صلح الإمام الحسن (عليه السلام).. غدير عزّ ولغز جهاد
د . وسن صاحب عيدان
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . وسن صاحب عيدان

يمكن أن نعد صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية من أصعب مراحل مسيرة الإمام في الإسلام، وكان أكثر الهدنات ثورية في التاريخ، وكان هذا الصلح مثاراً للجدل والنقاش دائماً، وحاول المغرضون بأقلامهم المأجورة والجاهلون بنظرتهم الجاهلية أن يحّرفوا هذه المسيرة الإيمانية للإمام الحسن (عليه السلام).
إن الأئمة جميعاً مظهر للتقوى والسياسة، وإنهم يشتركون جميعاً في التقوى والإيمان ويختلفون في الأسلوب والسياسة، ولكنهم يصبون الى هدف واحد، وما كان صوت الحسين المدوي وتضحياته ليسجلا في التاريخ من دون صلح الإمام الحسن، وان كل أولئك الذين اتهموا الإمام الحسن (عليه السلام) بطلب العافية والدعة وتمّنوا بعواطفهم أن يختار الشهادة، كانوا مخطئين إلى أبعد الحدود.
ربما كان احتمال الشهادة على الإمام الحسن أسهل، غير أنه كان يفكر بانقاذ الإسلام والمسلمين، ولاشك انه لولا صلح الإمام الحسن مع معاوية، وكونها مقياساً اختبارياً في نقض ما جاء فيه لما حدثت ثورة الحسين، ولو لم يشترط الإمام الحسن على معاوية بشرط يحرمه من حق الاستخلاف حتى ينقضه باستخلاف يزيد لما كانت هناك ذريعة مقبولة للإمام الحسين في ثورته، ولا كان هناك دليل يستدل به شيعته.
ويعبر أحد المؤرخين عن هذا الصلح بقوله: إن الحرب والسلم وسيلتان لتحقيق هدف ما، فإذا كانت الحرب هي الحقيقة للهدف الحقيقي كانت هي الممدوحة دون السلم، وإن كان العكس فالممدوح هو السلم دون الحرب، وإن كانت الحرب وسيلة للأهداف المزيفة كانت الحرب هي المذمومة وكذا السلم، فالرسول (ص) حارب حيث كانت الحرب هي الوسيلة لتحقيق الهدف الإلهي، وسالم حيث كان السلم هو المحقق للأهداف الحقة، فحارب في بدر وأحد والأحزاب وغيرها، وسالم بني ضمره، وبني أشجع، وأهل مكة، حيث انصرف من الحديبية والهدف من كل ذلك هو الحفاظ على الدين ونشر الإسلام، فالإمام الحسن صالح لأجل تحقيق الأهداف التي صالح من اجلها رسول الله(ص)، والإمام الحسين حارب يزيد لأجل نفس الهدف الذي صالح من أجله الإمام الحسـن معاوية، وحارب من أجله الرســول (ص) والإمام علي (عليه السلام).
فهل يقال بعد ذلك أن ثورة الإمام الحسين بالحرب أولى من ثورة الإمام الحسن بالسلم؟ وهل يمكن للإمام الحسن أن يترك طلب الشهادة؟ لولا أن الشهادة في المعركة تعني شهادة الدين.
وأخيراً.. يمكن القول بأن الإمام الحسن خطى أكبر خطوة إصلاحية وفتح باب مدرسة الإصلاح والأخلاق في وقت كان تحكم فيه الفتنة والسلاح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1- محمد جواد فضل الله، صلح الامام الحسن اسبابه ونتائجه، بيروت: دار الزهراء،1987.
2- جبار صالح التميمي، صلح الامام الحسن دراسة تاريخية، بيروت: مكتبة المكتبة، 2016.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat