صفحة الكاتب : عمار عبد الكريم البغدادي

من وحي شهريار وشهرزاد (51)  خلاصة محبة الأولاد
عمار عبد الكريم البغدادي

شهريار : خلاصة القول إننا حينما نعجز عن مد جسور الثقة مع أبنائنا وبناتنا ،ثمرة حياتنا ، وتشح لدينا اطلاقات المحبة الكفيلة بإدامة الترابط المقدس الذي انبثق في لحظات نفخ الروح في أجسادهم الرقيقة ،فإننا سنواجه أعظم الصعوبات في كتابة سطور رسالتنا الخالدة .

وكيف لنا أن نكون محبوبين عند الله والناس إن اخفقنا بكسب قلوب أولادنا وثقتهم ؟ !، ذلك لعمري أعظم بلاء يصيب الوالدين ،وأسوا درجات نحصل عليها في اختبارات الدنيا بأسرها .

ولعل أعظم محبة تتدفق من قلوبنا نحوهم تلك التي تبدأ بإصلاح أنفسنا بتحقيق إنتصاراتنا الداخلية على مكامن الضعف في أخلاقياتنا ومبادئنا ، لتمتد ضياءً ينير لهم دروب الحياة .

علينا أن نبرهن صدق محبتنا لهم بان نكون صادقين مع أنفسنا ، كي لا نضطر الى ارتداء أقنعة تغطي عيوبنا ، لكنها سرعان ما تتهاوى لتهدم جسور الثقة مع أولادنا .

بالتواضع نكسب قلوب الناس وبه ننفذ الى سرائر أبنائنا وبناتنا المتكئة على محبتنا ، وبذلك التواضع نزرع أعظم قيم النجاح في نفوسهم ، فحين نطبع على صدورهم ثقافة الإعتراف بالخطأ والإعتذار ، فإننا نمكِّن ذواتهم من الإرتقاء فوق مهارات التعامل الزائفة مع الناس ، ونضع في أيديهم مفاتيح كنوز القيم العليا، فتكون إنتصاراتهم الذاتية على رغباتهم السطحية ،وشهواتهم الدنيوية قاعدة متينة للإنطلاق نحو عالم الإبداع والتميز .

ولا ننسى أبدا أن من أعظم صفات المحبة لأولادنا تقدير ذواتهم وطاقاتهم ، وتقمص شخصياتهم من خلال الأنصات بإهتمام كبير لطموحاتهم ، والنظر للحقيقة عبر عيونهم هم لا من نافذة تجاربنا وأحلامنا الضائعة .

علينا أن نعاهد أنفسنا على خلع قبعة الخبير، ونكتفي بوضع قواعد عامة مبنية على ( السمات الأخلاقية ) ، وأن نترك لأبنائنا وبناتنا حرية خوض تجاربهم الخاصة ، ولو أننا أمعنا النظر بعين الرقيب الرحيمة في سنواتهم الأولى لتجاوزنا الكثير من اخطائهم في سنوات المراهقة ، وقطفنا ثمرات نجاحاتهم حتى قبل ان يبلغوا الرشد .

فإن وقعنا في الخطأ الشائع ( مازال صغيرا) ،فإن علينا أن نتدارك مافاتنا قبل بلوغهم سن المراهقة ،وأن ننزع عباءة المقامات العالية ، ونسعى جاهدين الى بناء علاقات محبة صادقة ، وثقة متبادلة توصلنا الى معاني الصداقة مع أبنائنا وبناتنا ، لنكون كنفهم الدائم حين يسقطون في شِباك الأهواء ، وأفخاخ النزوات لنضع معهم أسس التكاتف في معترك الحياة ، ذلك التكاتف الذي يصنع الإنتصارات المشتركة ،فتكون الأسرة قلعة محصنة بوجه التحديات ،وتحافظ على تماسكها حين تنزل الأقدار الجسام .

والمحبة المشروطة آفة تأكل الأخضر واليابس في مزرعة التكاتف التي تعتاش الأسرة على خيراتها ،وتستلهم منها طاقات الإبداع وحسن الإختيار ، ولتحقيق ذلك علينا أن ننسى مشاريعنا القديمة وأحلامنا الوردية ، وأن نقدر ذوات أولادنا ،ونحترم الزمكانية التي يعيشونها ، لاتلك التي بُنيت فيها تصوراتنا الذهنية ومقايسنا البالية للنجاح والتفوق .

وحينما نقتنع بأن الحتميتين الوراثية والنفسية تصنعان مزيدا من التطابق الأخلاقي والخَلقي ، لكنهما في جميع الظروف لا تحققان تطابقا في النظر الى الحقيقة أو في الطموح الشخصي ، فإننا نمتلك مفاتيح المحبة الصادقة لأولادنا ،ونتخلص من شروطها المقيدة لنجاحاتهم ، ونتربع على عروش قلوبهم كمشكاة تنير لهم دروب الحياة حتى بعد رحيلنا ، لتتجسد معاني الرسالة الخالدة بأعمق صورها ونتائجها .

وختاما علينا أن نؤكد مرة أخرى : إن الأنصات بنية الفهم والتقمص الشخصي هو مفتاح المحبة في قلوب أبنائنا وبناتنا ، حينما ننصت لهم نمنحهم الثقة لندخل قلوبهم ،فان دخلناها منحناهم مفاتيح الأبواب المغلقة، فإن إمتلكوا تلك المفاتيح السحرية سلكوا الطريق الصحيح لتحقيق ذواتهم وطموحاتهم .

نحن الشجرة وهم الثمار ، وكيف للثمار أنْ تكون بطعم الشجرة ؟ ، أو أنْ تأخذ شكلها او لونها ؟ ، لكنها المحبة الصادقة .. غذاء معنوي ومادي بقيمٍ عالية يمنح الثمرة أدق تفاصيل النمو الصحيح ،وأفضل سمات التطور الطبيعي ، حتى تكون بأحلى ألوان الدنيا وأشهى أطعمة النجاح والتفوق .

مقتبسات من مؤلفي : شهريار من بغداد وشهرزاد من القاهرة

للتواصل مع الكاتب : ammaralbaghdadi14@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار عبد الكريم البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/04



كتابة تعليق لموضوع : من وحي شهريار وشهرزاد (51)  خلاصة محبة الأولاد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net