صفحة الكاتب : عادل علي عبيد

دورة الازدواج
عادل علي عبيد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

(1) :
بين الايمان والكفر : يتسع ذلك الفضاء المغري ليجعلك محافظا منسلخا زاهدا مفضوحا باحثا عن حقيقة نفسك التي لم تجدها / بين العدل والجور : هنا تكون او لا تكون ، فلربما كنت منصفا مع نفسك والآخر ، وانشطرت نفسك لتجدها تصفق يوما الى ذلك الحاكم الجائر ، ، لا بأس بقصيدة مدحت بها طاغية ، او مقالة اشرت بها عليه ، اذن ، لا مكان للعدل هناك / بين الطمع واليأس : ها ، انك تتوق هناك الى ان يكون لك مثل ذلك النائب الذي امتطته هواجس الاثم ، رحت تصدر خطبك العصماء بحثا عن مؤيد هنا ونصير هناك ، لكنه ، وهو الخليل الخلوص استشعر نفسك الاخرى فأقصاك الى مدن السديم / بين الرحمة والغضب : كنت اجدك واعظا مبتسما تحمل سلال الوعظ على كاهلك وتمضي صوب مدن المنسيين ، لكنني كنت اسمع ذلك الزعيق الذي يملآ الدار التي تسكن ، حينما باغتك يوما كان الفزع ماثلا في عيون اطفالك

(2) :
بين العفة والتهتك : انت زاهد محافظ سيدي ، تستعمل مثاقيل الكلام ، دقيقه واجوده ، وكل ما يصب بدائرة الفضيلة ، المبادئ والسمو والخلق القويم والتربية الفاضلة السامية زادك ، والايثار والحب والبناء والعفة شرابك ، هكذا انت كما عرفك ابناؤك وطلابك ، ولكنني رأيتك بعد حمامك الشمسي على ذلك البحر الذي ازدحم ساحله بغنج اللحم البض تخرق دائرة الحياء بل تتغالى بها ، حتى ان اهل البحر راحوا يوجهون كاميراتهم على ما بان من عوراتك ! هل استكمل رصدك لأفصح عن تلك الجارة التي سافر والدها واودعها ذمتك ايها المربي الزاهد ! / بين الرهبة والجرأة : بعد قليل سيشتعل الفتيل ، هم وزعوا براميل البنزين على الجنود ، كنت اسمع دعاءك العريض بعد الصلاة ، همست بأذنك : ولكنهم سيدي اطفال لا ذنب لهم ، فهل ستنتفض من روحك المهيمنة المستبدة وتجتاز ذلك الجدار الوهمي ، وتشي الى فضيلة نفسك ، ام انك سترقب ذلك الفتيل وهو يغتصب البراءة .

(3) :
بين العفو والحقد : نعم ، اعترف من انني كنت سببا في مقتل ابنك ، ولكنني كنت موهوما ، فهناك من قّدم اليّ الدلائل والبراهين ،وجعل ابنك في دائرة الاتهام ، واليوم الزمن لك والوقت حليفك والامر بيدك وانا العاجز الذاعن الآثم فهل من سبيل الى عفو ، انا ادرك جيدا ان روحك تشبعت بالأحقاد وانت تسمع خبرا هنا وحادثة هناك ، انا اعي ان كل تلك الدلائل والبراهين كانت تضعني في دائرة المتجنين ، هي لحظة ستخلدك او تقبر اسمك / يوما دارت رحى الزمن علينا ، كان ابوك من يمسك البندقية التي احرقت حقلي ، ولكني تثبت من الامر لاترصد نارا اخرى جاءت من خلف ذلك الضباب لتشعل الحريق بيننا ، المهم انها لحظة استثنائية راهنة سببان من خلالها ما تحت الثلج بعد ان تزحف شمس آب التي لا ترحم الجليد / الغل استعمرنا جميعا ، وليس من متنفس للسماحة سوى ذلك البصيص البعيد ، اظن اننا سنحيل احقادنا الى ابنائنا الذين سيتلذذون لا محالة بمشاهد الدم ، انها حيرة يحسمها العقل .

(4) :
بين الرهبة والجرأة : كنت احسبك ذئبا كاسرا بين الذئاب ، وانا اصغي - بعدما احبس انفاسي - بكل حواسي وجوارحي ، وافتح كل خلاياي الناطقة والصماء الى خطبك الرنانة ، وقصائدك العصماء ، وانت تمطر الاسماع ، وتصب لؤلؤ الكلام عن البطولات والفتوحات والمعارك الحاسمة والانتصارات الناجزة .. وتصف اهوال الحرب وويلاتها .. لكنني ذات طقس كنت اهم الى اقرب مشفى وانت مغمى عليك فاقدا للوعي ، ولا انس ان همس بي الحكيم قائلا : صاحبكم لا يطيق رؤية الدم / لكن ذلك الاحمق الذي كنا نتخذه محطة لسخرنا ، ومدعاة لنكاتنا ، بعد ان داهمتنا زمر الذئاب وهربنا الى ذلك الحصن الحصين ، كان احد الرفاق مضرجا بدمه ، يحول دوننا والذئاب ، فلم يجرؤ اي منا ان يجود بنفسه ، او حتى ينقذه ، لكن نكتتنا تلك انسل ليسحب رفيقنا غير عابئ بنار او رصاص ، فكسر صورة المكابرة التي رسمناها على ماء جباهنا .
(5) :
بين الحلم والسفه : قد تفقد ما تبقى من اطلالك ، ما انحسر من زمام نفسك ، لتنشب اظفارك في رقبته ، وكيف لا وانت تمتلك الحق في الرد بحجة انه شتمك او استهان بوجودك ، بصق بوجهك ، ولم يبال بك .. لكنك ندمت عندما ايقنت ان ذاته المهاجرة قد حلت بحلمك وغادرته لأنه لا يملكها ، لا يستحقها ! هذه لعبة (شطرنجية) لا تعبأ بالملوك والفيلة لأنها تقول البقاء للمربعات التي تحمل هؤلاء .. هي يا سيدي بعض نتائج الفوبيا التي استعمرتنا ، التي جعلتنا نتوق الى القرار ، ونحج اليه ، ولكنه يهرب بعيدا عنا / قد تركبك الحماقة ولا شيء سوى محطات من الندم المكرور ، محطات تؤشر عليك ، على جماحك وانت لا تمتلك قرارا في قيادة حصانك ، فالسفر بعيد والطريق ممتدة قفراء ، خير لك ان تحسن ادارتك مع نفسك ، وتتعامل مع مفردات الطبيعة بعيدا عن شياطينك التي تسكنك .

(6) :
ذلك السياف رفع سيفا مرتجفا
هوى به ليقتل ظله
فكبر الصدى !

بين الرحمة والغضب : الموت له ..هكذا ردد الجمهور هتافا شق حجب الساحة المكشوفة ، كان يستحق نتائج افعاله ، هو الجاني المتجني الذي سقط بين حكمنا ، سينفذ السّياف المطيع امر الموت لا محالة ، وامام الملأ الذي تتأرجح روحه بين سادية متشفية وماسوكية خانعة رفع السياف سيفه البتار عاليا ، في وقت رفعت الضحية عينا الى السيف الغاضب ، واجتمعت في عين السياف سيول التماعات ابرزها التماعات السيف وعين الضحية .. لكن التماعة عين اخرى اسكتت كل الالتماعات كانت تصدر من عين طفل يلتحف قميص ممزق يجلس القرفصاء ، وحيدا ، هناك .. السيّاف الذي غطى عينيه بكف مرتجفة اشرت بعيدا لتقول : اشهد ان لا معين لهذا الطفل سوى هذا الجاني ، فلا تعمدوا الجريمة بالجريمة .


(7) :
( ... / ان الامين على العواقب لصابر )
بين الصبر والجزع : كث اللحية ، رث الملابس ، حركاته التي يرسمها بلا هدف تؤشر على كل الجهات ، هو الواثق الزاهد المدرسة قدوة طلاب عصره ، الواعظ الحكيم المعلم العامل الذي خُبرت دربته الحياة ، فاستحق اشادة الآخرين ، ها هو الآن هائم على وجهه ، سادر في تخبطاته ، راسم تهويمات نفسه وخربشات روحه ، يجوب الفيافي والقفار اشبه بمجنون بحثا عن انيس وهمي ، لا يهمه سوى بعض هواجس ركبها وركبته ، استعمرها واستعمرته ، وكأن القطارات التي غادرته لم تترك له غير صراط ممتد خلف ذلك السراب المهاجر ، وكأن الوجوه التي تجاهلته قد التقت في وجه واحد غادره ، لكنه بقي شاخصا ماثلا بروحه المحلقة ، فنشر سيلا من ابتسامات ساذجة باردة وهو يعزي نفسه بكلمات لا يفهمها الا هو ، يا لروحه التي غادرته هي الاخرى بعدما اصابها اليأس من نفاد احلامه ، لكنه وفي شطحة ما يعود الى نفسه التي تركها في الموصل هناك في الساحل الايمن ، كان يبتسم للمعزين الذين حاولوا ان يفتتوا شيئا من وحدته ، لكنه كان يردد عبارات اعادت الرشد لكل المفجوعين به الذين سيتوق حتما الى صخبهم الذي ملأ باحة العزاء ، كانت روحه تحلق فوق رؤوس المعزين ، وهو يستحضر شريكة العمر التي غادرته قبل عام ، كان يدرك جيدا انه على موعد طويل مع الصدى .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عادل علي عبيد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/27



كتابة تعليق لموضوع : دورة الازدواج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net