هل سينجح مشروع الإمبراطورية البارزانية ..؟
فراس الغضبان الحمداني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ربما يحق للمراقب المتابع للمشهد السياسي والمواطن العراقي ( الكردي والعربي ) إن يتساءل عن مدى نجاح مشروع إقامة إمبراطورية بارزانية في كردستان العراق وتمتد إلى إيران وتركيا وسوريا وبعض المناطق الروسية على غرار جمهورية مهاباد التي يحلم بإعادتها مسعود برزاني .ولعله من المشروع جدا إن تكون للأكراد دولة مستقلة ولكن هذا الأمر مقرون بإرادة الشعب الكردي أولا وحقه في تقرير المصير ويرتبط أيضا بعوامل أخرى تؤشر نجاح هذه الدولة أو انتحارها وفي مقدمة ذلك الوضع الجغرافي في منطقة هي شبه مغلقة وكذلك البعد الجيوبوليتيكي لامتداد إقليم مسعود إلى دول الجوار فظلا عن الحاجة للثروات الاقتصادية والعمق التاريخي التي توفره دولة العراق .
إن حسابات تقليدية بسيطة بعيدا عن تنظيرات المحللين وثرثرات السياسيين تؤكد استحالة إقامة هذه الدولة و حتى جمهورية مهاباد التي لم يبق منها إلا الذكرى والطابع البريدي ولدت في ظروف استثنائية ومرحلة عابرة وان كل المؤشرات تؤكد إن الكرد أصبحوا جزا أساسيا من نسيج المجتمع العراقي وتربط العديد منهم المصالح والوشائج ولهم أواصر والعديد من المشتركات منها دينية واقتصادية واجتماعية وربما يطول المقام لذكرها هنا ولكن قد لا ينتبه الساسة الكرد إليها وأصبح مركز الدولة العراقية القوية مصدرا لقوة الإقليم وليس العكس صحيحا والدليل على ذلك إن السيد مسعود لم يصمد  4 ساعات أمام قوات طالباني فاستنجد بالحرس الجمهوري لصدام حسين لإنقاذه من الإخوة الأعداء في معركة أطلق عليها صدام عام 1996 ( آب المتوكل على الله ) وحينها سجد مسعود لصدام قبل إن يسجد إلى الله وتكرر ذلك بعد سقوط النظام عندما حاولت القوات التركية التوغل إلى مناطق نفوذ بارزاني فطالب على الفور حكومة المالكي للقيام بعملية مماثلة ضد الأتراك .
كل ذلك يؤكد إن الإقليم غير قادر للدفاع عن نفسه وان المحيط الدولي والدول المجاورة لن تسمح بإقامة هذه الدولة وامتدادها إلى كرد الدول المجاورة ومناطق الاتحاد السوفيتي السابق وبهذا ستكون هذه الإمبراطورية مهددة بالفشل أو بعبارة أخرى ستولد وهي ميتة لعدم توفر أي نوع من مقومات البقاء ولذلك انه من الغباء التفكير بالانفصال وهذا ما تعتقده النخب الكردية المتنورة لان بقاء الإقليم ضمن الاتحاد الفدرالي العراقي يضمن له حلبا مستمرا لخزينة الدولة العراقية ومشاطرة الآخرين ثرواتهم واستئثاره للنفط العراقي المستخرج في الشمال لمصالحه ناهيك عن مصادر أخرى للثروة يحتفظ بها لأنه يأخذ ولا يعطي .
ولو تصورنا انفصال كردستان وحرمانها من أل 20 مليار دولار سنويا حصتها من خزينة العراقيين سنكتشف بان هذه الدولة ستنهار من الجوع ولا تستطيع إن توفر رواتب البيشمركة الذين يأخذونها من وزارة الدفاع العراقية بالرغم من إن ولائهم ليس للدولة بل للإقليم وهناك عوامل أخرى كثيرة ستجعل الجيش التركي في أول ساعة من إعلان الانفصال قابعة في قصر مسعود في مصيف صلاح الدين وتتركه يهرول ويولول ويصرخ ( كاكه مالكي أنا بشاربك )  ، كل هذا يحدث والقوات الإيرانية لم تتدخل والقوات الأخرى في روسيا القديمة والنظام السوري القديم أو الجديد وربما سيدخلون في مارثون القبض على مسعود ونيجرفان  .
هكذا إذن إن هذا المشروع الأسطوري يمثل فكرة مجنونة لعقلية متطرفة ستجلب كل الويلات والمصائب للشعب الكردي لان مسعود وبدفع خليجي قطري إسرائيلي صهيوني يحاول إن يستفز مشاعر العراقيين عبر تصريحاته وتهديداته تعبيرا عن مخاوفه الذاتية واحلامه الخرافية .
 

الموضوع السابق دور الدكتاتوريات في ثقافة المجتمع

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat