في العيد الوطني للدولة !.
د . عمار البغدادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عمار البغدادي

عدم الاتفاق على تاريخ موحد محط اجماع القوى الوطنية يمثل قمة الانقسام السياسي وغياب المسؤولية التاريخية ازاء يوم للعيد الوطني يمثل في نظر كل الشعوب والامم الحية تاريخها المشرق ونضالها الشعبي وقدرتها البشرية والقيمية على الانتصار الحتمي والنهائي والناجز على قوى الاستعمار والامبريالية الغاشمة !.
هذا باختصار شديد ما نحن فيه اليوم في العراق فقد اعلنت الحكومة العراقية ان الاحد عطلة رسمية في البلاد بمناسبة عيد الاستقلال الذي تعتقد الحكومة انه تحقق عام 1932 بالخروج النهائي للقوات البريطانية في العراق وعودة السيادة الوطنية الكاملة للعراقيين في حين يرى اخرون من رجال الحركة الوطنية العراقية ان العام 1935 هو العيد الوطني للدولة العراقية لانه اليوم الذي تم فيه الانتهاء من تشكيل علم الدولة رافقه اعتراف اممي بحدود واستقلال وسيادة الدولة العراقية .. لكن هل ان تلك "المقترحات الوطنية " تصح لان تكون اعيادا وطنية للدولة العراقية ام هي ايام يمكن اعتبارها مميزة ونوعية في حياة الشعب العراقي لاترقى لمستوى التعبير عن العيد الوطني للدولة في العراق؟.
البعض يعتقد ان ثورة 14 تموز 1958 بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم تمثل في مضمونها التحرري من الاستعمار وبداية عهد الجمهورية هي العيد الوطني للدولة في العراق فيما ذهب كثيرون الى اعتبار عدد من الايام العراقية اعيادا وطنية .. ان هذا الانقسام يعد سابقة في تاريخ الدول العربية والاسلامية ان يبقى العيد الوطني للدولة محط جدل واختلاف وكلما جاءت حكومة تضع يوما وطنيا لها وتحاول ان تمرره في تاريخ العراقيين .
ان اليوم الوطني الذي بامكان العراقيين الاتفاق عليه يكمن في الحقيقة بالعناصر التاريخية والايام المشرقة والمشروع الوطني ومستوى التضحية والاقدام والفداء الذي قدم فيه العراقيون الغالي والنفيس من اجل بلادهم وسيادتهم الوطنية .. المثال الذي يمكن الاتفاق عليه ثورة العشرين المجيدة عام 1920 اما لماذا لم يتفق العراقيون الى اعتبار هذا اليوم عيدا وطنيا للاستقلال فذلك يعود في الحقيقة لطبيعة الانظمة السياسية التي حكمت البلاد وارادت تمرير انقلاباتها العسكرية وتحويلها الى ايام تاريخية وتاليا اعيادا وطنيا كما حدث مع البعث العربي يوم اعتبر ما حدث في 17/30 تموز يوما تاريخيا ومناسبة وطنية وعيدا شعبيا !.
اظن ان العيد الوطني الذي بامكان العراقيين الاجتماع تحت رايته لانه مثل خلاصة اراداتهم الوطنية واقتدارهم الشخصي وفنائهم في ذات المشروع الوطني تمثل في الفتوى التاريخية للامام السيستاني وانخراط عشرات الالاف من العراقيين في قوات الحشد الشعبي وقتالهم المرير لثلاث سنوات بهدف تحرير بلادهم والقضاء على اعتى موجة ارهابية استهدفت سيادتهم وجذورهم العربية والاسلامية وهويتهم الوطنية وهي اعتى واقوى بكثير من الاستعمار البريطاني وموجات الحرب الامبريالية التي مرت على بلادنا .
ان حجم التضحيات الشعبية ومستوى الشجاعة الحشدية التي ظهرت في بسالة الاف المتطوعين والانتصار الكبير الذي تحقق في سقوط الرايات الداعشية السوداء في الموصل هو العيد الوطني والصفحة الوطنية المشرقة التي تستحق ان تكون العيد الوطني لكل العراقيين حيث اجتمعت الرايات الوطنية كلها وتوقف زمن الخلاف وانصهرت الارادات في بندقية واحدة وساتر مشترك وروح واحدة في مواجهة داعش .. ان العيد الوطني لدى كل الشعوب وهو ما مدون في تراثها الشعبي والثقافي المكتوب يكمن في اليوم والمرحلة التي تنصهر فيها الارادات وتتحقق الوحدة الوطنية والانتصار الكبير على العدو وهذا ما تحقق بحرب الاستنزاف الطويلة ضد داعش .. فلماذا نترك هذا العيد بعناصره الوحدوية ونحتفل بعيد اقل في قيمته التاريخية وعنفوانه الوطني وتاثيره المباشر في مستقبل الدولة والامة؟.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat