وقفة على الازمة الاخلاقية والهجمة والثقافية
ظاهر صالح الخرسان
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ظاهر صالح الخرسان

لم يكن أي عصر من العصور ولا أية فترة من الفترات الزمانية على امتداد التاريخ البشري بحاجة الى نهضة اخلاقية ،احتياج زماننا الى مثل هذه النهضة الأخلاقية ،فما يعرفه العالم من انخناق واضطراب وقلق حضاري يعود بالأساس الى إقصاء وإلغاء الأخلاق الفاضلة والقيم المثلى من مجال تنظيم حياة الإنسان حيث ضاقت رقعة الأخلاق ضيقا وانقبض افقها انقباضا في القرنين المتأخرين ، إذ سادت فلسفات وضعية تُعلي من شأن العقل المجرد والعلم التجريبي ،وتحط من شأن الدين بأسم الحداثة وبحجة لا أخلاق في المعرفة والعلم وهذا النمط من التفكير أدى إلى تقدم مادي باهر في مقابل ترد اخلاقي مخز وهذا ما يذكرنا بقول احد الامريكيين المسؤولين (اذا لم نكن واعين فسيذكرنا التأريخ على اساس اننا الجيل الذي رفع انساناً الى القمر بينما هو غائص الى ركبتيه في الاوحال والقاذورات) وقال نيكسون بعد انتخابه رئيسا (اننا نجد انفسنا اثرياء ولكن ممزقين في الروح ونصل بدقة رائعة الى القمر واما على الارض فنتخبط في متاهات ..)) فالمجتمع الذي يرى الاولية للاقتصاد لا يميل الى الفضيلة وان الخلل والضعف في المجتمع سببه فقدان الفضيلة فسقوط الشباب الاخلاقي وانتشار الرذيلة والمنظومات الفكرية المنحرفة والذي لم يرى له مثيل ولا سابقة حيث يعزى البعض الى قلة العلماء الاخلاقيين والنوابغ ومحبي الانسانية في المجتمع ،فلو ان مجتمعا مهما بلغ من الرقي وكان ايمانه ضعيفا او عديم الايمان فان الاثر الحاصل لعدم الاعتقاد في المجتمع سيظهر جليا عاجلا ام اجلا لان الوشائج الفردية والاجتماعية الضعيفة والاصول الاخلاقية ستفقد مكانها وتحل محلها المصلحة الفردية والانانية ويساق المجتمع لاداء كل عمل يضمن منافعه الشخصية وعندئذ سيؤدى كل عمل قبيح تحت غطاء الحرية و الحقوق من خلال تلك المفاهيم والشعارات التي يسوقها الغرب الى المجتمعات حيث يعمل دائما على تطوير نتاجه الثقافي وامكاناته العلمية والتقنية من اجل ان تصبح حضارته وثقافته هي المسيطرة على انحاء العالم عبر عملية تصنيع ثقافة مفتعلة مكونة من نماذج تبريرية تعمل على مسخ الخصوصية للهوية الاسلامية وتوسيع الهوة بين الحضارتين بما ينسجم مع مصالح الغرب المفسدين وغاية ما يسمى بالحداثة هو تطويع المفاهيم الاسلامية للمناهج الغربية قسراً لتكوين بنية ثقافية لقيطة وهمجية تجعل من الهوية الاسلامية مسخاً مشوّهاً وكل ذلك للايحاء بالانفتاح نحو الحضارة الغربية واثبات وجود دور مزعوم لمن تبنى مفهوم الحداثة ممن تركز لديه الشعور بالدونية في اللاوعي الجمعي وهؤلاء يحاولون ضغط الافكار والمعتقدات الدينية والاسلامية بشكل يجعلها مقبول ومعقول طبقا لمعايير اخرى لتبرير قبول افرازات الثقافة الغربية ومرجعياتها الغربية وهذا يساهم في نقل ازمة الانحطاط الخلقي وتدني القيم الانسانية وانهيار النسيج الاجتماعي حيث ينتقل عبر العولمة والغزو الثقافي في المجتمع البذي اصبحت فيه اليوم حالات الفساد وصورها على كثرتها ترتكب وكانها امور اعتيادية فلا يمكن لمجتمع ان يتنامى الى الرقي والكمال في ظل هذه التحولات ويدور ضمن دائرة هذه المفاهيم التي جعلت من الاخلاق اساسا ضعيفا من حيث البناء ويجعل من المجتمع امة قانعة بوضعها الذي هو عليه ويسوقه الى السكوت عن المفاسد والركون الى الظلمة فهذه اخلاق اصحاب الدير والصوامع فالأمة التي عاشت عقوداص من الزمن تحت نير الاحتلال ومقيدة بالنظام الطبقي كيف لها ان تبني أساسا جديدا فهي بحاجة الى رجعة الى المفاهيم الإسلامية الحقة الإسلام الذي كان يوما ما مؤسس نهضة أخلاقية كبرى في العالم وذلك لان له القدرة على بناء المحيط الاجتماعي الواقعي وهو إحساس إنساني لجميع مظاهر الحياة فهو مظهر التقوى ومظهر للوجه الواحد وليس للتلون او الرياء وختاما فاننا اليوم بحاجة الى هزة أخلاقية وصوت من منبع صافي لاجل العودة الى الذات لنتحرر من عبودية الانا ورغباتها الوهمية فمكارم الاخلاق تسوق الإنسان الى تطهير البيئة والمحيط ليستأصل جميع ما لا يتلائم ولا يتناسب مع الهدف الأسمى للبشرية
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat