صفحة الكاتب : ليث العبدويس

وقائِعُ انتحار كاتبٍ غاضِب
ليث العبدويس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أكتُبُ وأنا أعلمُ جازِماً أنَّ كلمتي قاتِلتي، أنَّ الموتَ يُعاصِرُ كُلَّ الطاوِلاتِ التي يفترِشُها مشروع انفجارٍ مكتوب، مُتجاهِلاً أنّ كُلَّ طاوِلَةٍ عاشرناها قدْ ادمنتْ اختِلاس النظرِ إلى خيباتِنا المُتوارية، كُلّ المقاعِد المسكونة بأزيزِ الجُمَلِ الملغومة التي أشعر ُ اليومَ أنها هي التي كانت تستَرخي عليَ لِتؤرّخ وقائِع موتي الغير مُعلَنة، كُلَ الفناجينِ الموبوءةِ بِبقايا قهوةٍ سوداء مُرّة وطالِعٍ استعصى على غجريتي الشَرِسة، كُلَّ مِنفَضَةٍ عاكسَتها أعقابُ سجائِري التي لِفرط شرودي لم أوفيها حقّها منْ قُبلِ النيكوتين المُتراكِم في نِهاياتِ اعصابيَ القَلِقة.
موتُ الكاتِبِ قدْ يسكُنُ المسافة بينَ نَصل الدواةِ وبياض الورقة، لأنّه مُعرضٌ دائِماً كُلَّ ذاتِ قُنوطٍ ومساءٍ حزينٍ لأعراضِ السأمِ المُفاجئِ مِن إيقاعِ رَقّاصِ الحياة وَرتابَةِ التَنفُس المُمِلّة، فيُسارِعُ إلى إلقاءِ حِملِهِ الأخيرِ مِن مِسوداتٍ غيرِ مُنجَزة  - كأيِ بَغلٍ مُهذّبٍ نبيل – ليقتَحِمَ التاريخِ والجحيمَ عبر التصرّف الجبانِ الوحيد الذي يُخلّد صاحِبه، أن يُلقي بِنفسِهِ من أعلى شُرفَةٍ للخيبة، يُحطّم على ارصِفة اليأس راساً يستمرُّ بعد تهشُّمِهِ في إثارة التساؤل والحيرة، أهو الحَلُّ أم المُشكِلة؟ رَغبةُ كَبتَها إدمانُنا المرَضيُّ على الفشل، ولكمْ هو مُفجِعٌ وفظيعٌ أنْ نُدمِن إخفاقاتِنا المُتكدّسةِ على بواباتِ أعمارِنا بآثارها الإنسحابيّة المُدمّرة عِند كُلّ محُاولةٍ خائِرة في الإقلاع، كُلُّ انتكاسَةٍ في برنامج العلاج هذا تعني شراهةً مُتزايدةً لِجُرعةِ فَشلٍ أكبر!!
الكاتبُ هو الوحيد على وجه البسيطة الذي لا يُجيدُ دور النَذْل، لا لأنهُ غيرُ مُستعدٍ لهكذا انحدارٍ مُروّعٍ في الأخلاق، بل لأنّ غيره استهلكوا هذا الدور واستنفذوه حتى آخر قطرة لؤمٍ وحقارة، قدْ يكونُ ماجِناً، خليعاً، مُتهتكاً، مُمتطياً صهوة أوطأ نزوةٍ عابرِة، لكنّهُ وهو المطعونُ كثيرانِ  الماتادور بألفِ رُمحٍ وبِضعةِ ميتاتٍ غيرِ مُنفّذة، لا يستطيعُ التنكُرَ لِقدرهِ المشؤومِ ككاتِبٍ حلّتْ عليه لعنَةُ الشهادةِ على الواقعِ، بِعيونٍ تُخاصِم الإغماض.
 رُبما يُضطرُّ إلى قطع معصمِ قلمِهِ، إلى نحرِ محبَرَتِهِ كيما يُطلِق في دروبِ الحياةِ ما يستحقُّ محاولة الانتحارِ هذِه، فأنتَ ولكي تسمح لخيوطِ الشمسِ أنْ تطأ رقبة الظلام الصامِتِ الذي راحَ يُغلّفُ الكون بِما يُشبِهُ الشرانِقَ اللزِجةَ الباعِثةَ على الغثيان، عليك أنْ تُقدّمَ طمأنينتكَ الذاتيّة قُرباناً على مذبح الصخب المُشاكِس وتصنع أثناء تعبُدِكَ ثورةً، ثورتانِ، او رَبيعاً مِن الثورات.
والقبضُ على كاتبٍ هو اسهلُ بكثيرٍ منْ اصطيادِ فَرَاشة، فليس ثمّةَ داعٍ لِتعثُرَ عليهِم بل ستتعَثّرُ بِهم، في المُنعَطفات الجائِعة والأرصِفة المُترِبة ونواصي المَقاهي ومتاهاتِ البؤس والحِرمان والعدم، مُحلّقينَ مبثوثين تكادُ العينُ لا تُخطِئُهُم، تكفي مؤامرةٌ صغيرةٌ يحيكُ خُيوطَها الحمقاءَ صعاليكٌ من الخط ما بعد العاشِرِ لآلة القمع والخَلع في أيّ عاصِمةِ رُعبٍ عربيّة، وبرشامةً او اثنتينِ لحفنةِ ماجورين عاطلينَ عن الفضيلة لِتُجرجِرَ في ظرفِ دقائِق نصف دزينةٍ منَ الكُتّاب الذين سمحوا يوماً لأحداقِنا أن تتَسِعَ مذهولَةٍ بالكلمةِ حين تخترقُ جِدار الجمال، تقتادُهم م%

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ليث العبدويس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/16



كتابة تعليق لموضوع : وقائِعُ انتحار كاتبٍ غاضِب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : ليث العبدويس ، في 2012/05/17 .

الى ماجد العيساوي..بدون تحية..
هل من المعقول ان الارض تحتمل ان يعفر ترابها اشخاص من على شاكلتك؟
الحقيقة انك تزاحمنا في اوكسجين الارض وتستهلكه هدراً...ليس أكثر.
واطمئن.. فانا المخطئ منذ البداية.. بانحداري الى مكان يعشعش فيه امثالك..
وعن صدام..فلست مجبراً على التبرير..الحقيقة انك انت من ينبغي عليه تفسير فهمه الثقيل والبليد للمقال الذي تدندن حوله.
وعن كتابات مختلة الميزان..فاني افتخر باستقالتي من حائطها الطائفي المتعصب القاطر حقدا اسودا وضغينة رعناء.
وبالمناسبة..انا عبدلله وحده، الدور على امثالك متعددي الالهة لسوآل ذاته: تراي اعبد الله وحده؟

• (2) - كتب : ماجد العيساوي ، في 2012/05/17 .

اتق الله في نفسك 

فحبر قلمك لم يجف بعد من مدح الطاغية يا ليث العبد صدام 






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net