وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً" ما المقصود بالازواج الثلاثة في سورة الواقعة (ح 2)؟
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: وقوله "وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً" (الواقعة 7) قال: يوم القيامة "فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ" (الواقعة 8-10) الذين سبقوا إلى الجنة. أقول: قوله: الذين سبقوا إلى الجنة تفسير للسابقون الثاني. وفي الدر المنثور ، أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال: الهباء المنبث رهج الذرات والهباء المنثور غبار الشمس ـ الذي تراه في شعاع الكوة. وفيه، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس: في قوله "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ" (الواقعة 10) قال: نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون ، وحبيب النجار الذي ذكر في يس وعلي بن أبي طالب، كل رجل منهم سابق أمته وعلي أفضلهم سبقا. وفي المجمع، عن أبي جعفر عليه السلام قال : السابقون أربعة: ابن آدم المقتول، وسابق أمة موسى وهو مؤمن آل فرعون، وسابق أمة عيسى وهو حبيب والسابق في أمة محمد صلى الله عليه وآله وهو علي بن أبي طالب عليه السلام. أقول: وروي هذا المعنى في روضة الواعظين، عن الصادق عليه السلام. وفي أمالي الشيخ، بإسناده إلى ابن عباس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن قول الله عز وجل "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" (الواقعة 10-12) فقال: قال لي جبرئيل: ذلك علي وشيعته، هم السابقون إلى الجنة المقربون من الله بكرامته لهم. وفي كمال الدين ، بإسناده إلى خيثمة الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث: ونحن السابقون السابقون ونحن الآخرون. وفي العيون، في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الأخبار المجموعة بإسناده عن علي عليه السلام قال "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ" (الواقعة 10-11) في نزلت. وفي المجمع في الآية: وقيل: إلى الصلوات الخمس. عن علي عليه السلام. أقول: الوجه حمل جميع هذه الأخبار على التمثيل كما تقدم.
من مصداق الأزواج الرجل والمرأة كما قال الله في محكم كتابه العزيز "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" (التوبة 24)، و "وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ" (طـه 131)، و "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (التحريم 1)، و "وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ" (التحريم 3)، و "عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا" ﴿التحريم 5﴾، و "وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ" (النساء 12)، و "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" ﴿الفرقان 74﴾، و "وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَـٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" ﴿البقرة 25﴾، و "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ" ﴿البقرة 232﴾، و "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ" (البقرة 240)، و "قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" ﴿آل عمران 15﴾، و "مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ" ﴿الأحزاب 4﴾، و "النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" ﴿الأحزاب 6﴾.
عن اصحاب الميمنة والابرار والمنفقين "فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ" (البلد 11-18) فهذه الايات تتحدث عن اصحاب الميمنة وهم من السابقين و الابرار و المخلصين و المتقين، وكل صنف يختلف عن الاصناف الاخرى كل حسب عطاءه فصنف السابقون "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" (الواقعة 10-12) و صنف المقربين"فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ" (الواقعة 88-89) فالمقربون جزاؤهم الجنة والامام علي عليه السلام مصداق للمقربين. اما صنف اصحاب اليمين "وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * ِفي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُود * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ" (الواقعة 27-32)، وصنف الابرار "إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا" (الانسان 5).
جاء في موقع طريق الحق عن رياح رمضان للكاتب صفير بن محمد الصفير: إن العبد ليُبعث على ما مات عليه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم: (يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ)، فمن جاءه الموت وهو من المسارعين السابقين بُعِث يوم القيامة من السابقين، فهنيئًا له قوله تعالى"وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ" (الواقعة 10-11).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat