الرجوع في القرآن الكريم (الحلقة الاولى)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

الرجوع يعني العودة. ويأتي ايضا معناها العودة الى الحالة الاولى. ويقال رجع عن كلامه أي نقض قوله السابق. ويستخدم المصطلح في الشهادة بأن يقال رجع الشاهد عن شهادته. والمرجع أي يرجع إليه حسب اختصاصه. والطلاق الرجعي هو إرجاع الزوجة في العدة.
اكد القرآن الكريم ان الامور ترجع الى الله عز وعلا حيث قال الله تبارك وتعالى "وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ " (البقرة 210)، و "وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" (ال عمران 109)، و "لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ " (الانفال 44)، و "يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" ﴿الحج 76﴾، و "فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" ﴿فاطر 4﴾.
قال الله تبارك وتعالى "كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" (البقرة 28). قال ابن شهرآشوب: هذه الآية تدلُّ علىٰ أنَّ بين رجعة الآخرة والموت حياة أُخرىٰ، ولا ينكر ذلك لأنّه قد جرىٰ مثله في الزمن الأول، قوله في قصة بني إسرائيل "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ" (البقرة 243)، وقوله في قصّة عزير أو أرميا "أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ" (البقرة 259)، وقوله في قصّة إبراهيم "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ" (البقرة 260). وقال الشيخ الحرّ العاملي: وجه الإستدلال بهذه الآية أنّه أثبت الإحياء مرّتين ، ثمّ قال بعدها "ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" (البقرة 28) والمراد به القيامة قطعاً، والعطف خصوصاً بثمّ ظاهر في المغايرة، فالإحياء الثاني إمّا في الرجعة أو نظير لها، وبالجملة ففيها دلالة علىٰ وقوع الإحياء قبل القيامة. ورد اليه يرجعون او ترجعون او راجعون اي الى الله سبحانه وتعالى يرجعون او ترجعون او راجعون في آيات قرآنية فقال الله تبارك وتعالى "ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" (البقرة 28)، و "وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" (ال عمران 83)، و "وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" (البقرة 245)، و "وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" (الانعام 36)، و "الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" (البقرة 46)، و "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" (البقرة 156)، و "هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿يونس 56﴾، و "إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿هود 34﴾، و "كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿القصص 88﴾، و "فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿العنكبوت 17﴾، و "اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿الروم 11﴾، و "وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿يس 22)، و "فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿يس 83﴾، و "وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿فصلت 21﴾، و "وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿الزخرف 85﴾.
وردت مشتقات كلمة الرجوع في سورة يس كما قال الله سبحانه "وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿يس 22﴾، و "أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ" ﴿يس 31﴾ اي يرجعون الى الدنيا، و "فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ" ﴿يس 50﴾ اي لا يرجعون الى اهلهم، و "وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ" ﴿يس 67﴾ اي لا يستطيعون الرجوع، و "فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿يس 83﴾ اي ترجعون الى الله عز وجل.
ويرجو الله عز وجل ان يرجع عباده الى طريق الصواب كما قال عز من قائل "وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ﴿آل عمران 72﴾ اي يرجعون عن دينهم، و "وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ﴿الأعراف 168﴾، و "لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ﴿يوسف 62﴾ في تفسير اي يرجعون الى اهلهم، و "لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ﴿الروم 41﴾ اي يرجعون عن الكفر والاعمال الخبيثة، و "وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ﴿السجدة 21﴾ اي يرجعون الى الايمان، و "وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ"، و "وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ﴿الزخرف 28﴾ اي يرجعون الى طاعة الله سبحانه وتعالى، و "وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ﴿الزخرف 48﴾ اي يرجعون عن كفرهم، و "وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" ﴿الأحقاف 27﴾ اي يرجعون عن كفرهم فلم يرجعوا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat