فائدة في (مراعاة المؤلف للقارئ عند التأليف)
السيد محمد نوري الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد محمد نوري الموسوي

كثيرا ما نقرأ في الكتب أن المؤلف يلتمس من القارئ أن يصفح عن زلله أو أن بستر عليه ما يجد من اخطاء، وما ذلك إلا مراعاة للقارئ لأنه هو المقصود في التأليف؛ إذ إن المؤلف عندما يؤلف كتابا إنما يؤلفه لأجل أن يُقرأ ويُنقد بالسلب أو الإيجاب. وصارت هذه المراعاة منهجا يسير عليه الكاتبون بل صارت من مبادئ منهج البحث التي نلتزم بها ونلزم طلبتنا بها عن الكتابة وأرى أن سبب هذه المراعاة امور:
1/ صفة التواضع التي اتصف بها العلماء.
2/ الموضوعية فالعلماء لا يرون أن ما كتبوه هو الحق وما عداه الباطل ، بل تجدهم يعترفون بأنهم ربما يخطئون.
3/ معرفتهم بأن الانسان مهما اجتهد يبقى غير معصوم يدخله السهو والخطأ وإن كان على درجة عالية من العلم.
4/ وجود قارئ عالم، فهم يتوقعون أن كتاباتهم هذه سيطالعها علماء ربما يكونون أعلم منهم ولهم دراية بالذي يقرؤونه وربما يجدون ما هو غير صحيح.
ولهذا تجد المؤلفين يذكرون عبارات موجهة للقارئ وهذه العبارات اتخذت مناحي عدة منها أنهم يلتمسون من القارئ العذر أو الدعاء، ومنها أنهم يعترفون بالتقصير فيما كتبوا، ومن أروع ما قرأت من هذه المراعاة ما كتبه أبو حيان التوحيدي في مقدمة كتابه البصائر والذخائر إذ تلطّف إلى القارئ بعبارات لطيفة مهذبة، حثّه فيها على مطالعة كتابه ومن ثم ترجّاه أن يتقبل منه صواب كتابته وأن يفهم خطأه ويقبله، وبعد ذلك دعا له بدعاء تشعر به كأنه والد يدعو لولده . وإليك ما كتبه أبو حيان التوحيدي في مراعاته للقارئ لتقف على جميل لفظه ولطيف معناه، فاسمعه يقول:
(قد تلطّفتُ إلى قلبِك بحثّي إياك على حظّك في فنونٍ من القولِ، وضروبٍ من الوصايا، وأرجو أن يكونَ صوابي عندك فيها مُتقبّلاً، وخطأي فيها عندك متأوَّلا، لا لأنّي لذلك أهلٌ، ولكن لأنّك حقيقٌ به، وله خليقٌ، ومهما شككتَ فيما يردُ عليك منّي في هذا الكتابِ، فلا تشكّ أنّي قد نثرتُ لك فيه اللؤلؤَ والمرجانَ، والعقيقَ والعِقيانَ، وهكذا يكونُ عملُ من طَبّ لمن حَبّ.
ثبّتَ اللهُ نعمَه لديك، وخفّف مؤونةَ شكرِها عليك، وتابعَ لك المزيدَ، في كلّ يومٍ جديدٍ، وحرسك من نفسك، وعصمك من بَنِي جنسك، وعرّفك الخيرَ، وحبّب إليك الإحسانَ، ووفّقك للرشاد، وختم أمرك بالطهارةِ بعد بلوغ الأماني ودَرْكِ المطالب، بمنّه وقدرته)
وكتب السيد محمد نوري الموسوي في 12/9/2021م
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat