الرحمة من صفات الخالق سبحانه تعالى

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  الرحمة صفة من صفات الإسلام، وميزة من مميزات الرسول الكريم (ص) قال الله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» [الأنبياء/107] وهي مستمدة من صفات الخالق الرحمن سبحانه تعالى، ومن الرحمة سمات تتخصص في كلّ شأن منها الرحمة الاجتماعية حيث حثّ الإسلام على إشاعة المحبة والرحمة داخل الأسرة؛ كونها اللبنة الأساسية للمجتمع، وجعل الرحمة أدبًا من الآداب الاجتماعية التي يتعامل بها المجتمع، قال النبي (صلوات الله وسلامه عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين): «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا»، وكي يصل الإنسان الى ساحة الحق، عليه أولًا أن يتعرف على هذه الصفة التي أولاها المولى أيما اهتمام، حيث جعلها منطلقًا للشرائع والأعمال، والسبب الرئيسي من إرسال الأنبياء والرسل ليس فقط للتعلم وغيره، وإنما لرحمة الخلق بكلّ أقسامها، واللطيف أن الآية قالت: «الْعَالَمِينَ» فلم تكن لشريحة خاصة من البشر، ولا عامة البشر فقط،  بل لكل العوالم، قال سبحانه: «أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» [البقرة/218] أي قصد بـ(رحمة الله)، فالجنان رحمة من الله، والمطر رحمة، حتى الليل عبر عنه سبحانه بالرحمة: «وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ» [القصص/73].

 ومنها الرحمة الاجتماعية التي هي عنوان من عناوين التراحم مثل: مساعدة الفقراء المحتاجين، وكشف الكرب عن المؤمنين، أي يتعامل مع أبناء مجتمعه وجلدته في مسوغات الرحمة سواء في التعاملات أو الامانات أو غيرهما، ولذلك عبّر المولى سبحانه أن هناك من يرحم من المخلوقات حيث لم تكن الرحمة، خاصة به سبحانه وتعالى، ولكنه هو أرحم الراحمين كما في جملة من الآيات حتى لا تقاس رحمة المخلوق مع رحمة الخالق،  فسبحانه أرحم الراحمين: «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {83} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ...» [الأنبياء/84] فالملجأ الى الله تبارك وتعالى. 
 ومن فوائد هذه الصفة وهذه الشعيرة التي أكد عليها سبحانه إفشاء المحبة والألفة بين الناس، ويصبح المجتمع كالجسد الواحد، كما في الحديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى»، وأيضًا يلزم منه الاتحاد على البر، وعدم التفرقة والتحاسد، وأيضًا قلة العنف في المجتمع، وتقوية الروابط الأسرية، وانتشار السلام والوئام بين أفراد المجتمع، والله سبحانه وتعالى رحمان رحيم، فقد كتب على نفسه الرحمة.
   ومن هنا نجد أن كل الروايات ترفض القنوط؛ لأن رحمته وسعت كل شيء، فالقنوط واليأس من رحمة الله يعدّ أكبر ذنب ومخالفة كيف ما صنع العبد وصدر الذنب، فهناك باب مفتوح وهو التوبة، ولا يقطع الله عليه رزقه بل يقول له: عندك الباب مفتوح، والوقت ميسر، ارجع الى رشدك، فهو ارحم الرحمين.
 ولذلك نجده سبحانه وتعالى وصف نفسه بالرحمن الرحيم، دون باقي الصفات والأسماء؛ ليقول: إني أتعامل بهذا المنطق والمبدأ وهو الرحمة، وهذا كرم إلهي وفضل من فضائله على الخلق، وعلى الخلق أن يكونوا بهذا المستوى من الرحمة والرأفة، وأن تكون من القضايا الايمانية الجوهرية التي تعني الوقوف على أبعاد المعرفة في شعيرة الرحمة الالهية: «قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» [الأنعام/12]، وعلى المخلوق أن يكون متّصفًا بالرحمة، كما في الحديث النبوي: «الراحمون يرحمهم الرحمان يوم القيامة، ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء».


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/03/03



كتابة تعليق لموضوع : الرحمة من صفات الخالق سبحانه تعالى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net