صدرت اوامر الفرقة الحادية عشرة بتحرك لمش 47 الى شمال المحمرة وتحديدا الى المنطقة المحصورة بين محطة قطار الحسينية ومعبر الشهيد رقم /1 وطريق معسكر الدج الاحواز وتحرك فصيل الملازم زكي بامرة العريف جاسم حسوني وانتشر بالمنطقة المحددة له وسرت شائعات بأن القوات بالمحمرة والمناطق المحيطة بها ستقوم بهجوم مباغت على العدو حتى تسترجع النصف الثاني من المدينة وتقدمه هدية للقائد في عيد ميلاده وسخر بعض الجنود ممن طالت خدمتهم في القاطع من كذب ونفاق القادة الميدانيون خصوصا وانهم طردوا قبل فترة من ذلك النصف اضافة لعبادان وترعة بهمشير ومناطق اخرى بعد معارك رهيبة في قرية السلمان ودار خوين وغيرها ذهب ضحيتها الالاف من الجنود الذين تكدست جثثهم فوق بعضها يوم قصفتهم مدفعيتنا ودباباتنا بدلا من ان تؤمن لهم الحماية وهم يصولون على العدو واطلق وزير الدفاع وقتها كذبة كبيرة يداري بها الخسائر الفادحة التي مني بها الجيش هناك واصبحت مشهورة فيما بعد كتبت على لافتات حديدية وزرعت على دروب الالوية والوحدات ومداخل المعسكرات ( من معركة شرق الكارون نكسب الصفحة اللاحقة ) المهم الجميع يتحرك على اتجاهين مختلفين الاول معلن وهو تقديم هدية الميلاد للقائد والثاني عندما تقع المعركة وتقوم القوات الايرانية بالهجوم خصوصا وقد اصبحت قضية وقف الحرب ميئوس منها وفشل سيكتوري وتعب الباكستاني ( ضياع الحق ) من جولاته المكوكية والمهم كيف ينجو المرء بحياته واي طريق يسلك لكي يخلص من نيران الايرانيين ولجان الاعدامات ومعلوم ان الإيرانيين اطلقوا اسم مدينة الدم ( خنن شهر ) على المحمرة في حين اطلق رشدي عبد الصاحب - المذيع الذي سفر الى ايران مع المسفرين لو لا ان يشفع له تاريخه في خدمة الحزب - او اديب الناصر ذلك الشاعر الذي وجد عوضا عن التغني بفلسطين تعداد مآثر القائد وجيشه في لحظة زهو ( خميني غراد ) تيمننا ب( استالين غراد ) .
جمع العريف جاسم حسوني اشلاء فصيله وتداول معهم بالامر واخبرهم ان امر الفصيل سيلتحق خلال اليومين القادمين وان الفصيل سينفذ واجبا قتاليا خلال هذه الفترة وعليهم ان لايظهروا خوف او تردد حتى نتمكن من معرفة نوع الواجب ودراسة وضع العدو ومكان لجان الاعدامات وفي حالة حضور الملازم زكي سيكون لكل حادث حديث ويكون هو صاحب القرار وعلينا الانتظار .
مرت يومان بدون مشاكل او تعرض من قبل العدو وصمتت الجبهة صمت القبور .
وصل الملازم زكي في حدود الساعة العاشرة وذهب مباشرة الى مقر السرية ومن هناك الى اجتماع الضباط مع امر الفوج الذي ابلغ امري السرايا والفصائل بالاوامر الصادرة بضرورة تقديم هدية تليق بالميلاد الميمون واقترح ان يكون الملازم زكي وفصيله اول من يقوم بهذه المهمة الوطنية خصوصا - والكلام لامر الفوج - ان الملازم زكي شجاع ومخلص للحزب والثورة ويحب القائد وهو من اكثر النتحمسين للتضحية من اجل الوطن والقائد واردف مو تمام ملازم زكي ؟.
. نعم سيدي لعيون القائد كلشي يهون .
. بارك الله فيك .
خاطب امر الفوج قائلا:
بعد تناول الطعام تتحركون الى سراياكم وفصائلكم وترتبوا حالكم وتنظرون الاوامر .
اجاب الجميع .. نعم سيدي .
انتحى امر الفوج بالملازم زكي جانبا وجرى بينهم حديث اثار حسد البعض ورغبة اخرين بمعرفة مادار رغم انه حوار تافه ككل الحوارات الاخرى ولم يتعدى عن عدم ثقة القيادة بالجنود وخصوصا من اهل الجنوب وبعض الضباط وقال فيه امر الفوج .. علينا نحن اهل تكريت وبيجي وسامراء وضلوعية والشرقاط والفلوجه شد ازر القائد ومراقبة الخونة والعملاء وكان الملازم زكي طيلة الحديث يهز راسه علامة الموافقة والتصديق وتصنع التحمس رغم انه لم يعي من كلام امر الفوج حرفا واحدا .
في الطريق الى مقر السرية دعاه امر السرية للجلوس بجانبه وتحدث معه بكل لطف وسأله ان كان مايشاع عن قرابته بالسيد الرئيس حقيقة وهل كانت قرابة دم او مصاهرة ؟ فاستغل الملازم زكي الموضوع واكد ذلك تلميحا مدعيا ان البو ناصر اخواله وهو صادق في ذلك تماما لان ام زكي من بيت يسمى في عشيرتهم ( بيت نويصر ) وهو بذلك لم يخدع احدا فقط اوهم غبيا او على حد وصف جاسم حسوني اوهم ( جحش ) بمنصب امر سرية بان اخواله الحكومة .. بعدها اخبره امر السريه انه سيكمل كل نواقص فصيله من السلاح والعتاد والجنود والمعدات حتى يكون جاهز لتنفيذ الواجب ويرفع راس السرية عاليا .
اجتمع الملازم زكي مع عريف جاسم حسوني لمدجة ساعة تداولا بينهما سرا على مواجهة الوضع بايسر الحلول واقل الخسائر وقر رأيهم على التسليم لقوات العدو في حالة المحاصرة او الوقوع في مطب لايمكن الخلاص منه واتفقا على ان لايشتبكوا مع العدو ماكان الى ذلك سبيلا ثم وزع عريف جاسم ارزاق الطواريء وعتاد الخط الاول والثاني وتأكد من كل التجهيزات ودس بين رزمة منها قطعة قماش بيضاء لضرورة لايعرفها الا زكي وجاسم .
. في الساعة الثامنة مساءا وصلت برقية من مقر الفوج تكلف الملازم زكي وفصيله بنصب كمين على طريق دوريات العدو قرب معبر الشهيد /1 على ان يتم تنفيذ الواجب وحددت ساعة الصفر ( 2200) من هذا اليوم وينتهي الواجب في الساعة ( 300 ) من صباح اليوم التالي ..
. سارت الامور بشكل اعتيادي وتوزع الفصيل في منطقة الكمين وطبق الملازم زكي ماتعلمه من دروس التعبية في الكلية واخذ موقعه هو وعريف الفصيل في الوسط لتسهل له السيطرة ويسهل على الاخرين سماع اوامره وظل هو وابن حسوني يراقبون الموقف ويتمنون ان تمر ساعات الواجب بسلام .
استعرض الملازم زكي شريط الاحداث التي مرت في اجازته وكيف احترقت المسافات بينه وبين ( اسليمه ) وود لو انه يستطيع البوح لصديقه جاسم واطلاعه على قصة حبه الكبير لاخت صديقه خصوصا بعدما اعترفت له واعترف لها بالحب واتفقا على رسم خطكوط عريضة وامال لحياة مشتركة قادمة على ان يعيشا كعاشقين لعدة اشهر قادمة ثم يتقدم لخطبتها رسميا ويتم الزواج بعد سنة وترك قضية دراستها الجامعية للظروف وقدرهم المشترك لكن راى ان الوقت غير مناسب وربما اتهمه جاسم ولو سرا بالجنون او الغفلة خصوصا وهما يواجهان الموت بين لحظة واخرى من دون القدرة على رؤية شبح ذلك المخلوق غير المحبب للنفوس .. اراد ان يهمس باذن جاسم لكن السماء اضيئت فوقهم فجأة بالكامل وتوهجت فيها قنابر التنوير وتعالى صوت رصاص من بنادق خفيفة فامسك الجميع بنادقهم بصمت ورهبة من المجهول وتأهبوا انتظارا لاشارة امر الفصيل .. ونظر امر الفصيل الى ساعته وحفظ في ذاكرته وقت اندلاع الرصاص ثم مرت دقائق طويلة لم ياتي فيها امر الملازم زكي حتى انقطع الرمي وانطفأت مشاعل التنوير بعدها خيم سكون مرعب وفي غمرة هذا السكون سقط ثلاثة اشباح وسط الكمين بالقرب من الملازم زكي وعريف جاسم فقاما على الفور بمساعدة اقرب الجنود عليهم بتكميم افواههم وتكتيفهم واصدر امر الفصيل امرا فوريا بالانسحاب الى قاطع السرية ساحبا معه غنيمته الثمينة .
. على الفور اخبر الملازم زكي امر السرية بتمكن فصيله من صد هجوم مباغت قام به العدو وقتل وجرح المهاجمين وتم اسر ثلاثة عناصر منهم في حين لاذ الباقون بالفرار تحت جنح الظلام واعطى توقيتا للهجوم هو نفس التوقيت الذي سمع به هو والعريف جاسم صوت الرصاص ساعة ما كان في الكمين .. وعبر امر السرية الموقف للفوج واضاف عليه شيئا من عنده يتمثل بدعم السرية للفصيل في ساعة الاشتباك مع العدو وتوفيرها غطاءا ناريا عند انسحاب الفصيل وفعل مثله كل من عبر الموقف من القادة الميدانيون حتى وصل الى قائد الفيلق ,الذي زف البشرى للقيادة العامة مضخما الحدث الى اقصى ما يمكن جاعلا منه الهدية الكبرى للميلاد الميمون فما كان من القيادة الا صياغة بيان فوري صادر عنها في غير الوقت المعتاد لبياناتها . .
( وبغداد ترتدي ازهي حللها استعدادا للاحتفال بعيد ميلاد القائد اصر جنده الابطال على المشاركة وتقديم هدية الميلاد لقائدهم وحبيبهم اذ كانت قوة للعدو تتقدم باتجاه قواتنا في القاطع الجنوبي تصدت لها وحدة عراقية باسلة بقوة فصيل وصمدت بوجه هجومها وتمكنت من قتل وجرح جميع عناصر القوة المهاجمة واسرت ثلاثة منهم وقد ضرب اعضاء هذا الفصيل البطل وامرهم اروع الامثلة بالصمود والشجاعة وحب القائد لحظة هزجوا باسمه وهم يجهزون على فلول العدو الهاربين .. مبارك ميلادك سيدي وقرة عيون جندك الابطال بك ياصانع النصر .
. طلبت القيادة على الفور تزويدها باسماء القوة البطلة وسحبهم جميعا الى المعسكر الخلفي للواء .درج الملازم زكي الاسماء وقدمها الى امر السرية الذي شطب قسما منها واضاف لها اسم سائقه ومراسله فاقترح الملازم زكي ان تبقى الاسماء كلها ويضاف لها السائق والمراسل لكن امر السرية قال له :
هذا مو شغلك ملازم زكي !!
وهكذا فعل الاخرون حتى وصلت الاسماء للقيادة في ظرف ساعتين وطلب احضارهم الى بغداد بطائرة سمتية لمقابلة القائد .. عندما هم الملازم زكي بصعود الطائرة وجد ان اغلب الوجوه غريبة وان عريف جاسم حسوني استبدل بعريف جاسم اخر اسم ابوه وجده ( عران خلف ) فاراد الاعتراض لكنهم اجبروه على ركوب الطائرة وسط وجوه لاتمت لفصيله بصلة وهناك في القصر الجمهوري تمنى زكي ان لم تلده امه واذا ولدته لم يكن ملازما او عراقيا اذ حجز ومعيته في احد القاعات من الصباح الى الساعة الثالثة من صباح اليوم الثاني وسط اجراءات وفحوصات واهانات لاحصر لها بعدها نقلوهم الى قاعة اخرى والبسوهم بدلات جديدة واجلوسهم مع اخرين ثم اطل القائد في الرابعة ومعه ارتال الحماية وبدأ خالد عبد المنعم يقرأ المراسيم.
مرسوم جمهوري
نظرا للشجاعة الفائقة التي ابداها الملازم زكي صفوك الشمران ودفاعه عن العراق العظيم رسمنا بما هو آت :
1- يرقى رتبتين اعلى
2- يمنح ثلاثة انواط شجاعة
3- على الوزراء المختصين تنفيذ هذا المرسوم
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat