمل كل دوائر التسجيل العقاري . وفي عقيدتي كذلك ان ما يجري في دائرة التسجيل العقاري هو ظاهرة مرضية عامة بدأت بالتفشي بعد سنة 2003. وهي وباء مميت يُصيب الأخلاق ويؤدي إلى موت الضمير حالها حال الأمراض المستعصية الأخرى التي لا شفاء منها إلا بالكيّ أو البتر، خصوصا وأن الرأس الهرمي نزولا لا يمتلك سلطة ما دامت المحاصصة هي السائدة في عراق اليوم. لأن لا سلطة لحزب على موظفي الحزب الآخر.
ذهبت لاستخراج سند طابو بدل تالف، لكي أقوم بتحويل بيتي إلى ابني الذي تزوج حديثا ليعيش فيه بعد أن خذلته الدولة ، فلا بيت ولا قطعة ارض ولا حتى وظيفة بعد أن تخرج بجد ومثابرة فكان يعيش معي على راتبي التقاعدي. كتبت طلب وقدمته ثم طلبوا مني أن ادفع الرسوم ففعلت ثم ذهبت إلى الموظف ليفاجأني بعد فترة بقوله (ضايعة ورقة من الفايل). قلت له وماذا أفعل ؟ قال: لازم تجيب كتب من سبع دوائر، تُثبت بأنك غير مطلوب للدولة ، لا قرض ولا أقساط ولا سلفة ، ولا جباية وووو. فسألته : هل الورقة الضائعة ضاعت مني أم منكم؟ قال : أوراقك في الفايل كلها موجودة إلا هذه الورقة. فقلت له : هذه مشكلتكم وليست مشكلتي فهي ضائعة منكم وليس مني. ثم ارتفع صياحي فتدخل بعض الموظفين وقالوا سنبحث جيدا تعال بعد ساعة. وبعد ساعة اكدوا لي ضياع الورقة. فقلت لهم سوف اشتكي على مدير العقاري فأنا لا استطيع تحمل تكاليف الدوران على الدوائر وسيارات الأجرة إضافة إلى مرضي وكبري في السن، إضافة إلى أن هذه مشكلتكم وليست مشكلتي، وأنا لا أقوم بتصليح أخطاء الموظفين. وأثناء الصياح تقدم موظف آخر باقتراح قائلا: يا أخي أنا احلّ المسألة هذه محامي صديقي وهو نزيه وشريف وسوف يحلها لك، فوافقت مضطرا مكرها مجبرا : وجاء المحامي وسحبني إلى مكان منعزل وقال لي : انا سوف اتبنى معاملتك كلها ولكن هناك طريقتان : طريقة سريعة وطريقة بطيئة فعرفت القصد فقلت له انا أريد الطريقة السريعة . فقال : يعني افتح يدي وأعطي . قلت له نعم وأمري إلى الله . ثم سألت المحامي كم المدة التي يستغرقها تحويل البيت ؟ قال على الأكثر أسبوعين . فوافقت . فدخل المحامي عليهم ، وبعد عشر دقائق خرج وبيده ورقة سند الطابو ، كل ذلك بمبلغ (25) ألف دينار عراقي حسب قوله رشوة للموظف. ثم استمر الحلب وأنا أدفع صاغرا لأني أعلم لو عاندت قليلا سوف تضيع المعاملة كلها. قدمت معاملة تحويل البيت (هبة من دون قيد او شرط) لولدي، واستمرت المعاملة لشهرين ونصف تعرضت فيها لشتى ضروب الابتزاز والقهر والإذلال. فقد طالبوني بتسديد ثمن تبليط الشارع أمام بيتي طبعا الشارع غير مبلّط مليء بالأزبال والحفر والطين ولا تدخله حتى السيارة ، وطالبوني بثمن (المقرنص) للرصيف وأين هو الرصيف لا أدري. علما أن الشارع والرصيف من اقذر ما موجود في المدينة. والغريب انهم طالبوني بدفع ثمن تنظيف المجاري من أمام بيتي، ثم طالبوني بدفع رسوم تقييم البيت وهنا تُسكب العبرات فلو أردت تقييم منخفض وجب الدفع وهذا ما فعلته. وبعد دفع كل ذلك فاجأني المحامي بقوله : لا يُمكن تحويل البيت لأنه (محجوز عليه)؟! فاسمك واسم شخص فاسد في بغداد متشابهان وتم حجز كل أمواله. فقلت للمحامي ، يا أخي اذا اسم الفاسد يشبه اسمي واسم ابي وجدي وعشيرتي فبالتأكيد ان اسم أمه لا يشبه اسم أمي ، ولا مواليده لربما تتطابق مع مواليدي. فقال: يقولون هذه تحتاج الذهاب إلى بغداد ، وأن المعتمد يتأخر كثيرا لكي يحصل على الجواب. وسلمت أمري إلى الله ودفعت المقسوم وإذا بالتحويل يتم في اليوم التالي وحصلت على ورقة سند الطابو باسم ابني بعد أن كلفتني مليونين دينار ، علما أن راتبي التقاعدي هو (549) الف دينار. وإذا بها ورقة بائسة بالأسود والأبيض خُطت محتوياتها بالمسطرة والقلم الجاف وكتبها موظف بخط مسماري لا تفهم منه شيئا. واختام زرقاء غير واضحة.
ما أريد أن أقوله يا سيادة المسؤولين، هل يُعقل أن معاملة تحويل بيت تستمر لشهرين ونصف وتأكل كل هذه المبالغ؟؟ أين ذلك في أي دولة وطبعا لولا الدفع لما انتهت في شهرين ونصف إضافة إلى أجور التكسيات ، ثم أجور المحامي المتواطئ معهم.
قال رسول الله (ص) : (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشقّ عليهم فأشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به).
طبعا هناك أمور يجب ذكرها.
الأول : أن العاملين في مديرية عقاري الديوانية استعدوا جيدا للجواب واللف والدوران لإنكار كل ما يُقال ضدهم مع أن رائحة فسادهم أزكمت الأنوف. وبما أن بعضهم يُمسك على الآخر عمليات فساد فسوف يتم غلق أي قضية تُقام ضدهم وفق مقولة ( استر عليّ واستر عليك).
الثاني : اقسم بالله لا قصد لي في الاسائة لأي أحد ولم اذكر اسمي لأني أعلم علم اليقين أن المحامي سوف يُنكر التهم لو ووجهت لهُ والموظفون كذلك . إضافة إلى كسب عداوة كل موظف في العقاري، ولربما سوف يعمدون إلى بيع بيتي من دون علمي. ولربما استغلال أوراقي في لصق تهمة بي.
الصورة المرفقة.
 

 

الموضوع السابق اشكاليات سياسية مزمنة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat