يمشي السراب عاري القدمين في كبد الصحراء، ليغرد فرحًا حين يخدع أعين المارة، يظنوه ماء، وهو ليس إلا ارتفاع حرارة تنعكس على أحشاء الرمال، ليرى العابر بأنهُ قد نجا، هكذا يصبح الفساد حين يغمر قلب الإنسان، يلهث خلفه وينسى بأن القربة الممتلئة خير من بركة من الوهم، على جذع نخلة ، في مكة اهتز إطار روحي حين رأيتها مربوطة اليدين، أقتربت منها في غفلة
ليشرق سنا نورها على روحيّ،
كيف يُربط النور على يدي الظلمة تساءلت؟
-لتجيب بصوتً مبحوح: حين يعلن النور سطوته لا قوة لظلمة على حبسه إنها مجرد أوهام.
-يديكِ تنزف!
-ولكن قلبي حين احتضن الإسلام برا وجبر، لا تهم اليدين أن كان اليقين يقبع في الروح بأني أنتظر الجنة.
-سمية لماذا تتحملين كُلَّ هذا الألم؟
-من أجل دين جاء ليعز العبيد بعد أن اذلهم كبار القوم، دين يصون الكرامة ويرحم الضعيف ويجبر الكسير يدلنا على طريق الدعوات المجابة.
-ليقطع ذيل حوارنا ظل البعير القادم اتجاهنا .
-وصوت يعلو ويقول: يا سمية
أنقذي نفسكِ من هذا الألم وعودي لعهدك القديم
-هل أعود لذل بعد أن غمرتني الكرامة؟
أم لظلمة بعد أن وجدت النور؟
افعلوا ما أنتم فاعلين فو الله أن الأخرة خير وابقى.
-اربطوا يديها بناقتين واضربوا عليها لتتحرك،
-قبل ان ترحل قالت لي سمية :ـ لوجه الله لا يفنى العمل.
-ربطت يديها ولسانها رطب بذكر الله وسمعت صوت تمزق اعضائها من بعيد.
غارقة الروح في لج الأنين كلما صرخ البعير صرخت دموعي للإغاثة.
وبعد عناء توقف البعير واعادوها إلي النخلة.
-كيف تحملتي كُلّ هذا يا سمية؟
-السعادة التي تغمر قلبي أكبر من الأذى الذي يمس جسدي.
والفخر بكونّي أول من تُعذب في هذا الدين العظيم يجعلني أصبر وأتحمل والجنة تُنسيني كُلّ هذا السقم.
-لقد سمعت صوتًا قبل قليل وقالت تِلك المرآة إنهُ لصادق الأمين.
-لتفتح سميه عينيها فرحة: إنهُ النبي ماذا كان يقول؟
-لقد قال صبرًا آل ياسر إن موعدكم الجنة.
-هل قالها حقًا" الحمد لله"
-يأتي من خلفي صوت لعجوز بدا على شكلها الظلم والتجبر وتخاطب سمية وكأنها لا تراني.
-هل يفرحكِ هذا الكلام.
-والله بأنهُ أعظم ما سمعت ولو كُتب لي أن أعذب أعوام عديدة لكانت هذه الكلمات كفيلة لتحمل كُلّ هذا الأسى .
ليتسلل خنجرًا حاد ويحتضن أحشاء سمية وتذهب روحها الطاهرة إلى بارئها وتكون أول شهيدة في الإسلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat