صفحة الكاتب : رحاب سالم البهادلي

زينّب تُؤنب نهر الفُرات 
رحاب سالم البهادلي

اُغبرّ الجو وهاجت الصحراء برِمالِها الحارة، وأنزَلت الشمس اشعتها بحرارة لم أرى لها مثيلٌ من قَبل ،ليس يوماً عادياً  فكُلما اشتدّت الحرارة  إزدادَ زواري، اسقيهم منْ مائي العذب فَيرتوون،

في حرِ الصيف القاتل وفي ظهيرة يوم العاشر من المحرم رأيتُ العجبَ العُجاب، (أنا نهرُ الفُرات) أشهد أني لم أرى في حياتي شخصاً مثل هذا الفارس الشّجاع اللذي وصَلني وقَلبهُ يخفقُ شوقاً للماء من شدة العطش، 


لقد كان ضمئاناً وشفتاه ذابلتان، والماء يجري بين يديه، كان له أقرب من العين للحاجب، يحملهُ بين كفيهِ لكنه رما به فجأةً،
  
ملئ قّربتهُ بعدها وهمس لي بكلماتٍ، كأنها سهمٌ قاتل، ذهب بعدها تاركني خلفه ولم يلتفت لي حتى، استغربت الموقف لم أرى عُطشاناً يرمي الماء قط، 

هاجت إمواجي وإرتفعت صارخةً بأعلى صوتِها، تعالَ اسقيك ايها الشُجاع الضامي، لاترحل وتَمَهلّ، لكن دون جدوى! لم يلتفت لي وأشاح بناظريه عني،

تعجبتُ من الموقف! ماهذا الزُهدُ ايُها الزاهد؟ ماهذا العشق الإلاهيّ الجميل؟ 

كيف لعطشاناً ان يُخلفَ الماء ورائهّ دون ان يروي عطشة! ماهذا الإيثار من أنت ايها البطل الهُمام؟  ، 

لازلتُ غارقً في تسائولاتي حتى جائني الجواب بصوتً حزين هز اعماقي وهاجت له امواجي من عذب ما اخبرتني بِه،

قالت لي :اتسأل يافُرات من هذا؟
اوحقاً تسأل من يكون هذا العطشان الزاهد؟ ارتعدت من صوتها، وشعرت كأن علي بن أبي طالب يكلمني، لم انطق بأي كلمة، بل سكنت حتى  امواجي من هيبة صوتها،

قالت لي أعلم  يافُرات أنهُ قمر بني هاشم، أنهُ أبن الطاعن بالرمُحين والضاربُ بالسّيفين وابن من قاتل ببدرٍ وحُنين، 

ربيب ربات الخدور، أنه العبدِ الصالح، الساقي المُهذب، القائد والكفيل، المدافع عن أولاد رسول رب العالمين ،حامي الضعون وكافل خدري، أنه العباس ونعم الأخُ،

أخي وقُرةُ عيني ونبض فؤادي، وعمود خيمتي، ويحك يافُرات أتسأل من يكون سيد الماء،انه من مات ضمأناً بقربك يافُرات،

فقلت سيدتي: لاأسأل من يكون  جهلاً مني بهِ ، اوهل يخفى القمر، لكن فعله العظيم قد شغلني عن معرفة حقيقته ،فلا يعرف مكنون سركم غيركم آل البيت، كما أني أقدم لكم العُذر مولاتي، ليس لي ذنب في ذلك، لقد قَربّتُ منهُ الماء ليرتوّي لكنّه ابى ان يشرب عندما ذكر عطش أخيه الحسين عليه السلام، 

وقال: لا أشربُ مائكَ يافُرات  واخي الحسين وعياله عطشا،

 علمت وقتها أنه عشق إلهي لايدركهُ مثلي، فتسألت من يكون هذا البطل، لأني  لم أرى مثل هذا الإيثار على مر الزمان، 

فكيف لي إدراك مكنون هذا العبد الصالح، من هنا جاء سوالي فمثلي لايدرك حقيقة مثله،


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رحاب سالم البهادلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/11



كتابة تعليق لموضوع : زينّب تُؤنب نهر الفُرات 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net