صفحة الكاتب : د . علاء هادي الحطاب

درس خصوصي
د . علاء هادي الحطاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تُعد المدرسة سواء الابتدائية منها أو الثانوية، وحتى الدراسة الجامعية، إحدى أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية، بل وتؤدي هذه المدرسة دوراً يفوق دور الأسرة في بعض الدول المتحضرة، لأنّ الطفل يتعلم فيها سلوكه وسط مجتمعه بشكل أكاديمي ومدروس، إذ ربما تعلّم بعض الأسر أطفالها سلوكاً غير جيد، لأسباب كثيرة تتعلق بالأبوين والعائلة. لكن التزام المدرسة بمنهج مدروس بشكل أكاديمي يضمن للطفل، ومن ثم المراهق والشاب تربيةً سليمةً تكفّلت بها الدولة، ويتم تحديث تلك المناهج مع تطورات العصر وضروراته. لذا تحرص تلك الدول على إيفاء التلميذ بكلّ واجباته الدراسية داخل مدرسته، حتى يُتِمها على أكمل وجه. تدهور التربية والتعليم الرسمي التابع للدولة مؤداهُ خطيرٌ جداً على المجتمع، إذ يمثل ذلك غياب المنهج الأكاديمي في التربية والتنشئة الاجتماعية، وكلّما تراجعت أدوار التربية والتعليم الأكاديمي المنهجي تقدّمت مسارات وأنواع التربية الأخرى، تربية المقهى، الشارع، السوق، وغيرها، لاسيما في مرحلة المراهقة التي يتأثر فيها من خلال الأصدقاء والرفقة. تحوّل التربية والتعليم في العراق إلى معاهد ومدارس وجامعات أهلية، مع  تراجعٍ كبيرٍ في المؤسسات الحكومية الرسمية المعنية بالتنشئة والتربية والتعليم، مؤشر عام على حالة غياب التخطيط في إطار التنمية التربوية والتعليمية. وهنا لا نتّهمَ تلك المعاهد والمدارس والجامعات بالفشل.
نعم، ربما يعطون الطالب مادةً منهجيةً تمكنه من تجاوز الامتحانات وتحقيق درجات جيدة، لكن الحديث عن دور التربية وتنمية السلوك الصحيح لدى الأفراد “بما ينسجم مع قيم مجتمعاتهم ومعتقداته” التي لا تنشغل بها المؤسسات الأهلية أكثر من انشغالها بضمان نجاح الطالب وتحقيق درجات جيدة في مواده الدراسية، إذ أنها بالنتيجة مؤسسات ربحية، وليست مؤسسات خيرية. نعم، إنها مؤسسات تعليمية، لكن واقع الحال أثبت أنها مؤسسات غير تربوية، وهذا ليس اتهاماً لها بمقدار ما هو واقع نعيشه ونتلمس تمظهراته، وخير دليل، هو مجموعة الحالات السلبية التي تم تصويرها وبثها في مواقع التواصل الاجتماعي، حتما أنها حتى الآن لم تشكّل ظاهرةً اجتماعيةً، لكنها تؤشر بشكل واضح على غياب دور التربية في تلك المؤسسات الأهلية، وهنا لا نعمم الكلام والتشخيص لكل تلك المؤسسات. غياب مؤسسات التربية عن أداء دورها التربوي والتعليمي، يدفع أولياءَ الأمور والطلاب إلى تلك المعاهد والمدارس الأهلية، بالرغم من إنفاقهم أموالاً ليست بالقليلة في سبيل ذلك، لكن لا عزاء لأولياء الأمور، سوى زج أبنائهم في تلك المؤسسات، لضمان نجاحهم وتحقيق درجات ومعدلات جيدة تؤهلهم الانتقال إلى مرحلة أعلى. التراجع المستمر في أداء مؤسسات التربية والتعليم بات مؤَشراً وملحوظاً، وباتَ مألوفاً أن نزج بأبنائنا في المؤسسات الأهلية، في وقت كان فيه التدريس الخصوصي ممنوعا، قانوناً وعرفاً وواقعاً، إلا ما ندر، وإن دلّ هذا على شيء إنما يدلّ على غياب للتخطيط المنهجي التربوي والتعليمي في مؤسسات الدولة المعنية بذلك، كما أن هذا التفاوت يغيّب مفهوم العدالة والمساواة بين من يملك مالاً يدفعه لتلك المؤسسات وضمان نجاح أولاده بنسبة معينة، وبين من لا يملك، ويبقى يصارع غياب التعليم والتربية الجيدة في المؤسسات الرسمية.
إذا أردنا أن نُنشئ جيلاً سليماً يواجه كل المغريات المحيطة به، وسهولة وصولها إليه، فعلينا أن نمكّن مؤسساتنا التربوية والتعليمية من أداء مهماتها .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . علاء هادي الحطاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/06/25


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • فزعة زلزال  (المقالات)

    • نور  (المقالات)

    • عراقي  (المقالات)

    • بلا تدقيق  (المقالات)

    • طفيليات  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : درس خصوصي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net