صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

قراءة انطباعية في بحث من بحوث مهرجان ربيع الشهادة الرابع عشر (شعرية الخطاب البحثي)  للباحث الشيخ محمد كنعان من لبنان
علي حسين الخباز

  تطويع اللغة الشعرية في ادبيات البحث الاكاديمي، يترك مساحة واسعة للغور داخل البنية المعنى، ويمنح جواذب مهمة لتفعيل عملية التلقي، والباحث الشيخ محمد كنعان من لبنان قدم بحثاً من بحوث الجلسة الثانية من جلسات مهرجان ربيع الشهادة الرابع عشر في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، فقدم بحثه بأسلوبية شعرية تتبنى الموقف والفن والجمال بيقينية الفكر، فكان الاستهلال الشعري يقدم قراءته وفق دلالية تغني فاعلية النص البحثي فهو كتب: (بين يدّي الشهادة تتقدم الفصول، فكل شهادة ربيع حياة، فإذا ما أتت الشهادة طائعة مستكينة امام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) تغدو دما ساكنا في الخلد، تقشعر له اظلة العرش، وتنقلب الشهادة من صانعة مجد وعز الى قربان سماء بحبل ممدود هو الصوت، وغيره المدى يتسلق الى سلم الزمان مخترعا فضاء الوجدان).

 سنجد في هذه الشعرية العالية الساعية لخلق ألفة بين عوالم النص وعوالم الواقع، والسعي الراشد لارتباط الفعل الدنيوي بالأخروي، فنجده يركز على مديات التحويل (لابد من كفين مقطوعتين ينسجان بالفكر ما يمكن وما لايمكن وما زالت الى الآن هاتان الكفان هما الحجة الكبرى بين يدي فاطمة الزهراء (عليها السلام) يوم القيامة).
 بهذه الجمالية العالية يبعث الدلالة على معنى قرين العصمة وشقيق الدمعة وحليف البطولة، هذه الشعرية العالية في الخطاب البحثي حصنت المفهوم الاخلاقي العام لمسؤولية الابداع عند قراءة المرتكز التضحوي المقدس؛ لكونه يؤمن بأننا لا نستطيع الا قراءة الانعكاسات الفكرية للواقعة، ولا نستطيع ان ندركها إلا بعد ان نستسلم لهدير الحق المتمثل بالحسين (عليه السلام).
مشروع جريء ان ندخل عالم البحث بلغة شفافة، تسهم في ميلاد وعي جديد، ينطلق الى عالمية التوصيل من خلال القيم الابداعية بعيدا عن المعادلات المذهبية وعرض واقع فتوى الدفاع المقدسة التي اطلقتها المرجعية المباركة بما أحيته من وثبة جهادية ارسلتها الى العالم الحر؛ لكونها حالة رصينة.
 البحث التقط المعاني العميقة في الشعور الانساني لمجابهة الكوارث وعدم البقاء على هامش التاريخ ولتلافي سرطان الاحباط الذي يشكل مقاربات خطيرة للواقع المأساوي واستمرار المرجعية في صد الانتهاكات الخطيرة لأنسانية الانسان، وهذا يبرز المسؤولية الانسانية لدور المرجعية المباركة الذي ينسجم مع موقف الانتظام العام العالمي، أي معنى الوجدان وتفسير معنى الانسجام هو سيرورة الوعي في بنية الخطاب البحثي بعيدا عن التنظير والتفسير بل التفاعل مع تعزيز هذا الحراك المنسجم انسانيا.
 هنا تبرز اهمية السؤال: هل جاءت الفتوى وفق السياق التاريخي للايغال الشيعي في عمق الامة أم كانت حرفا نافرا؟ نعتقد مثل هذا السؤال يبرز قيمة الجواب، وفاعلية هذه اللغة الرحبة للانفتاح على المدرك الفهمي الذي يمتلك خزينا معنويا لا تؤثر به اعلاميات الانحراف الفكري لتأسيس عملية التواصل.
 وسعى الشيخ محمد كنعان الى ضخ فيوضات الواقع السياسي لتحريك فاعلية النص، العراق دولة مستقلة معترف بها لدى عصبة الامم المتحدة، ومن اولويات تلك الاتفاقيات ان يكون له الحق بالتصدي لكل ما من شأنه ان يعد تخريبا للنظام الاجتماعي العام، وجماعات التكفير هي من مفاسد الاخلال الممنهج لقطع اوصال الترابط الانساني والوطني ونسخة غير منقحة من الخوارج، بكل انفلاتاتهم، والدول تتبع سياسات حكوماتها، ولها مصالح تمنعها من محاربة الخلل وادانته.
 وكان التقدير الغربي لإدامة هذه المواجهات لعشرين عاما أو يزيد، تركز الخطاب على لغة المواجهة المدروسة والبحث في اسباب تمييع القرار العالمي، لحساب لوبيات صناعة القرار في اكثر من عاصمة ونهضت الفتوى المباركة.
 يركز الاسلوب الخطابي الى معاينة الاسس الفكرية لتواجد المعصوم وعلاقة الالتزام العام بكونه شأناً من شؤون السماء، أما في غياب المعصوم تصير الأمور محكومة لقواعد اخرى من الالتزام والمفهوم الايفائي، فالعهد والعقد لا يناقش في وجودهما احد من المسلمين، الالتزام هو الذي اطلق الفتوى المباركة.
ورفع الباحث المبدع الحواجز النفسية ليبدأ الخطاب النصي دلالة من دلالات كشف الخطاب المرجعي، وتسليط الضوء على بنية الخطاب ومعناه الاشراقي، ففي فتوى سماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف) لم يذكر الشيعة اطلاقا بل دعت جميع العراقيين للدفاع عن التزامهم، والوقوف بوجه الفوضى هذا هو ما اطلق عليه الباحث بالانسجام المتكامل، ونص الفتوى لا يحمل توقيع سماحة السيد علي السيستاني(دام ظله الوارف)، وانما حمل توقيع النجف الموغلة في التأريخ للحفاظ على بيضة الاسلام وحرية البلاد، قدم لنا الباحث الشيخ محمد كنعان موهبته الادبية والفكرية في بحث موهوب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/29



كتابة تعليق لموضوع : قراءة انطباعية في بحث من بحوث مهرجان ربيع الشهادة الرابع عشر (شعرية الخطاب البحثي)  للباحث الشيخ محمد كنعان من لبنان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net