صفحة الكاتب : زعيم الخيرالله

الامامُ عليٌّ (ع) في مواجهةِ الناكِثينَ والقاسطينَ والمارِقينَ
زعيم الخيرالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أُبارِكُ لكم مولدَ أَمير المؤمنينَ (ع) ، الذي وُلِدَ في جَوْفِ الكَعْبَةِ ، وهذه خُُصوصِيَّةٌ لعَلِيٍّ عليه السلام ، لم تحدُث لأَحَدٍ قبلَهُ ولابعدَهُ . انَّها حادِثَةٌ فريدَةٌ تَفَرَّدَ بها عليٌّ (ع) .وقد وضع الزبيريون روايةَ آحادٍ رواها عبدالله بن مصعب الزُّبَيْري ، أن وليد الكعبة هو حكيم بن حزام، ولكنَّها تَظَلُّ روايَةَ آحادٍ في حين أَنَّ روايةَ ولادةِ عليٍّ بالكعبة تَواتَر نقلُها ، كما يقول الحاكمُ النَيْسابُوري في أَلْمُسْتَدْرَكِ على الصَّحِيحَيْنِ .
والموضوعُ الذي سأَتَحَدَثُ فيهِ هو : ( الامام علي(ع) في مواجهةِ الناكِثينَ والقاسِطينَ والمارِقينَ) ، ولكن لابُدَّ من التمهيد لَهُ بمقدِّمَةٍ ، وهي أَنَّ علِيَّاً عليه السلام هو شخصيَّةٌ مِعْيارِيَّةٌ أَي: نُمَيِّزُ بها الحق من الباطل ، والصَّوابَ من الخَطَأ ، والهُدى منَ الضَّلالِ . والمعيارُ لابُدَّ أَنْ يكونَ معصوماً ، واذا لم يَكُنْ المعيارُ معصُوماً فَقَدَ مِعياريتَهُ .
فنحنُ في واقعنا لدينا معايير لقياسِ درجةِ الحرارة ، ومعيار لقياس الضغطِ ، ومعيار لقياس مستوى السُّكَّر في الدم ، ويجب ان تكونَ هذهِ المعاييرُ دقيقةً ومضبوطةً ومعصومة عن الخَطَأ ، واذا لم تكنْ كذلك نتركها ونستبدلها بمعايير معصومة ؛ لانها اذا لم تكنْ معصومةً تفقدُ مِعياريَّتَها ، وكذلك الحالُ في الشَّخصِيّات ، هناك شخصياتٌ معياريَّةٌ كشخصيّةِ رسول الله صلى الله عليه وآلِهِ وسلم وشخصيَّةِ عليٍّ (ع) وشخصيات ائمة اهل البيت عليهم السلام ، وهذه الشخصيات المعيارية نأخذ منها دينَنا وايمانَنا وصلاتَنا وفقَهنا، وماعداها شخصيات تأريخيّة لاتصلُحُ للمعياريَّةِ.
ومِعيارِيَّةُ عليٍّ عليه السلام حَدَّدَها رسولُ الله صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّم بكلماتِهِ النُّورِيَّةِ ، كقوله (ص) : ( علي مع الحق والحقُّ معَ عليٍّ يدورُ معهُ حيثُ دار ) ، الذي يدورُ مع عليٍّ عليه السلام هو الحق لماذا؟ لانَّ الحَقَّ معيارٌ مُجَرَّدٌ ، وعليٌّ (ع) معيارٌ مُجَسَّدٌ . وقولهُ (ص) : عليٌّ مع القُرآنِ والقُرآنُ معَ عليٍّ (ع) ، وقولُهُ (ص) لعمّار : ( ياعَمّار لو سلكَ الناسُ وادِيّاً وسلك عليٌّ وادِيّاً آخَر فاسلك الواديَ الذي سلَكَهُ عليٌّ ) ، وكذلك قولُ النبيِّ (ص) لعلي (ع)  ياعَلِيُّ حربُكَ حربي وسلمُكَ سلمي ) ، وكَأَنَّ هناكَ تَعادُلِيَّةً بينَ حَربِ النَّبِيِّ وَحربِ عليٍّ (ع) ، والربط بين هذا الحديث والحديث الذي رواهُ الحاكم النيسابوري في مستدركهِ : ( أُمِرتُ بقتالِ الناكِثينَ والقاسِطينَ والمارِقينَ ) . أُمِرَ عليٌّ بقتالِ الناكثين والقاسطينَ والمارقينَ ؛ لانَّهُ شخصِيَّةٌ معياريّةٌ ، وهناك تعادلية في قتال النبي على التنزيل وقتال علي التأويل ، يقول رسولُ الله (ص) :
"ألا وانَّ عليَّ بن ابي طالب أخي وَوَصيِّ يقاتِلُ بعدي على تَاويلِ القرآنِ كما قاتلتُ على تنزيلِهِ".
وقتالُ الناكثينَ والقاسِطينَ والمارقين ، لايمكن أن يقاتلهم احد ٌ الا عليٌّ ؛ لانهُ الشخصية المعيارية التي تجمعها التعادليَّةُ مع رسول الله ، حربك حربي وسلمك سلمي ، تقاتل على التأويل كما قاتلتَ على التنزيل . الشخصيَّةُ التأريخيَّةُ لايمكن ان تقوم بهذه المهمة . لاول مرة يواجه المسلمون حرباً اسلاميّة اسلاميّة ، اي: انّها بين مسلمين ، وهذه مشكلة لايواجهها الا علي نفس رسول الله (ص) ، وعليٌّ ولأَولِ مرّةً يؤسِسُ فقهاً جديداً للتعاملِ مع حربٍ ضروسٍ تحدثُ بينَ مسلمين ومسلمين .
الناكثون نكثوا بيعتهم وتخلوا عن عهدِهم وميثاقِهم الاخلاقي مع علي (ع) خليفة المسلمينَ.
حرب اشترك فيها صحابة من كلا الجانبين ، الصحبة وحدها لاتكفي للمعياريّة ، كما عند اخواننا الذين جعلوا الصحبة معياراً وهي ليست معياراً ؛ لان الصحابةَ تسابوا وتقاتلوا فيما بينهم ، والمعيار كما قلنا لايخطئ . كانت الجمل اولى الحروب التي شنَّها الناكثون الذي نكثوا بيعتهم ونقضوا عهدهم والتزامهم الاخلاقي ، والله تعالى يقول:( إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَٰاهَدَ عَلَيْهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا). الفتح: الاية:10 . وأَما القاسطون البغاة معاوية وعمرو بن العاص ، والله تعالى يقول في القاسطين : ( وَأَمَّا ٱلْقَٰاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبًا). الجن : الاية : 15. وقول النبي (ص)
بحق عمار : يدعوهم الى الجَنَّةِ ويدعونَهُ الى النار ) . وأمّا الخوارج المارقون فقد وصفهم النبيُّ (ص) بأَنَّهم يخرُجُونَ من الدين كما يخرُجُ السَّهْمُ من الرميّة . اهل الجمل واهل صفين رفعوا قميصَ عثمانَ وطالبوا بدمه وكانوا من قبل يُحَرِّضُونَ عليه . وهم ليسوا اولياءَ دمٍ لعثمانَ حتى يطالبوا بدمه ، وليس هم الذين يقتصونَ لدم عثمان وانما وليُّ الدم يقدم شكوى للسلطات الموجودة وعلى رأسها امير المؤمنين (ع) ، وليس عبر الافساد وقتل الناس . الامام الحسين عليه السلام في نهضته المباركة على يزيد قال : لم اخرج اشراً ولابطراً ( اشارة الى اهل الجمل) ، ولاظالماً ( اشارة الى معاوية وابن العاص واهل صفين ) ، ولامفسداً ( اشارة الى الخوارج ) . كل هذه الحروب التي حصدت آلافاً من النفوس البريئة ، وعطَّلَتْ مشروعَ عليًّ عليه السلام الاصلاحيِّ والتي انتهت باستشهاده على يد الخارجي عبدالرحمن بن ملجم .
واليوم يواجه الاسلاميون حروبَ الناكثينَ والقاسطينَ والمارقينَ الجُدُد ، هناك خطوط نكثت التزاماتها الاخلاقيّة مع الاسلاميين ومشروعهم ، وهناك قاسطون وظالمون وباغون ومعتدون وناقمون على المشروع الاسلامي الاصلاحي ، وهناك مارقون تكفيريون حملوا الفهم الحرفي للاسلام وافسدوا وتجاوزوا كل حد . هناكَ شعاراتٌ ويافطاتٌ تدعو الى الاصلاح وهم ابعد مايكونون عن الاصلاج ، هناك شعاراتُ اصلاحٍ زائفة ، وعلينا ان نميِّزَ بين الشعارات الزائفة والشعارات الصادقة . في ذكرى ولادة امير المؤمنين عليه السلام ، علينا ان نواجهَ هذهِ المشاريعَ الجديدةَ انطلاقاً من هدي امير المؤمنين عليه السلام في هذه المواجهة .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زعيم الخيرالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/18



كتابة تعليق لموضوع : الامامُ عليٌّ (ع) في مواجهةِ الناكِثينَ والقاسطينَ والمارِقينَ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net