صفحة الكاتب : نرجس مرتضى الموسوي

سوف أعاود الاتصال
نرجس مرتضى الموسوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  مع زقزقة العصافير، وتغاريد البلابل، وتراقص فراشات الأمل أمام ناظري، أمسكت يد ابنتي بقوة حينها شعرت بتوتر؛ لأنها ستفارقني للمرة الأولى، فهي في ربيعها السادس، واليوم هو يومها الأول الذي ستذهب فيه إلى المدرسة.

 في الطريق نظرت إلى وجهها المستدير الذي يشعّ بالبراءة والحيوية وعيناها اللوزيتان وشعرها الأسود كسواد الليل الداج، تتخلله تعرجات صغيرة منسدل على كتفيها، ملابس المدرسة وحقيبتها الوردية المرسوم عليها صورة الشخصية الكارتونية "ماشا" التي أصرت على شرائها، ولبّيتُ رغبتها بكل حب.

 امتلكت جمالا ساحرا، وصلنا إلى المدرسة، دخلنا، اوصلتها إلى الصف الأول، كانت تنظر بحيرة وزخات من الدموع تلألأت في عينيها كانت على وشك الهطول، وكأنها تترجاني بالبقاء، حاولت ارتشاف خوفها، طمأنتها ووعدتها اني سوف أعود وآخذها بعد انتهاء الدوام، عانقتني بشدة، طبعت قبلة دافئة على وجنتها الممتلئة وردا، حركت يدها الصغيرة لتودعني.
في طريق العودة إلى منزلي، عدت بذكرياتي إلى ذلك اليوم الذي ذهبت فيه إلى المدرسة، حين اركبني والدي على دراجته الهوائية كنت أشعر بأني أطير وشعري الحريري يلهو مع الريح يحجب عيناي عن النظر، اغلقها وأنا اقهقه وارتمي في أحضان السعادة.
 لكن، عندما وصلت إلى باب المدرسة شعرت برهبة، وأنا اقف امام باب الدخول؛ تسمرت، نظرت إلى والدي كنت أريده أن يدخل معي، نظر إلي بتجهم قائلا: ادخلي سيدق الجرس.
سحبتني الذكريات إلى كل معلمة أحببتها، وكل معلمة أو طفل أو طفلة تنمّروا علي، وبأدق التفاصيل حتى المكان الذي كنت العب فيه مع صديقات الطفولة: «شدة يا ورد شدة، يا بنات يا بنات ليش متغسلون ثوبي، واحد رماني ثنين رماني».
عودتي إلى الماضي الذي نفض التراب عن ذكرياتي الهاجعة، جعلني أتفكر في ذلك اليوم الذي سوف اخرج فيه من سجن الدنيا، حين أنظر إلى اهلي واقاربي نظرة اللاعودة، وهم يواروني تحت الثرى، وروحي المنهكة تحوم حولهم وتنادي ولا أحد يصغي لها، ثم يرحلون بعيدا، أبقى وحيدة في حفرتي انظر يمينًا وشمالًا لا أحد يؤنس وحدتي، اعمالي تُعرض عليّ كشريط سينمائي من المهد إلى اللحد، ترتعش فرائصي من الهلع، كل ما زرعته من صالح وطالح سألقى جزائي عليه، تتعالى صرخاتي: ربّ ارجعوني لعلي أعمل صالحًا.
القشعريرة سرت في بدني، شعرت برغبة عارمة بالبكاء، حوقلت، وقلت: أفوّض امري الى الله إن الله بصير بالعباد. اللهم اختم عواقب أمورنا خيرًا. اللهم لا تخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا.
قلت في نفسي: ما دُمتُ على قيد الحياة، سوف أعاود الاتصال، وأسعى إلى ما يرضي الله تبارك وتعالى.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نرجس مرتضى الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/23



كتابة تعليق لموضوع : سوف أعاود الاتصال
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net