صفحة الكاتب : رزنة صالح

يا صاحبي البئر
رزنة صالح

بعد مكوثي في جب البئر لخمسة أيام كانت تبللني دمعات امي ودعوات أبيّ غرقت في بحر من الدعوات بالرغم أن البئر كانت خالية من الماء والآمل ولكن ثمة دعوة قد تضيء للمرء عتمته..
رددّت جميعها ليّ ومن أجلي، ولكن شاء الله أن أُحلق إلى سمائه، و في طريق صعودي استوقفتني صرخات كثيرة، كانت الطفولة تصرخ، والحلم يعول  وشظايا الحرب مغروسة في كبد الكثير من الأوطان، 
حاولت المسح على تِلك الأجساد الممزقة، ولكن  طريق الموت وعرة والمسافة طويلة ليست بالأميال وإنما بالأرواح  أنا في السماء وهم في الأرض، أنا بين الغيوم وهم تحت ركام المنازل المُحطمة..
هرول نظري في الطرقات باحثًا عن السلام فوجد كُل ممر مثقوب بقذيفة،
وفي أحد الازقه رأيت فتاة صغيرة تحمل شهادتها وتجر أحلامها في واقعٍ مبتور، حلقت بين ركام الحياة على أمل أن تبني مستقبلاً ضاع مُنذ أول رصاصة عابرة، وفي سهو أحلامها الوردية  سقطت شظية على شهادتها  وتمزق حلمها بالقرب من جثمانها المُحترق،  أنطفئ الحريق ورأيت روحها تجمع قطع أوراقها نست جسدها الممزق ولملمت شهادتها المحروقة، هل يحتضن المرء أمنياته وينسى ذاته على الرصيف؟
 أقتربت منها على أمل المؤاساة ولكنها 
-قالت أنتظر لا تخطو على حلمي وأنت لا ترى!
-وماذا عن جسدكِ سائلتها؟  
-نحن حُلم يا ريان وحين تُسلب أحلامنا منا نصبح جثثا خامدة، لا تغرك تِلك الأجساد التي تعيش في منازل فخمة ولا تمتلك حلمًا تهرول خلفه، هم لم يقتلوني ولكنهم قتلوا وطني وحلمي فبربك كيف أجمع بقايا جثماني وحتى إنها لا توجد لدينا لحود؟
هل ترى تِلك الآمال المرمية على قارعة الطريق؟
هل ترى تِلك الأكياس البلاستيك إنها أكفاننا نحن نموت كُل يوم لتحيا القذائف!
نحن يا ريان نبكي  على هيئة أجساد قطعنا دموع وأقعنا المر ولكن الصدى لا يحمل صرخاتنا لأن العالم أصم، هل تعلم يا ريان في نشرة الأخبار لا يسجلون عدد الضحايا التي تموت كُل يوم ولكنهم يرددون موتنا بطريقة معتادة حتى أن العالم بات يشعر بأن موتنا روتينه اليومي.
أنت محظوظ فقد سمع العالم أجمع أنينك وصبرك
ونحن نآن ولا يسمعنا سوئ الرصاص،
حاولت أن اداوي جِراحها ولكنها قالت؛ أرمي  كلماتي عليهم لعل صوتك يصل أنت مسموع ونحن بلا حناجر ..
صعدت وتركت مرارة كلماتها تمر على حنجرتي بعبرهً قاتلة
، وفي طريق صعودي سمعت صوت 
 أعاد بصيرتي إلى الأرض بزغت صورة  طفل يبكي على حافة الطريق  مددت اناملي بلطف بعد ما ممزق بكائه نياط قلبي، كان الرصيف مهده الذي يحتضنه، في الحرب حتى الرصيف يمتلك قلب، لِذلك كان حنون جدًا على هذا الصغير،
فتحت فمي لأتحدث معه وإذا بقذيفة تمزقه ويمتلئ ثوب روحي بدمائه، 
صعدت إلى منفاي الأخير فاستقبلني جمالاً لم ترعيني مثلهُ قط، رأيت بشرًا حاشا لله ماهذا إلا ملك عظيم، أبتسم لي فنسيت الأرض ومن عليها نسيت من أكون،   وقال.
-أهلاً بمن سكن البئر كما سكنته من قبله
أهلاً بك طيرًا في الجنة، لم تكن الوحدة هُنالك سهله 
لقد كان الرعب يمرر اطرافه على قلوبنا ولكن من كان الله بالقرب منه ينسى ماذا تعني الوحدة والذعر،
رماني أخوتي في البئر 
وأنت رماك الإهمال عن حياة الأخرين 
شهد العالم أجمع سقوطك فخرجت ميتًا
وجهل العالم سقوطي فخرجت ملكًا 
ولكننا عشنا ذات الحلم، لعلك رأيت أمنياتك وفكرت في أحلامك وتساءلت عن سبب سقوطك
ولكنهُ القدر 
نحن نمشي على طريق اقدارنا مهما كان الدرب مجهول، 
-هل يوسف أنت ؟
-أنا يوسف وأردت  استقبالك لأننا عشنا تحت الأرض وصعدنا لسماء لِذلك أهلاً بك في الحياة ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رزنة صالح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/13



كتابة تعليق لموضوع : يا صاحبي البئر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net