صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

تعريف بترجمات الكتاب المقدس المخطوطة والمطبوعة – (2)
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقات المفقودة في كتابة المخطوطات الاصلية

بالاضافة الى قضية مجهولية شخصية مؤلفي اغلب اسفار الكتاب المقدس، فهناك حلقة تاريخية مفقودة وهي الفترة بين كتابة اسفار الكتاب المقدس بصيغتها الاصلية وبين ظهورها في اقدم المخطوطات المتوفرة بعد تحويرها! ونعني بذلك ان العديد من الاسفار لم تكتب بالطريقة الموجودة حالياً. ولنذكر بعض الامثلة المتوفرة:

* التوراة الحالية تتألف من خمسة اسفار هي (التكوين ، الخروج ، اللاويين ، العدد ، التثنية) ، ولا يوجد لدينا دليل ان التوراة الاصلية التي نزلت على النبي موسى (عليه السلام) هي مكونة من هذه الاسفار الخمسة، فبالاضافة الى ورود حادثة موت النبي موسى (عليه السلام) في التوراة الحالية، وهذا مما يدفع للشك في اصالتها لأنه من غير المعقول ان النبي موسى (عليه السلام) هو نفسه قد كتب حادثة موته! فكذلك نجد ان سفر التثنية فيه شرائع مكررة لما موجود في الاسفار الاربعة التي سبقته، وهو يسمى في السبعينية (تثنية الاشتراع) اي الشريعة الثانية. ويرى الرأي التقليدي المسيحي ان سفر التثنية نزل ثانية على موسى بعد 40 سنة من نزول الشريعة الاولى في التوراة كتجديد لها!، قالوا: (سفر التثنية هو تلخيص للشريعة التي نادى بها موسى على جبل سيناء. فبعد مرور أربعين سنة على الخروج من مصر، كان لابد من تكرار الشريعة على مسامع الجيل الجديد، الذين كانوا في ذلك الوقت معسكرين في سهول موآب، وقد أوشكوا على دخول أرض الموعد (تثنية (5:29). وقد ألقى موسى خطابه الأول على مسامع الشعب لتذكيرهم برحلاتهم في البرية)[1]. وفي نص آخر: (وهذا السفر يحتوي بالواقع على اعلان ثانٍ للشريعة في سهول موآب. فهو إذ يستعيد التشريع المعطى أولاً في سينا وقادش يظهر الآن كوصية موسى الروحية التي تركها للشعب على اعتاب ارض الميعاد)[2].

بينما الجانب التأريخي الناقد لديه رأي آخر، حيث يقول الأب بولس الفغالي: (من ألَّف كتاب التثنية؟ لاويون من مملكة الشمال هربوا من هناك حين سقطت السامرة سنة 722 - 721 ق.م. على يد ملك الأشوريين. وصلوا إلى أورشليم وعرضوا ثمرة تأملهم.. وجعل المُدوَّن النهائي هذا النص في فم موسى ليدل على التواصل في إيمان إسرائيل منذ موسى حتى اليوم)[3]. وأيضاً قال في كتابه (التاريخ الكهنوتي): (دوّن اللاويون المتأثرون بتقاليد الشمال سِفْر التثنية)[4].

فهناك خلاف في تاريخ كتابة التوراة، بين القرن الخامس عشر ق.م.، اي عصر النبي موسى (عليه السلام) وبين القرن الثامن ق.م.، بينما اقدم مخطوطة كاملة للتوراة هي مخطوطة حلب سنة 920م، أي ان هناك (1800 الى 2300) سنة بين كتابة هذا السفر وبين ظهور، لا نعلم تفصيلياً كيف تم نسخها فيه، وما هي التغييرات التي تم تحميلها له! نعم اليوم تم اكتشاف مخطوطات قمران، وفيها اجزاء من الترواة، ولكن هذه الحلقة المفقودة لم يتم حلّها وإن قد يحدث تقليص زمني لها!

وجميع مخطوطات الكتاب المقدس والعهدين القديم والجديد، التي سوف نستعرضها في هذا الكتاب، سوف يجد القاريء ان هناك هوة كبيرة وحلقة مفقودة بين تاريخ كتابة السفر وبين تاريخ أقدم مخطوطة ينتمي اليها. كما اننا لا ندري مدى مطابقة الاسفار المطبوعة الحالية للكتاب المقدس مع المخطوطات القديمة، فلا المسيحيون يصدرون شهادة مطابقة لكل سفر او مخطوطة على حدة، ولا توجد مخطوطة واحدة كاملة رغم آلاف المخطوطات التي يمتلكها المسيحيون، يستطيعون ان يبرزوها للناس ليقولوا لهم هذه هذ المخطوطة التي طبعناها! لأنهم لابد يدخلون تعديلات على نصوص اي مخطوطة بالرجوع الى مخطوطات اخرى!!

وفبما يلي نستعرض تاريخ كتابة كل سفر من اسفار الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد:

القسم الاول: العهد القديم

ترتيب الاسفار هنا وفق التسلسل الزمني الذي ذكره الأب صبحي حموي اليسوّعي في كتاب (العهد القديم لزماننا الحاضر)[5]، وهو يخالف الترتيب التقليدي لأسفار العهد القديم.

1. سفر التكوين

2. سفر الخروج

3. سفر اللاويين (الأحبار)

4. سفر العدد

هذه الاسفار الاربعة الاولى من التوراة يفترض انها كتبت في القرن 15 ق.م.، حيث ان تاريخ خروج بني اسرائيل من مصر هو سنة 1446م.

 

5. سفر التثنية (تثنية الاشتراع). القرن 15 ق.م. أو القرن 8 ق.م.

6. سفر يشوع. القرن 14 ق.م.

7. سفر القضاة. القرن 10 ق.م.

8. سفر راعوث

9. سفر صموئيل الاول

10. سفر صموئيل الثاني

11. سفر الملوك الاول

12. سفر الملوك الثاني

قيل ان سفري الملوك الاول والثاني كتبا في الفترة (562-538)ق.م. وقيل حوالي 609ق.م.

 

13. سفر أخبار الأيام الأول

14. سفر أخبار الأيام الثاني

قيل ان سفري الاخبار الاول والثاني دونا في النصف الثاني من القرن 5 ق.م.

15. سفر نحميا. 430 ق.م.

16. سفر عزرا. 440 ق.م.

17. سفر دانيال. 530 ق.م.

18. سفر طوبيا. منتصف القرن الرابع او الثالث ق.م.

19. سفر يهوديت.

20. سفر أستير. قبل 331 ق.م. او بعد 330 ق.م. وقيل: الجيل الثاني قبل المسيح.

21. سفر المكابيين الاول

22. سفر المكابيين الثاني

سفري المكابيين يحتمل انهما كتبا في عهد السلوقيين (312-64)ق.م.

23. سفر عاموس. الجزء الاكبر من نبوئته بين (760-750)ق.م.

24. سفر هوشع. تنبّأ هوشع في منتصف القرن 8 ق.م.

25. سفر أشعياء (1-39). النبي اشعيا متوفى 681 ق.م.

26. سفر ميخا. 700 ق.م. او اوائل القرن 7 ق.م.

27. سفر صفنيا. عاش في القرن 7 ق.م.

28. سفر ارميا. بعد عام 580 ق.م.

29. سفر ناحوم.نبوئته بين (663-612)ق.م.

30. سفر حبقوق. عاش في القرن 7 ق.م.

31. سفر حزقيال. بين (593-573) ق.م.

32. سفر مراثي إرميا. قبل سنة 575 ق.م.

33. سفر أشعياء الثاني (40-55).

34. سفر حجّي. نهاية القرن 6 ق.م.

35. سفر زكريا. نهاية القرن 6 ق.م.

36. سفر أشعيا الثالث (56-66).

37. سفر ملاخي. القرن 5 ق.م.

38. سفر يونان. بعد سنة 612 ق.م.

39. سفر عوبديا

40. سفر يوئيل. اواخر القرن 7 ق.م. واوائل القرن 5 ق.م.

41. سفر زكريا الثاني (9-14).

42. سفر باروك. 300 ق.م.

43. المزامير.يفترض انها كتبت بصورة عامة من قبل النبي داود (عليه السلام) متوفى 970 ق.م.

44. سفر الأمثال. 10 ق.م. + اجزاء مهمة جمعت ونُسخت بين (715-686)ق.م.

45. سفر أيوب

46. سفر نشيد الأناشيد. ينسب الى النبي سليمان (عليه السلام) متوفى 930ق.م.

47. سفر الجامعة. ينسب الى النبي سليمان (عليه السلام) متوفى 930ق.م. كتب حوالي 180 ق.م.

48. سفر يشوع بن سيراخ. 180 ق.م.

49. سفر الحكمة. منسوب الى النبي سليمان (عليه السلام).

 

 

القسم الثاني: العهد الجديد

ترتيب اسفار الاناجيل الاربعة ورسائل بولس ورسائل يوحنا ورسالة يعقوب هنا وفق التسلسل الزمني المذكور في المدخل الى اسفار العهد الجديد الطبعة الكاثوليكية، واجتهدنا في ترتيبها مع بقية اسفار العهد الجديد بالاستناد الى المصادر الاخرى، وهو يخالف الترتيب التقليدي لأسفار العهد الجديد.

1. رسالة يعقوب. قبل مجمع اورشليم 50م او في الستينات.

2. رسالة بولس الاولى الى اهل تسالونيكي. 51م.

3. رسالة بولس الثانية الى اهل تسالونيكي. (51-52)م.

4. رسالة بولس الى اهل غلاطية. (51-53)م او (53-57)م. وقيل 54م.

5. رسالة بولس الاولى الى اهل كورنثوس. 55م او 57م.

6. رسالة بولس الثانية الى اهل كورنثوس. 55م او 57م. {يقول بعض علماء المسيحية ان رسالة بولس الثانية الى أهل كورنثوس هي رسالة مركبة من عدّة رسائل في وقتٍ ما من قبل شخص مجهول الهوية!!}[6].

 

7. رسالة بولس الى اهل رومية. 57م او 58م.

8. رسالة بطرس الاولى. قبيل استشهادة في الفترة (64-67)م او 60م.

9. رسالة بولس الى اهل فيلبي. (53-55)م او (57-59)م او 61م. وقيل (61-63)م. {يقول بعض علماء المسيحية ان رسالة بولس الى أهل فيلبي هي في الأصل ثلاث رسائل تم تجميعها في وقتٍ ما من قبل شخص مجهول لتصبح رسالة واحدة!!}[7].

 

10. رسالة بولس الى اهل كولوسي. 60م. وقيل (61-63)م.

11. رسالة بولس الى اهل افسس. 60م. وقيل (61-63)م. {هناك خلاف بين علماء المسيحية هل ان بولس هو فعلاً من كتب هذه الرسالة}[8].

12. رسالة بولس الى فليمون. 60م. وقيل (61-63)م.

13. رسالة بولس الاولى الى تيموثاوس. (63-65)م او 65م.

14. رسالة بولس الى تيطس. (63-65)م.

15. رسالة بولس الثانية الى تيموثاوس. (66-67)م او 67م.

16. انجيل مرقس. بين (65-70)م.

17. الرسالة الى العبرانيين. قبل 70م ، وقيل 65م

18. رسالة يهوذا. في العقد السابع او 65 او 80م.

19. انجيل لوقا. (80-90)م او السبعينات من القرن الاول الميلادي.

20. انجيل متى. بين (80-90)م و قيل 50م او الستينات او السبعينات من القرن الاول الميلادي.

21. سفر اعمال الرسل. 80 او 63 او 70م.

22. رسالة بطرس الثانية. بعد العقد التاسع في القرن الاول او (65-68)م.

23. رسالة يوحنا الثالثة. (85-95)م.

24. رسالة يوحنا الثانية. (85-95)م.

25. رسالة يوحنا الاولى. (85-95)م.

26. انجيل يوحنا. 85م او 95م.

27. رؤيا يوحنا اللاهوتي. 95م. {وقيل انه كان في الاصل جزئان كتبا في وقتين مختلفين ثم دمجا في سفر واحد}.

28.

مصادر التواريخ التقديرية لاسفار الكتاب المقدس:

1) الكتاب المقدس الدراسي، طبعة كوريا 2011م.

2) الكتاب المقدس، الطبعة اليسوعية.

3) العهد الجديد، المطبعة الكاثوليكية.

 

اللغة الاصلية للعهدين القديم والجديد:

لا تُعرَف اللغة الأصلية التي كتبت بها التوراة التي انزلها الله سبحانه وتعالى على النبي موسى (عليه السلام)، وهناك ظنون عديدة يطلقها المؤرخون دون أي نتيجة مؤكدة أو شبه مؤكدة.

يقول الدكتور احمد سوسة ان اللغة التي نزلت فيها التوراة الأصلية على موسى (عليه السلام) هي اللغة المصرية[9].

ويقول القس صموئيل يوسف خليل: (اما عن موسى الذي قام بكتابة التوراة وهو الذي تربى كإبن ابنه فرعون (خروج 2: 10) قلا يُعرف بالتحديد الأسلوب أو الطريقة التي إستخدمها في كتابته – وعمّا إذا كانت هي الكتابة المصرية – وهل كانت تشبه اللغة السينائية الولية التي اكتشفت في سيرابيط الخادم Surabite EL-Khadim بشبه جزيرة سيناء والتي يُرجِع العالم والباحث الكبير ألبرايت W.F.Albright تاريخها الى عام 1500 ق.م. وهنا يرى بعض العلماء أن النبي موسى إستخدم هذه اللغة السينائية وهذا غير مؤكد)[10].

أما التوراة التي كُتِبَت بعد السبي البابلي فقد كتبت بلهجة آرامية خاصة بالكهنة أصبحت تعرف فيما بعد بأسم العبرية (أرامية التوراة)[11].

ولذلك فإن القول أنَّ التوراة كُتِبَت باللغة العبرانية إنما يقصد بها التوراة التي كتبها الكهنة بعد السبي البابلي، أي هي توراة إنْ كان يوجد فيها نص مطابق للتوراة المنزلة على النبي موسى (عليه السلام) فهو نص مترجم من اللغة الأصلية الى اللغة العبرية.

 

يقول عزت اندراوس"كتبت جميع كتب العهد القديم:

1 - اللغات العبرية : فقد كتبت جميع أسفار العهد القديم باللغة العبرية – لغة بني إسرائيل

2 - اللغة الارامية : أجزاء قليلة من كتب العهد القديم (عزرا 8:4 إلى 18:6، 7 وإرميا 11:10 ودانيال 4:2 إلى 28:7) كتبت بالأرامية.

أما أسفار العهد الجديد فكتبت باللغة اليونانية (الكونية Koine) العامة التي كان يتحدث بها ويفهمها الناس والمنتشرة فى أنحاء الإمبراطورية الرومانية حيث أنها كانت لغة العلم فى ذلك الوقت في القرون المسيحية الأولى"[12].

وهذا الكلام متحيّز للمذهب الذي يعتنقه لأن كتب العهد القديم عند الكاثوليك والآرثوذكس الشرقيين والمشرقيين ليست مكتوبة جميعها بالعبرية بل هناك سبعة اسفار عند الكاثواليك واحد عشر سفراً عند الآرثوذكس[13] مكتوبة باليونانية، ويسمونها بالاسفار القانونية الثانية، وهي عند الكاثوليك اسفار: طوبيا، يهوديت، الحكمة، يشوع بن سيراخ، باروك، المكابيين الاول، المكابيين الثاني. وفقط البروتستانت يرفضون هذه الاسفار اليونانية ويصفونها بانها منحولة أو مزيفة (ابوكريفا apocrypha)!

اما كتب العهد الجديد فالرأي العام "الشعبي" عند المسيحيين ان اسفاره مكتوبة جميعها باليونانية، ولكن هناك من يقول من الباحثين المسيحيين ان انجيل متى كُتِبَ بالآرامية ثم تُرجم الى اليونانية وضاع اصله الآرامي. كما ان مرقس كاتب الإنجيل الثاني بالترتيب والاول بالظهور، يوصف بأنّه مترجم بطرس[14]! وربما يكون هو من ترجم رسائل بطرس، او الرسائل المنسوبة اليه، الى اليونانية، ثم ضاع الأصل الآرامي لها أيضاً!

فالقاريء وهو يمسك بكتاب مقدس يفترض به ان يكون كتاب هداية لكل الناس فيجده مكتوباً بلغات قديمة بعض اسفاره بالعبرية والبعض بالارامية والبعض باليونانية! وهو لا يفهم اياً منها، فيبحث عن ترجمة لهذه الاسفار، وبلا شك فإنَّ الترجمة ستكون غير مقدسة لأن النص الاصلي فقط هو المقدس وليست ترجمته ـ ومع ذلك فالكنائس المسيحية قدّست بعض الترجمات كاللاتينية وغيرها! ـ بالاضافة الى ان الكنيسة ستلقي بظلالها العقائدية على الترجمة فتكون الترجمة خاضعة للعقيدة التي تحملها الكنيسة التي قامت بالترجمة ولفهمها ولذوقها، وبالتالي ستكون الترجمة غير المقدسة معبرة عن وجهة نظر كنيسة معينة وفهم معين لتلك الكنيسة لأسفار الكتاب المقدس، ومع ذلك يقولون انه كتاب هداية لجميع الناس!!

 

عدد مخطوطات الكتاب المقدس:

يقول عزت اندراوس في موسوعته ان هناك 600و24 ألف مخطوط للكتاب المقدس متوزعة كالتالي:

(5300 مخطوط يوناني قديم للعهد الجديد

10.000 نسخة من الفولجاتا (الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس)

9.300 من المخطوطات القديمة بـ 15 لغة مختلفة قديمة)[15].

 

وهذا الرقم لا يقصد به مخطوطة كاملة من "الكتاب المقدس" بل يقصد به اجزاء متفرقة منه، قد تصل الى صفحة واحدة او بردية واحدة! كما ان المخطوطة قد تتضمن عدة اسفار أو سفر واحد او جزءاً من السِفر. كما إنَّ تلك المخطوطات هي بلغات متعددة. ورغم كثرة مخطوطات الكتاب المقدس بعديه القديم والجديد، لا يتمكن علماء المسيحية من إظهار ولو مخطوطة واحدة ليقولوا لعامة المسيحيين انَّها مخطوطة الكتاب المقدس بدون إدخال تعديلات أو تصحيحات عليها!! فكتابة وإعادة نسخ وترجمة تلك المخطوطات الـ 24000 إنما هي بجهد بشري دون تسديد إلهي لحفظ كلمته لأنها في حقيقتها ليست كلمة الله سبحانه وتعالى المحفوظة بأمره من التغيير والتبديل والضياع، بخلاف القرآن الكريم الذي يحتفظ به المسلمون كما اُنزِل.

 

التوراة الماسورية!

في البحث حول مخطوطات التوراة يجب أن ننظر إليها من جهتين، الاولى هي مخطوطات التوراة المكتوبة باللغة العبرية، وهذا يعني أنها مخطوطات منسوخة بنفس اللغة. وهذه المخطوطات تعاني من مشاكل النسخ المتعارفة والاختلافات التي تظهر بينها بسبب التباين في جودة النسخ والناسخين. وهذه المخطوطات هي محسوبة على التراث اليهودي.

والجهة الثانية هي مخطوطات التوراة المكتوبة بلغات أخرى كاليونانية والآرامية والسريانية وغيرها. وهي محسوبة على التراث المسيحي، رغم ان بعضها محسوب على التراث اليهودي أيضاً كالمخطوطات اليونانية للتوراة على سبيل المثال. وهذه المخطوطات المترجمة عن العبرية فيها مشاكل من طرفين الاول هو ما اشرنا اليه بخصوص اخطاء النُسّاخ واختلاف ضبطهم وجودة نسخهم، والطرف الثاني هو المتعلق بالترجمة وجودة المترجمين وكفائتهم اللغوية واختلافهم واختلاف المخطوطات التي اعتمدوها. فالموضوع شائك جداً كما هو واضح.

مرت التوراة بثلاثة مراحل ابتداءاً من التوراة التي انزلها الله سبحانه على موسى (عليه السلام) ثم التوراة التي كتبها عزرا بعد السبي البابلي ثم المرحلة الثالثة وهي التوراة التي كتبها الماسوريين حيث عمدوا الى كل نسخ توراة عزرا الموجودة عند اليهود فطمسوها واتلفوها وذلك ابتداءاً من القرن الثامن الميلادي اي بعد ظهور الاسلام بقرنين! وهي التوراة الموجودة اليوم عند اليهود والمسيحيين!!

قال الاب بولس الفغالي: (يقول بعض العلماء إنّه وُجد في مصر ترجمات يونانية متعددة للتوراة وإن النجاح الذي لقيته السبعينية قاد إلى استعمالها في الكنيسة الأولى. ولكن يجب أن نقرّ أننا إذا وضعنا جانبًا نقل أكيلا وسماك المتأخّر، فكلّ الأشكال اليونانية المعروفة هي إعادة نظر في ترجمة واحدة. وقال علماء آخرون: إنّ الناقلين حاولوا لا أن ينقلوا نقلاً حرفيًا، بل أن يتوسّعوا فيه على طريقة الترجوم. ولكن هذا الرأي يجب أن يعدَّل ويخفَّف بعد أن اكتُشفت مخطوطات عبرانية قديمة في مغاور قمران. فهذه النصوص تختلف عن النص الماسوري وتقترب من النص الذي نقرأه في السبعينية. فحين تختلف السبعينية عن النص الماسوري، فقد يكون النص العبري الذي نُقل عنه مختلفًا عن النص الماسوري)[16]. وهي شهادة مهمة في الاختلاف بين التوراة الماسورية الحالية التي عند اليهود وبين التوراة السبعينية التي عند المسيحيين!

ويقول ايضاً: (إنّ السبعينية ترجمة مهمّة. أوّلاً: إنّها تمثّل نصًا عبرًيا للتوراة سابقًا للنص الماسوري. ولهذا فهي تساعدنا على ضبط النص الأصلي لأسفار عديدة من العهد القديم)[17]. فلو كانت الثقة بالنص الماسوري كاملة لما احتاج الى التوراة السبعينية ليضبط نصوصها ويتوثق منها!

ويقول ايضاً وهو يتحدث عن هكسبلة اوريجانس وهي عمل يضم بعض الترجمات اليونانية كتبها بصورة متوازية داخل اعمدة وقد انجزها في الفترة (قبل سنة 220م - بعد سنة 245م): (لم يصل إلينا العمود الأوّل (النص العبري المكتوب بالعبرية) )[18]. مما يعني ان يد اليهود ربما قد تكون امتدت الى الهكسبلة فطمست معالم التوراة المذكورة فيها!!

فمن المعروف انه ليس هناك مخطوطات اصلية للتوراة بلغتها وكتابتها الاصلية تعود لما قبل الميلاد بل الموجود هو المخطوطات الماسورية فقط، حيث ان اقدم مخطوطات التوراة باللغة العبرية تعود الى القرن الثامن الميلادي اي بعد قرنين من ظهور الاسلام حيث ظهر النص الماسوري واتلفت جميع نسخ التوراة العبرية قبل هذا القرن؟!! وفي هذا الصدد قال الاب بولس الفغالي وهو يتحدث عن المخطوطات العبرية للتوراة: (إذا استثنينا مخطوطات قمران ووادي مربعة (تبعد 20 كلم عن قمران)، تبيّن أنّ أقدم ما لدينا من مخطوطات العهد القديم لا يتجاوز القرن التاسع. والسبب في ذلك هو أنّ الماسوريين، وبعد أن وضعوا الحركات على النص العبري من القرن الثامن إلى القرن العاشر ب م أتلفوا سائر المخطوطات ليفرضوا عملهم. وهكذا بقي لنا من الماسوريين (الماسور، التواتر، أي التقليد، والماسوريون خلفوا الكتبة)، ثلاث مخطوطات ترتبط ببني أشير (أقاموا قرب طبرية في الجليل ولهذا يتحدّث العلماء عن التشكيل الجليلي):

ـ مخطوطة القاهرة، وهي تعود إلى سنة 895، وتتضمّن الأنبياء السابقين (أش، إر، حز، الاثنا عشر) واللاحقين (يش، قض، صم، مل).

ـ مخطوطة حلب (هي اليوم في أورشليم). تعود إلى سنة 930 وتتضمّن خصوصاً الأنبياء السابقين واللاحقين والمزامير.

ـ مخطوطة لنينغراد. تمّ نسخها سنة 1008. هي أقدم مخطوطة تتضمّن مجمل العهد القديم وهـي أساس النشرات العلمية.

وهناك مخطوطات أخرى أخذت بالتشكيل البابلي (بني نفتالي) الذي يضع الحركات فوق الكلمات.

وهكذا لم نكن نملك سنة 1947 أي مخطوط قديم الا بردية ناش (مصر، حوالي 150 ق.م. تتضمن تث 1:6 والوصايا العشر) والبنتاتوكس[19] السامري وبقايا هكسبلة أوريجانس. ولهذا كان اكتشاف مخطوطات البحر الميت ومصعدة ومربعة مهمّا لمعرفة نص التوراة العبرانية)[20].

اذن هذه أشهر ثلاث مخطوطات للتوراة العبرية في العالم ومخطوطة لنينغراد هي التي اعتمدوا عليها في نشر باقي نسخ التوراة المنتشرة الان! ولاحظوا انها نسخت في القرن الحادي عشر الميلادي! ولم يذكر الاب بولس الفغالي هل ان هذه النسخ الثلاث من التوراة متطابقة فيما بينها ام بينها اختلافات؟!

وبخصوص مخطوطة القاهرة يقول عزة اندراوس: (مخطوطة القاهرة وهى التى نسخها موسى بن أشير فى طبرية بفلسطين سنة 895 م وتحتوى على أسفار يشوع وقضاة وصموئيل وأيضا ملوك 1و2 وأشعياء 1و2 وأرميا وحزقيال والأنبياء الأثنى عشر وهى موجودة فى مجمع اليهود القراءين بالقاهرة)[21]. اذن مخطوطة القاهرة ليست مخطوطة كاملة للتوراة بل هي تحتوي على بعض اسفارها!!

 

وبخصوص مخطوطة حلب يقول عزت اندراوس: (مخطوطة حلب تحتوى هذه المخطوطة على العهد القديم كاملاً[22] نسخها هارون بن موسى بن اشير وتؤرخ لسنة 900م- 950م وكانت محفوظة فى مجمع اليهود السفرديم بحلب وهى الآن بالقدس)[23].

وبخصوص مخطوطة لينينغراد يقول عزت اندراوس: (مخطوطة بطرسبرج B19 ( ليننجراد سابقاً ) تحتوى هذه المخطوطة على العهد القديم كاملاً , وقد نسخت سنة 1008م - 1009م على يد صموئيل بن ياكوب بالقاهرة)[24].

وهناك مخطوطة اخرى في لينينغراد (بطرسبورج) ذكرها عزت اندراوس فقال: (مخطوطة بطرسبرج B3 (ليننجراد سابقاً) تحتوى هذه المخطوطة على الأنبياء القدامى (وهم أشعياء وأرميا وحزقيال) والمتأخرين (الأثنى عشر) وترجع هذه المخطوطة لسنة 916م)[25]. فهي ليست مخطوطة لكامل التوراة بل لأسفار منها!!

وهناك مخطوطة فرير (Freer): وترجع إلى القرن الخامس وقد حصل عليها فرير من الجيزة بمصر سنة 1906 وهي موجودة حاليًا في معهد Smith Sonian في واشنطن وتشمل على: سفر التثنية عدا (تث 5: 16 – 16: 18). ويشوع عدا (تث 3: 3 – 4: 10)[26].

وأيضاً توجد مخطوطات الجنييزة: والجينيزة تعني غرفة للتخزين من الفعل العبري جينيز بمعنى يخفي أو يخزن. والجنييزة هي مكان أو غرفة غير مستعملة في المجمع يخفي فيها اليهود النصوص المقدسة التي لم تصلح للاستخدام خوفًا من أن تتدنس. أشهر هذه الجنيزات هي جنيزة القاهرة التي أكتشفت سنة 1890 م بمصر القديمة عند هدم مجمع بن عزرا لإعادة بنائه الذي يرجع إلى سنة 882 م وأسفر الاكتشاف عن ربع مليون مخطوطة متنوعة وقد اقتنتها المكتبات العالمية. ومعظمها وصل إلى جامعة كامبردج والمتحف البريطاني ومكتبة البودليان بأكسفورد بعضها يرجع للقرن الثامن وبعضها للقرن السادس[27].

وقال الاب بولس الفغالي قائلاً: (وهناك مخطوطات أخرى أخذت بالتشكيل البابلي (بني نفتالي) الذي يَضع الحركات فوق الكلمات. وهكذا لم نكن نملك سنة 1947 أي مخطوط قديم إلاَّ بردية ناش (مصر، حوالي 150 ق. م. تتضمن تث 6: 1 والوصايا العشر) والبنتاتوكس السامري وبقايا هكسبلة أوريجانس[28]. ولهذا كان اكتشاف مخطوطات البحر الميت ومصعدة ومربعة مهمًّا لمعرفة نص التوراة العبرانية. يمتد تاريخ هذه المخطوطات من سنة 250 ق. م. إلى 70 ب. م. بالنسبة لمخطوطات قمران ومصعدة، والى سنة 135 بالنسبة لسائر المواقع)[29].

فاما بخصوص بردية ناش فهو امر مبالغ به ان توصف هذه المخطوطة بانها تمثل مخطوطات التوراة فهي عبارة عن صحيفة تماثل دعاء كتب فيها صاحبها الوصايا العشر وبعض فقرات التوراة على نحو ما يؤديه الانسان في صلاته. يقول عزت اندراوس: (وتحتوى على نص ليتورجى للوصايا العشر وجانب من الشما ( من خروج 20: 2 و 3 و تثنية 5: 6 و 7: 4- 5) أى " أسمع " وهى الكلمة الأولى من أصحاحات التثنية 6: 4 وهى بمثابة قانون الإيمان لبنى أسرائيل لإعلان وحدانية الرب كما قال الرب فى تثنية 6: 4 " أسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد " وكان اليهود يمارسون " الشما " فى الصلاة اليومية)[30]. فالظاهر انه لم يكن الغرض من كتابتها ان تمثل نصاً توراتياً كاملاً فهي في حقيقتها ليست نصا توراتياً كاملاً ولا حتى نص لسفر كامل فكيف يذكرونها ضمن مخطوطات التوراة!؟ ولا ننسى مجهولية كاتبها او ناسخها فلا نعرف مدى دقته وضبطه للنص الذي نسخ عنه!!

اما بخصوص المخطوطات المكتشفة في قمران فمن الملاحظ غموض المكتشفات فيها والخاصة بالتوراة وبعض العلماء المسيحيين ووسائل اعلامهم تبالغ في اضفاء الاهمية على مخطوطات قمران من حيث تأييدها نصوص التوراة الحالية! حيث ان ما اكتشف من مخطوطات قمران هو كما ذكره عزة اندراوس :

* نصوص التوراة العبرية: وفيها نصوص أرامية من سفر عزرا ودانيال.

* عددًا من النصوص الأرامية كنّا نعرف مضمونها بفضل ترجمات موجودة في مختلف اللغات الشرقية. دوّنت هذه النصوص للمرّة الأولى ,حوالي القرنين الثالث والثاني ق م:

أوّلاً: أربع مخطوطات لطوبيط (أو طوبيا) في الأرامية. وهذا يعني أنّ سفر طوبيا دوّن أوّلاً في الأرامية حوالي القرنين الرابع والثالث ق م. واستلهم أفكاره من قصّة أحيقار التي اعتبرها معروفة في أيّامه.

ثانيًا : كتاب أخنوخ (أو كتب أخنوخ) الذي وصل إلينا في ترجمة حبشية. وجد فى المغارة الرابعة مخطوطة من هذا الكتاب الذي دوّن أصلاً في الأرامية. لم تزل طريقة تكوين هذا الكتاب حول شخصية أخنوخ طريقة متشعّبة يختلف حولها العلماء بالتفصيل. وقد تكون ضمّت : كتاب المنارات السماوية، كتاب الساهرين، كتاب الأمثال، كتاب الحكماء، رسالة أخنوخ، كتاب الجبابرة.

ثالثاً: وصيّة لاوي التي وصلت إلينا في مخطوطة من كنز (غنيزا) القاهرة.

رابعاً: صلاة نبونيد وتقاليد أخرى مرتبطة بدانيال.

خامساً: رؤى عمرام.

سادساً: أبو كريف (كتاب منحول - السفار القانونية الثانية ) التكوين الذي ألّف هو وترجوم أيوب في نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الأوّل ق م.

سابعاً: النصوص الأدبية الأرامية (المرتبطة بالعالم اليهودي) نصًّا أراميًا دوّن في اللغة الديموتيقية (أو الشعبية المصرية). هذا النص قريب من لوحة مسمارية وُجدت في أوروك ونَسَخَت نصاً أراميًا خاص بالسحر[31].

ومن الملاحـظ في النص السابـق ان كتاب اخنوخ غير معترف به من قبل جميـع الكنائس المسيحية الارثوذكسية والكاثوليكية والقبطية والبروتستانتية وشهود يهوه ولا تعترف به سوى الكنيسة الحبشيـة! فاكتشافه ضمن مخطوطات قمران لا يضيف اي قيمة لمخطوطات الكتاب المقدس لأنه ليس جزءاً منها!

ولم يذكر عزت اندراوس وجود مخطوطات كاملة للتوراة مكتشفة في قمران ربما تكون مفيدة في الكشف عن النص العبري الذي اتلفه الماسوريين!!

كما لم نعثر لحد الان على اي نص منشور كامل للتوراة التي يدعي البعض انهم اكتشفوا عشرات النسخ منها في قمران والتي زعموا انها تعود لما قبل الميلاد!!

واما بقية النصوص التي ذكر عزت اندراوس انه تم العثور عليها في قمران فليس لها اهمية في موضوع بحثنا لأنها لا تخص اسفار الكتاب المقدس.

وهناك مخطوطة اخرى ذكرها عزت اندراوس فقال: (مخطوطة المتحف البريطاني ( شرقيات 4445) هذه المجموعة بها النص الكامل لأسفار موسى الخمسة - التوراة- - كتبت فيما بين 820 م إلى 850 م وعليها أسم بن اشير)[32]. اذن هي مخطوطة فقط للاسفار الخمسة التي يعترف بها اليهود السامريين!!

 

إذن فقد ثبت قطعاً حدوث تغيير لحق بالتوراة بعد ظهور الاسلام بذريعة تشكيل حروفها بالحركات حماية لألفاظها، وطمس غالبية النصوص القديمة لها، وأدى ذلك الى ظهور نص يسمى بالماسوري، وأصبح لا يوجد نص كامل لمخطوطات التوراة واسفار الانبياء الا ويعود زمن كتابتها الى ما بعد عصر ظهور الاسلام! بذريعة تشكيل النص الديني لتوحيد وتيسير قرائته. ونحن نعلم ان تغيير الفاظ معينة في التوراة واسفار الانبياء يمكن ان يساهم في طمس النبوءات المتعلقة بظهور نبي الاسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). وكما ذكرنا آنفاً فإنَّ أقدم مخطوطة اليوم في العالم للتوراة هي مخطوطات نسخة بن أشير الماسورية في المتحف البريطاني وتتضمن اسفار التوراة ويرجع تأريخها الى نحو (820- 850)م اي بعد ظهور الاسلام بنحو قرنين!! وهناك مخطوطة القاهرة للانبياء ضمن اسفار الانبياء القدامى والمتأخرين وترجع الى سنة 895م. وهناك مخطوطة بطرسبرج لاسفار الانبياء وترجع الى سنة 916م! ومخطوطة حلب تحتوي على العهد القديم بكامله[33] ويعود تاريخها الى النصف الاول من القارن العاشر الميلادي! ومخطوطة لينينجراد وتحتوي على العهد القديم بكامله وتاريخ نسخها سنة 1008م[34]!

 

الترجمات القديمة للكتاب المقدس:

قال الاب بولس الفغالي: (دوِّنت الأسفار القانونية الأولى من التوراة في العبرية (وجزء بسيط جدًا في الأرامية). ووصلت إلينا الأسفار القانونية الثانية في اليونانية، أترجمت عن العبرية (كما هو واضح جدًّا في يشوع بن سيراخ الذي اكتشفنا ثلثَيْ نصّه في العبرية)، أم ألِفت مباشرة في اليونانية (كما هو الأمر بالنسبة إلى سفر الحكمة). وما عتَّمت التوراة أن نُقلت إلى اليونانية في السبعينة وغيرها من الترجمات، ونُقلت إلى الأرامية في ما يمسى "التراجيم"، ونقلت إلى اللاتينية في الشعبية أو فولغاتا، وإلى السريانية في البسيطة (أو فشيطتو) وإلى القبطية...، ودُوِّنت أسفار العهد الجديد في اليونانية (لم يصلنا شيئًا ممّا كتب متّى في الأرامية، كما يقول التقليد)، ونُقلت سريعًا إلى السريانية واللاتينية والقبطية والأرامية وسائر اللغات المعروفة ولا سيّمَا العربية)[35]. ثم ذكر الترجمات كالتالي:

أ- الترجمات اليونانية :

1- السبعينية: "الترجمة السبعينية لكتب العهد القديم من العبرية إلى اليونانية وثيقة تاريخية مهمة ليست كغيرها من ترجمات العهد القديم لأنها بمثابة "الأصل" لكل النسخ المعتمدة في الكنيسة الكاثوليكية، أكبر كنائس الديانية المسيحية بل هي الأصل المباشر للترجمة اللاتينية اللاحقة المعروفة باسم Vulgata والتي منها ترجمت أسفار العهد القديم إلى لغات الأمم التي تدين بالكاثوليكية"[36]. "قام بترجمتها 70 عالماً يهودياً أيام الملك بطليموس فلادليفوس ملك مصر (285-246 م) وكانت هذه الترجمة هى التى أستخدمها واقتبس منها كتاب العهد الجديد وكانت مستخدمة من يهود الشتات ثم الكنيسة المسيحية"[37].

وجاء في الموسوعة المسيحية العربية الالكترونية[38]: (السبعينية هذه الترجمة اليونانيّة الأولى للتوراة العبريّة، يعود اسمها إلى خبر يقول بأن علماء من اليهود دُعوا إلى الاسكندرية لكي يقوموا بها. وتحدّثت رسالة ارستيس عن 72 عالمًا (6 من كل قبيلة)، وكذلك فعل الآباء فسُمّيت الترجمة السبعينية. (أ) أصل هذه الترجمة وُلدت هذه الترجمة في الاسكندريّة. واذا أخذنا بما قاله ارسطوبولس ورسالة ارستيس، يكون البنتاتوكس قد تُرجم في عهد بطليموس الأول فيلدفوس (285-246)، في منتصف القرن الثالث ق.م. نستطيع أن نبرهن أن عددًا من الاسفار (أشعيا مثلاً) تُرجم في مصر خلال القرن الثاني ق.م. ومن المعقول أن تكون سائر الاسفار قد ترجمت هناك، وإن كان سفر الجامعة قد ترجم في اسرائيل حسب نهج أكيلا في القرن الثاني ب.م. في نهاية القرن الثاني ق.م. أشار حفيد بن سيراخ الذي أقام في مصر وترجم عمل جدّه إلى اليونانيّة، إلى ترجمة للشريعة والأنبياء وسائر الكتب (أو أقله بعض الكتب) حسب التوزيع اليهوديّ للاسفار المقدسة (توره، نبييم أو الانبياء، كتوبيم أو الكتب) (رج سي المقدمة 8-10). في بداية القرن الأول المسيحيّ، روى فيلون الاسكندراني في "حياة موسى"، أن يهود مصر كانوا يأتون كل سنة إلى جزيرة فاروس "ليكرموا المكان الذي فيه أضاء للمرّة الأولى نورُ هذه الترجمة، ويشكروا لله هذا الاحسان القديم والجديد دائمًا". يرى بعض العلماء أنه كانت عدة ترجمات يونانيّة للأسفار المقدسة. أما نجاح السبعينيّة فيعود إلى أن الكنيسة الأولى قد اختارتها. ولكن يجب أن نعترف أننا إذا جعلنا جانبًا أكيلا وسيماك اللذين ترجما في زمن متأخّر، فكل الاشكال اليونانيّة المعروفة تشكّل مراحل لترجمة واحدة. ويبدو أن المترجمين حاولوا في بعض المرات أن يسهبوا، أن يتوسّعوا في النصّ، ليشرحوه على ما في الترجوم. ولكن يجب أن نخفّف هذه الملاحظة باخرى تأتينا من قمران. فاكتشافات المخطوطات العبريّة هناك، دلّت على وجود نصوص تختلف عن النصّ العبري الماسوري، وتبدو قريبة من نماذج السبعينيّة. إذن، حين تختلف السبعينيّة عن النصّ الماسوري، فلأن هذا النموذج القديم جدًا كان مختلفًا عن النص العبري الذي هو اليوم بين أيدينا. وُجدت في قمران وفي مصر مقاطع يهوديّة من السبعينية، وإحدى ميزاتها هي أنها تستعمل الحروف العبرية (الابجديّة العبريّة القديمة المتفرّعة من الفينيقيّة أو الحروف المربّعة) لتكتب الاسم الالهي المربع الحروف (ي هـ و هـ ). إذن، التاريخ القديم للسبعينيّة هو تاريخ ترجمة يونانيّة أولى أعيد النظر فيها مرارًا قبل أن تتّخذ شكلاً ثابتًا وقريبًا من النص الماسوري. ولكن ما عتّمت هذه الترجمة أن خسرت مكانتها في العالم. إن لم يكن في البدء عدة ترجمات لكتاب واحد (ومن يقدر أن يبرهن عن صحّة هذا القول؟)، فقد وُجد عدّة مترجمين. وتفحّصُ طريقة الترجمة والالفاظ المستعملة، يكشف أيادي مختلفة نجدها في الكتب والمجموعات، وهذا ما يدلّ على إعادات نظر جزئية. فمترجم إرميا وحزقيال والانبياء الصغار (هو، عا...) لا يمكن أن يكون مترجم إشعيا. ونستطيع أن نقترح كرونولوجيا نسبيّة. بدأت أول حملة في الترجمة مع أسفار الشريعة الخمسة (التوراة في المعنى الحصري). وعملُ هؤلاء الروّاد ترك طابعَه على الترجمات اللاحقة. فقد وجب على المترجمين الأولين أن يختاروا بشكل حاسم الكلمة اليونانيّة التي تقابل الكلمة العبرية (مثلاً : ك ب و د دوكسا مجد). وجاء بعد البنتاتوكس الانبياء ثم سائر الكتب. وقد يكون هناك مترجم واحدٌ عمل في سفر الامثال (صيغة هلينيّة) وأيوب. أما دا الذي دُوّن سنة 164، فقد تُرجم سريعًا ترجمة حرّة عن نص يختلف عن النصّ الذي بين أيدينا. لهذا، حلّ محل هذه الترجمة الأولى ترجمة أكثر حرفيّة هي ترجمة تيودوسيون. وبعد ذلك، ترجم مرا، نش، را، باسلوب يشدّد على الحرفيّة. أما سفر الجامعة فيقودنا إلى نهج أكيلا. وهكذا لا تشكّل التوراةُ اليونانيّة السبعينية مجموعة متناسقة، بل هي تبدو نتيجة مجهود طويل ومناهج متعدّدة. وحين جعل المسيحيون من هذا الكتاب توراتهم، كان قد ضمّ زيادات على دانيال واستير وارميا مع سفر باروك ورسالة ارميا. كما ضمّ كتبًا لم يأخذ بها العالم اليهوديّ الرسمي (1مك، طو، يه، سي)، وأخرى دوّنت مباشرة في اللغة اليونانية (2مك، حك). إن المقاطع العديدة (مرات كودكسات كاملة) التي اكتُشفت في رمال مصر وحُفظت في مجموعات شستر بتي في دوبلين (ايرلندا)، وفراير في واشنطن (الولايات المتحدة)، وبودمر في جنيف (سويسرا)، تتيح لنا أن نكوّن فكرة عمّا كانت عليه البيبليا اليونانيّة القديمة. بدأت الترجمة فانتشرت بشكل لفائف من البردي محدودة بطولها وعرضها. ومع تعميم الكودكسات التي هي أسلاف كتُبُنا (دفتر واحد سميك جدًا، ثم عدّة دفاتر منضّدة ومرصوصة)، بدءًا بالقرن الثاني والثالث ب.م.، تمكّن "الناشر" من جمع عدد من الأسفار البيبليّة. ومع استعمال الرق في القرن الرابع والخامس، كان لنا هذه الكتب الرائعة التي هي السينائي والفاتيكاني والاسكندراني التي تضمّ في دفّتيها كل العهد القديم والعهد الجديد. (ب) ترجمات جديدة وأعيد النظر في هذه الترجمة، وظهرت ترجمات جديدة. انطلقت الترجمة الأولى من نصوص عبرية اختلفت عن النصّ الذي تثبّت في العالم اليهودي خلال القرن الثاني ب. م. هذا واضح في ما يخصّ 1 و 2صم وإر، وذلك بفضل اكتشافات قمران. وبدأ العالم اليهودي باكرًا يعيد النظر في هذه الترجمة، بشكل عابر أو منظّم، في مصر أولاً ثم في اسرائيل، بناء على طلب المعلّمين في فلسطين. بعد ذلك، جاء تيودوسيون وأكيلا وسيماك، فأعادوا قراءة السبعينيّة أو ترجموا من جديد النصّ العبريّ. هذه الترجمات هي يهوديّة، لا مسيحيّة. وقد استُعمل أكيلا في العالم اليهودي أقله حتى زمن يوستنيانس، كما تقول "البشرى" 146 التي أعلنت سنة 553. (ج) نسخات مسيحيّة قديمة أما الجانب المسيحيّ فظلّ يجلّ السبعينيّة كل الاجلال. ولم يأخذ بالترجمات الجديدة إلا نادرًا. مثلاً دا حيث حلّ تيودوسيون محلّ السبعينية. أي التي كانت ترجمته الأولى قصيرة جدًا (لم يفهم المترجم النص فتركه. أو هو اعتبره تكرارًا) فأُ كملت بترجمة تيودوسيون. غير أن ضرورة الدفاع تجاه العالم اليهودي، دفعت المسيحيين إلى الأخذ بعين الاعتبار بالاختلافات الموجودة بين النص العبري الثابت والسبعينيّة. وإذ أراد أوريجانس (وُلد في الاسكندرية، توفيّ سنة 251) أن يسهّل المقابلة، بدأ في قيصريّة فلسطين (على البحر ) عملاً ضخمًا جدًا : نظّم في ستة عواميد النصّ العبري، نسخه في حروف يونانيّة (كانت تلك المحاولة الأولى لتشكيل التوراة ووضع الحركات)، ثم وضع أكيلا، سيماك، السبعينية، تيودوسيون. وبما أن العمل جُعل في ستة عواميد، لهذا سمّيت هذه المحاولة : الهكسبلة. غير أن هذا العمل الجبّار قد ضاع ولم يبق منه إلاّ بعض النتف. وانطلق اوريجانس من هذا العمل ليقدّم نسخة تامة للسبعينيّة. بدأ هو، وتبعه بمفيلوس معلّم اوسابيوس القيصريّ (القرن الثالث) ثم أوسابيوس نفسه (265-340). في هذه النسخة المؤسّسة على العمود الخامس في الهكسبلة، جُعلت علامات فارقة فوق النصّ للدلالة على الاختلافات مع النصّ العبريّ، لزيادة الكلمات الناقصة في النص اليوناني، للاشارة إلى كلمات يونانيّة غير موجودة في العبريّة. وهذه النسخة التي هي أقرب إلى النص الماسوري من السبعينيّة القديمة، قد أخذ به كتّاب فلسطين مثل اوسابيوس، وهاسيخيوس الاورشليمي، كما أخذ بها المتأثّرون بفلسطين مثل باسيليوس اسقف قيصريّة في تركيا. ونُسبت نسخةٌ أخرى للسبعينيّة إلى الكاهن والشهيد لوقيانس الانطاكي الذي تُوفيّ سنة 311-312. ما كان دور هذا الكاهن؟ لا ندري. ولكن ما هو أكيد هو أن المخطوطات تورد لأسفار التوراة نمطَ النصّ الذي يورده آباء أنطاكية (يوحنا فم الذهب، تيودوريتس)، والذي يتميّز بصحّة القواعد. لهذا من الافضل أن نتكلّم عن "النص الانطاكي". هذا النصّ يحتفظ بشكل قديم جدًا للسبعينية. وهذا ما نتيقّن منه عندما نقابل مقاطع خاصة مع المؤرّخ يوسيفوس أو مع نص اللاتينيّة العتيقة. ونذكر شخصاً آخر اسمه هاسيخيوس ذاك الاسقف المصريّ الذي مات خلال اضطهاد ديوكلاسيانس (303-311) للكنيسة. هاسيخيوس هو صاحب نسخة للسبعينيّة (والعهد الجديد في اليونانيّة) قد انتشرت في مصر، دون أن نستطيع التعرّف إليها في المخطوطات التي في حوزتنا. فانطلاقًا من هذه الكنوز التي جُمعت بمبادرة مسيحيّة، وصلت التوراة المنطلقة من قيصرية وانطاكية إلى كل العالم المسيحيّ. وقد طلب الامبراطور قسطنطين (+ 327) من أوسابيوس القيصريّ (+ 339) تأمين خمسة كتب بيبليا لكنائس عاصمته الجديدة، القسطنطينيّة. وطلب الامبراطور كونستان (+ 350) الطلب عينه من اثناسيوس، أسقف الاسكندريّة. وقد يكون المخطوط الفاتيكاني شاهدًا على هذه المبادرة الأخيرة. لا شكّ في أن المسيحيين لم ينتظروا مساندة الامبراطور لكي ينسخوا السبعينيّة، ولكن هذه المساندة ساعدت على نشر المخطوطات الكاملة بسبب كلفتها الغالية. استخدم معظم كتّاب العهد الجديد الترجمة اليونانية للعهد القديم، كما استخدمها آباء الكنيسة وأول المترجمين من اللاتين والاقباط... هذه الترجمة لعبت دورًا رئيسيًا في بداية الكنيسة بحيث إن بعض اللاهوتيين اقترحوا أن تعتبر (مُوحى بها) شأنها شأن النص العبريّ)[39].

وقال الاب بولس الفغالي: (تمَّ نقل السبعينية في الإسكندرية كما يقول أرسطوبولس ورسالة أرستيس، وقد تُرجم البنتاتوكس (أو أسفار موسى الخمسة) في عهد بطيموس الثاني فيلدلفوس (285- 246) في منتصف القرن الثالث ق. م. ونُقلت الأسفار الأخرى مثل أشعيا في مصر في القرن الثاني ق. م. وقد يكون بعضها (مثل سفر الجامعة) قد نُقل في إسرائيل حسب تقليد اكيلا. وفي نهاية القرن الثاني ق. م. يُشير حفيد ابن سيراخ الذي أقام في مصر ونقل إلى اليونانية ما كتبه جدّه، إلى وجود ترجمة التوراة في اليونانية: الشريعة، الأنبياء، سائر الكتب. وفي بداية القرن الأوّل ب. م. يشهد فيلون الإسكندراني أنّ يهود مصر يذهبون كل سنة إلى جزيرة فاروس ليكرّموا المكان الذي فيه استضاء للمرّة الأولى نورُ الترجمة، وليشكروا الله على هذا الخير القديم والذي لا يزال جديدًا).

وقال ايضاً: (قد تكون السبعينية عملاً جماعيًا في ما يخصّ البنتاتوكس، ولكنّها كانت عملاً فرديًا في ما يخصّ سائر الأسفار، كما هو الأمر بالنسبة إلى يشوع بن سيراخ. ولكن ما عتّمت هذه الأسفار المترجمة أن ضُمَّت بعضُها إلى بعض واتّخذت طابعًا رسميًا لدى اليهود المتكلّمين باليونانية. وهكذا كان لليهود الهلينيّين توراة يونانية كما كان ليهود فلسطين توراة عبرية)[40]. فإذا كانت الاسفار ترجمت بجهود فردية ترافقها مجهولية شخص المترجم! كما اننا لا نعرف مدى صلاحية ترجمته ومطابقتها للنص الاصلي فكيف يمكن الاعتماد عليها وتقديسها!!

وكمثال على الاختلاف بين التوراة السبعينية اليونانية وبين التوراة العبرية الماسورية الموجودة حالياً عند اليهود نقرا في (دائرة المعارف اليهودية) النص التالي بخصوص اختلاف سفر ارميا بينهما:

(The two texts differ above all in that the Septuagint is much shorter, containing about 2,700 words (that is, about one-eighth of the whole book) less than the Hebrew). [41]

وترجمته: (إن كلا النصين يختلفان في أن النص السبعيني أقصر بكثير، ومحتواه أقل من النص العبري بحوالي 2700 كلمة (أي حوالي ثـُمن السفر بأكمله) )!!

وقال أدولف سافير عن الترجمة السبعينية: (أول وأهم ترجمة للكتاب المقدس تمت قبل الميلاد، عندما استقدم حاكم مصر بطليموس فيلادلفوس عام 282 ق.م. إلي الإسكندرية 72 عالماً من علماء اليهود ليترجموا العهد القديم إلي اليونانية. وهذه هي الترجمة التي عُرِفت فيما بعد بالترجمة السبعينية (نسبة لعدد مترجميها). وإليها، لا إلى الأصل العبري، ترجع تسمية أسفار العهد القديم كما نعرفها الآن. وقد صادق "الرب يسوع" عليها إذ أخذ اقتباساته العديدة من العهد القديم منها، وعلى ذات النهج سـار الرسل أيضاً فاقتبسوا منها. ولقد جاءت هذه الترجمة بترتيب العناية الإلهيـة لتمهد الطريق للعهد الجديد، حيث كان الله مزمعاً أن يقدم بشارة نعمته الغنية، لا إلى اليهود وحدهم، بل إلى العالم أجمع مستخدماً اللغة الأكثر شيوعـاً في ذلك الوقت وهى اللغة اليونانية)[42]. غير ان كلام أدولف سافير هذا غير تام في بعض جوانبه لا سيما في موضوع مصادقة المسيح (عليه السلام) على الترجمة السبعينية وموضوع ان اللغة الاكثر شيوعاً في زمنه هي اللغة اليونانية. فكيف يزعم ان المسيح عليه السلام وهو يخاطب اليهود كان يخاطبهم بالاستشهاد بنصوص من الترجمة السبعينية للتوراة مع ان لغته ولغة اليهود في عصره هي اللغة الآرامية[43]؟! وقد جاء في طبعة الكتاب المقدس التي صادق عليها مطران بيروت أغناطيوس زيادة، صفحة (491) ان اليهود في عهد يسوع المسيح كانوا يقرأون المزامير في الهيكل بالعبرانية القديمة التي لم يكونوا يتداولونها في تلك الايام! فأين هو موقع الترجمة السبعينية اليونانية من كل ذلك؟!

واما مزاعم ان اللغة اليونانية في عصر المسيح (عليه السلام) هي اللغة الشائعة فهو كلام غير تام، ففي الدولة الرومانية التي كانت تحكم جميع المناطق المطلة على البحر المتوسط كانت اللغة الرسمية واللغة الادارية ولغة الدولة والتخاطب اليومي هي اللغة اللاتينية، وفي العراق وسوريا اي شرق نهر الفرات سادت اللغة الآرامية بل وكذلك في فلسطين حيث كان المسيح (عليه السلام) واليهود يتكلمون الآرامية. وكذلك في لبنان بدأت الآرامية بالانتشار منذ 300 ق.م. أمّا اللغة الفينيقية فهي تظل بالاستعمال حتى القرن الثاني ميلادي، ثمّ يتمّ استبدالها بالآرامي (السّرياني) كلغة عامية[44].

بينما كانت اللغة اليونانية هي لغة الثقافة والعلوم، اي كما هو حال اللغة الانجليزية في زماننا هذا. فمن يريد ان يكتب كتاباً مقدساً يراد له ان يكون كتاب هداية لجميع الناس هل يكتبه باللغة الشائعة التي يتكلمها عامة الناس في حياتهم ام يكتبها بلغة لا يفهمها سوى ثلة من الناس من رواد الثقافة والعلوم؟!

وهناك مشكلة أخرى فيما يخص نص السبعينية الأصلي حيث يقول المتخصصون أن مخطوطات النصوص السبعينية الثلاثة المتوفرة حالياً (السينائية والاسكندرية والفاتيكانية) توجد بينها اختلافات. يقول إرنست فورتفاين Ernst Würthwein:

"From what we have said it is evident that the history of the transmission of the Septuagint is quite complex. None of the various surviving forms of the text has preserved the original form of the version. Is it possible to reach beyond the variety of the textual forms which exist today and find a hypothetical unity underlying them — the original Septuagint? Paul de Lagarde (1827-1891), who did so much for Septuagint research during the last century, operated with a clearly defined program: "It has been my intention through the years to reconstruct the three original recensions of the Septuagint attested by Jerome, to have them printed in parallel columns, and to draw further conclusions from a comparison of these three texts." Thus Lagarde proposed the classification of Septuagint manuscripts, assigning them to the individual recensions with the help of patristic quotations and other criteria. After achieving this vantage the next step could be taken toward the original text, which he assumed would be the form farthest from the Masoretic text"[45].

"يتضح مما قلناه أن تاريخ انتقال الترجمة السبعينية معقد للغاية. لم يحافظ أي من الأشكال المتنوعة المتبقية من النص على الشكل الأصلي للنسخة. هل من الممكن تجاوز تنوع الأشكال النصية الموجودة اليوم وإيجاد وحدة افتراضية تقوم عليها - الترجمة السبعينية الأصلية؟ بول دي لاغارد (1827-1891)، الذي فعل الكثير من أجل البحث السبعيني خلال القرن الماضي، عمل ببرنامج محدد بوضوح: "لقد كنت أنوي على مر السنين إعادة بناء التنقيحات الأصلية الثلاثة للسبعينية التي أكدها جيروم ، لطبعها في أعمدة متوازية ، واستخلاص المزيد من الاستنتاجات من مقارنة هذه النصوص الثلاثة". وهكذا اقترحت لاغارد تصنيف المخطوطات السبعينية، وتخصيصها للتعليقات الفردية بمساعدة الاقتباسات الآبائية ومعايير أخرى. بعد تحقيق هذا الأفضلية، يمكن اتخاذ الخطوة التالية نحو النص الأصلي، الذي افترض أنه سيكون الشكل الأبعد عن النص الماسوري".

وكما اشرنا آنفاً، توجد ثلاث مخطوطات للتوراة السبعينية هي السينائية والاسكندرية والفاتيكانية، ولا يعرف أحد حالياً ما هي المخطوطة من هذه المخطوطات الثلاثة الاقرب للنص السبعيني الاصلي!

وفيما يلي تفاصيل هذه المخطوطات الثلاثة للتوراة السبعينية:

((( يتبع في الحلقة القادمة )))

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

[1] موسوعة الكتاب المقدس / الخدمة العربية للكرازة بالإنجيل - ص12.

[2] المدخل الى سفر تثنية الاشتراع في الطبعة اليسوعية 1992م، وافق على اعادة طبعها مطران بيروت اغناطيوس زيادة - ص296.

[3] في رحاب الكتاب -1- العهد الأول / الخوري بولس الفغالي / الرابطة الكتابية / توزيع المكتبة البولسية / الطبعة الاولى 1998م - ص 234.

[4] التاريخ الكهنوتي / الخوري بولس الفغالي / منشورات المكتبة البولسية / الطبعة الاولى 1993م - ص13.

[5] منشورات دار المشرق في بيروت / طبع بموافقة النائب الرسولي للاتين بولس باسيم / الطبعة الثانية 1993م.

[6] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص155 و157.

[7] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص259 و260.

[8] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج2 ص13.

[9] العرب واليهود في التاريخ / الدكتور احمد سوسة – ص321.

[10] المدخل الى العهد القديم (الكتب المقدسة) / القس صموئيل يوسف خليل، استاذ العهد القديم بكلية اللاهوت الإنجيلية / دار الثقافة في القاهرة – ص47.

[11] العرب واليهود في التاريخ / الدكتور احمد سوسة – ص321.

[12] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_1141.htm

[13] سيمر اسمائها ضمن الترجمات الروسية، والترجمات البلغارية للكتاب المقدس.

[14] مقدمة للعهد الجديد / ديفيد أ. دِه سيلفا – ج1 ص264.

[15] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_1141.htm

[16] المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي / منشورات المكتبة البولسية في بيروت / الطبعة الاولى، 1994م - ج1 ص78.

[17] المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي - ج1 ص80.

[18] المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي - ج1 ص85.

[19] البنتاتوكس هي الاسفار الخمسة (التكوين، الخروج، اللاويين (الاحبار) ، العدد، التثنية)، وهي التي يُظن أنَّ موسى عليه السلام كتبها بحسب التقليد اليهودي. وهي التي تسمى التوراة، وكذلك يطلق عليها أسم (الشريعة).

[20] المدخل إلى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي – ج1 ص106 و107.

[21] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_377.htm

[22] جاء في دائرة المعارف الكتابية: (في عام 1948م، هاجم الرعاع مجمع "السوفريم" (الكتبة) في حلب وأحرقوه فخشي الناس ـ على مدى بضع سنوات ـ أن يكون الدمار قد أصاب المخطوطة، إلا أن الرئيس "الإسرائيلي" آنذاك ـ "اسحق بن زيفي" ـ لم يفقد الأمل في إمكانية العثور عليها وإنقاذها، وظل طويلاً يحاول معرفة مكانها، وتناقش مراراً مع قادة المجمع عن الطرق والوسائل التي يمكن بها اكتشاف هذه المخطوطة الثمينة ونقلها بسلام إلى أورشليم. وأخيراً تكللت جهوده بالنجاح، وأعلن في عام 1960م - على العالم كله - بأنه تم العثور عليها وأودعت في مكتبة الجامعة العبرية في أورشليم. لكن للأسف كان قد أصابها تلف كبير على أيدي الرعاع، فقد كانت قبل 1948م كاملة، أما الآن فقد فقد نحو ربعها بما في ذلك 90% من أسفار موسى).

أنظر: مقال بعنوان (مخطوطات العهد القديم)، في الموقع الالكتروني للدكتور غالي، عبر الرابط:

https://drghaly.com/articles/display-media/html/10254

[23] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_377.htm

[24] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_377.htm

[25] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_377.htm

[26] كتاب محاضرات في العهد القديم (الجزء الأول) - أ. نجوى غزالي ، تحت عنوان: ( 35- مخطوطات الكتاب المقدس تشهد لصحته)، منشور في الموقع الالكتروني الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي، عبر الرابط:

https://st-takla.org/books/nagwa-ghazaly/old-testament-1/bible-manuscripts.html

[27] العهد القديم (الجزء الأول) - أ. نجوى غزالي ، تحت عنوان: ( 35- مخطوطات الكتاب المقدس تشهد لصحته)، منشور في الموقع الالكتروني الانبا تكلا هيمانوت القبطي الآرثوذكسي، عبر الرابط:

https://st-takla.org/books/nagwa-ghazaly/old-testament-1/bible-manuscripts.html

[28] غير ان الاب بولس الفغالي يقول ان النص العبري قد طمست معالمه من الهكسبلة فلم يعد موجوداً ، قال: (لم يصل إلينا العمود الأوّل (النص العبري المكتوب بالعبرية) ) ! أنظر: المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي ج1 ص85.

[29] المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي ج1 ص107.

[30] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_377.htm

[31] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_378.htm

[32] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_377.htm

[33] جاء في دائرة المعارف الكتابية: (في عام 1948م، هاجم الرعاع مجمع "السوفريم" (الكتبة) في حلب وأحرقوه فخشي الناس ـ على مدى بضع سنوات ـ أن يكون الدمار قد أصاب المخطوطة، إلا أن الرئيس "الإسرائيلي" آنذاك ـ "اسحق بن زيفي" ـ لم يفقد الأمل في إمكانية العثور عليها وإنقاذها، وظل طويلاً يحاول معرفة مكانها، وتناقش مراراً مع قادة المجمع عن الطرق والوسائل التي يمكن بها اكتشاف هذه المخطوطة الثمينة ونقلها بسلام إلى أورشليم. وأخيراً تكللت جهوده بالنجاح، وأعلن في عام 1960م - على العالم كله - بأنه تم العثور عليها وأودعت في مكتبة الجامعة العبرية في أورشليم. لكن للأسف كان قد أصابها تلف كبير على أيدي الرعاع، فقد كانت قبل 1948م كاملة، أما الآن فقد فقد نحو ربعها بما في ذلك 90% من أسفار موسى).

أنظر: مقال بعنوان (مخطوطات العهد القديم)، في الموقع الالكتروني للدكتور غالي، عبر الرابط:

https://drghaly.com/articles/display-media/html/10254

[34] مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الاصلية / الشماس الدكتور إميل ماهر إسحاق / مطبعة الانبا رويس الأوفست في العباسية بالقاهرة / الطبعة الاولى 1997م – ص30 و31.

[35] المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي - ج1 ص77.

[36] مقال بعنوان (الترجمة السبعينية لكتاب العهد القديم) بقلم عبد الرحمن السليمان ، منشور في شبكة الانترنيت العالمية من خلال الرابط: http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/Historia/historia-0150.htm

[37] موسوعة تاريخ أقباط مصر ، عزت اندراوس ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.coptichistory.org/new_page_1141.htm

[38] جاء في التعريف بالموقع الالكتروني لهذه الموسوعة أنها اُنجِزَت برعاية البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام الكليّ الطوبى بطريرك أنطاكية وسائر المشرِق والإسكندريّة وأورشليم، ورعاية المتروبوليت إبراهيم نعمة الكلي الوقار مطران حمص وحماه ويبرود وما إليها لروم الكاثوليك}.

[39] الموقع الالكتروني الموسوعة المسيحية العربية الالكترونية، تحت عنوان (ترجمات يونانية)، عبر الرابط:

https://albishara.net/dict/M/read/1518

[40] المدخل الى الكتاب المقدس / الخوري بولس الفغالي - ج1 ص79.

[41] موقع (JewishEncyclopedia.com) ، منشور في شبكة الانترنيت العالمية من خلال الرابط:

http://www.jewishencyclopedia.com/view.jsp?artid=225&letter=J&search=Jeremiah#840

[42] منشور في شبكة الانترنيت العالمية من خلال الرابط: www.tellthing.com/blog_file.php?id=5461201

أيضاً: موقع (بيت الله) ، مقال بعنوان: (ترجمات الكتاب المقدس) ، شبكة الانترنيت العالمية ، من خلال الرابط:

http://www.baytallah.com/insp/insp6.html

[43] مقال بعنوان (تاريخ الآراميين ـ السريان) للباحثتين د. سميرة يوحنا و د. أزهار الاطرقجي، منشور في موقع (ميزوبوتاميا) في شبكة الانترنيت العالمية عبر الرابط التالي:

http://www.mesopot.com/default/index.php?option=com_content&view=article&id=219

[44] موقع التنظيم الآرامي الديمقراطي – مقال بعنوان (لبنان الآرامي والتسميات التاريخية القديمة) للـ د. اندرية كحالة منشور في شبكة الانترنيت العالمية من خلال الرابط:

http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarikh_Skafe/Dr.Khale/7.htm

[45] Ernst Würthwein, Text of The Old Testament, translated by Erroll F. Rhodes, second edition - P. 61 & 62.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/11/04



كتابة تعليق لموضوع : تعريف بترجمات الكتاب المقدس المخطوطة والمطبوعة – (2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net