صفحة الكاتب : ايمان صاحب

خَلفَ القُضبان راهِبٌ ليسَ كالرُهبان ، 
ايمان صاحب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 سَجدتهُ الطويلةُ يَحتَجزُها الظلام ، وتسبيحهُ الدائم مُثقل بالقيود ، مُنذُ أيامًا وأعوام ، تضيقُ أنفاسهُ العطراتِ بينَ الحينَ والأخر ، وهي   تبحثُ عن نسمةِ هواء ولكنّ أنّى : للنسمةِ  أنّ تَمُر والأبوابُ مُؤصَدة، بريقُ عيناهُ الذابلةِ بالخشوع يَتلاشى ، في زحمةِ الظلام  والشمسُ خَلفَ الجدران خيوطها مُمددة هناك حيثُ النّهار نور وهنا ليلٍ مُوحش كلُ شيء  حوله غارقاً بالسكون،الا شَفتاه الذابلة تتحرك بمناجاتِ ربّ الكون ، صَرِيرالسلاسل يرتفعُ مع كلِ تكبيرة ، حي على الصلاة ،  «وإي صلاه صلاةٍ مِحرَابها زنّزانة  ، تَبدأُ بألمٍ لتنتهي بنزفِ دمّ ، إنّهُ القَيدَ الثَقيل قَد رضَ السَاقَ وأدمَى المُعصم  بَعدَ  خرقِ الثيابُ الناصعات ، وأهٍ تَسلَلَت مِن أشرفِ ذات ، لتمتزج بدمعِ الفراق ، بل بنار الأشتياق  ، فَقَد طَاَل الغيابَ وشتدَ الحنين ، بِغياب السجين سنين ، ممّاجَعَل الوحشةُ تلتفُ حَولهُ ، كوحشٍ كاسر ، لا لم تغادر، عَلهُ يَستَسلمَ لتعنيفِ سَجان ، أو يخضع لرغباتِ سُلطان ، ألا أنّهُ قَابَل كل ذلك بكظمِ الغيض ، حتّى  شَاطرَ صبرهُ  الأنبِياء ، وشقَ دَياجي الظلامِ بِمُناجاتهِ والدعاء وهو يُرددُ (اللهم إنّي كنتُ أسألُك أنّ تُفرغني لِعبادتك اللهم وقَد فَعَلت فَلك الحمد) إيه ياموسى بنَ جَعفَر أي مَكانٍ هذا الذي تَتعبد بِه ، وأنتَ حجَة الله الكُبرى على البشر ، وأيُ وقتٍ تقضيهُ بينَ الجَماد ، جُدران ضَيقة والارضُ  حِجَارةٌ  لا سِجاد ، تَخدِشُ جبينك عنّدَ كلِ سَجدة ولكنّها أبداً  لمّ تنَال مِن ذَوبَانّك بالله وحدَهُ،  هو بالشدةِ  والرَخَاء ، يَزدَادَ يوماً بَعدَ يوم ،كلما زاد حقدُ هارون وبالغَ بالتعذيبِ والعناءَ ،حتّى بلغَ الصّبرُ ذَروتهُ ، وماعَادت الروحُ تَحتَمل جَورَ السندي وقسوته،   فماكانَ منّها إلا أن  تطرقُ بابَ الرجاءِ وبالعينِ دَمعةٌ تشكو إلى ربِ السّمَاء (يامُخَلصُ الشَجر مِن بينِ رملٍ وماءٍوطِين.... خَلصّني مِن يدِ هارون الرَشيد)  وبَعدَ هذه الشكوى لاحَ بريقُ الفَرج مِن بينِ الظَلام وكأنهُ يريدُ الأنتِقام ، صَرَخَ بوجهِ السجان قائلاً: لنّ تَنالَ مِن مُوسَى  بَعدَ هذا اليوم ، سأخُذهُ  إلى عالم الرحمة ، هُناك حيثُ مُوطن الأئمه،  وإذا بضحكةِ السجانُ السَاخِرة تَملاءُ الزنزانة : لقَدتأخرةَ كثيرا بالحضور، ولم تَدرِك إمَامك الا وهومَسموم ، نعم قتلناه» ونتهَى الأمر ، وإذا أردتَ الحاق به هناك فَوقَ الجِسر  ، جثةٌ هامِده  نادوا عليها الحَمالينَ هذا إمامُ الرافضه ، وقبلَ هذا وذاك ترَى السَلاسلَ مِن بَعيد وهي تُكبِلَ الجَنّازة، لمّ يَستطيع الفرجُ سَماعَ المَزيد، بل راحَ  يلعن الرشيد وآل الرشد، ثمّ ذهبَ يبحثُ عن مولاه المَقتول ، ليرى بنَ سويد عنده  يَجهشُ بالبكاءِ وهويَقول: أهكذا يكون اللقاء ؟! أهكذا ترحلَ عنّا بلمحِ البَصر ؟! سيدي يامُوسى بنَ جَعفَر،  ثّم التفتَ إلى الفرج مُعاتباً أياه أينَ كنتَ طوال هذه السنين ، لمّاذا تأخرتَ ؟؟أجابهُ :  الفرج. بصوتِ النحيب ماكان ذلك بيدي ،أنّا مِثلك مَفجوعٌ بفقدِ الغريب  

ولكنّ شاء اللهُ أنّ يكونَ مَا كان  ،  بأن يَرحلُ عنّا راهِيباً ليسَ كالرُهبان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ايمان صاحب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/25



كتابة تعليق لموضوع : خَلفَ القُضبان راهِبٌ ليسَ كالرُهبان ، 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net