حرية ألإعتقاد والأرتداد
فاطمة المالكي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فاطمة المالكي

حرية الاعتقاد مصطلح غربي أممي يُسلط على الشرائع والأفكار التي لا تتوافق مع الفكر الغربي في مجال الاعتقاد وممارسة الشعائر، وهو مصطلح محدث لا يُعرف في مدونات الإسلام. وظهوره كان إبان الثورة الفرنسية، وأول نص أثبت حرية الاعتقاد في فرنسا هو نص المادة الأولى من قانون 9 ديسمبر 1905م، الذي قرر أن الجمهورية الفرنسية تضمن وتؤكد حرية الاعتقاد، وتضمن حرية ممارسة الشعائر في ضوء القيود التي يفرضها النظام العام.
ثم أُقِرَّ هذا الحق للإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مادة (18) وفيها: لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده أو مع جماعة وأمام الملأ أو على حدة.
ومعنى حرية الاعتقاد- ليست تحترم الأديان، ولا تحافظ عليها، ولا ترى لها أي حق، وإنما تحترم حق الإنسان في التدين بأي دين أو نحلة، وله أن ينتقل من دين إلى آخر،مثلا من مسيحي الى مسلم من ملحد الى مسيحي او مسلم وهكذا ويسمونها: حرية الاعتقاد الإيجابية،
ويقابلها: حرية الاعتقاد السلبية، وهي أن لا يدين بشيء، أو يعتنق الإلحاد، ويحارب الأديان.
وبناء على ذلك فإن شتم الله تعالى وشتم ملائكته ورسله وكتبه وشرائع دينه حق مكفول لمن يدين بكره الأديان، ويريد شتمها، ما لم يترتب على ذلك أذية متحققة لمن يدين بالدين المشتوم، كأن يكون في شتم دين ما تحريض على إيقاع الأذى والعنف على من يدينون به.
وخلاصة القول حرية الاعتقاد هي جزء من الحرية الفكرية، أو حرية الرأي، وتسمى حرية الضمير، وحرية التفكير، وهي بكل هذه المسميات جزء من منظومة حقوق الإنسان المقرة دوليا في إعلانات حقوق الإنسان.
وهي من المصطلحات التي يحارب بها الحق وأهله، فكل من عارض باطلا أتت به الحرية بمفهومها الغربي اتهم بأنه عدو للحرية
حرب المصطلحات والحروب العسكرية، والحصار الاقتصادي، والتجريم الدولي؛ فيُسَكُّ المصطلح في دوائر الاستشراق الغربي، لينتقل منها إلى أجهزة المخابرات، التي تقذف به إلى سوق الإعلام؛ ليطرق الآذان، وتعتاده، ثم بعد ذلك يلصق بالمستهدف به
القانون الغربي يقول بأن الإنسان حر في تفكيره ومعتقده.
اما قانون الاسلام فالحرية لها ثلاثة أنواع: حرية التفكير، وحرية الاستدلال، وحرية الاعتقاد، وكل حرية لها حد معين.
🔹حرية التفكير: الإنسان حر في تفكيره، بمعنى أن منهج التفكير باختيار الإنسان، إذ أن عقل الإنسان صندوق عنده وهو حر فيه، فلا أحد يقول لآخر فكر بذا ولا تفكر بذي
🔹 الحرية في الاستدلال: لو أتى شخص واستدل على قاعدة في علم الطب مثلاً بآية من القرآن لقيل له: هذا لا يصح؛ إذ الصحيح الاستدلال بالطب على قواعده، ولو أتى شخص واستدل على قاعدة في علم النفس بقاعدة في علم الطب، لقيل له بأن هذا خطأ، ولو قال: أنا حرٌ في الاستدلال، فيصح لي أن أثبّت علم النفس بعلم الطب، وأثبّت علم الطب بعلم الفلسفة
لقيل له: هذا ليس مجالاً للحرية، إذ لا معنى للحرية في الاستدلال، ولو كان هناك حرية في الاستدلال لما ثبت علم من العلوم، لأن أي إنسان يستطيع بإمكانه أن يقول: أنا لا أؤمن بعلم الطب لأنني حر! وعلم الفلسفة لا أؤمن به أيضًا لأنني حر!
؛ لأن للاستدلال طرقًا يجب سلوكها، فليس للإنسان أن يستدل بأي دليل، وليس للإنسان أن يخلط بين العلوم، وليس له أن ينكر العلوم بحجة الحرية، فالاستدلال لا حرية فيه، ولا معنى لها فيه، بل يجب الاستدلال بالطرق الصحيحة،
🔹الحرية في الاعتقاد: لو قيل للإنسان مثلاً: عليك أن تعتقد برجعة الأئمة إلى الدنيا، فإنه سيقول: ليس عندي دليل فكيف أعتقد بذلك؟! قبل أن يقوم دليل فهو حر، لكن بعد أن يقوم دليل قطعي لا يصح له أن يقول بأنه حر، وإذا قام عند الإنسان دليل واضح على وجود الله مثلاً لا يصح له أن يقول: حتى لو كان هناك دليل أنا حر!
ولهذا الإمام علي عندما يتحدث عن المتقين يقول: "هجم بهم العلم عن حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون"، فالعلم يهجم، بمعنى أنه يفرض على الإنسان النتيجة، فإذا علم الإنسان بالدليل فإن العلم بالدليل يفرض عليه الإيمان بالنتيجة، وهذا معنى "هجم بهم العلم"، حيث قامت عليهم أدلة واضحة على وجود الله، فلا يستطيعون بعد ذلك إنكار وجوده.
إذن هناك خلط بين المصطلحات، فالحرية في منهج التفكير صحيحة، وكل القوانين تقرها، بينما الحرية في الاستدلال خاطئة، إذ لا بد من الاستدلال بطريق صحيح، والحرية في الاعتقاد خاطئة أيضًا؛ لأن اليقين بالنتيجة بعد قيام الدليل اليقيني أمر تلقائي، وليس باختيار الإنسان أن يفكك بين اليقين بالدليل واليقين بالنتيجة.
⭕هدف الحرية الغربية مشروع للأرتداد
كان شخص في صلب المجتمع الإسلامي مؤمنًا معروفًا، وإذا به يجهر بالارتداد، فينكر وجود الله، أو ينكر نبوة النبي، فحينئذ بما أنه أعلن ارتداده في وسط المجتمع الإسلامي فإن إعلان الارتداد يوجب فتنة فكرية اجتماعية، ولأن إعلان ارتداده يوجب فتنة يستحق إقامة الحد، فالحد إنما يقام على من كان ارتداده موجبًا لحدوث فتنة.
وهذا الشرط الذي يراه بعض العلماء يستظهر بالرجوع للآيات الشريفة، كقوله تعالى: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾،
وقوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾.
هذه الآيات نستفيد منها أن الهدف هو منع الفتنة، فإذا كان الارتداد طريقًا إلى إثارة الفتنة كان موجبًا لإقامة الحد، وإلا فلا، وقد يقال بأن الآيات تتحدث عن القتال لا عن قتل المرتد،
وعن الإمام الصادق : "إذا أتى العبد كبيرة كان خارجًا عن الإيمان وثابتًا على الإسلام، فإن تاب واستغفر عاد للإيمان، ولم يخرجه للكفر إلا الجحود"، والجحود هو إبراز الإنكار، فإذا أبرز الإنكار مع قيام دليل أمامه فإنه جاحد ويقام عليه الحد.
وفي صحيحة محمد بن مسلم، ح1 من نفس الباب، قال: "من جحد نبيًا نبوته وكذّبه فدمه مباح... إلا أن يرجع ويتوب إلى الله مما قال"، فيقال: هذه الرواية مطلقة، ولكن أغلب العلماء يقولون بأن عندنا روايات فصّلت بين المرتد الفطري والمرتد الملي،
كموثقة عمار، حيث جاء فيها: "كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام.... فإن دمه مباح، وعلى الإمام أن يقتله، ولا يستتيبه".
❌وقفة مع الشبهات
الكثير يستدل عن حرية الفكر او الاعتقاد ببعض الايات وهنا اما انه يجهلها عمدا او قصورا
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ
هذه الآية لا تعني الحرية، بل إنها تعني البراءة، أي أنني برئتُ من دينكم كما برأتُ من ديني، ولذلك عندما نقرأ سورة الكافرون نجد سياقها سياق البراءة، حيث يقول تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُم وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾.
الآية الثانية والثالثة: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ﴾ ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾.
هاتان الآيتان معناهما الحرية السلطوية، أي أنك يا رسول صاحب سلطة، لكن لا تفرض الدين بالسلطة والقوة، إذ ليس للسلطة أن تفرض الدين بالقوة والقهر، فهذه الآيات تشير إلى الحرية السلطوية.
الآية الرابعة: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾.
أي أن وظيفتك تبليغ الحق، لكن ليس من وظيفتك أن تفرض عليهم الدين، بل دعهم يدخلون الدين عن قناعة واختيار، فمعنى الآية إثبات الحرية السلطوية لا الحرية القانونية.
الآية الخامسة: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾.
معنى هذه الآية أننا لا نحتاج إلى فرض الدين على الإنسان؛ لأن الدين واضح، وبعبارة أرخى: بعد أن تبين الرشد من الغي واتضحت الأدلة والبراهين والمعالم لا نحتاج إلى فرض الدين؛ لأن الفكر الغامض هو الذي يفرض، وأما الفكر الواضح فلا يحتاج إلى فرض، فالآية تريد أن تقول: الدين ومعالمه وأدلته واضحة، فلا نحتاج إلى فرضه على الناس، وهذا نظير قوله عز وجل: ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾.
إذن جميع الآيات لا تدل على الحرية القانونية، وإنما تدل إما على الحرية التكوينية، أو على الحرية السلطوية، أو على أنه لا حاجة إلى فرض الدين بعد وضوحه.
فأنت عندما تتكلم عن حرية الفكر والأعتقاد اعلم انها على موضعين حرية طبيعية وهي أنك خلقت فطريا على ملة ودين واتتك الحجة فأما أن تهتدي او لا
اما الحرية الأجتماعية فلباسك انت حر فيه نعم لكنك لايمكن أن تظهر في بلد مسلم له قوانينه واعرافه بلبس فاضح يخل في المجتمع حريتك تنطبق عليك انت وحدك وليس على المجتمع
من حقك انت حر تستخدم احدث انواع الحواسيب وتضع مايحلو لك من برامج انت حر لكنك ليس حر وليس من حقك أن تقوم بتصوير الاخرين في حاسوبك ولا من حقك أن ترفع صوت اغنية عجبتك في الطرقات الحرية لك لكن الحق للمجتمع
واخيرا وليس اخرا فمن يدخل مفهوم الصلاة والدين والحجاب والانحراف العقائدي ضمن أطار الحرية الفكرية وحرية المعتقد فهو واهم ومايريد بتلك شعارات الغرب ألا الفتنة فبينا حدود ومنعطفات وضوابط الحرية وأطر المجتمع بالدين
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat