يعد العراق من أغنى الدول في العالم، لاحتوائه على ثروات هائلة ومن ضمنها النفط الذي يوجد فيه بكميات كبيرة جداً...
لكن بالرغم من هذه الثروات إلا إن هناك الملايين من العراقيين يرزحون تحت خط الفقر والبطالة والحرمان او التشرد!... وهذا انعكس سلباً على المجتمع والبلد وادى إلى انتشار "ظاهرة التسول" بشكل مخيف.
ما ان تخرج في اي مدينة عراقية سترى أطفالا بعمر الورد وفتيةٌ من كلِا الجنسين بملابس رثة، وحتى كبار السن بأجسادهم المنهكة يتخذون من التسول مهنةٌ لهم، ستجدهم في الإشارات الضوئية، والتقاطعات، والأسواق، والاماكن التجارية، و بالقرب من دور العبادة، والمستشفيات، حتى و إن كنت في منزلك سيأتيك المتسولون ويطرقون الباب يرجون ان ترفق بهم بالقليل من النقود، ليتمكنوا من جمعها والعودة الى ديارهم.
نساء واطفال ومعاقون يجوبون الشوارع والتقاطعات، يمتهنون التسول كونها مهنة سهلة وذات مردود عال، كل يوم أعدادهم في تزايد مخيف.
أسباب كثيرة زادت من خطورة هذه المشكلة؛ لعل أهمها الظروف التي مر بها البلد من حروب، ونزوح، و الواقع الاقتصادي المزري، والإهمال الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، كل هذه الأسباب جعلت منها ظاهرة واسعة تشير الى ضعف مستوى الثقافة في البلاد.
الكثير من هؤلاء المتسولين يتم أستغلالهم من قبل "مافيات التسول" التي تجبرهم عن طريق التهديد بالنزول إلى الشوارع وجمع مبالغ معينة يومياً، البعض الآخر غالباً ما يكونون أطفالا ويتم استغلالهم من قبل ذويهم "الأب او الام" لكي يكسبوا بهم تعاطف الناس واستحصال مبالغ مالية، بالإضافة إلى الآلاف من النازحين العراقيين، واخرين يحملون الجنسيات الأخرى من العرب والأجانب.
التسول قد يكون مدخلاً او مبرراً لظواهر أكثر سلبية؛ والتي ربما تتطور إلى افعال أخرى كـ الجريمة المنظمة والاعتداء، والادمان على المخدرات، والكحول وغيرها من الأمور المشابهة، خاصةً عندما يدرك المتسول الفوارق الكبيرة في مستويات المعيشة، يخفى وراء المتسولين الكثير من القصص مثل التفكك الأسري، او قضية اجتماعيةً، او عشائرية، او مأساة انسانية تبحث عن الحلول.
عادةً ما يخرج المتسولون من أسر شبه مفككة وتعرضت لضغط اقتصادي مصحوباً بأزمة نفسية يتم بعدها زج الأبناء من قبل ذويهم في الطرقات والتقاطعات، وما ان يتم كسر الحجاز النفسي والاجتماعي في بادئ الأمر؛ حتى تصبح المهنة لديه اعتيادية كأي مهنةٌ أخرى.
المشردون هم المادة الخام لمشكلة التسول، ومعالجة مشكلتهم تعتبر الخطوة الأهم في الوقاية من اتساع ظاهرة التسول، إلا أن طرق العلاج التي تقدمها الحكومة لهذه الظاهرة تعد ضعيفة بالنسبة لاعدادهم الكبيرة، ما يدعو إلى عمل جدي ومعالجات حقيقية لهذه الشريحة.
إلى الآن لا توجد إجراءات حقيقية لعلاج هذه الظاهرة، لا شيء سوى حملات هنا وهناك بين فترةً وأخرى لجمع هؤلاء المتسولين، وبعدها يتم اطلاق سراحهم بحجة عدم وجود دور إيواء خاصة بهم.
فشل الحكومة في مكافحة ظاهرة التسول، والتشرد، أصبح واضح للعيان، ظاهرة التسول قد تحولت من حاجة إلى عادة، بعض المتسولين يمتلكون منازل وسيارات حديثة، البعض الآخر طبقة مسحوقة اجتماعياً، في بلد يصدر أكثر من مليوني برميل نفط يومياً، و ميزانيتهُ السنوية أكثر من (80) مليار دولار!، رغم كل هذه الامكانيات بقي الفقر مخيما على أبناء الشعب العراقي رغم وعود المسؤولين بالتغيير التي لم يتحقق منها شيء منذ ما يقارب الـ (20) عاماً.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat