الاتعاظ بالمبادئ العقائدية خير من الثرثرة بالدين!!!
سيد صباح بهباني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سيد صباح بهباني

بسم الله الرحمن الرحيم
(رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا) الإسراء/25.
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) الإسراء/23.
(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء/24.
(وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) الإسراء/26.
كنت أتصفح عبر الفيس بوك وقرأت شيء هزني ::: وهذه قصة حصلت في إحدى دول الخليج وقد تناقلتها الأخبار، قال راوي القصة: خرجت لنزهة مع أهلي على شاطئ البحر، ومنذ أن جئنا هناك، وامرأة عجوز جالسة على بساط صغير كأنها تنتظر أحداً، قال: فمكثنا طويلاً، حتى إذا أردنا الرجوع إلى دارنا وفي ساعة متأخرة من الليل سألت العجوز، فقلت لها: ما أجلسك هنا يا خالة؟ فقالت: إن ولدي تركني هنا وسوف ينهي عملاً له، وسوف يأتي، فقلت لها: لكن يا خالة الساعة متأخرة، ولن يأتي ولدك بعد هذه الساعة، قالت: دعني وشأني، وسأنتظر ولدي إلى أن يأتي، وبينما هي ترفض الذهاب إذا بها تحرك ورقة في يدها، فقال لها: يا خالة هل تسمحين لي بهذه الورقة؟ يقول في نفسه: علَّني أجد رقم الهاتف أو عنوان المنزل، اسمعوا يا إخوان ما وجد فيها، إذا هو مكتوب: إلى من يعثر على هذه العجوز نرجو تسليمها لدار العجزة عاجلاً . وسارعت لكتابة هذا الموضوع....
لما نهى تعالى عن الشرك به أمر بالتوحيد فقال: { وَقَضَى رَبُّكَ } قضاء دينيا وأمر أمرا شرعيا { أَنْ لَا تَعْبُدُوا } أحدا من أهل الأرض والسماوات الأحياء والأموات .
{إِلَّا إِيَّاهُ } لأنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي له كل صفة كمال، وله من تلك الصفة أعظمها على وجه لا يشبهه أحد من خلقه، وهو المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة الدافع لجميع النقم الخالق الرازق المدبر لجميع الأمور فهو المتفرد بذلك كله وغيره ليس له من ذلك شيء .
ثم ذكر بعد حقه القيام بحق الوالدين فقال: { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } أي: أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي والفعلي لأنهما سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما يقتضي تأكد الحق ووجوب البر .
{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا } أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف. { فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية .
{وَلَا تَنْهَرْهُمَا } أي: تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشنا، { وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } بلفظ يحبانه وتأدب وتلطف بكلام لين حسن يلذ على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والعوائد والأزمان .
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ } أي: تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر لا لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما، ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد .
{وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا } أي: ادع لهما بالرحمة أحياء وأمواتا، جزاء على تربيتهما إياك صغيرا
وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق، وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين فإن له على من رباه حق التربية .
الإسراء.. { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا }
أي: ربكم تعالى مطلع على ما أكنته سرائركم من خير وشر وهو لا ينظر إلى أعمالكم وأبدانكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وما فيها من الخير والشر .
{إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ } بأن تكون إرادتكم ومقاصدكم دائرة على مرضاة الله ورغبتكم فيما يقربكم إليه وليس في قلوبكم أرادت مستقرة لغير الله . ولو قرأت رسالة الحقوق لإمام زين العابدين يبين لكم حق الأم والأب ومنها قال في حق الأب :
وأما حق أمك أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها ، وأنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه .
وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فانه لولاه لم تكن ، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك اصل النعمة عليك فيه ، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله .
وكذلك قال في حق رعاية المسنين :
وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الإسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تتقدمه ولا تستجهله ، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الإسلام وحرمته.
وكذلك حق الصغير قال :
وحق الصغير رحمته ( من نوى ) تعليمه ، والعفو عنه ، والستر عليه ، والرفق به ، والمعونة له .
وكذلك قال في حق الجار :
وأما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ، ونصرته إذا كان مظلوما ، ولا تتبع له عورة ، فان علمت عليه سوء سترته عليه ، وان علمت انه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ، ولا تسلمه عند شديدة ، وتقيل عثرته ، وتغفر ذنبه ، وتعاشره معاشرة كريمة ، ولا قوة إلا بالله .
وكذلك قال في حق الأخوة :
وأما حق أخيك فان تعلم انه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ، ولا عدة للظلم لخلق الله ، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له ، فان أطاع الله وإلا فليكن الله اكرم عليك منه ، ولا قوة إلا بالله.
وكذلك قال في حق الولد :
وأما حق ولدك فأن تعلم انه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره ، وإنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب ، والدلالة على ربه عز وجل ، والمعونة على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم انه مثاب على الإحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه .
{فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ } أي: الرجاعين إليه في جميع الأوقات { غَفُورًا } فمن اطلع الله على قلبه وعلم أنه ليس فيه إلا الإنابة إليه ومحبته ومحبة ما يقرب إليه فإنه وإن جرى منه في بعض الأوقات ما هو مقتضى الطبائع البشرية فإن الله يعفو عنه ويغفر له الأمور العارضة غير المستقرة .وأن مشكلة الشباب اليوم هي عدم إيمانهم المطلق بالله ولهذا يهربون من هذه المسؤولية الكبيرة التي أودعنا الله به لأبوين وجعل جزاء مقابل هذه المسؤولية ومنح الإنسان الكفاءة في دار الدنيا ودار البرزخ ودار الآخرة يوم العرض الأكبر وللأسف أن الكثير لا يأمن بالآخرة ويتصور الدنيا نقداً والآخرة نسيئة ! وهذه مشكلة الأكثرية ولهذا ربنا يقول : (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا)الإسراء...وأن الله سبحانه وتعالى يعلم من هو الصادق ومن هو الكذاب المرائي ,وبعد أن لأبوين حق القربى حق المسكين وأبن السبيل المقطوع . كما يقول تعالى ولم يختصر فقط بالأبوين لقوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا). ..
وللأسف أن في هذه الأيام توجد عصابات هم قطاعين الطرق في أوربا أو غيرها وينصبون ويحتالون على البسطاء والذين لا يعرفون اللغة البلد الذي قدموا إليها للعلاج أو غير ذلك..ويا سبحان الله والمرجو منك يا أخوتي أن تعودوا إلى تربيتكم العقائدية السمحة ولنتعاون ونستبق للفضيلة ونحتضن الأبوين والأيتام والأرامل والضعفاء ولنعمل لرفع شأن بلداننا والسعي لعيش لحياة أفضل وأعمار الأوطان والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat