صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

( وكنت معهم ) القسم الرابع
علي حسين الخباز

 جنود المرجعية:

قال الشيخ عارف: أشهد أنهم كبار جنود المرجعية أبطال والله، وإلا من يستطيع أن يصل الى مثل تلك المناطق وفي ساعات الخطر، هذه هي يقظة الضمائر يا تحسين، فأجابه تحسين العبد الله: لو عرفت ماذا بعد حديثة؟ قال الشيخ عارف بدهشة: وماذا بعد؟ قال تحسين: اخبرني صديقي باسم النصراوي وهو يروي ما حدث:
 بعد العودة من مدينة حديثة، ولقاء سماحة السيد السيستاني (أعلى الله مقامه) والصدى الإعلامي الكبير والأثر الذي تركته تلك الزيارة في النفوس، اتصل مكتب سماحة السيد وطلب إمكانية الوصول الى مدينة الضلوعية.
 صاح الشيخ عارف مندهشا: الضلوعية محاصرة من ثلاث جهات يا تحسين..! أجاب تحسين: ارسلوا وفداً للاستطلاع أولاً لخطورة تلك المناطق، وبعد ذلك ليقرروا فتبين ان منطقة الضلوعية محاصرة من ثلاث جهات، رغم ان العمليات العسكرية قد فكت الحصار الخانق عليها الا انه لا يمكن الوصول اليها الا من خلال مدينة بلد الصامدة التي كانت تمثل عصب الحياة لأهالي الضلوعية، كانتا ترتبطان بجسرين تم تفجير احدهما، وهو الجسر الكونكريتي ليبقى الجسر الخشبي المتهالك هو الذي يغذي مدينة الضلوعية وتحت راية أهالي بلد الذين كانوا نعم العون والنصير لأهالي الضلوعية، لكن بهذا الجسر مشكلة انه لا يحمل اكثر من خمسة أطنان، ولا يمكن عبور السيارات الكبيرة من خلاله.
 العشائر التي تسكنها والتي استبسلت بوجه داعش هم عشائر الجبور وان الشرطة فيها لم تتقاضَ راتباً في تلك الأيام، وان فيها اكثر 120 شهيدا واكثر من 600 جريح وهي مأوى لسكان المناطق المجاورة مثل: العلم والبوعجيل وغيرها.
 ولما كان الطريق يمر ببلد اقترح الوفد ان تُشمل مدينة بلد بالمساعدات فتمت الموافقة على ذلك، ورصد مبلغ قدره 100 الف دولار مقدمة من مكتب سماحة السيد (دام ظله الوارف) واشتروا المواد الغذائية من السوق، إضافة الى ما أرسلته العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية، فصار مجمل ما ارسل300 طن حصة بلد، منها 150 طناً، والضلوعية150 طناً والتي نقلت الى مخزن في مدينة بلد استأجروه لخزن المواد وتعبئتها ونقلها لأماكن التوزيع، وهيئوا المواد التي ستوزع في منطقة بلد وجمعت البيانات بواسطة (الشيخ موسى الكيم).
 عقب الشيخ عارف: كيف استطاعوا حمل تلك المواد وبهذا الوقت العصيب على اهل الضلوعية، اكيد كان الله معهم؟ أتم تحسين حديثه: اما منطقة الضلوعية فبعد اكمال تكييس المواد على شكل سلال غذائية، كل كيس يحوي 11 مادة، إضافة الى كيس طحين وكيس رز نقلت المواد بواسطة سيارات صغيرة (نوع كيا) حمل لعدم قدرة الجسر الخشبي على تحمل السيارات الكبيرة، وأودعت المواد في متنزه فيه قاعة للمناسبات وتحت اشراف الأخ (العميد المتقاعد حسن دفر).
 وفي صبيحة يوم الثاني، مرت السيارات في وسط مدينة بلد باتجاه الشمال الشرقي منها حتى وصل وفد المرجعية المباركة الى ضفة النهر حيث الجسر الخشبي المتهالك ينتاب الانسان شعور بالخوف من سقوطه جراء الحركة او تفجيره في أي لحظة، اكثر شيء أغاظ داعش هو هذا الجسر الذي يغذي مدينة جميعها بشبابها وكهولها ونسائها واطفالها وانه الرابط الوحيد الذي يعبر عن التلاحم والتراحم بين أبناء بلد والضلوعية. عبرت السيارات واحدة تلوى الأخرى فكان بانتظار الوفد في الجانب الاخر جمع غفير من السادة المسؤولين والقادة العسكرين وشيوخ ووجهاء العشائر.
 كانت كلمة الشيخ كامل البلداوي: (نهنئ أبناء الضلوعية بالخصوص بهذا النصر وتحرير الأرض والوعد بتحرير كل ارض العراق من دنس الأشرار بيدي أبنائه لا غير وان المرجعية تأخذ بنظر الاعتبار الوقفة البطولية لأهالي الضلوعية المستمدة من وقفة ابي الاحرار الامام الحسين -عليه السلام- وانا موفودون من قبل مكتب سماحة المرجع الأعلى وان هذه الزيارة معنوية اكثر منها مادية وفيها جملة من الرسائل).
ثم تحدث عضو مجلس المحافظة عبد الله الجبوري: (انا لمسنا ان المرجعية على مسافة واحدة من جميع المكونات وانها أب لجميع العراقيين).
وكانت هناك كلمة لقائد شرطة الضلوعية قال فيها: (نشكر اهتمامكم بقضايا الضلوعية وانا طبقنا فتوى المرجعية في حماية العراق وان شاء الله سنبني العراق عموما وان أهالي الضلوعية قد أعطوا بهذه المعركة التي دارت على ارض يسكنها عشائر الجبور اكثر من 118 شهيدا وأعطى إخواننا اهل الجنوب بهذه المعركة 35 شهيدا، ابتداء باللواء الركن عباس حتى اخر شهيد اسمه حيدر).
ثم كانت لوفد المرجعية جولة في منطقة الضلوعية التي يحتضنها نهر دجلة من كل جانب، الأرض توحي ان هناك معارك شرسة دارت رحاها على تلك الأرض حيث الدمار والبيوت التي لم يتبقَ منها سوى اكوام من حجر، وكانت أغلب جبهات البيوت تحمل اوسمة الرصاص الذي حفر تلك الواجهات والسواتر الترابية يميناً وشمالاً وخلفها الرجال يحملون السلاح، وإذا مر وفد المرجعية على مجموعة تبدأ الأهازيج والتلويح بعلامة النصر حتى وصل الوفد الى تجمع عسكري وسط المدينة ويبدو انه أعد لاستقبال الوفد فكانت اهزوجتهم: (اخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه) توقف الوفد المبارك وبعد السلام وأداء التحية تكلم صديقي الشيخ باسم النصراوي: (سلام ودعاء المرجعية اليكم والى كل أهالي الضلوعية؛ لأنكم لبيتم الفتوى التي لم تكن لطائفة دون أخرى بل هي للعراقيين جميعاً، وإن قول سماحة السيد يجب الدفاع عن المقدسات يعني بذلك كل ارض العراق مقدسة، وليس بخصوص النجف او كربلاء).
يقول صديقي الشيخ باسم: وصلنا الى نقطة التماس التي كانت مع العدو وقد صنعوا صرحا من بقايا العتاد المستعمل في تلك المعارك بساحة تسمى ساحة الاسناد واخبرونا ان العدو كان حينها يبعد 40 متراً فقط، وان الأهالي لم يتركوا ديارهم وكانت هذه المنطقة اكثر تضرراً وخراباً جراء القصف والمفخخات. 
قابلنا سيدة تسمى أم ضياء سلمت علينا وطلبت أن ننقل سلامها لسماحة المرجع وقصت لنا قصتها:ـ في يوم كنت مع ابني هذا اذ كان هناك هجوم للعدو فانفجرت سيارة مفخخة سقط ابني وبترت ساقه وأصاب الجميع ذهول وخوف مكن داعش من التوغل داخل الضلوعية، لكن انا ركضت واخذت سلاح ابني المصاب وهوست: (يا جمال الحق باري النا وشوف الزود الهم لو النا) عندها تناخى أهالي الضلوعية وطردوا العدو. 
قال لي احد الحاضرين: انها كانت في إحدى المعارك سببا رئيسيا بصمود اهل الضلوعية ونصرهم، ثم انتقلنا الى منطقة قريبة في اطراف الضلوعية حيث مقبرة الشهداء وذلك المنظر المهيب حيث كانت كل القبور تتوشح بالعلم العراقي وبينوا لنا ان هذه المقبرة جديدة حيث كانت أيام حصار داعش يدفن الشهداء داخل حدائق البيوت الى ان تم التحرير وجمع الشهداء في هذه المقبرة، تقدم احد الوجهاء وانشد:
 
أيها الساعي تمهل وتنبه ولا تتعجل
وعن السير توقف وعن الركب ترجل
واعتذر عن كل جزل واغتنم ما هو اجزل
وقف اجلال وعز واعتبر وتأمل
ان ترى ابهى مكان صار للأبطال معقل
طف عليهم وتبرك والى الله تبهل
ودعوا بالخير لهم وعلى الله توكل
فحماة الدار ها هم وهنا الصمصام قد حل

قال تحسين العبدلله: روى لي الشيخ في احدى مكالماته انه كان اللافت للنظر وجود عدد غير قليل من صور الأطفال الشهداء، فتساءلنا؟ فكانت الإجابة: كثرة قنابل الهاونات والمدافع التي كانت تسقط علينا خصوصاً في اذان المغرب مع اول تكبيرة للمؤذن: الله اكبر..!
هذه صورة طفلين اخوة يحملان العلم العراقي قال جدهما: انهما كانا اصدقاء الجيش والحشد استشهدا بقنبرة عيار 120هاون سقطت عليهما فتشظى جسداهما، ورأينا امرأة تجلس عند قبر عليه صورة طفل وهي تبكي، جلسنا عندها لمواساتها: (لا نقول لك الا ما قاله رسول الله –ص-: "العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول ما يغضب الرب" ونحن نشعر بالألم والحزن الذي بكم لكن مهما كان الألم الا انه رفع رؤوسكم انت واخواته ويكفي فخرا أنه دفن مع هؤلاء الابطال هو شفيع لكم يوم القيامة) بعدها قرأنا الفاتحة له. 
وقفنا على قبر لمصري الجنسية اسمه محمد شحاذه كان قد سكن في الضلوعية قبل اكثر من 20 سنة استشهد وهو في ساحة المعركة يدافع عنها مع أهلها. 
وقبر آخر لمسيحي أبى الا ان يقف مع اخوته، استشهد وهو يقاتل، ثم انتقلنا الى القاعة التي اجتمع الناس فيها وبدأت الكلمات.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/04/17



كتابة تعليق لموضوع : ( وكنت معهم ) القسم الرابع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net