إنه لا ييئس من روح الله ما معنى روح الله؟ (ح 1)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

قال الله تعالى عن روح الله "يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" ﴿يوسف 87﴾ روح الله: رحمة الله، رَوح الله: رجاء الله و رحمته و إحسانه، روح الله: رحمته و فرجه و تنفيسه، وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ: لا تقطعوا رجاءكم من رحمة الله، قال يعقوب: يا أبنائي عودوا إلى مصر فاستقصوا أخبار يوسف وأخيه، ولا تقطعوا رجاءكم من رحمة الله، إنه لا يقطع الرجاء من رحمة الله إلا الجاحدون لقدرته، الكافرون به.
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (روح) "فروح وريحان" (الواقعة 89)، و "فروح" (الواقعة 89) طيب نسيم، وال "ريحان" (الواقعة 89) رزق ومثله "العصف والريحان" (الرحمن 12) وقرأ "فروح" (الواقعة 89) (الواقعة 6) أي فحياة لا موت فيها، قال تعالى: "إنه لا ييئس من روح الله" (يوسف 87) أي من رحمته و "روح منه" (النساء 170) يعني عيسى عليه السلام روح الله عز وجل، أحياه الله فجعله روحا و "نفخت فيه من روحي" (الحجر 29) (ص 62) أضافها إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح كما قال: لبيت من البيوت "بيتي" (البقرة 125) (الحج 26) (نوح 28) و "الروح" (النبأ 38) على ما قال المفسرون ملك عظيم من ملائكة الله تعالى له الف وجه في كل وجه الف لسان كل لسان يسبح الله عز وجل بسبعين الف لغة، لو سمعوه أهل الأرض لخرجت أرواحهم، لو سلط على السماوات والأرض لا تبلغهما من أحد شفتيه، وإذا ذكر الله تعالى خرج من فيه قطع من النور كأمثال الجبال العظام، موضع قدمية مسيرة سبعة آلاف سنة، له الف جناح يقوم وحده يوم القيامة، والملائكة وحدهم: وهو قوله تعالى: "يوم يقوم الروح والملائكة صفا" (النبأ 38) وعن مجاهد "الروح" (النبأ 38) خلق لا تراهم الملائكة، و "بالروح من أمره" (النحل 2) بالرحمة والوحي عن "أمره" (النحل 2) عن قتادة وقوله: "أوحينا إليك روحا من أمرنا" (الشورى 52) الروح هنا خلق من خلق الله تعالى أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول اله يخبره ويسدده وهو مع الأئمة عليهم السلام، و "أيدهم بروح منه" (المجادلة 22) يعني الايمان.
عن تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى: "يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون" (يوسف 87) قال في المجمع التحسس بالحاء طلب الشئ بالحاسة والتجسس بالجيم نظيره وفي الحديث: لا تحسسوا ولا تجسسوا وقيل إن معناهما واحد ونسق أحدهما على الاخر لاختلاف اللفظين كقول الشاعر: متى ادن منه ينأ عنه ويبعد. وقيل التجسس بالجيم البحث عن عورات الناس وبالحاء الاستماع لحديث قوم وسئل ابن عباس عن الفرق بينهما؟ قال: لا يبعد أحدهما عن الاخر التحسس في الخير والتجسس في الشر انتهى. وقوله "ولا تيأسوا من روح الله " (يوسف 87) الروح بالفتح فالسكون النفس أو النفس الطيب ويكنى به عن الحالة التي هي ضد التعب وهى الراحة وذلك أن الشدة التي فيها انقطاع الأسباب وانسداد طرق النجاة تتصور اختناقا وكظما للانسان وبالمقابلة الخروج إلى فسحة الفرج والظفر بالعافية تنفسا وروحا لقولهم يفرج الهم وينفس الكرب فالروح المنسوب إليه تعالى هو الفرج بعد الشدة بإذن الله ومشيته وعلى من يؤمن بالله ان يعتقد ان الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا قاهر لمشيته ولا معقب لحكمه وليس له ان ييأس من روح الله ويقنط من رحمته فإنه تحديد لقدرته وفي معنى الكفر بإحاطته وسعة رحمته كما قال تعالى حاكيا عن لسان يعقوب عليه السلام "انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون" (يوسف 87) وقال حاكيا عن لسان إبراهيم عليه السلام "ومن يقنط من رحمه ربه الا الضالون" (الحجر 56) وقد عد اليأس من روح الله في الاخبار المأثورة من الكبائر الموبقة.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَكَلِمَتُهُ أَلقَاهَا إِلَى مَريَمَ وَرُوحٌ مِنهُ" (النساء171) ان عيسى هو روح مخلوقة من قبل الله على الرغم من ان البعض اساء الاستفادة من هذه العبارة "وَرُوحٌ مِنهُ" (النساء171) وفسرها بان المسيح عليه السلام هو جزء من الله سبحانه وتعالى مستنداً إلى عبارة منه ولكن الواضح في مثل هذه الحالات ان كلمة (من) ليست للتبعيض بل تدل على مصدر ومنشأ واصل وجود الشيء. أنّ اللّه عليم بقيمة كل إنسان، و هو سبحانه و تعالى ينتخب أنبياءه من بين عامّة الناس، و يفضل بعضهم على بعض، إذ جعل أحدهم (خليل اللّه) و الآخر (كليم اللّه) و الثّالث (روح اللّه)، أمّا نبيّنا فقد انتخبه بعنوان (حبيب اللّه). و باختصار: لقد فضل اللّه بعض النّبيين على بعض لموازين يعلمها هو و تختص بها حكمته جلّ و علا.
قال الإمام علي عليه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟: من لم يرخص الناس في معاصي الله، ولم يقنطهم من رحمة الله، ولم يؤمنهم من مكر الله، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه. عنه عليه السلام: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat