اسهامات الامام علي عليه السلام في جمع المصحف الشريف
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: أن هذا القرآن الموجود بين أيدينا هو الكتاب الذي أنزله الله على رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو الكتاب الذي تكفّل الله بحفظه وتخليده. وقال عليه السلام: واعلموا أنّ هذا القرآن الناصح الذي لا يَغُشّ ، والهادي الذي لا يُضِلُّ، والُمحدِّثُ الذي لا يكذبُ. وما جالس احد هذا القرآن إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، زيادة في هدىً أو نقصان من عمى. واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنىً، فاستشفوه واستعينوا به ; فإنّ فيه شفاء من الداء ومن الكفر والنفاق والغيّ والضلال، فاسألوا الله به وتوجّهوا إليه بحبّه. وإن الكتاب َمعي، ما فارقته مُذ صحبتُه.
قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم (عليٌّ مَعَ القرآنِ والقرآنُ مَعَ عليٍّ، لنْ يفترقا حتّى يَرِدَا عَلَيَّ الحوضَ). عن أبي سعيد الخدري قال: سألتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن قول الله تعالى "وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ"، قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب عليه السلام. عن علي بن حوشب قال: سمعتُ مكحولاً يقول: قرأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم "وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ"، فقال: يا علي، سألتُ الله أنْ يجعلها أُذنك. قال: قال علي عليه السلام: فما نسيتُ حديثاً أو شيئاً سمعتُه مِن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (عليّ عليه السلام أقضى أمتي بكتاب الله، فمن أحبني فليحبّه، فإن العبد لا ينال ولايتي إلاّ بحبّ عليّ عليه السلام). قال الامام علي عليه السلام (وإن الكتاب لَمعي، ما فارقته مُذ صحبتُه). وهو القائل: (سلوني عن كتاب الله، فوالله، ما من آية إلاّ أنا أعلم أَبِلَيْلٍ نزلتْ أَمْ بنهارٍ، أَمْ في سهلٍ أَمْ في جبلٍ).
وترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصحفاً في بيته خلف فراشه مكتوباً في العسب والحرير والاكتاف، وقد أمر علياً عليه السلام بأخذه وجمعه. أن الإمام علي عليه السلامً اعتزل الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لجمع القرآن الكريم، وكان موقفه هذا بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه قال: لا أرتدي حتى أجمعه. وروي أنه لم يرتد إلاّ للصلاة حتى جمعه.
ان القرآن دوّنه وكتبه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في حياة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، لكن جمعه في مصحف واحد على أثر وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحصل الجمع بعد رحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وكان الإمام يكتب ما كان يمليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قطع متفرقة، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جمع الإمام تلك القطع المتفرقة في مصحف واحد بين لوحين في ثلاثة أيام بعد ترتيبها. وورد من البعض ان الامام علي عليه السلام قد جمع القطع في ستة شهور. واختلفت الروايات في طريقة جمع الإمام علي عليه السلام منها حفظ القرآن في الصدر عن ظهر قلب.
من المصاحف المهمة مصحف موجود في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء في اليمن وهو بخط الإمام علي عليه السلام وعليه آثار دم الطفلين الشهيدين قثم وعبد الرحمن ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب والذين ذبحهما وهما يلوذان بـ المصحف بسر بن أرطأة شرطي معاوية بن أبي سفيان الأموي عندما هجم على الحجاز واليمن وتم قتل الصبيان والنساء من أتباع علي بن ابي طالب عليه السلام ومن ضمنهما هذين الطفلين في اليمن وهما من أولاد عبيد الله بن العباس رضي الله عنه والي علي عليه السلام في اليمن. ويوجد ضريح لهما في صنعاء. وبقاء المصحف وعليه دماء الطفلين اية للاجيال لكشف مظلومية اهل البيت وفسق بني امية "فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً" (يونس 92). و تعتبر نسخة المصحف مصدرا مهما لقراء القرآن الكريم. وتذكر المصادر ان كتبة هذا المصحف هم الامام علي عليه السلام نفسه، والآخرين بعد ان ردده عليهم الإمام علي عليه السلام هم عمار بن ياسر والمقداد وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري الذين تعاونوا على كتابته. وهي نفس نسخة القرآن الموجود في الوقت الحالي الا كلمة في اية 123 من سورة التوبة اقتلوا بدل قاتلوا. ومجموع مخطوطات المصحف 4500 مخطوطة. وقد فحصت بالكربون الاشعاعي وتبين صحة تأريخ المخطوطات التي ترجع لزمن الإمام علي عليه السلام. ومن المخطوطات الموقعة من قبل الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام والموجودة في المكتبة العلوية بالخط الكوفي آيات سورة النحل من آية 77 إلى الآية 99.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat